Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبادرات سياسية جزائرية... بين منح الغطاء السياسي لبن صالح وسحبه

عودة وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي عبر خطوة جمعت حزبين غريمين هما جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية

سرّعت دوائر حزبية وشخصيات جزائرية مستقلة، نقاشات مؤدية الى ندوات "وفاق" تُعقد نهاية الشهر الجاري، وظهرت ثلاث مبادرات متفرقة يُجهل مدى تقاربها أم تباعدها، لكنها تتجه صوب "الحوار" قبل نهاية الولاية الدستورية لرئيس الدولة المؤقت، الذي حظي بفتوى دستورية أباحت له تمديد ولايته حتى انتخاب رئيس جديد. لا توضح الوجوه المشاركة في المباردات المطروحة في الساحة السياسية، إن كانت استجابة، بشكل مباشر أو غيره، لدعوات الحوار الصادرة عن رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، وبعده رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح. وتتقارب المبادرات في مواعيدها، إذ حُددت جميعها بين أيام 27 و29 يونيو (حزيران) الجاري.

طالب الإبراهيمي 

بعدما شارك الحراك الشعبي في مساهمة للخروج من الأزمة تدافع عن فكرة قريبة من "المرحلة الانتقالية"، عاد وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي عبر مبادرة "فريدة" جمعت حزبين غريمين هما جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وكلاهما يرفض خيارات المؤسسة العسكرية بشكل قاطع، ويقترحان حلولاً سياسية إما بناء على مجلس تأسيسي أو هيئة عقلاء جماعية أو قيادة شخصية وحيدة. وأعلنت جبهة القوى الاشتراكية أن الندوة التي ستقترحها تُعقد في 29 الجاري، ويحضرها وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي والمجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد وشقيقة الشهيد الجزائري العربي بن مهيدي والمجاهد يوسف الخطيب والوزير السابق علي بن محمد. وتكمل القائمة قيادات جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، فيما أوضح الحزبان أن الندوة تحضّر لدراسة الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر واقتراح حلول لها، على أن تكون ندوة جامعة. وقياساً لطبيعة الشخصيات المعنية بالحضور، فإن الندوة المتوقعة قد تشكل وعاء سياسياً ضاغطاً ضد خيارات السلطة الحاكمة، وتقترح مشروعاً سياسياً بديلاً يناهض تمديد فترة ولاية رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، أو يقدم فكرة سياسية للتفاوض انطلاقاً من سحب الشرعية السياسية من بن صالح، ما بعد التاسع من يوليو (تموز) المقبل، تاريخ نهاية ولايته المؤقتة.

تفاوض حول بدوي

في الجهة المقابلة، قررت "فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب"، التي تمثل تكتلاً معارضاً اعتاد متابعة تطورات الحراك الشعبي منذ انطلاقته، تنظيم ندوة "وفاق وطني"، تحضرها الفعاليات السياسية كافة وشخصيات وطنية وتاريخية، لطرح مخارج للأزمة السياسية. وفوضت "الفعاليات" الدبلوماسي والوزير السابق عبد العزيز رحابي، منسقاً باسمها، وضمت المبادرة ثمانية أحزاب معارضة زائداً اثنين، بعد لحاق المعارض البارز لنظام بوتفليقة، سفيان جيلالي رئيس حزب "جيل جديد" وفوزي رباعين، رئيس حزب "عهد 54 " المرشح للرئاسيات لأربع مرات على التوالي منذ 2004 . واللافت أن الندوة، تقترح بدورها تاريخ 29 يونيو (حزيران) الجاري، من دون أن تعلن إن كان الأمر يخص الندوة المقترحة من الفصيل الثاني من الأحزاب المعارضة، وكشفت أن شخصيات سياسية سبق لها وحضرت ندوات للمعارضة عام 2014، ستشارك أيضاً بينها رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور والمحلل السياسي  ناصر جابي والمجاهد لخضر بورقعة. وستوجه المعارضة لأول مرة، دعوة إلى منظمات ثورية للمشاركة في الندوة. وعرف الاجتماع التحضيري الذي عُقد مطلع الأسبوع الجاري، حضوراً كبيراً لمعظم الشخصيات الوطنية الناشطة في الحقل السياسي، لا سيما عبد العالي رزاقي وفتيحة بن عبو وسمير بلعربي وعبد العزيز رحابي ومحند أرزقي فراد، إضافة إلى شخصيات محسوبة على الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة مثل كمال قمازي وعلي جدي ورؤساء أحزاب من مختلف التيارات. وكشف منسق الهيئة عبد العزيز رحابي  لـ"اندبندت عربية" عن أن الندوة والأرضية التي ستعرضها تتفاوضان حول رحيل فوري للوزير الأول، قبل النظر في مشروع "السلطة السياسية" التي تقترح للإشراف على الانتخابات و تنظيمها. وأضاف "كل الظروف السياسية تمنع حالياً تحقيق تجربة حقيقية لانتقال ديمقراطي، كما أن  المنظومة الإعلامية تلعب دوراً سلبياً، ما قد يؤدي إلى أن تستغرق الأزمة وقتاً أطول". وبرأيه، فإن ذلك سينسحب ضد "سياسات الدولة في قطاعات عدة، منها زيادة الإنفاق الدفاعي في حماية الحدود الذي من شأنه خفض ميزانية الدفاع لاحقاً". وتحتمل فكرة رحيل الوزير الأول أن تكون محل نقاش تقبل به السلطة الفعلية، أي المؤسسة العسكرية، بينما ترجح مواقفها، تشدداً لافتاً ضد أي طرح يقترح رحيل عبد القادر بن صالح، بما أنه وفقها، صمام استمرار الخيار الدستوري، ولو بفتوى المجلس الدستوري، التي طعن فيها خبراء القانون ورجال السياسة.

فكرة "النخبة"

في سياق متصل، أعلنت مجموعة من الشخصيات الوطنية تضم مجاهدين وخبراء في الاقتصاد وأساتذة جامعيين أطلقت على نفسها تسمية "مجموعة 22 للتغيير"، عن التحضير لتنظيم مؤتمر جامع للنخب الجزائرية، يرمي إلى تطبيق مطالب الحراك الشعبي في إطار الدستور وقوانين الجمهورية. هذا التجمع "النخبوي" عرض مقترحات مباشرة  على المؤسسة العسكرية، قبل الذهاب إلى انتخابات رئاسية، في سياق رد فعل غير معلن على دعوة الحوار المقترحة من جانب الجيش، وانتقد فيها "انسحاب النخب من النقاشات".

"رحيل الحكومة دون الجميع"

وقال الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي، بصفته صاحب المبادرة، إن "مطالب الحراك مشروعة في مجملها كونها انبثقت عن حركة سلمية وتطالب بالتخلص من الفساد عبر إنشاء دولة الحق والقانون... لكن بعض مطالب الشباب تعجيزية... كيف يمكن تغيير 1200 قانون ومرسوم تنظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في ظرف قياسي؟". ويبدو أن هذا الطرح، يتغزل مباشرة بقيادة أركان الجيش، صاحبة المبادرة بوصف بعض المطالب بـ"التعجيزية"، قاصدة شعار "يتنحاو قع (رحيل الجميع)"، إذ سبق ودافعت عن مسؤولي الدولة "الشرفاء" غير المتورطين في ممارسات "العصابة". وقال سراي إن تحقيق "مطلب التغيير وفتح نقاش جدي، يتطلب رحيل الحكومة الحالية ومشاركة شخصيات مقبولة شعبياً... نحن أصحاب طرح يرفض ركوب موجة الحراك، لتحقيق مآرب دنيئة". وشدد سراي على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة لمصلحة الجزائر التي قال إنها "مريضة وتمر بوقت جد عصيب"، وهذه النقطة ذاتها التي انطلق منها زميله في المجموعة عبد الرحمان بن يمينة، الذي أكد أن المبادرة مفتوحة لكل الأطراف في الداخل والخارج، شريطة أن تكون حاملة لحلول واقتراحات بناءة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي