Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شي بعد ماو ودينغ: كل السلطة لشخص

استمرار الصعود ليس مضموناً ومواصلة الانحدار ليس قدراً لا يرد

الرئيس الصيني شي جينبينغ (أ ف ب)

كان أقل توصيف للزعيم الشيوعي السوفياتي ستالين هو أنه "أبو الشعوب". وأبسط ما قاله ستالين عن الروس وتمتع به هو إنهم "شعب قيصري يبحث دائماً عن قيصر ليعبده ويعمل لأجله". لم يجرؤ أي مسؤول على الإشارة إلى "عبادة الفرد" التي صارت من الطقوس المحترمة في الحزب الشيوعي في حياة ستالين. والمرة الأولى التي خرج فيها بتعبير "عبادة الفرد" إلى العلن كانت في تقرير الزعيم خروشوف أمام المؤتمر العشرين للحزب عن "جرائم ستالين" بعد أعوام من وفاته. ويروي مولوتوف في كتاب "مولوتوف يتذكر" أن الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ قال له: "أنا حزين لأن ستالين لم يوسع القمع، ولأن خروشوف بقي حياً، وهل تصدق أني لم أقرأ كتاب الرأسمال لماركس؟".

قرارات اقتصادية

لكن "عبادة الفرد" عادت إلى الازدهار في الصين للمرة الثالثة مع الزعيم الحالي للحزب الشيوعي الصيني شي جينبينغ بعد ماو تسي تونغ ثم دينغ شياو بينغ. ماو هو أحد مؤسسي الحزب قبل 100 سنة، والقائد التاريخي لـ"المسيرة الطويلة" إلى الانتصار في بكين عام 1949، لم يكُن يردّ طلباً لستالين، وإن من النوع الذي جاءه في رسالة من موسكو: "أرسل خمس فرق عسكرية إلى كوريا لمساعدة كيم إيل سونغ ضد أميركا وأذنابها، ولو أدى ذلك إلى حرب عالمية ثالثة". أما بعد الخلاف مع موسكو، فإنه رفع شعار "لتتفتح 100 زهرة، لتعش 100 مدرسة". غير أن عبادته استمرت على الرغم من القرارات الخاطئة التي اتخذها: قرارات اقتصادية قادت إلى وفاة ملايين الصينيين في ما سُمّيت بـ"المجاعة الكبرى". وقرارات سياسية خطيرة بينها إطلاق "الثورة الثقافية" التي انتقم فيها عبر شباب جاهل من قيادات وكادرات أساسية في الحزب، بينها والد الزعيم الحالي شي ودينغ شياو بينغ. دينغ هو الذي فتح الباب المغلق أمام التنمية الاقتصادية والتطور، ووضعته اللجنة المركزية للحزب في مكانة مساوية لماو. لكنه كان "يميل إلى الديكتاتورية"، كما يقول في مذكراته "سجين الدولة" زعيم الحزب زاو جيانغ، الذي جرى عزله ووضعه في الإقامة الجبرية لمدة 16 عاماً حتى وفاته. والسبب هو أن زاو وقف ضد قرار دينغ إرسال الدبابات لسحق الطلاب المتظاهرين المطالبين بالحرية في ساحة تيانانمين عام 1989. واليوم أعلنت اللجنة المركزية تكريس "حقبة شي جينبينغ الجديدة للشيوعية بمميزات صينية"، ودعت "الحزب الشيوعي بأكمله والجيش بأكمله والشعب في جميع المجموعات العرقية إلى توحيد جهودهم بشكل مرصوص أكثر حول اللجنة المركزية وفي قلبها الرفيق شي جينبينغ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مركزة السلطة

ذلك أن المدارس صارت تعلم طلابها "أفكار شي صاحب الرؤية الاستكشافية والإبداعية"، الذي قاد صعود الصين إلى دور القوة العظمى اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً. والقيادة مكرسة له في ولاية ثالثة وربما مدى الحياة بعد الانتقال من مرحلة "القيادة الجماعية" إلى مرحلة "تعظيم القيادة". وبدل شعار "لتتفتح 100 زهرة، لتعش 100 مدرسة"، يسود واقع: "زهرة واحدة، مدرسة واحدة، ومعلم واحد". لا بل إن شي ينتقد مبالغة دينغ في "الانفتاح والإصلاح". فما يوصي به الكوادر هو "زيادة قوة القيادة الأيديولوجية". والأخطار التي يراها على البلاد، بحسب الوثيقة الرقم 9 للحزب الشيوعي، هي "الديمقراطية الدستورية الغربية، تطوير القيم الكونية لحقوق الإنسان، تشجيع المجتمع المدني، الانتقاد العدمي لماضي الحزب، تبنّي قيم الغرب للأخبار واختراق الأفكار الليبرالية للشباب".

لكن مركزة السلطة والقوة في يد شخص واحد لا تخلو من مخاطر، بينها صعوبة تصحيح المسار إذا أخطأ القائد الذي لا يجرؤ أحد على انتقاده أو لفت نظره، وتزايد السخط بين القيادات التي تجد نفسها خارج القرار. فضلاً عما سمّاه كاي شيا، الأستاذ السابق في مدرسة الحزب الشيوعي المركزية في بكين، دفع الصين في القرن الحادي والعشرين نحو "توتاليتارية جديدة" لا مجرد "سلطوية".

"الشرق في صعود والغرب في انحدار"، شعار رفعه قادة الصين بعد مجيء الرئيس الأميركي جو بايدن. لكن استمرار الصعود ليس مضموناً. واستمرار الانحدار ليس قدراً لا يُردّ. ألم يقُل مسؤول صيني للبروفيسور بريجنسكي "نرجوكم أن تجعلوا الانحدار الأميركي بطيئاً"؟

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل