Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من سرق القنابل العنقودية في البصرة؟

جمعتها فرق إزالة الألغام ووضعتها في حاويات لتفجيرها لكنها اختفت في ظروف غامضة

تلقت الشرطة العراقية بلاغاً باختفاء حاوية تحتوي على 100 قنبلة عنقودية غير منفلقة في قضاء الزبير (أ ف ب)

ما إن فشلت محاولة اغتيال مسؤول الاستخبارات وسط مدينة البصرة بدراجة نارية مفخخة، ذهب ضحيتها أربعة أشخاص وإصابة أربعة آخرين يوم الثلاثاء، حتى دخلت القوات الأمنية حالة الإنذار القصوى يوم الخميس 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إثر اختفاء حاوية تحتوي على أكثر من 100 قنبلة عنقودية فعّالة، جمعتها فرق إزالة الألغام داخل حاوية.

بيد أن تلك الحاوية اختفت في ظروف غامضة، وأعلن قائم مقام قضاء الزبير عباس ماهر، أن مجهولين أقدموا على سرقة حاويات، إحداها ممتلئة بالقنابل العنقودية في صحراء الرميلة. وأشار إلى أن هناك حالة من الاستنفار للبحث عنها، ووصول الجهات الأمنية إليها قبل وقوع كارثة.

كما ناشد عباس ماهر أهالي قضاء الزبير الإبلاغ عن أي معلومات متوافرة عن مكان تلك الحاويات، مشدداً على المواطنين بالتعاون مع السلطات الحكومية والجهات الأمنية عن أماكنها، وعدم التعامل معها بسبب خطورتها على حياة السكان.

وصرح نقيب شرطة في البصرة، من دون أن يفصح عن اسمه، بأن "الشرطة تلقت بلاغاً باختفاء حاوية تحتوي على 100 قنبلة عنقودية غير منفلقة في قضاء الزبير". وأضاف أن "القنابل جمعتها فرق إزالة الألغام في المناطق الصحراوية، ووضعتها في حاويات تمهيداً لتفجيرها".

كما أشار المصدر إلى أن "الحاوية اختفت في ظروف غامضة، وهو ما يؤكد فرضية تعرضها للسرقة من قبل مجهولين". وأوضح أن فرق إزالة الألغام تجمع الألغام وغيرها من القنابل والقذائف غير المنفلقة خارج المدن على بعد 60 كلم في الأقل، لتجنب تعريض المدنيين للخطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واللافت للنظر أن هذه الحادثة تزامنت مع زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى مدينة البصرة، بغية الوقوف على التحقيقات الجارية بشأن انفجار الدراجة النارية المفخخة يوم الثلاثاء. كما أن تسارع هذه التطورات بين هجمات "داعش" في محافظة كركوك في شمال العراق، ورفض الفصائل الولائية، وكذلك قوى سياسية شيعية في "الإطار التنسيقي" موالية لإيران أيضاً، نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تزيد من أوضاع العراق تدهوراً.

بل إن لقاءهم مع مقتدى الصدر في الثاني من الشهر الجاري، حول تشكيل الحكومة الجديدة، قد فشل جراء التضاد في مواقفهم بين تشكيل حكومة غالبية كما يريد الأخير، أو توافقية كما هم يريدون. وبذلك زادوا من الطين بلّة في تردي مجمل الأوضاع في العراق.

وكما هو معروف، في كل جريمة تقع، اسأل عن المستفيد، وطالما كان قدوم الكاظمي إلى البصرة يتعلق بالتفجير الإرهابي، وأن المصدر الرسمي العراقي أكد أن التحقيق الأوليّ يشير إلى أن تفجير العبوة الناسفة هي ذاتها التي تستخدمها الفصائل الموالية لإيران، يعني أن الذي قام بعملية سرقة حاوية القنابل العنقودية، هي ذاتها الفصائل الولائية، كونها الجهة المستفادة من عمل كهذا.

وبما أن المصدر العراقي، لم يحدد اسم الجهة المنفذة، بل الكاظمي نفسه الذي تعرّض لمحاولة اغتيال من هذه الفصائل الولائية في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بثلاث طائرات مفخخة مسيّرة، ولم يكشف التحقيق عن الجهة المسؤولة التي تقف وراء هذا الهجوم، إذ بقت الأسماء مجهولة، مع أن الكاظمي صرّح بمعرفته بهم، وهذا يقودنا إلى الاستنتاج الآتي:

إن سطوة وقوة الفصائل الموالية لإيران مستمرة على مفاصل الدولة والبلاد، مع أن إجمالي قوتها وعددها أقل وأضعف من قوات الجيش النظامي، لكن غياب الإرادة الحرة بسبب هيمنة إيران على القرار السياسي العراقي بالتوافق مع الولايات المتحدة، تجعل الأوضاع الأمنية مهلهلة خارجة عن السيطرة الحقيقية لقوى الدولة.

وستبقى هذه الأوضاع على حالها بين الصعود تارة، والهبوط تارة أخرى، وفق ما تخططه إيران وتنفذه فصائلها المسلحة الولائية.

ولا يخفى أن سرقة مجموعة من الحاويات، ومنها حاوية القنابل العنقودية الفعّالة، تعني أن هناك مراقبة ومتابعة للجهة المنفذة، وتمكّنها من اختراق داخل الدائرة الحكومية المعنية، إذ إن الفساد المالي والإداري المستشري داخل مفاصل الدولة خطير الاستفحال. كما أن هذه الحادثة ليست أكثر من حلقة جديدة أخرى في سلسلة طويلة يعانيها العراق.

وعليه، فإن الأوضاع داخل العراق ستبقى على هذا المنوال من الضعف والهوان، طالما كانت هذه العملية السياسية، التي أوجدها المحتل الأميركي، مستمرة وتتحكّم فيها إيران عبر أذرعها المسلحة الولائية، وعبر القوى السياسية الطائفية الموالية لها أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء