وجد بوريس جونسون نفسه على امتداد أسبوع كامل، مجبراً على التعامل مع مجموعة من الجراح التي تسبب بها لنفسه، إذ واجه مزيداً من الاستجواب بشأن "اللقاءات" في مقر رئاسة الحكومة في "10 داونينغ ستريت" خلال سريان قيود الإغلاق، إضافة إلى التداعيات الناجمة عن محاولة فاشلة لمنع تعليق عضوية النائب المحافظ أوين باترسون في مجلس العموم، التي أدت إلى انتخابات دائرة "نورث شروبشاير – الفرعية".
وقد خسر حزب المحافظين هذا المقعد البرلماني يوم الجمعة للمرة الأولى منذ عام 1832، [إذ انتزعه منه] حزب "الديمقراطيين الأحرار" حين قوض غالبية محافظة بلغت 23 ألف صوت صبت لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بالتالي تشكل [خسارة مقعد البرلمان في "نورث شروبشاير"] عملية رفض تاريخية للحزب الحاكم وضربة قوية لسلطة رئيس الوزراء.
وإلى جانب ذلك، يجبر التفشي السريع لمتحورة "أوميكرون"، لا سيما في لندن، الوزراء حالياً على التعامل مع السؤال عن ضرورة فرض أي قيود أخرى. وطبقاً للسيناريوهات التي جرى تسريبها من "المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ" (سايج)، فإن عدد عمليات الاستشفاء قد تصل ذروة تشهد إدخال 3000 مريض إلى المستشفيات يومياً، ما يبرز الحاجة إلى إجراءات صارمة أخرى في "وقت قريب للغاية".
يعرف رئيس الوزراء حق المعرفة أن الدعم بين نواب حزبه العاديين [يجلسون عادة في المقاعد الخلفية، ويتميزون بأنهم لا يحتلون مناصب حكومية ولا يتصدون للمناقشات البرلمانية كشأن من يجلسون في المقاعد الأمامية للبرلمان] لفرض مزيد من القيود آخذ بالتداعي، بعد أن عانى العصيان الأكبر ضده منذ تسلم هذا المنصب، مع تمرد نحو 100 نائب محافظ بسبب استراتيجية الحكومة "الخطة ب" بشأن كورونا.
وفي أعقاب واحد من أكثر الأسابيع اضطراباً التي عاشها خلال زعامته، من المحتم أن تتحول التكهنات إلى تساؤلات حول إمكانية مواجهته منافسة على منصبه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنص القواعد في حزب المحافظين على وجوب توجيه 15 في المئة من نواب الحزب في الأقل رسائل إلى رئيس "لجنة 1922" [يأتي الاسم من كونها تألفت للمرة الأولى في تلك السنة]، وهي لجنة تتألف من النواب المحافظين العاديين، يطلبون فيها سحب الثقة من زعيم الحزب تمهيداً لتنظيم تصويت على نزع الثقة منه. وبالتأكيد، إن الأرقام المتداولة حول أعداد الرسائل التي كتبت أو (أرسلت بالبريد الإلكتروني) هي مجرد تخمينات، نظراً إلى أن الأمر موضع تكتم شديد من قبل السير غراهام برادي، رئيس "لجنة 1922".
وكانت آخر مرة جرى فيها تخطي العتبة المطلوبة [لإجراء الاقتراع] حين كانت تيريزا ماي رئيسة للوزراء في شتاء سنة 2019، وذلك بعد نحو سنة ونصف السنة من تبخر سلطتها السياسية بشكل كامل تقريباً في أعقاب مقامرتها الانتخابية الفاشلة التي أدت إلى خسارة المحافظين غالبيتهم في مجلس العموم.
وبعد الهزيمة التي لقيها المحافظون في الانتخابات الفرعية [في "شروبشاير"]، كشف السير روجر غيل أنه قد بعث برسالة عدم الثقة، محذراً من "أن رئيس الوزراء حالياً يعيش فرصته الأخيرة. ضربة أخرى ويصبح خارجاً". وأوضح غيل، وهو نائب سابق لرئيس حزب المحافظين أن رئيس الوزراء لديه "أسابيع، وأشهر، وسنة واحدة لكي يعالج أموره".
بيد أن السير إيان دانكان سميث، الزعيم الأسبق لحزب المحافظين، حث حزبه على الوقوف خلف جونسون، فيما أشار آخرون إلى عدم وجود خليفة واضح في الوقت الذي تواصل فيه البلاد معركتها ضد جائحة "كوفيد" على خلفية اقتصادية قاتمة.
وإذ لا يظهر أن الحزب على أعتاب منافسة وشيكة على زعامته، يشعر النواب المحافظون العاديون بغضب شديد من أسلوب تعامل الحكومة مع مجموعة كبيرة من القضايا، قد حذروا رئيس الوزراء بشكل رسمي، ومن المرجح أن تتزايد التوترات. ومن شأن كثيرين في الحزب أن يوافقوا على أن جونسون يواجه "لحظة خطيرة"، بحسب ما نقله السير مالكولم ريفكيند، وهو عضو في مجلس الوزراء الذي ترأسه جون ميجور سابقاً، إلى صحيفة "اندبندنت".
وأضاف ريفكيند، "لن تكون هناك مطالبات بتنحيه الأسبوع المقبل، أو الشهر المقبل، أو أي شيء آخر. في المقابل، لقد صار هناك اقتراح جدي مفاده أن رئيس الوزراء ربما يفقد ثقة زملائه البرلمانيين".
© The Independent