Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القانون اللبناني... "عدو" دائم للمرأة

"الأحوال الشخصية" أكثر مواد الدستور التي تفرض العنصرية ضد النساء بسبب الطائفية

نساء لبنان يعانين التمييز في دستور البلاد  (أ ف ب)

بالضربة القاضية أسقط ممثلو الأمة اللبنانية "الكوتا النسائية" في الانتخابات النيابية المقبلة. وتأتي الخطوة في سياق عام تمييزي ضد المرأة، بحسب المدافعين الحقوقيين، الذي يبدأ بتشريعات العمل والضمان الاجتماعي، ولا ينتهي بقوانين الأحوال الشخصية، وتزويج القاصرات.

تقول الباحثة في دراسات المرأة وعلم الاجتماع، ريتا فرج، "كنا نتوقع إقرار الكوتا من أجل حفظ حصة للنساء، وأن يكون لهن تمثيل حقيقي في مجلس النواب"، واصفةً هذا الإسقاط بـ"المخيب للآمال". وتذكر أن مطلب إقرارها قديم، ووراءه الجمعيات النسوية والمجتمع المدني، وكان من المنتظر أن يكون مؤقتاً "ريثما يرتفع الوعي بأهمية أن يكون للمرأة تمثيل في المجلس، كونها مواطنة، قبل أن ينظر إليها على نحو جندري".

تضيف، أن "إقرار الكوتا تأخر تحت وقع الأزمات السياسية والطائفية التي تعرقل أي حراك ثقافي أو قانوني يدفع إلى التقدم للأمام، فيما تستمر النساء بدفع الأثمان من حقوقهن. فهن يناضلن في الحروب والثورات، ولكن عند الحصاد، يتم تهميشهن"، وتطرقت في حديثها عن "نظام بطريركي أبوي تستولي عليه الأحزاب ذات الصبغة التقليدية والوراثية التي لا تمثل النساء إلا بطريقة صورية وشكلية، وهي لا تؤمن بالمساواة الكاملة".

تجزم الباحثة اللبنانية بأن "الكثير من أعضاء البرلمان لا يعرفون اتفاقية السيداو التي تتعلق بـالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ويحافظ لبنان على بعض بنودها بعد التوقيع عليها عام 1996، وتحديداً ما يتصل بقضايا الأحوال الشخصية"، لافتةً إلى أن بينها "ما ورد في المادة 16 من الاتفاقية، سواء فيما يتعلق بمنح المرأة المتزوجة من أجنبي المساواة في منح الجنسية لأبنائها، بالإضافة إلى منح الحقوق المتساوية في الزواج والولاية والوصاية على الأطفال، وهي أمور تصطدم بقوانين الأحوال الشخصية ذات المرجعية الدينية، وتتأسس على قواعد لا تساوي بين الجنسين".

قوانين متعددة

تشكو الناشطات النسويات من إجراءات تمييزية ضد المرأة في موضوع الأحوال الشخصية بفعل وجود 15 قانوناً مختلفاً للأحوال الشخصية في البلاد، يتم تطبيقها على 18 طائفة معترفاً بها.

تقول المحامية، ميساء شندر، "على سبيل المثال، فإن الحضانة للأم هي 12 عاماً بالنسبة للذكور والإناث لدى المسلمين السنة، فيما تتحدد عند الشيعة بسنتين للذكور، و7 للبنات، أما عند المسيحيين فتختلف من 9 أعوام إلى 15 عاماً، حسب اختلاف المذاهب. بالنسبة لموضوع الطلاق، فإن المرأة محرومة من هذا الحق في بعض الحالات، حيث لا تحصل عليه إلا بشق الأنفس وفق شروط تعجيزية. وفيما يتعلق بالميراث، فبالنسبة للمسلمين تطبق قاعدة (للذكر مثل حظ الأنثيين)، أما الطوائف المسيحية فتحصل على نصيب مساوٍ للذكر، فيما تمنع النساء من جميع الطوائف منح الجنسية لأبنائها من أب أجنبي".

في أغسطس (آب) 2018 ألغى مجلس النواب المادة 522 من قانون العقوبات، التي تعفي المغتصب من العقوبة في حال عقد زواج صحيح مع المعتدى عليها ضمن مدة زمنية محددة. وتعبر شندر عن "فرح أوساط الجمعيات النسوية بهذا الأمر، إلا أن ذلك كان خادعاً، ففي الجلسة عينها حافظ المشرع على مفاعيل هذه المادة في مواد قانونية أخرى، حيث تم منح القاضي المتخصص الناظر بالدعوى صلاحية فرض تقديم تقارير من عاملة اجتماعية ومتابعة لحالة الضحية من إخصائية نفسية لمدة 3 سنوات".

تعديلات ضرورية

تقول شندر، "إننا لم نراوح مكاننا بعد، لأن الآثار التمييزية ما زالت قائمة، لذلك تتوجه الحركة النسوية والهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة إلى استمرار حملات المناصرة لتعديل المادة 505 وإلغاء المادة 518 التي تتطرق إلى فض غشاء البكارة من خلال الوعد بالزواج، وهو أمر تم تجريمه في نصوص قانون العقوبات، بالإضافة إلى إلغاء المادة 252 التي تعطي العذر المخفف لمرتكب الجناية أثناء ثورة الغضب بسبب ارتكاب الضحية فعلاً مشيناً، وهو تبرير لجريمة الشرف بقالب آخر. كما تعمل على نشر الوعي بضرورة مكافحة تزويج القاصرات، وحل لمشكلة شريحة مكتومي القيد، بالإضافة إلى حماية النساء وأعضاء الأسرة من العنف الأسري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اقتراح قانون لحماية القاصرات من التزويج المبكر

وضعت الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة مشروع قانون لحماية القاصرات من التزويج المبكر تمهيداً لمناقشته وإقراره. بدأ الاقتراح بتحديد "مصطلح طفل"، فهو "كل فتى أو فتاة دون الثامنة عشرة من العمر مكتملة"، وانتقل ليقر عدم جواز عقد زواج الرجل والمرأة على الأراضي اللبنانية ما لم يطبقا شرط الثامنة عشرة سنة مكتملة. كما منح الاقتراح لقاضي الأحداث صلاحية استثنائية في منح الإذن بالزواج لمن أتمت السادسة عشرة، شرط تحقيق مجموعة من الطلبات كتقديم طالب الزواج صورة عن عقد ملكية أو عقد إيجار لمنزل سكني ملائم موقع لمصلحته على ألا تقل مدته عن سنة كاملة، كما يفترض الاستماع إلى القاصر المطلوب تزويجها وأوليائها، كذلك الاستعانة بخبرة المساعدة الاجتماعية والإخصائية النفسية لوضع تقرير عن الحالة. كما منح الاقتراح قاضي الأحداث صلاحية اتخاذ التدابير الحمائية الملائمة في حال تبين له تعرض القاصرة للعنف بجميع أشكاله أو الإكراه أو الاعتداء الجنسي.

وتقر المحامية شندر أن تطور القوانين مرآة عاكسة لتطور المجتمع، وتضيف، "لا يمكن العيش في زمن الثورة التكنولوجية، فيما يتم تطبيق قوانين قديمة، لا تتوافق مع تطور العصر والتغييرات التي يفرضها توقيع لبنان على الاتفاقات الدولية"، متحدثةً عن "مسؤولية المجتمع الدولي بسبب عدم مطالبته لبنان بتنفيذ مواد الاتفاقيات التي وقع عليها، ولا بد بالتالي من مراقبة تنفيذها".

تذكر أن "قانون الموجبات والعقود اللبناني يعتبر إرادة القاصر إرادة معيبة فيما يتعلق بالتعاملات المدنية والتعاقد، فما بالك بموضوع عقود الزواج. من هنا، فإن التسمية الصائبة هي التزويج رغماً عن إرادة القاصرات لأنها تتزوج بموجب موافقة الولي والوصي، فيما يكون الزواج أمام طرفين راشدين وواعيين".

المكان الآمن

إلى جانب التوعية القانونية وكيفية تقديم الشكاوى ومتابعة الدعاوى أمام القضاء المتخصص، تعمل الجمعيات الحقوقية على تأمين المكان الآمن للفئات المهددة التي تتعرض للخطر في بيوت الحماية. وتلفت شندر إلى خدمة "تحويل النساء المعنفات على أطباء شرعيين" من أجل تقديم خدمة التقرير الطبي المجاني، بالإضافة إلى تأمين خدمة الدعم النفسي المجاني على يد متخصصين في مراكز الجمعية أو الإحالة إلى عيادات الأطباء في الحالات المتقدمة.

كما تعمل الهيئة على تنظيم دورات "مهارات الحياة" لمساعدة النساء على استرجاع القدرة للاندماج ضمن المجتمع من جديد، بالإضافة إلى نشر التوعية من خلال ورش العمل ووسائل الإعلام، والتشبيك مع الفاعلين الاجتماعيين لجعل مكافحة العنف الأسري في رأس قائمة الاهتمامات العامة.

توضح شندر "مدى تأثير الضائقة الاقتصادية على ارتفاع نسب الطلاق بشكل دراماتيكي بين مختلف الفئات والمستويات الاجتماعية، وتزداد بين الفئات الأقل وعياً والأقل تعليماً، والفتيات دون 18 عاماً لعدم المعرفة بحجم المسؤوليات وعدم إدراك الآثار الصحية والنفسية للزواج المبكر، إذ يتم تزويجها من أجل التخفيف عن أعباء الأسرة، فإذا بها تعود إليهم بعد فترة قصيرة مع مواليد جدد وأعباء إضافية، كما تقوم الأكثرية بإبراء الزوج من الحقوق والمهر، وهذا التنازل عن الحقوق يفتح الباب أمام وقوع ضحايا أخريات".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير