Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دوافع عودة بنكيران لقيادة حزب العدالة والتنمية المغربي؟

تحديات عدة قد تصعب مهمته نظراً لاختلاف المرحلة الحالية عما سبقتها من موجة "الربيع العربي" التي سهلت وصول الإسلاميين للحكم عام 2011

يحظى عبد الإله بنكيران بشعبية كبيرة داخل حزب العدالة والتنمية (أ ف ب)

على إثر اندحاره في الانتخابات العامة التي شهدها المغرب في الثامن من سبتمبر (أيلول) الماضي، ما دفع أمانته العامة للاستقالة، أعاد حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، انتخاب عبد الإله بنكيران أميناً عاماً له خلال مؤتمره الاستثنائي الذي انعقد قبل أيام.

وكان بنكيران قد استقال من منصب الأمين العام للحزب جراء فشله في تشكيل الائتلاف الحكومي عام 2016 بسبب "البلوكاج" (إعاقة تكوين الحكومة)، نظراً لـ"إملاءات" حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يتزعمه عزيز أخنوش منذ عام 2016، (يشغل حالياً منصب رئيس الوزراء)، وكان من بين ما اشترطه أخنوش من أجل الموافقة على مشاركة حزبه في الحكومة خلال قيادته المشاورات مع زعامة حزب العدالة والتنمية، ضرورة استبعاد حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي وإشراك حزب الاتحاد الاشتراكي، إلا أن تمسك بنكيران برفض عرض أخنوش نسف عملية تشكيل الحكومة، وبالتالي قام الملك المغربي محمد السادس جراء ذلك بتكليف سعد الدين العثماني (الرجل الثاني بالحزب آنذاك) تشكيل الحكومة، ما نتج عنه إعلان عبد الإله بنكيران استقالته من منصب الأمين العام للحزب والابتعاد عن الحياة السياسية.

ونتج عن قوة شخصية بنكيران وحنكته السياسية وثباته على مواقفه، توسع قاعدة داعميه داخل الحزب، وشكل بذلك أحد أقطاب المؤسسة السياسية إذ تمكن من التأثير على قراراتها، في وقت أدت توجهات بنكيران إلى نشوب نزاعات داخلية، كان أهمها، بسبب رفضه اعتماد "فرنسة التعليم"، وكذلك تشديده على ضرورة رفض تقنين القنب الهندي، وهو ما جر على الحزب سيلاً من الانتقادات، وعمل ذلك على تراجع شعبيته بشكل كبير.

خلفيات العودة

وشهدت الانتخابات العامة الأخيرة اندحار الحزب الإسلامي الذي تراجع إلى المرتبة الثامنة برصيد 13 مقعداً بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، بعد أن حل في المرتبة الأولى خلال انتخابات عام 2011 برصيد 107 مقاعد من أصل 395، وانتخابات عام 2016 بـ125 مقعداً، ومنذ ذلك التراجع عمل عبد الإله بنكيران على تحميل قيادة الحزب مسؤولية هذا الاندحار، وقال في إحدى تدويناته، "بصفتي عضواً بالمجلس الوطني للحزب، وانطلاقاً من وضعي الاعتباري كأمين عام سابق للحزب، وبعد اطلاعي على الهزيمة المؤلمة التي مني بها حزبنا بالانتخابات، أرى أنه لا يليق بحزبنا في هذه الظروف الصعبة إلا أن يتحمل السيد الأمين العام مسؤوليته ويقدم استقالته من رئاسة الحزب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى المحلل السياسي عبد الفتاح نعوم أن دواعي عودة بنكيران لقيادة حزب العدالة والتنمية تعود إلى الهزيمة المدوية التي مني بها الحزب خلال الانتخابات العامة الأخيرة، والتي جعلت الحزب يتراجع إلى الموقع نفسه الذي كان فيه قبل أكثر من عقدين، تضاف إلى ذلك طبيعة شخصية بنكيران، ومحاولة التأثير على الرأي العام باعتماد الخطاب الشعبوي، وشدد نعوم على أن بنكيران لم يستسغ حتى الآن السياق الذي ترك على إثره منصب الأمين العام للحزب ورئاسة الحكومة على إثر "البلوكاج" الذي فرضه رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش، وبالتالي يتمسك القيادي الإسلامي بالعودة إلى منصبه الحكومي عبر بوابة زعامة الحزب ورد الاعتبار لنفسه، وبالتالي، يصر بنكيران على إعادة ترتيب حزبه والاستعداد للانتخابات المقبلة بقصد هزم غريمه أخنوش.

