Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حظوظ المرشحين المعارضين في اختراق لوائح "حزب الله"؟

الحزب ينفي أي تضييق ويقول إن بعضهم ينشر مقاطع فيديو مفبركة لجذب الأنظار واستعطاف الناخبين وتبرير أسباب ضعفهم

اختلاف آراء المحللين حول الرابحين والخاسرين من القانون الانتخابي اللبناني (رويترز)

يسود الغموض حول نتائج الانتخابات النيابية المتوقعة في 15 مايو (أيار)، حيث تختلف آراء المحللين في لبنان حول الجهة التي ستحصل على الأكثرية النيابية، في وقت يرى فيه البعض عدم جاهزية الأحزاب، مادياً ومعنوياً، بعد تدهور الأوضاع، وتحميلهم مسؤولية الكوارث التي حلت باللبنانيين أمام الرأي العام محلياً ودولياً.

وكان بارزاً منذ انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الثاني) 2019، الحراك الشعبي في مناطق سيطرة "حزب الله" ونشوء حركة اعتراضية لافتة يمكن أن تلاقي صدى في الانتخابات وتهدد بعض مقاعد الثنائي الشيعي، حيث تشير أوساط معارضة إلى إمكانية تسجيل خروقات في مقعدين شيعيين بدوائر الجنوب وخرقين آخرين في دائرة بعلبك الهرمل، إضافة إلى إمكانية تسجيل خرق في أحد مقاعد الشيعة في دائرة جبل لبنان الأولى والثالثة، وذلك لأول مرة منذ انتخابات عام 2009.

وفي وقت تعلق فيه قوى المعارضة على وحدتها لتسجيل اختراقات في الساحة الشيعية، يبدو أن بعض المعارضين السياسيين للثنائي الشيعي محبطين من إمكانية التغيير نظراً للسطوة الأمنية للحزب في تلك المناطق وسياسة الترهيب المعروفة.

إغراء وتهديد

وفي السياق أشار أمين عام المجلس الإسلامي العربي السيد محمد علي الحسيني، إلى أنه ظاهرياً يعلن "حزب الله" أنه لا يعارض وجود لوائح ومرشحين ضده في الانتخابات النيابية، وقد شهدت مناطق نفوذه في الانتخابات السابقة بعض التحركات الانتخابية الخجولة فلم تصل إلى نتائج مهمة، وذلك لأن الحزب يعرقل بطرق شتى عمل المعارضين وتحركاتهم، مستخدماً التهديد بشكل سري للضغط عليهم أو إغرائهم بمغريات مادية، وذلك من أجل الانكفاء عن مناطق نفوذه.

وأوضح أنه على مستوى إعلان اللوائح والترشيحات لا يستطيع المعارضون الاستفادة من الأماكن العامة مثل الحسينيات والنوادي، فيضطرون إلى عقد لقاءاتهم في منازلهم أو في مطاعم على حسابهم الخاص، وغالباً ما تكون خارج منطقتهم، وعلى الرغم من ذلك تبين أن الحزب يرسل عناصر أمنه لمراقبة تحركات المرشحين. وأضاف، "حتى في المناسبات الدينية أو الوطنية يمنع على المعارضين اعتلاء أي منبر عام، ويمنع عليهم إقامة أي تجمع من دون التعرض لمضايقات، وغالباً ما يلجأ الحزب إلى أسلوب خبيث للعرقلة، إذ يرسل عناصره للمشاركة من أجل التشويش وتخويف الحاضرين، أما إذا كان اللقاء يخص الحزب فإنه يمنع المعارضين من حضوره".

عزل وتخوين

ولفت إلى تعرض المرشحين المعارضين في السابق لحملات تخوين من محيطهم القريب، وأوعز الحزب لمناصريه لعزل هؤلاء ونبذهم والامتناع عن بيعهم الأغراض والحاجيات من محلات البلدة أو القرية، بذريعة أنهم عملاء أو مشتبه في تعاملهم مع إسرائيل أو مع السفارات الأجنبية، مؤكداً تعرض المرشحين المعارضين لحملات ترهيب مستمرة عبر مظاهر تهديد مسلحة، إضافة إلى منعهم من رفع لافتاتهم وصورهم، في حين أن الحيز العام للقرى والبلدات محتل بالكامل لتعليق صور قتلى الحزب وشعاراته وصور القادة اللبنانيين والإيرانيين والعراقيين واليمنيين.

وشدد على أن "حزب الله" يستخدم المنابر الدينية للتشهير بالمعارضين بشكل يجعلهم يخجلون من مجرد الحضور الإعلامي، ويكرس خطباء المساجد والحسينيات مواعظهم للتحريض على أي معارض للحزب، وقال، "يضطر المعارضون للجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك أيضاً تتم مطاردتهم من الجيوش الإلكترونية التابعة للحزب".

الخصم والحكم

من ناحيته، اعتبر المرشح السابق على الانتخابات النيابية الإعلامي علي الأمين، أن الانتخابات في مناطق نفوذ "حزب الله" أو ما يسميها البيئة الحاضنة، هي أشبه بانتخابات في دار حرب، وانطلاقاً من تجربة عامة في متابعة الانتخابات في تلك المناطق، "وبخاصة من خلال مشاركتي كمرشح في قضاء بنت جبيل في الدائرة الثالثة في جنوب لبنان عام 2018، يمكنني التأكيد على أن أدنى الشروط الحقوقية والسياسية غير متوفرة لاعتبار أن ثمة انتخابات في هذه المناطق، إذ لا وجود فعلياً لإدارة انتخابية مستقلة لا على صعيد الإدارة والإشراف ولا على الصعيد الأمني أو القضائي، السيطرة الحزبية تتحكم بكل مؤسسات الدولة الإدارية والأمنية والقضائية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أنه من خلال تجربته الشخصية تعرض لاعتداء من قبل عناصر "حزب الله" في بلدته شقراء قضاء بنت جبيل بشكل علني من قبل مجموعة منظمة ومعروفة ومن دون أي وجه حق، وهي "كانت رسالة إلى الناخبين بأننا يمكن أن نفعل أي شيء ولن يجرؤ أحد على مساءلتنا وفعلاً لم يجرؤ أحد في الدولة اللبنانية على محاسبة المعتدين المعروفين حتى اليوم".

وأضاف أن "الانتخابات في دار حرب لها قواعدها الخاصة ومفادها أن لا سلطة فوق سلطة "حزب الله" ولا رأي غير رأيه ولا سلاح فوق سلاحه"، معتبراً أن الانتخابات التي تجري في ظل سلاح "حزب الله" ينطبق عليها قول المتنبي "فيك الخصام وأنت الخصم والحكم".

لوائح موحدة

ويتفق المعارض السياسي والناشط الحقوقي المحامي واصف الحركة، مع الأمين على أن الشارع الشيعي جزء من الشارع اللبناني والنسيج الوطني، وإن كانت له خصوصية معينة بحيث يمارس "حزب الله" لعبة الخوف والتخويف بحق المعارضين، لافتاً إلى أن انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) شكّلت للمعارضين منفذاً على الرغم من حملات التخوين، وصولاً للتحريم والتكفير، ففي نهاية المطاف ليس من السهل العمل التغييري في مجتمع يتأثر كثيراً بالموروثات الدينية. 

ويؤكد أنه على الرغم من كل ذلك، لا يزال الرأي العام الشيعي متأثراً بنبض التغيير ويبحث عن الخلاص، "وهنا يأتي دور مجموعات المعارضة لطرح مشروع حقيقي لخرق هذه البيئة كما باقي المكونات اللبنانية".

وأكد الحركة أن مجموعات المعارضة ستخوض الانتخابات في كل المناطق وبلوائح موحدة، لا سيما في مناطق نفوذ الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل"، متوقعاً خروقات لأن الوضع بات أفضل مما كان عليه عام 2018.

التكليف الشرعي

واعتبر عضو المكتب السياسي في تحالف وطني يوسف مرتضى، أنّ "حزب الله" و"حركة أمل"، في البقاع والجنوب يعملان على إنشاء هيئة تنسيق لإدارة العملية الانتخابية في كل دائرة. وأوضح أن القلق يسيطر عليهما من ناحية انخفاض نسبة الاقتراع على الرغم من كل المساعدات التي يسعى كل من الطرفين تقديمها للناخبين، مثل المازوت والمواد الغذائية والأموال.

ويرى أنه "في الجهة المقابلة، القوى الأخرى التي تتنافس مع الثنائي في دائرة بعلبك الهرمل مثل حزب القوات اللبنانية أيضاً وضعها مقلق ومربك بسبب إمكانية عدم حصولها على الحاصل الانتخابي، إلا في حال استطاعت أصوات المغتربين تغيير هذا الواقع، وذلك بسبب غياب تيار المستقبل الذي تحالفت معه في الانتخابات السابقة واستطاعت تأمين الحاصل، كما أن هذا القلق يسيطر على الساحة السنية والشيعية".

أما في مختلف دوائر الجنوب، فيرى أن الحضور الأقوى لـ"حزب الله"، "يظهر أنه وعلى الرغم من كل المساعدات التي يقدمها الحزب من خلال دفع مبالغ مالية للعائلات والأفراد، وبعد وصول أوضاع البلد إلى هذا الدرك الصعب، هناك قلق من انكفاء الناس عن الانتخاب، وبخاصة انتخاب "حزب الله"، لذلك تنشط محاولات لشراء ضمائر الناس على الرغم من كل السيطرة على ثقافة الشارع، أو قد يتم اللجوء إلى شد عصب الشارع من خلال التكليف الشرعي وإقناع الناس بانتخاب أبناء الطائفة".

تحالف جديد

من هنا يؤكد مرتضى، أن "الظروف العامة في بعلبك - الهرمل بالنسبة لقوى التغيير جيدة جداً ومفيدة، من خلال ارتباك القوات والثنائي، وفي ظل البلبلة الواضحة في البيئة السنية يبدو واضحاً أن عدداً كبيراً من اللبنانيين سيختار قوى التغيير"، مضيفاً، "من هذه الخلفية نحضّر لخوض معركة جدية ومنظمة من خلال ائتلاف سيُطلق في بعلبك يوم الأحد 6 مارس (آذار)، حيث يجري التحضير للائحة ستُبنى على معايير أساسية، تحاكي التركيبة العشائرية للمنطقة، والعائلات الكبرى، والمعيار الجغرافي، إضافة إلى التوازن الجندري، والعمر ومراعاة تمثيل القوى الثورية"، آملاً الفوز بحاصلين في تلك الدائرة.

وأضاف أنه "مقابل هذا الائتلاف تم إطلاق ائتلاف الجنوب مع مختلف المجموعات التغييرية، حيث يتم التحضير لعدة لوائح في كل دائرة، وطبعاً مع اعتماد معايير متعددة كالتوازن الجندري والاختلاط العمري".

استعطاف وتبرير

في المقابل، ترفض مصادر قريبة من "حزب الله" الاتهامات المتعلقة بالتضييق على المرشحين المعارضين في مناطق نفوذه، مؤكدة أن هؤلاء يختلقون الروايات لتبرير فشلهم وعدم وجود حيثية شعبية لهم، موضحة أن الشارع الشيعي مؤمن بخيار "المقاومة" ويدرك التحديات التي تواجهها.

وشددت على أن الحزب لم يعترض ولم يهدد أي مرشح لا سابقاً ولا مستقبلاً، جازمة بأن الدولة اللبنانية عبر أجهزتها ومؤسساتها تواكب العملية الانتخابية، إضافة إلى وجود مراقبين دوليين، مشيرة إلى أن بعض المرشحين يفتعلون المشاكل ويتناقلون مقاطع فيديو مفبركة لجذب الأنظار واستعطاف الناخبين وتبرير أسباب ضعفهم.

حرب يوليو

ولعل كلام رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" إبراهيم أمين السيد، يختصر المقاربة التي يستند إليها الحزب في خوضه للمعركة الانتخابية، والتي قد يدل عليها شعار حملته الانتخابية "باقون نحمي ونبني"، والذي يعكس طبيعة الأزمات المتفاقمة، وخصوصاً على المستويين المالي والاقتصادي، وما تركته من تبعات وتداعيات على مختلف الأحزاب النافذة منذ السابع عشر من تشرين.

وكان أمين السيد، قد أعلن أن "الانتخابات النيابية القادمة هي بمثابة حرب (يوليو) تموز سياسية، لأنهم يريدون سلاحنا ومقاومتنا ومجتمعنا لكي تكون الكلمة في بلدنا لإسرائيل وأميركا"، مضيفاً أن "الأميركي والإسرائيلي والأوروبي يريدون السلاح والمقاومة والمجتمع ليأتوا بمجلس نيابي يستطيع انتخاب رئيس للجمهورية يشكل حكومة تستطيع أن تفعل ما يريدون".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي