يجد الإسرائيليون في مدينة الناصرة المزينة احتفالاً بقدوم عيد الميلاد، ملاذاً داخلياً مع إغلاق الدولة حدودها أمام السياح ومنع المواطنين من السفر إلى الخارج جراء انتشار المتحورة "أوميكرون".
ويقول المرشد السياحي عزيز بنا (41 سنة)، "ليس عيد الميلاد الذي كنا نأمله لكن الجو رائع، كثير من اليهود الإسرائيليين قادمون وكثير من السكان المحليين أيضاً... نحن سعداء حتى من دون سياحة خارجية".
وتسبب الانتشار السريع لـ"أوميكرون" بحظر إسرائيل السفر إلى أكثر من 50 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، وقد تتوسع قائمة "الدول الحمراء" خلال الأيام المقبلة.
وبينما كان أطفالها يتناولون فطائر الحلوى البلجيكية خارج سوق عيد الميلاد في الناصرة، قالت عالمة النفس الإسرائيلية روني هراري (49 سنة) وهي من حيفا، إنها لا تفكر في السفر. وأضافت، "لن نسافر في هذه المرحلة من فيروس كورونا... هنا أشعر وكأننا تقريباً في الخارج".
سياحة داخلية
ويشكل الفلسطينيون نحو 20 في المئة من سكان إسرائيل، وتعتبر مدينة الناصرة أكبر مدينة عربية مع تعداد سكاني يقترب من 80 ألف نسمة، ربعهم من المسيحيين، كما أنها تمثل مركزاً ثقافياً وسياسياً مهماً.
وفي الناصرة التي يعتقد أن المسيح أمضى فيها طفولته، توجد أيضاً كنيسة البشارة التي شيدت في الموقع الذي بشر فيه الملاك جبرائيل بحسب الإنجيل السيدة العذراء بأنها ستلد المسيح.
ويقول بسام حكيم (36 سنة)، صاحب نُزل "الحكيم" في البلدة القديمة في الناصرة، إن "اليهود اهتموا على الدوام بسياحة عيد الميلاد لكن هذا العام الأمر بدا أكثر وضوحاً".
السبت، تم حجز ست غرف من أصل 10 في النزل، ومعظمهم من السياح الإسرائيليين. ويصف حكيم ذلك بأنه "نعمة" لكنها "مقيدة" بسبب كورونا. ويضيف، "تشهد المدينة سياحة داخلية يومين في الأسبوع فقط، في عطلة نهاية الأسبوع".
"ولادة جديدة" للناصرة
وافتتح حكيم فندقه الفاخر في عام 2015 داخل مبنى قديم توارثته عائلته عبر ثلاثة أجيال، ويعتبر من رواد الأعمال المحليين الذين افتتحوا بيوت ضيافة ومقاهي وصالات عرض حديثة في الناصرة القديمة إلى جانب محال العطارة والحلويات العربية التقليدية.
ويرى حكيم أن "الولادة الجديدة للناصرة أقوى بكثير من فيروس كورونا". ويضيف، "الشباب الذين يتمتعون بقوة كبيرة ويريدون إحداث تغيير وإثبات أنفسهم يفتحون متاجرهم حتى خلال الوباء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزارت إفرات دماري (53 سنة) الناصرة مع سبعة من أصدقائها للاحتفال بعيد ميلاد أحدهم. وقالت السيدة التي وصلت من إحدى ضواحي تل أبيب الساحلية، "زرنا كل الأماكن، الكنائس، السوق، رأينا أشياء لطيفة، أكلنا. كانت استضافة رائعة حقاً، الناس هنا رائعون".
ويقول مدير دائرة السياحة في الناصرة شارون بن آري، إن المدينة والحكومة استثمرت في موسم عيد الميلاد لهذا العام ونشرا دليلاً بالعبرية تزيد صفحاته على 100، كما أطلقا موقعاً إلكترونياً يستهدف اليهود الإسرائيليين.
ويشير بن آري إلى أن عيد الميلاد هذا العام كان "ناجحاً بشكل خاص"، وقدّر أن 10 آلاف شخص يصلون يومياً إلى المدينة التي بلغت عائداتها حوالى 50 مليون شيكل (15.9 مليون دولار). ولا يتوقع المسؤول أن "يعوض هذا الرقم خسارة حوالى عامين بسبب كورونا... نحن نتوقع وصول موجة أوميكرون ونحن قلقون".
للفن مساحة
وأعلن الثلاثاء في إسرائيل عن أول وفاة جراء "أوميكرون". وقد باشرت السلطات حملة تطعيم بجرعة ثالثة معزّزة تلقاها أكثر من أربعة ملايين شخص، ومع ذلك لم يتم تطعيم ملايين المواطنين بعد، خصوصاً المراهقين والأطفال الصغار.
وفي كنيسة البشارة يقول المشرف بشارة حكيم، أن 90 في المئة من الزوار هذا الموسم كانوا يهوداً إسرائيليين. ويضيف معتذراً، "غالبية السياح اليهود لا يشعرون بالارتباط بالكنيسة... يأتون لرؤيتها ويغادرون".
وافتتحت الرسامة فاطمة أبو رومي من مدينة طمرة معرض "بلقيس" في عام 2020 "لمساعدة الفنانين العرب وتطوير أعمالهم".
وفي الوقت الذي كانت شجرة عيد الميلاد الشاهقة في ساحة القرية تجتذب الزوار، بدت حركة الزوار داخل المعرض خفيفة.
وتقول فاطمة، "آمل في أن يتحسن الوضع"، مشيرةً إلى أن الازدحام المروري منع بعض عشاق الفن من الوصول.
بيت لحم
أجواء الاحتفال في جميع أنحاء المدينة بدت جلية مع قرع أجراس الكنائس وشراء العائلات قبعات حمراء وبيضاء ومكبرات الصوت تصدح بأغاني عيد الميلاد باللغة العربية.
ويتناقض مشهد الأعياد المزدهر في الناصرة مع موسم الميلاد في مهد السيد المسيح في بيت لحم.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية في عام 1967 وتسيطر على جميع مداخلها، والسياح الممنوعون من زيارة إسرائيل لا يمكنهم المجيء إلى الأراضي الفلسطينية. وهكذا خلت المحال التجارية والفنادق فيها من السياح.
ويشير بنا إلى أنه وعلى الرغم من زيارة الفلسطينيين من إسرائيل للمدينة لكن ذلك "ليس كافياً بالنسبة لبيت لحم".
ويضيف، "هذا جزء من السياسة هنا في هذه الأرض"، على الرغم من أن قصة عيد الميلاد "تبدأ من الناصرة قبل أن تنتقل إلى بيت لحم".