Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل اقترب "العدالة والتنمية" من فقدان السلطة في المغرب؟

قد يعكس تردي نتائجه في الانتخابات النقابية تراجعاً أشمل في شعبيته قبيل الاستحقاق النيابي

رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني محاطاً بقادة أحزاب أخرى معلناً عن الائتلاف الحكومي في 25 مارس 2017 (أ ف ب)

مُني حزب العدالة والتنمية المغربي ذو المرجعية الإسلامية بهزيمة كبيرة في انتخابات الغرف المهنية التي جرت في نهاية الأسبوع الماضي، إذ تراجع إلى المرتبة الثامنة بـ49 مقعداً، بعد ما حصل في انتخابات عام 2015 على 196 مقعداً، فيما تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار، المشارك بالائتلاف الحكومي، بنيله 638 مقعداً من أصل 2230، تلاه حزب الأصالة والمعاصرة المعارِض بـ363 مقعداً، وحل حزب الاستقلال ثالثاً بـ360 مقعداً.

تراجع الشعبية

وتشير تلك النتائج إلى تراجع شعبية الحزب الإسلامي، بينما يتوقع مراقبون أن تؤكد الانتخابات العامة المقبلة المفترض إجراؤها في 8 سبتمبر (أيلول) المقبل، ذلك التراجع في خضم توسع الانتقادات لسياسات الحكومة التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية. ورأى الأستاذ الجامعي المغربي في العلوم السياسية، محمد باسك منار، أن "حزب العدالة والتنمية عرف تراجعاً واضحاً في انتخابات الغرف المهنية، فمن المرتبة الخامسة بـ196 مقعداً في انتخابات 2015 إلى المرتبة الثامنة بـ49 مقعداً فقط في الانتخابات الحالية، إذ تقدم عليه حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي احتل المرتبة الخامسة بـ146 مقعداً، وحزب الاتحاد الدستوري، الذي حلَّ سادساً بـ90 مقعداً، وحزب التقدم والاشتراكية في المركز السابع بـ82 مقعداً"، معتبراً أن "هذا التراجع يضاف إلى التراجع الذي كان على مستوى الانتخابات المهنية، التي جرت في يونيو (حزيران) 2021، إذ بعد أن حصل الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية (الاتحاد الوطني للشغل) على 7.36 في المئة من مجموع مندوبي الأُجراء في انتخابات 2015 لم يحصل في الانتخابات الأخيرة سوى على 5.63 في المئة، أي دون عتبة ستة في المئة، ما أفقده صفة الأكثر تمثيلية وتسبب بغيابه عن الحوار الاجتماعي".

وأوضح منار أنه "قد يكون من عوامل ذلك التراجع بعض الممارسات غير الحيادية للإدارة الانتخابية، كما أشارت إلى ذلك نقابة الاتحاد الوطني للشغل بخصوص انتخابات المأجورين، لكن من الخطأ حصر أسباب التراجع في ذلك العامل الوحيد، بل ربما من المخالف للصواب جعل الخروقات المرافقة للعملية الانتخابية، سواء بما يتعلق بالمأجورين أو الغرف المهنية، بمثابة العامل الأول في ذلك التراجع، الذي يُضاف إليه تراجع آخر على مستوى الانتخابات الجزئية في بعض الدوائر"، مشيراً إلى أن "ذلك التراجع العام يرجع إلى مجموعة عوامل أساسية، لعل من أهمها تحمل حزب العدالة والتنمية (البيجيدي) مسؤولية رئاسة الحكومة، وإقدام هذه الأخيرة على بعض السياسات والقرارات التي صبت في غير صالح المأجورين والمهنيين بشكل عام، ولعل أنظمة التقاعد مثال واضح على ذلك، بالإضافة إلى تراجع الثقة في ذلك الحزب بسبب ما أظهر من ضعف وعجز ابتداءً من تعثر تشكيل الحكومة بعد انتخابات عام 2016". ويضيف أستاذ العلوم السياسية أن "ما أسهم في تراجع الثقة بالحزب الإسلامي أيضاً هو ما ظهر على السطح من خلافات حادة، وبشكل غير مسبوق، داخل صفوفه، يُضاف إلى ذلك ظهور العدالة والتنمية بمظهر الحزب غير المرغوب فيه من قبل مَن يمسكون بزمام الأمور، وتكرس هذا المظهر أكثر في الآونة الأخيرة، وتأكد من خلال بعض التصرفات، لعل أبرزها قضية القاسم الانتخابي"، لافتاً إلى أن "هذا المظهر، وبالنظر إلى الاختلالات العميقة التي تعرفها الانتخابات، يجعل بعض مَن يريدون ولوج سوق الانتخابات يفضلون مدخلاً آخر غير مدخل العدالة والتنمية، بل يجعل بعض أعضاء الحزب يرحلون نحو أحزاب أخرى، وتسبب بتراجع حماس وفاعلية بعض المنتمين للعدالة والتنمية، وقد تجلى شيء من ذلك خلال الحملات في الانتخابات المشار إليها".