دعم داخلي   

ويحظى عبد الإله بنكيران بشعبية كبيرة داخل حزب العدالة والتنمية، ويشكل قطباً ذا حظوة كبيرة عند قاعدة عريضة من منتسبي الحزب، وأشار المحلل السياسي عصام لعروسي على أن عودة بنكيران لقيادة الحزب الإسلامي كانت متوقعة، موضحاً أن ظهوره، أخيراً، على مواقع التواصل الاجتماعي كان بدافع حشد الأنصار وتأمين موقف قوي داخل المؤتمر الاستثنائي للحزب، مضيفاً أن خطاب بنكيران كان يستهدف في الأساس تحميل الأمانة العامة السابقة، وحدها، مسؤولية الهزيمة في الانتخابات العامة الأخيرة، ولفت لعروسي إلى وجود تيار عريض في الحزب يدعم بنكيران ويرى فيه الزعيم الأقدر على قيادة الحزب في المرحلة المقبلة وإعادته إلى مستواه السابق.

واعتبر المحلل السياسي والمختص في شؤون الجماعات الإسلامية، بلال التليدي، أن حصول بنكيران على نسبة 81 في المئة من الأصوات في عملية انتخاب الأمين العام الجديد لحزب العدالة والتنمية يبعث برسالة واضحة، باعتباره يشير إلى وجود أغلبية داخل الحزب ممن يحملون مسؤولية الفشل في الانتخابات العامة الأخيرة لقيادة الحزب السابقة (سعد الدين العثماني)، على الرغم من الإقرار بوجود عوامل موضوعية تتعلق بتدخلات إدارية لتكييف نتائج العملية الانتخابية.

تحديات

وأشار محللون إلى وجود تحديات عدة قد تصعب مهمة بنكيران في زعامة الحزب الإسلامي، نظراً لاختلاف المرحلة الحالية عما سبقتها من موجة "الربيع العربي" التي سهلت وصول الإسلاميين للحكم عام 2011، وأكد المحلل السياسي عصام لعروسي أن عودة بنكيران تواجه تحديات رئيسة أمام الحزب وأمانته العامة بشكل عام، وهي تطوير البنية الفكرية والأيديولوجية والتنظيمية للحزب، إضافة إلى ضرورة تصحيح المسار الدعوي والسياسي وتوضيح العلاقة بينهما التي عرفت اختلالاً في السابق، إضافة إلى ضرورة تصحيح فهم ممارسة الحكم من المنظور الفكري والمرجعي للحزب، وبالخصوص جراء سلسلة الإخفاقات والانزلاقات التي وقع فيها الحزب في خضم ممارسته لتسيير الشأن العام على المستويين الوطني والمحلي، إضافة إلى مهمة إعادة الحزب إلى مكانته السابقة، كما كانت عليها الحال عقب الانتخابات التشريعية لعامي 2011 و2016، بالاعتماد على القدرات السياسية الهائلة لبنكيران في الإقناع والخطابة، حتى يحقق نوعاً من المصالحة وإعادة الثقة للمواطنين بالحزب.

انتصارات

وأشار بلال التليدي إلى أن الانتصارات التي حققها بنكيران ضمن حزب العدالة والتنمية تمت في سياق تراكمي، باعتبار أنه لم تحصل أي نكسة انتخابية للحزب منذ دخوله إلى العملية السياسية عام 1997، لكن هذه اللحظة الحاسمة التي يعيشها الحزب اليوم مختلفة تماماً، إذ تتزامن عودة بنكيران لقيادة الحزب، والأخير شبه غائب عن الدائرة التمثيلية المؤسساتية على المستويين الوطني والمحلي، موضحاً أن مرحلة الانتصارات الانتخابية كانت مرتبطة بحالة تماسك داخلي غير مسبوقة داخل الحزب، وكان القرار الحزبي يتم بشكل جماعي، لكن عودة بنكيران تأتي في مرحلة تعرف شرخاً في القيادة انعكست على مدى تماسك القواعد، الأمر الذي تسبب في بروز حالة انقسام فكرية وسياسية ونفسية، تجعل من أولويات الزعامة الجديدة للحزب تقويم هذا الوضع وإصلاح عطب الآلة الحزبية والتنظيمية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي