Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل فقد جو بايدن صدقيته في التصدي لأزمة المناخ؟

خطط الرئيس الأميركي للتوجه إلى قمة المناخ العالمي مع تدابير لمعالجة مشكلة الاحتباس الحراري إلا أن صورته في البيئة تتأرجح بين النجاح والفشل

في قمة "كوب 26" سيسعى بايدن إلى إقناع دول أخرى بالالتزام بمكافحة التغيير المناخي (أ ف ب)

بعد أقل من أسبوعين، تقلع الطائرة الرئاسية الأميركية إلى اسكتلندا، لنقل جو بايدن والوفد المرافق له إلى القمة العالمية عن تغير المناخ المسماة "كوب 26" Cop26 التي تعقد في غلاسكو. وتعد مشاركته اختباراً كبيراً لرئيس الولايات المتحدة الذي حقق فوزاً في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)  الماضي، بعد أن جاء جزء من هذا النصر من رؤيته الجريئة في رسم مستقبل أكثر حفاظاً على البيئة بالنسبة إلى أميركا، وسط تقلبات مناخية متدهورة تزداد سوءاً سنةً بعد أخرى.

وفي تناقض واضح مع سياسة التقاعس والإنكار الصريح التي مارسها الرئيس السابق دونالد ترمب، وجه بايدن رسالة إلى العالم مفادها أن الولايات المتحدة "عادت" إلى الإسهام في معالجة أزمة المناخ. وعاود الانضمام إلى "اتفاق باريس 2015" للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، بعد أن تخلى ترمب عنها. وعقد بايدن قمة مناخيةً افتراضية لزعماء العالم في البيت الأبيض في ذكرى "يوم الأرض"، وأنشأ جيشاً من خبراء المناخ انتشر في الوكالات الحكومية الأميركية، وأوفد جون كيري بوصفه مبعوثه الخاص لشؤون البيئة، في جولة حول العالم بغية حشد الطموح الهادف إلى خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وبالتالي، استهدفت الاستراتيجية التي اعتمدها بايدن أن نثبت للعالم أن الولايات المتحدة، التي تمثل تاريخياً أكبر ملوث للكوكب، يمكن الوثوق بها مرة أخرى في أن تضطلع بدورها في معالجة أزمة التغير المناخي العالمية.

على المستوى الداخلي، وضع بايدن أجندةً طموحة في خفض الانبعاثات الحرارية، وفق جدول زمني أكثر إلحاحاً، مع تحويل الاعتماد الراهن للبلاد على الوقود الأحفوري نحو بدائل نظيفة، بطريقة من شأنها أن تدوم فترة أطول من عمر إدارته.

وعلى الرغم من ذلك، بدا أن أفضل الخطط التي وضعها الرئيس الأميركي كي يحملها إلى قمة غلاسكو، مطلية بمواصفات مناخية محلية جرى تلميعها، ما جعلها تتأرجح الآن على حد سكين بين احتمالي النجاح والفشل.

واعتباراً من يوم الأربعاء الماضي، أدت تسوية [في الكونغرس، مع نواب الحزب الجمهوري] على موازنة التي تقدم بها الحزب الديمقراطي إلى مخصصات التعامل مع البيئة، وكذلك تعزيز مخصصات رعاية الأطفال والرعاية الصحية، من 3.5 تريليون دولار أميركي (2.5 تريليون جنيه استرليني) إلى تريليوني دولار (3 تريليونات جنيه استرليني). وقد اعتمد ذلك الرقم المتواضع نسبياً بهدف اجتذاب قلة من النواب يعتبر اقتراعهم ضرورياً لتمرير التشريع في تصويت يملك هامشاً ضيقاً من الأرجحية داخل مجلس الشيوخ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونتيجة تلك الخطوة، فإن ما يتوقع التخلي عنه يتمثل في خطة الطاقة النظيفة التي كانت جزءاً أساسياً من وعد بايدن بإجراء تخفيض في لانبعاثات الحرارية التي تصدرها الولايات المتحدة، بنحو 50 في المئة عن مستوياتها المسجلة في 2005، مع حلول 2030، إضافة إلى تحويل شبكة الكهرباء التي تشكل ثاني أكبر مصدر للانبعاثات المحلية بعد قطاع النقل، نحو العمل 100 في المئة على الطاقة النظيفة مع حلول 2035. بالتالي، حدا هذا التغيير بالموظفين إلى العمل على وجه السرعة لمحاولة معرفة مدى قدرة المقترحات الأخرى في الحزمة التمويل البيئي، على الإسهام في سد الفجوة التمويلية.

في المقابل، يطرح تضاؤل الإجراءات المناخية أسئلةً حول الطريقة التي ستمكن الرئيس الأميركي ومندوبيه خلال قمة "كوب 26" من إقناع الدول الملوثة الرئيسة الأخرى في العالم، من بينها الصين وروسيا والبرازيل وأستراليا، باتخاذ تدابير أكثر تشدداً في ما يتعلق ببصمة الكربون الوطنية في تلك البلدان.

وفي تلك القمة المرتقبة، يتعين على جميع الدول أن تلتزم تحسين خفض انبعاثاتها من غاز الكربون بشكل كبير، لإبقاء الارتفاع في درجات الحرارة العالمية في حدود 1.5 درجة مئوية، أو "أقل بكثير" من درجتين مئويتين، بالمقارنة مع مستوياتها عند بداية عصر الصناعة، وفقاً لما نص عليه "اتفاق باريس" الموقع في 2015. وتذكيراً، يسير العالم صوب تسجيل ارتفاع في درجة الحرارة العالمية يتجاوز 3 درجات مئوية خلال القرن الحالي.

وفي المقابل، يبدو أن بايدن مدرك تماماً للآثار المترتبة عن ذلك. فقد كشف رو خانا النائب في الكونغرس عن ولاية من كاليفورنيا، وأحد المشرعين ممن حضروا اجتماعاً عقد في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي، كشف عن أن الرئيس الأميركي حضهم على "تحقيق شيء ما" قبل انعقاد قمة المناخ في غلاسكو.

ونشر النائب خانا تغريدةً عبر حسابه على "تويتر" جاء فيها، "لقد نظر (الرئيس) في عيون الحاضرين وقال لهم إن "هيبة الولايات المتحدة باتت على المحك". ولم يُعطِ البيت الأبيض رداً على طلب لإبداء الرأي حول ذلك.

ويوم الثلاثاء الماضي، أعلنت جين بساكي، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، أن الديمقراطيين قد شارفوا الآن على بلورة "اتفاق عام"، وبات ممكناً الانتهاء من الحزمة خلال الأيام المقبلة.

تجدر الإشارة إلى أن الفشل في العمل بصرامة على معالجة أزمة المناخ، ستكون له تداعيات على الولايات المتحدة لا تقتصر على الساحة العالمية، بل تشمل أيضاً على المستوى الداخلي، إذ واجهت البلاد هذه السنة ظروفاً مناخية قاسية كلفتها أضراراً قدرت بمليارات الدولارات، سواء لجهة الموسم غير المسبوق لحرائق الغابات في المناطق الغربية، أو موجات الحر القاتلة عبر الولايات، أو الأعاصير القوية التي ضربت مناطق الجنوب، مخلفةً عشرات القتلى ومدمرةً مجتمعات بأكملها.

في ذلك الصدد، نقل السيناتور الديمقراطي كريس مورفي من ولاية كونيتيكت، إلى صحيفة "اندبندنت"، إنه "لا يمكنني أن أدعم تسوية على مشروع قانون لا يحمل عنواناً مناخياً قوياً. وأعتقد أن هناك أشخاصاً كثيرين داخل مجلس الشيوخ يشاطرونني هذا الرأي. اعتبر أنه من المهم بالنسبة إلينا وجود اتفاق إطار يتعلق بالمناخ، في وقت يتناسب مع انعقاد قمة غلاسكو. إن هذا الأمر مهم للغاية".

وفي إطار عام، من شأن "برنامج تفعيل الكهرباء النظيفة" Clean Electricity Performance Program (CEPP) أن يحفز مزودي الكهرباء في الولايات المتحدة على الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة كالرياح والطاقة الشمسية، مع معاقبة الجهات التي تظل معتمدةً على الوقود الأحفوري. في المقابل، يتوقع أن يستبعد هذا البرنامج من خطة الإنفاق بسبب اعتراض السيناتور الديمقراطي جو مانشين الذي يحظى بدعم من قطاع الوقود الأحفوري في ولاية "ويست فيرجينا" المنتجة للفحم.

وفي تصريح إلى "اندبندنت"، توقع الناشط في مجال الدفاع عن المناخ جايمي هين، مدير موقع "فوسيل فري ميديا" Fossil Free Media (الذي يدعم حركة إنهاء الوقود الأحفوري ومعالجة أحوال المناخ)، أن "يحضر الرئيس بايدن إلى غلاسكو فارغ اليدين، إذا ما واصل السماح للسيناتور مانشين بأن يملي عليه أجندته المناخية، بدلاً من استخدام سلطته التنفيذية الشاملة التي يمتلكها كرئيس، من أجل العمل على مواجهة أزمة المناخ والوقود الأحفوري".

في غضون ذلك، لم يشأ مكتب السنياتور مانشين الرد على طلب وجهته إليه "اندبندنت"، للتعليق على طريقة تأثير هذه الإجراءات المخففة [للتمويل] في معالجة أزمة المناخ، على القوة التفاوضية الأميركية في قمة "كوب 26".

في المقابل، لم يفقد بعض أعضاء الحزب الديمقراطي ثقتهم في أن الولايات المتحدة ستذهب بموقف قوي إلى مؤتمر غلاسكو على الرغم من الانتكاسات التي حصلت في الكونغرس. وفي حديث مع "اندبندنت"، أورد السيناتور بن كاردن العضو في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية ميريلاند، "أعتقد أننا سنكون في موقف متين، وستكون في جعبتنا معالجات كثيرة ومتنوعة عن مسألة المناخ، ويشمل ذلك ما تضمنته التسوية على حزمة الموازنة".

وأضاف كاردن، "حتى من دون التسوية على الموازنة، فإن الإجراءات التي أقدمت عليها الإدارة الأميركية، وما ورد في مشروع القانون الذي توافق عليه الحزبان، تؤكد التزامنا القوي حيال المناخ".

وفي حديث مع "اندبندنت"، تناول المسألة نفسها السيناتور إد ماركي، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية "ماساتشوستس" الذي اقترح "الصفقة الخضراء الجديدة" Green New Deal مع ألكسندريا أوكاسيو كورتيز النائبة في الكونغرس عن ولاية نيويورك. وأشار ماركي إلى أهمية إبقاء مسألتي خفض الانبعاثات الحرارية وتعزيز الوظائف والعدالة، في صلب اتفاق الكونغرس.

ووفق ماركي، "أرغب في أن يعمل الكونغرس على بلورة أكبر عدد ممكن من الآليات الفاعلة لإدراجها في التشريع، كي تكون أدوات تسهم في الوفاء بأهداف تخفيض الانبعاثات. ليس ممكناً التفاوض على حرائق الغابات أو على الأعاصير أو على الجفاف. يتعين إيجاد طريقة في بلوغ هذا الهدف. وسنفعل ذلك".

وتشتمل المقترحات المناخية التي ما زالت مطروحةً للبحث، على حزمة بنحو 500 مليار دولار على شكل إعفاءات ضريبية لشركات الطاقة التي تحقق أهداف خفض الانبعاثات، وائتمانات ضريبية [مبالغ تحذف من الضرائب] للمواطنين الأميركيين الذين يبتاعون سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية.

وعلى صعيد أزمة الطوارئ المناخية، كشف تقرير صدر يوم الأربعاء الماضي من "برنامج للأمم المتحدة للبيئة" UN Environment Program، عن أن إنتاج الوقود الأحفوري على مستوى العالم، يجب أن يخفض بنسبة النصف للتمكن من وقف ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى مستويات خطرة. ووجد أن الحكومات ما زالت مصممة على استخراج كميات من النفط والغاز والفحم في 2030، بنحو ضعفي ما تنص عليه التزاماتها ضمن أهداف "اتفاق باريس".

في حديثهم مع "اندبندنت"، أشار ناشطون في الدفاع عن حماية البيئة إلى أنه "على الرغم من خيبة الأمل من التخفيضات التي استحدثت على خطة بايدن الشاملة للمناخ، فإن الأمر كان متوقعاً".

وتناولت الأمر نفسه، جان سو مديرة "برنامج عدالة الطاقة" Energy Justice Program (مجموعة محاماة تدعو إلى وقف الاعتماد على الوقود الأحفوري) وكبيرة المحامين في "مركز التنوع البيولوجي" Centre for Biological Diversity. وأشارت إلى أنه "يمكننا جميعاً متابعة فرز الأصوات. إن النائب جو مانشين هو جو مانشين. ولا يريد بالتأكيد أن تزول من ولاية "ويست فيرجينيا" وظائف الفحم والغاز".

في المقابل، رأت سو أن الولايات المتحدة ما زالت قادرةً على إنقاذ صدقيتها قبيل انعقاد "كوب 26"، من خلال اعتماد "الخطة "ب" للمناخ" التي عملت مجموعات تشمل "مركز التنوع البيولوجي" في اتجاه أن يعتمدها السيد بايدن بعد دخوله إلى البيت الأبيض.

وأوضحت سو، "أن لدى الرئيس مقداراً كبيراً من السلطات التنفيذية التي منحه إياها الكونغرس على مدى العقود الأربعة الماضية. علينا بالتأكيد أن نمارس ضغوطاً في الكونغرس، لكننا نريد من الرئيس أن يستخدم بنفسه الصلاحيات التي أعطاه إياها الكونغرس، ويتحرك بجرأة من أجل المناخ. ونحتاج في الوقت نفسه لأن نعد العدة الكاملة من جانبنا في هذا الاتجاه".

وفي نفس مماثل، يرى مدافعون عن البيئة أن الرئيس بايدن عبر استخدام سلطاته التنفيذية، يمكنه إثبات قوة الولايات المتحدة في مجال المناخ، وكذلك الوفاء بأحد وعود حملته الانتخابية المتمثل في وقف منح التزامات الوقود الأحفوري والتنقيب في الأراضي العائدة إلى الدولة.

في ذلك الصدد، ذكر الناشط البيئي جايمي هين بما فعله باراك أوباما حينما أوقف عمل خط أنابيب "كي ستون أكس أل" Keystone XL قبل أسبوعين من انعقاد قمة باريس عن المناخ في 2015.

وأضاف هين، "يمكن لبايدن أن يستيقظ غداً، ويعمد بجرة قلم إلى إلغاء الخطين 3 و5 التابعين لمشروع "أنابيب ماونتن فالي" Mountain Valley Pipeline، ومشاريع أخرى رئيسة في إنتاج الوقود الأحفوري. ومع حلول وقت الغداء، يمكنه إعلان حال طوارئ مناخية، ووقف صادرات ذلك الوقود، مع الدفع بوكالاته الرسمية في اتجاه العمل على نقل البلاد نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة 100 في المئة.

وختم هين كلامه بالإشارة إلى أنه "إذا كان بايدن جاداً في اعتبار الوضع المناخي حالة طوارئ بـ"الرمز الأحمر" red code [مصطلح يستخدم في الجيش الأميركي للحالة خطورة تستدعي استخدام سلطات كاملة]، فإنه يحتاج إلى البدء في استخدام الصلاحيات الهائلة للرئاسة في معالجة ذلك الوضع. إن عمل الكونغرس مهم، لكننا تلقينا وعوداً باتباع نهج "أن تعمل الحكومة كلها" حيال المناخ، وحتى الآن، لم يقم فريق بايدن بإنجاز المهمة".

تغطية إضافية من إيريكا غارسيا

© The Independent

المزيد من بيئة