Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النظام السوري يعلن بدء "المصالحات" في الرقة وسط رفض شعبي

حالة من الارتياب لدى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا حيال الخطوة

تظاهرات شعبية في مدينة الطبقة ترفض إجراء المصالحات مع الحكومة السورية (ناشطون من الطبقة)

أعلنت وسائل إعلام تابعة للحكومة السورية خلال اليومين الماضيين، بدء عمليات التسوية الأمنية في مناطق تابعة إدارياً لمحافظة الرقة، التي شكلت أحد أبرز معاقل تنظيم "داعش". وبحسب هذه الوسائل، فإن مركز بلدة السبخة، الواقعة بريف الرقة الشرقي، وهي منطقة تسيطر عليها قوات النظام السوري، أصبح مركزاً لعقد "المصالحات" بين المواطنين السوريين والقوات الحكومية.
ونقلت صحيفة البعث السورية التابعة للحزب الحاكم، أن "إقبالاً كثيفاً" شهده المركز خلال اليومين الماضيين وسط "حضور عدد كبير من النخب العلمية، من أطباء ومحامين، الذين سيكون لحضورهم الدور الأهم في تشجيع أعداد كبيرة من الناس بالانضمام إلى التسويات"، إلى جانب وجهاء للعشائر في تلك المنطقة، لكن الخطوة قوبلت برفض شعبي ورسمي على مستوى "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، التي تدير مناطق الرقة والطبقة، فأصدرت بياناً جاء فيه، أن النظام يتهرب من إدراك حقيقة الواقع السوري وحالة التغيير التي سادت في البلاد منذ عام 2011"، مضيفةً أن "السلطة في دمشق بدأت باستخدام سياسة جديدة تتمثل في شكلية العودة إليها، بحسب الزعم، من خلال ما تسميها التسوية أو المصالحة، وهذا يندرج بشكل أو بآخر تحت مزاعم خداع الرأي العام السوري والعالمي".
وأبدت الإدارة الذاتية استعدادها لإجراء "حوار وطني سوري"، مهيبةً بالسكان عدم الوقوع في "مصيدة أخبار كهذه وإشاعات غير صحيحة هدفها النيل من استقرار ونضال شعبنا الديمقراطي"، مضيفةً أن "هذه التسويات ما هي إلا لتحقيق مآرب إعلامية لا أساس لها، في سبيل حل المعضلة المتجذرة في سوريا".

رفض شعبي

في مدينة الطبقة، خرج المئات من أهالي المدينة، الجمعة 14 يناير (كانون الثاني)، في تظاهرة رافضة لإجراء التسويات الأمنية مع الحكومة السورية. ورفع المتظاهرون لافتات طالبت بإسقاط النظام، واعتبرت أن التصالح مع النظام "مهانة وخيانة"، وأنهم لا يصالحون "حتى يصالح الشهداء"، في إشارة إلى من قتلوا على أيدي القوات الحكومية أثناء التظاهرات التي عمت البلاد خلال السنوات السابقة، بالإضافة إلى الدعوة لإطلاق سراح المعتقلين في سجون الحكومة السورية.
وخرجت التظاهرة من الشارع الرئيس إلى "دوار الكنيسة" المعروف في المدينة. وكان غالبية المشاركين من ذوي المعتقلين، أو الذين قتلوا على أيدي قوات النظام ومعارضين، وفق ما ذكر الإعلامي علي يونس.

وطالب المتظاهرون في كلمة لهم، المجتمع الدولي، بالضغط على حكومة الأسد لإطلاق سراح المعتقلين في سجونه. كما حذروا من "الانجرار إلى المصالحات المزيفة"، بحسب يونس.


"خديعة المصالحات"

قال المتحدث ذاته، إن "بعض السكان في مدينة الطبقة، خصوصاً أصحاب الوظائف الحكومية، ومنهم بعض المدرسين، أجروا تسويات مع النظام قبل عامين، وبلغ عددهم نحو مئة شخص نصفهم لم تقبل الحكومة ملفاتهم، وأودعتهم السجن عندما ذهبوا إلى مناطق سيطرة الحكومة، ومنهم من قضى نحو عام كامل في السجون، أبرزها سجن صيدنايا المعروف بقسوته".
وتساءل يونس الذي اعتقل سابقاً من قبل القوات الأمنية الحكومية وقتل اثنان من عائلته على يد الجهة ذاتها، "كيف سأتصالح، وعلى أي أساس؟ من المستحيل أن أصالح وأمد يدي لمجرم".

مصالحات مرعبة

وروى الإعلامي حادثة لشخص من منطقة الطبقة أجرى مصالحة مع الحكومة السورية قبل أكثر من سنة، لكنه اعتقل عند أحد حواجز النظام أثناء ذهابه لتسلم راتبه من الحكومة السورية، موضحاً أنه اعتقل جرّاء تقارير أمنية كيدية بحقه، ولم يتمكن من الخروج من السجن الأحمر في صيدنايا إلا بعد دفع رشى كبيرة ووساطات.
وأورد يونس حالة أخرى لأحد الأشخاص من المدينة أجرى تسوية مع الحكومة السورية، لكنه اعتقل ثلاث مرات لدى فروع أمنية حكومية، وترك مناطق النظام، بعد أن أفرج عنه، واستقر مع عائلته في مدينة الرقة على الرغم من أنه كان من مؤيدي الحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


حضور الاستخبارات

وفي مدينة الرقة، حيث يركز النظام جهوده لإجراء التسويات، ونشر ناشطون مقطعاً قصيراً لفيديو سجل أثناء لقاء مدير الاستخبارات العامة لدى النظام السوري حسام لوقا مع جمع من سكان الرقة في خيمة مخصصة لإجراء المصالحات في المنطقة.
وبدا الضابط أمام الجمع العشائري محاطاً بالحرس وقيادات عسكرية نظامية، وحض السكان من خلال الوجهاء على اغتنام "مكرمة الرئيس"، في إشارة إلى إجراء التسويات الأمنية، لكن الصحافي عمار عبد اللطيف، وهو أحد سكان الرقة، قال إن "أهالي المنطقة، وخصوصاً فئة الشباب، تخشى الاقتراب من مناطق سيطرة النظام، أو أن تجري تسويات أمنية معه"، مضيفاً أن "ثمة فئة قليلة على علاقة بالنظام وتزور مناطقه".
وأفاد عبد اللطيف بأن "تجارب سابقة لمن أجروا تسويات أمنية في مناطق الرقة أو دير الزور تثير الرعب في نفوس الأهالي، إذ أنهم إما تعرضوا للاختفاء القسري أو التعذيب أو الاعتقال، لذا يستبعد إقبال السكان على إجراء المصالحات".
وأشار الصحافي إلى أن "شريحة واسعة من السكان المقيمين في مناطق ريف الرقة الواقع تحت سيطرة القوات الحكومية والميليشيات الإيرانية، يمكن استخدامها للضغط على سكان الرقة الآخرين في مناطق الإدارة الذاتية، خصوصاً من ناحيتين النفسية والإعلامية".

ضبابية الصورة

وتحدث عبد اللطيف عن "صورة ضبابية يعيشها سكان المنطقة منذ العملية "نبع السلام" العسكرية التي شنتها تركيا على المنطقة، إذ دفعت بقوات سوريا الديمقراطية إلى عقد تفاهمات عسكرية مع النظام السوري، ما سمح بانتشار عدد من عناصرها في نقاط حدودية. وهذه الضبابية تثير ريبة السكان دائماً إزاء إمكانية عودة قوات الحكومية إلى المنطقة"، لكن مسؤولين في الإدارة الذاتية ذكروا أكثر من مرة أن التفاهمات العسكرية لا تعني تسليم المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى الحكومة السورية، وأن هذه التفاهمات جاءت نتيجة لأوضاع عسكرية محددة. وأعلن نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية، حسن كوجر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن "المفاوضات مع دمشق لا يمكن أن تجري من دون الاعتراف بالإدارة الذاتية ومناطقها وقوات سوريا الديمقراطية والقوى الأمنية التابعة للإدارة الذاتية"، مطمئناً في الوقت نفسه إلى أن "كل المكونات ستتفاوض جمعاً مع النظام في حال حدوث أي عملية حوار".
كذلك رفض قائد قوات سوريا الديمقراطية في لقاء مع أهالي دير الزور مبدأ المصالحات مع النظام، على حد قول عبد اللطيف.

"علم النظام مصدر للرعب"

وأوضح المتحدث ذاته أن سيطرة النظام وعودته إلى مناطقهم "أصبحت أمراً من الماضي، والسكان لا يقبلون عودته بأي شكل من الأشكال. رؤية علم النظام أصبحت مصدراً للرعب للأهالي الذين لا يقبلون العودة إلى عهد سوريا مركزية تكون فيها مناطقهم مهمشة"، في إشارة إلى مصطلح "المحافظات النامية" الذي كانت تطلقه الحكومة السورية على محافظات دير الزور والرقة والحسكة.

المزيد من الشرق الأوسط