يترأس شي جينبينغ، الأسبوع المقبل، اجتماعاً للحزب الشيوعي الصيني سيزيد تعزيز موقعه على رأس الصين بمصادقته على قرار "تاريخي" للمرة الثالثة فقط منذ تأسيسه قبل عقد.
وتعقد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وهي تعتبر بمثابة "برلمان" الحزب الذي يقود الصين بقبضة من حديد منذ 72 عاماً، اجتماعاً عاماً من الإثنين إلى الخميس.
وهذا الاجتماع المغلق الذي يضم حوالى 400 قيادي هو الوحيد المقرر لهذه السنة، ويسبق بحوالى عام المؤتمر الخمسين الذي يتوقع أن يمنح شي جينبينغ ولاية ثالثة على رأس الحزب، وبالتالي على رأس البلد.
وبعد أربعة أشهر على احتفاله بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب مرتدياً سترة اشتهر الزعيم ماو بارتدائها في ساحة تيان أنمين الشاسعة في بكين، سيلجأ شي جينبينغ مجدداً إلى التاريخ لترسيخ نفوذه ورفع نفسه إلى مصاف أسلافه الشهيرين.
ومن المقرر أن يناقش الاجتماع الموسع للجنة المركزية "قراراً مهماً حول النجاحات الكبرى والتجربة التاريخية للسنوات الـ100 من إنجازات الحزب"، وفق ما أعلنت وكالة الصين الجديدة للأنباء من دون أن تورد نص القرار.
وأوضح الخبير السياسي المعارض وو كيانغ، المتخرج في جامعة تسينغوا المرموقة في بكين، أنه في حال المصادقة على القرار الأسبوع المقبل فإن "هذا سيعني أن شي جينبينغ يمسك بالسلطة بلا منازع".
الإمساك بالسلطة
وعمل شي جينبينغ باستمرار منذ تعيينه أميناً عاماً للحزب الشيوعي الصيني عام 2012 ثم توليه رئاسة الجمهورية في السنة التالية، على تركيز السلطة بين يديه.
وغالباً ما يوصف بأنه الزعيم الصيني الأكبر نفوذاً منذ مؤسس النظام ماو تسي تونغ (1949-1976).
وفي عام 2018، أقر البرلمان تعديلاً دستورياً تاريخياً يسمح لشي جينبينغ بالبقاء رئيساً مدى الحياة بإلغائه الحد الأقصى القاضي بولايتين رئاسيتين، كما أدرج "فكره" في الدستور إلى جانب ماو تسي تونغ.
وضم شي جينبيغ إلى سجله "الانتصار" على وباء "كوفيد-19" في الصين، ولو أن البلد الذي انطلق منه فيروس كورونا ما زال يسجل بؤر إصابات متفرقة.
القراران التاريخيان السابقان
وقال خبير الشؤون الصينية كارل مينزنر من مجلس العلاقات الخارجية الأميركي للدراسات، إن السؤال المطروح الآن هو "إلى أي حد يمكنه الارتقاء؟".
وعلى هذا الصعيد، فإن اجتماع اللجنة المركزية، الأسبوع المقبل، سيكون جوهرياً، إذ إن الحزب الشيوعي الصيني لم يصادق حتى الآن سوى على قرارين "تاريخيين"، وكل منهما في مرحلة مفصلية، وفق ما أوضح الخبير السياسي أنتوني سيتش من جامعة هارفارد الأميركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فالقرار الأول عام 1945 عزز سلطة ماو تسي تونغ قبل أربع سنوات من وصول الشيوعيين إلى السلطة.
أما القرار الثاني عام 1981، فمنح دينغ هسياو بينغ فرصة لطي صفحة الماوية عند إطلاقه إصلاحات اقتصادية، من خلال الإقرار بـ"أخطاء" سلفه الكبير.
وتوقع سيتش أن يكون القرار هذه المرة "أقل انتقاداً" لماو، لا سيما وأن السلطة الحالية تبتعد عن مبالغات الليبرالية الاقتصادية، مثلما عمدت في الأشهر الماضية إلى إعادة ترتيب قطاعات مثل العقارات والإنترنت.
وقال وو كيانغ، "إننا نتجه نحو العودة إلى الاقتصاد المضبوط والمخطط له".
ورأى سيتش أن القرار، بجمعه بين الماوية والإصلاحات، "سيظهر شي في موقع الوريث الطبيعي لتاريخ الحزب الشيوعي الصيني المجيد".
ويضع الخبراء الغربيون بصورة عامة حصيلة مروعة لسياسة ماو تسي تونغ تتراوح بين 30 و70 مليون قتيل، غير أنه يبقى شخصية تحظى بالاحترام في بلاده.
وقال مينزنر، إن "نبرة القرار ومضمونه سيكشفان على الأرجح الشخصية التي يود شي التشبه بها. فهل يكون نداً لماو ودينغ؟ أو لماو وحده؟".
ولاية ثالثة
كما يتوقع أن تجري مناورات في كواليس الاجتماع، قبل عام من تولي فريق جديد القيادة خلال المؤتمر المقبل.
ومن المؤكد أن شي جينبينغ سيفوز في خريف 2022 بولاية ثالثة، وهو أمر غير مسبوق منذ نهاية عهد ماو، على الرغم من بلوغه، أخيراً، 68 عاماً، وهو الحد الأقصى للعمر المفروض عادة للقادة الصينيين.
في المقابل، سيحال العديد من المسؤولين على التقاعد.
وقد يتم تخفيض عدد أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي خلال مؤتمر العام المقبل من سبعة إلى خمسة أعضاء، "ما سيزيد سلطة شي" في هذه الهيئة التي تمسك فعلياً بزمام السلطة، على حد اعتبار وو كيانغ.
وتعقد اللجنة المركزية اجتماعاتها بعيداً عن الإعلام الأجنبي ومن المتوقع إعلان قرارات الجلسة العامة، مساء الخميس، بعد انتهاء أعمالها.