Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد الكويتي في مرمى خفض التصنيف فماهي الأسباب ؟

محللون: المشكلات المالية الهيكلية مستمرة وتهدد الاستقرار وسط مطالب بإطلاق الإصلاحات في 2022

مشروع الموازنة يتوقع عجزاً يتجاوز 10 مليارات دولار في 2022 و2023  (أ ف ب)

بينما تواجه الكويت تحديات اقتصادية عدة على صعيد المالية العامة للدولة يأتي صعود أسعار النفط ليخفف من حدة التحديات لو بشكل مؤقت، ولكن تبقي المشكلات الهيكلية في الاقتصاد مستمرة مهددة التصنيف الائتماني للدولة الخليجية الغنية بالنفط.وقال محللون ومتخصصون في إفادات لـ"اندبندنت عربية"، إن الاقتصاد الكويتي بحاجة إلى وقفة حقيقية للاستعداد للمستقبل، ووضع حلول أكثر استدامة للتغلب على الأزمات المالية والاقتصادية ودعم خطط التنمية.ويعتمد 90 في المئة من الإيرادات المالية للبلاد على عائدات صادرات النفط، وتحتاج الميزانية العامة للدولة حالياً إلى سعر 90 دولار للبرميل حتي تصل لمستوى التعادل.

  العجز المتوقع أكثر من 10 مليارات دولار

إلى ذلك قالت وزارة المالية الكويتية، إنها قدمت مشروع موازنة السنة المالية 2022-2023 مع عجز متوقع 3.1 مليار دينار (10.26 مليار دولار) بانخفاض 74.2 في المئة عن العام السابق. وفقا لوكالة " رويترز".كما أفاد بيان للوزارة أن البلد الخليجي العضو في "أوبك" يتوقع دخلاً من النفط 16.7 مليار دينار (55.2 مليار دولار) خلال السنة المالية التي تنتهي في مارس (آذار) 2023، بارتفاع 83.4 في المئة عن 2021-2022. ويقدر إجمالي الإيرادات عند 18.8 مليار دينار (62.17 مليار دولار) والمصروفات عند 21.9 مليار دينار (72.4 مليار دولار)  في السنة المالية 2022-2023.

سيولة الاحتياطي العام 

في سياق متصل، تعد قضية استنفاد سيولة الاحتياطي العام أحد مؤشرات الخطر التي يجب التحوط من استمرارها، خصوصاً مع استمرار العجز المالي، ما يتطلب إجراء كثير من الإصلاحات الاقتصادية وتشديد إجراءات ترشيد الإنفاق ووقف الهدر بالصورة التي تمكن الحكومة من توجيه كافة الموارد المالية المتاحة نحو الاستخدام الأمثل دون الإخلال بالإنفاق الرأسمالي والعمل على تنميته حتى لا تختل عجلة الاقتصاد المحلي.

تحسين وتسهيل بيئة الأعمال 

وبحسب المحللين، يجب على الحكومة الكويتية مواصلة إجراءاتها الخاصة بتعزيز وتسهيل بيئة الأعمال وصولاً إلى تحسين جديد لمستوياتها على المؤشرات العالمية، إلى جانب العمل على استقطاب استثمارات أجنبية جديدة تضخ أموالاً وخبرات في السوق المحلية، علاوة على الحفاظ على التصنيف الائتماني للبلاد للحيلولة دون حدوث أي تخفيضات مستقبلية.

إقرار قوانين

من جانبه قال المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان "إن تخفيض التصنيف الائتماني للكويت يتعلق بفوائد الاقتراض في الدرجة الأولى، وبالبنوك المحلية في الدرجة الثانية، نظراً لاعتمادها على التمويل الحكومي بشكل أو بآخر"، مضيفاً، أنه لا يوجد اهتمام كبير حتى الآن لإقرار ما يلزم من قوانين لوقف مزيد من الخفض في التصنيف الائتماني للدولة.وأوضح رمضان، أن الدين العام لا يشكل عبئاً على الميزانية لأنه يصرف خارج ميزانية الكويت، وبالنسبة لاحتياطي الأجيال فإن الحكومة تسحب منه بطريقة "مناقلة الأصول"، إذ تبيع أصولاً غير سائلة من الاحتياطي العام، مقابل سيولة من احتياطي صندوق الأجيال، وهذه الطريقة ساعدت على حل أزمة السيولة.وتابع رمضان، "في الفترة الماضية كلها متى احتاجت الحكومة إلى سيولة فإنها تقوم ببيع أحد الأصول في الاحتياطي العام إلى صندوق احتياطي الأجيال، وهذه الطريقة لا تصلح على المدى الطويل، ومطلوب طريقة أفضل... لذلك تقدمت الحكومة بمشروع قانون للسحب المنظم من احتياطي الأجيال، وهذا القانون لاقى رفضاً نيابياً وشعبياً، ولكنه ضرورة". وذكر أن وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية تؤكد أن استخدام احتياطي الأجيال ضروري، لأن الدين العام نفسه الذي يقدر حال إقراره بنحو 60 مليار دولار، لن يغطي إلا سنوات محدودة إذا استمر العجز لسنوات، أو بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط وسط ارتفاع المصروفات الحكومية.وأكد أن مطالب البنك الدولي تتضمن إصلاح بند الرواتب وغيرها، ولكن ما يحدث في هذا الملف مجرد إصلاح بطيء، وهناك مخاوف أن تعود البلاد للخلف بسبب ضغوط شعبية على هذا الملف أو على برنامج الإصلاح الاقتصادي بشكل عام".وحول قضية الاستثمار الأجنبي في البلاد، يرى المحلل الاقتصادي أنها مشكلة قديمة في الكويت منذ سنوات، وترتبط بمسائل أخرى كثيرة مثل التوترات السياسية بين الحكومة ومجلس الأمة، ولكن على الرغم من ذلك، هناك استثمارات أجنبية تدعمها الحكومة بشكل أو بآخر، إلا أنها محدودة، مضيفاً "ليس هناك اهتمام بالإصلاح الاقتصادي فكيف يكون هناك اهتمام بالاستثمار الأجنبي".

قواعد واضحة 

من جانبها، قالت وزيرة التجارة والصناعة السابقة في الكويت، أماني بورسلي، إن العام الحالي يجب أن يشهد تغييراً جوهرياً في معالجة المشكلات الهيكلية للمالية العامة والاقتصاد الوطني، ليتجه إلى الحلول الابتكارية بدلاً من الإجراءات التقليدية المتبعة على مدار سنوات طويلة دون أثر جوهري.وذكرت بورسلي في تصريحات صحافية، أن الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد يجب أن تحدد بجدول زمني واستراتيجية حكومية حذرة تراعي وضع الكويت والأوضاع الجيوسياسية في المنطقة ككل، وتراعي بشكل رئيس مصلحة المواطن.وبينت أن جائحة كورونا تدفع بصورة طبيعية إلى حدوث تغييرات كبيرة على المدى البعيد، ولكن تظل الجائحة في جوهرها عامل تغيير قصير الأجل، خصوصاً بعد اكتشاف اللقاحات ومعرفة ماهية الفيروس ومتحوراته وطريقة التعامل معهم.وأشارت بورسلي إلى أن الحكومة يجب أن تنظر جدياً في ملف الخصخصة وتحويل دور الحكومة من دور تنفيذي إلى دور إشرافي ورقابي، وذلك بعدما تزامنت الجائحة مع أزمة النفط، وألقتا بظلالهما على أداء الموازنة العامة للدولة اللتين لم يخفف من وطأتهما إلا ارتفاع أسعار النفط، وهو أمر خارج عن سيطرة الدولة وغير مضمون، ناهيك عن أثر الجائحة على كثير من المشروعات والشركات والمبادرين، الأمر الذي يتطلب وضع خطة مستقبلية تبين استراتيجية التعامل مع مثل تلك الأزمات، فالوضع الحالي يؤكد أن مصير الكويت واقتصادها مرهون بتقلبات أسعار النفط والطلب عليه بشكل شبه كلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ودعت بورسلي إلى ضرورة تنفيذ 4 محاور رئيسة في الشأنين المالي والاقتصادي كالتالي: الأول إيرادات بديلة، إذ يجب على الدولة وضع خطة بمصادر بديلة للإيرادات النفطية، إذ لا يمكن أن تكون إيرادات الدولة مرهونة بالطلب العالمي على النفط. والمحور الثاني وقف المسكنات عبر اعتماد الحلول الناجعة في معالجة الملف المالي وعدم اللجوء إلى المسكنات مثل زيادة الرسوم. أما المحور الثالث برنامج إصلاحي يراعي المواطن، إذ يجب أن تضع الحكومة برنامجها الإصلاحي بما يراعي وضع الكويت ومواطنيها ومصلحتهم، وبذلك سيكون تمرير أي إصلاحات أمراً أكثر سهولة. فيما يتمثل المحور الرابع في تشريعات وتعديلات قانونية، إذ تحتاج الكويت إلى اعتماد قواعد واضحة وفعالة للحوكمة والشفافية في كافة التشريعات الاقتصادية التي تحتاج إلى تعديلات أو التشريعات الجديدة التي تصدر مستقبلاً لمواكبة أي تطور اقتصادي في البلاد.

 

مناخ طارد للاستثمار

وعن تحذير الوكالات العالمية من تخفيض التصنيف السيادي للكويت، أكد المحلل المالي ميثم الشخص، أنه لابد أن يكون للتصنيف من أثر، حيث أن التعاملات الدولية ترتبط بهذه التصنيفات بخاصة في مجالي الاستثمار والتمويل، لذا يجب أخذ الأمر على محمل الجد، مشيراً إلى أن ذلك التخفيض سيخلق مناخاً طارداً للاستثمار الأجنبي، إضافة إلى رفع كلفة الاستدانة المستقبلية في حال إصدار سندات سيادية.وأضاف الشخص أن الكويت بحاجة إلى سيولة سريعة ومتوفرة لمواجهة التزاماتها المالية من تمويل المشروعات الحكومية إلى صرف الرواتب، لذلك فإن التضحية في أصول تعطي الدولة إيراداً أكبر من الفائدة المستحقة على السندات مثلاً، هو عبء على الميزانية التي تعتمد على الإيرادات النفطية، بخاصة كتصنيف بأنها إيرادات متنوعة غير نفطية، وهذا بحد ذاته خلاف توجه دول الخليج بتعزيز مواردها غير النفطية في موازناتها.وأشار إلى أنه لا يوجد أي مانع من استخدام الاحتياطي، بخاصة لمبررات الاستخدام التي تواجه إلى حاجة ملحة، منها الصرف على بند الرواتب والمكافآت والإنفاق لمواجهة المتطلبات الطارئة، مثل القطاع الطبي الذي يمر بالجائحة  التي تستلزم تصرفاً سريعاً ومناسباً لتقليل الآثار السلبية منها.وأفاد الشخص، "بأن هناك حالة معقدة من التعامل في كثير من الملفات التي تستلزم وجود قانون للتنفيذ الإصلاحي مع عدم وجود وضوح لعملية الإصلاح كمصطلح عائم ومطاط ترتكز عليه مطالبات البنك الدولي في مطالباته الدائمة لكل الدول وليس فقط الكويت.

احتياطي ارتفاع تكلفة التمويل

وبدوره، قال المحلل الاقتصادي، علي العنزي، إن خفض التصنيف السيادي له تبعات أبرزها ارتفاع تكلفة التمويل والديون، لذلك فإن المؤسسات المقرضة ستتحفظ في شراء السندات الكويتية عند طرحها.وذكر العنزي أن السحب من احتياطي الأجيال واحتياطات الدولة بشكل عام والهيئة العامة للاستثمار وفقاً لضوابطه، يحتاج إلى تغيير في النظام الأساسي أو قرار من مجلس الأمة أو الهيئة العامة للدولة.ولفت إلى أن هناك محاولات كبيرة للإصلاح الاقتصادي، منها تعديل قوانين البورصة وجعلها جاذبة للاستثمار الأجنبي وقوانين داعمة للمشروعات الصغيرة، وذلك منذ جائحة كورنا.وأكد أن أبرز العوائق أمام جذب الاستثمارات الأجنبية هي البيئة التشريعية، التي بتعديلها تساعد في دخول كيانات عالمية كبرى دون وكيل بطريق غير مباشر أيضاً عبر البورصة.وأوضح أن عائدات النفط تشكل معظم عوائد ميزانية الدولة، وارتفاع أسعاره يعطي مرونة للدولة في الإنفاق العام على البنية التحتية والمشروعات العامة.