هل يودع الإسلاميون الحكم؟

يربط مراقبون تراجع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المهنية باحتمال اندحاره في الانتخابات العامة المقبلة وبالتالي توديع الحكومة، وعدّد أستاذ العلوم السياسية، محمد الغالي، "العوامل التي تسببت في تراجع منسوب الثقة في الحزب الإسلامي، على اعتبار أنه يقود الحكومة، إضافة إلى الضرر الكبير الذي لحق بالمهنيين من تداعيات جائحة كورونا إلى جانب الأزمة الاقتصادية العالمية"، معتبراً أن "الحزب الذي يقود الحكومة في المغرب يكون محكوماً عادةً بمستوى نتائج عمله الحكومي، وينعكس ذلك بالمحصلة على جانب الثقة التي تُترجم على مستوى صناديق الاقتراع. وهذا الأمر يسري على الاستحقاقات الانتخابية بصفة عامة، التي ترتبط نتائجها بمسارات أمور أخرى من شأنها أن تضر بالحزب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانب آخر، اعتبر الناشط السياسي المغربي، عادل بن الحبيب أنه "من المتوقع جداً، تكرار الصفعة القوية التي تلقاها الحزب، بتعرضه لتصويت عقابي يفقده عشرات المقاعد البرلمانية والجماعية خلال الانتخابات التشريعية المقبلة"، مُرجعاً "هذه الهزيمة المدوية إلى المدة التي استغرقها حزب العدالة والتنمية في رئاسة الحكومة، ما جعل القاعدة الانتخابية التي تصوت له، تتقلص، خصوصاً أن الحزب في عهد رئيس الوزراء السابق عبد الإله بن كيران، والحالي سعد الدين العثماني اتخذ قرارات عدة غير شعبية، تتعلق بصندوق المقاصة، وإصلاح نظام التقاعد، والأجر مقابل العمل، ونظام التعاقد وغيرها من القرارات التي مست بشرائح عدة متعاطفة مع الحزب، وأثرت في دخولهم ووضعياتهم الاجتماعية، خصوصاً الطبقة الوسطى والهشة، ما يفسر التراجع المريع لشعبية الحزب".
من جانبه، اعتبر محمد منار أنه "من السابق لأوانه إسقاط التراجع الذي لحق الحزب الإسلامي في الانتخابات المهنية، بنفس الحدة، على انتخابات مجلس النواب والانتخابات الجهوية والجماعية المقبلة، بخاصة إذا علمنا أن التهديد الحقيقي للانتخابات المقبلة هو ضعف المشاركة"، معتبراً أن ذلك "عامل يمكن أن يصب في مصلحة العدالة والتنمية، الذي تبقى له، مع كل ذلك، نسبة مهمة من الناخبين الأوفياء مقارنةً مع أحزاب أخرى عدة".

تقليل من أهمية النتائج الأخيرة

وفي رده على ربط تراجع الحزب الإسلامي في الانتخابات المهنية باحتمال تراجعه في الانتخابات العامة المقبلة، رأى القيادي في حزب العدالة والتنمية، لحبيب الشوباني، أن "لا مقارنة موضوعية بين الانتخابات العامة وانتخابات الغرف المهنية. والذين يحاولون إيجاد ربط تعسفي تلقائي بين أبسط تراجع انتخابي وأداء الحزب، أو الذين يفرحون أو يطربون أو يغضبون لذلك، يعبرون في الحقيقة عن عدم إدراك لطبيعة وسياق المرحلة، ولتعدد المعادلات المتحكمة في هذه النتائج، أو يريدون القفز عليها وإخفاءها لحاجة ما في نفوسهم".

استهداف الإسلاميين

وفيما يشير حزب العدالة والتنمية إلى وجود رغبة في إزاحته عن المشهد السياسي، ودعم أحزاب معينة بقصد إيصالها إلى زعامة الحكومة المقبلة، اعتبر الحبيب الشوباني أن "هناك استهدافاً للعدالة والتنمية لا علاقة له بقواعد التنافس بين هذا الحزب وبقية الأحزاب المراد لها تحقيق صدارة مصطنَعة للمشهد الحزبي"، معتبراً أن "عنوان هذا السياق هو الحيلولة دون ولاية ثالثة للعدالة والتنمية كما قالها صراحةً أحد الأمناء العامين لحزب منافس". وأضاف أن "هذا الاستهداف يتخذ تمظهرات عدة وشَكْل عمل منظم ينوب فيه ضعف الحياد الإداري عن بعض الأحزاب العاجزة بنيوياً عن منافسة وهزيمة العدالة والتنمية بشكل ديمقراطي، ما يخلف وراءه بالضرورة متتاليات من التجاوزات والتراجعات تشكل بحد ذاتها متتاليات من الإضرار بصورة البلاد، لا سيما في مجال بناء الديمقراطية والثقة في المؤسسات المنتخبة"، موضحاً أن "حزب العدالة والتنمية لا يخوض منافسة متكافئة مع الأحزاب الأخرى، إذ لا ينشط في ظل حياد إداري تام يجسّد المفهوم الحق لدولة القانون والمساواة بين المواطنين والأحزاب في ممارسة حقوقهم وأدوارهم السياسية، وتسمح بالحكم الموضوعي له أو عليه، وعلى أدائه التنظيمي أو حصيلة عمله".

المزيد من العالم العربي