Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبعد من الانتخابات اللبنانية

الوقت لا يزال مفتوحاً للتفاهم على جبهة وطنية تضم جميع الطوائف لخوض معركة التخلص من الهيمنة الإيرانية

زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله خلال لقاء مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان (أ ف ب)

معركة الانتخابات النيابية في لبنان تدور في العمق على ما هو أبعد من كونها انتخابات. لكن من طبائع الأمور، وعند النظر إلى وظائف الانتخابات في الأنظمة الديمقراطية وشبه الديمقراطية، نجد شيئاً من التنافس بين من يرى فرصة لتغيير الأكثرية الحالية في البرلمان التي يقودها "حزب الله" وبين من يستخدم كل ما لديه من وسائل وأوراق وأسلحة للحفاظ على تلك الأكثرية، وشيئاً من الصراع على روح لبنان وهويته، بين من يريد الحفاظ عليه "عربي الهوية والانتماء" ضمن المحور العربي في المنطقة، وبين من يعمل لجره نهائياً إلى المحور الإيراني.

جماعة المحور الإيراني يقفون في صف واحد خلف "حزب الله" ويعلنون الاتفاق على الهدف الاستراتيجي، وإن اختلفوا على مصالح ونفوذ في السلطة. وجماعة المحور العربي يواجهون "حزب الله" من مواقع متعددة، وإن أوحوا أن الموقف واحد مهما تباينت المواقع. الراغبون في تغيير الأكثرية الحالية يطمحون لاستعادة القرار اللبناني المخطوف والسيادة المرتهنة من أجل تحسين الحوكمة والإدارة الجيدة للنظام وعودة لبنان إلى أشقائه ودوره العربي. والمصرون على إعادة إنتاج الأكثرية نفسها يقودهم الحزب الذي يريد تغيير النظام في النهاية، ولكن في اتجاه المزيد من الهيمنة المذهبية على بقية الطوائف والمذاهب. وهو يتولى حالياً حماية النظام الذي يريد تغييره وتقديم غطاء للفاسدين فيه.

الانطباع الذي يراد له أن يسود هو صعوبة المعركة وزرع اليأس في أوساط المحتاجين إلى التغيير، وأنه لا جدوى منه؛ لأن السلاح أقوى من الأكثرية، وقد منعها مرتين في السابق من الحكم، وفرض عليها التسليم بإعطاء الحزب المسلح حق "الفيتو" على أي شيء. لكن السؤال الذي لا بد منه هو: أي رد على التيئيس والتلويح بالقوة لمنع التغيير؟ الانكفاء والانسحاب من المعركة أم تنظيم المواجهة؟ الجواب البسيط هو أن الانكفاء "هدية" مجانية للهيمنة الإيرانية على لبنان. والمواجهة هي التي تفتح نافذة فرصة في جدار محلي إقليمي سميك.

ذلك أن الحكمة التقليدية عند الناجحين في أي قطاع هي: "الخسارة مؤكدة في المعركة التي لا تخوضها". والوقت فات بالطبع على تنظيم المواجهة عبر جبهة واحدة وراءها كتلة شعبية تاريخية. لكن الوقت لا يزال مفتوحاً للتفاهم على جبهة وطنية بعد الانتخابات، مهما تكن نتائجها. ففي كل الطوائف قوى تخوض المعركة تحت شعار التخلص من الهيمنة الإيرانية.

وليس "المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان" والذي جرى الإعلان عنه أخيراً سوى تنظيم بين تنظيمات عدة ترفع الشعار نفسه. فهل يتكرر سيناريو إخراج القوات العسكرية السورية من لبنان الذي بدأ من "بيان بكركي" عام 2000 ثم لقاء "قرنة شهوان" ثم اجتماع "بريستول" ثم اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومن بعده "ثورة الأرز" والتظاهرة المليونية في ساحة الشهداء يوم 14 مارس (آذار) 2005؟

روح 14 آذار موجودة شعبياً، لكن الأحزاب تفرقت. وما ينقص حالياً لـ"رفع الاحتلال الإيراني" هو القرار الأميركي والفرنسي الذي أجبر دمشق على الانسحاب عام 2005 وإعلان الامتثال لقرار مجلس الأمن رقم 1559 الذي وصفته من قبل بأنه "تافه". وهو أيضاً العمل اللبناني والعربي والدولي المنظم وليس اتخاذ المواقف بالمفرق على طريقة "المياومة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لبنان الكبير كان في تاريخه منذ مئة عام بلد التسويات. حتى الدستور الذي وافق عليه البرلمان عام 1926، فإن ميشال شيحا الذي قدّمه قال للنواب: "هذا دستور لبنان الرسمي، أما الدستور الحقيقي فهو أن لبنان لا يحكم إلا بالتسويات". لكن المشكلة أن التسوية لم تعد ممكنة مع الفريق المتحمس للهيمنة الإيرانية. ولا مهرب من العمل للوصول إلى حل جذري، حيث لا قوة إقليمية سبقت إيران في إنشاء ميليشيات أيديولوجية من مذهب واحد مثل "حزب الله" الشيعي، بحيث صارت جمهورية الملالي "قوة داخلية" و"قوة خارجية" في لبنان.

كذلك الأمر في سوريا والعراق. ففي الأولى ميليشيات "متشيعة". وفي الثانية ميليشيات الحشد الشعبي الشيعي. وفي اليمن تسلح وتمول طهران الحوثيين وهم شيعة زيديون اقتربوا من الشيعة الإثني عشرية. وهذه خصوصية الهيمنة الإيرانية من حيث هي "عامل محلي" إلى جانب كونها "عاملاً إقليمياً". ومن هنا تحدياتها الكبيرة والمتشعبة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل