Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طلال حمية قائد "الوحدة 910" في "حزب الله" مطلوب بسبعة ملايين دولار

تعتبره إسرائيل "الأكثر كفاءة" بين الأسماء التي طرحت في الإعلام بعد الموت الغامض لبدر الدين

صورة طلال حمية كما وردت على موقع وزارة الخارجية الأميركية (برنامج المكافآت من أجل العدالة)

بعيد اغتيال المسؤول العسكري في "حزب الله" مصطفى بدر الدين، في 13 مايو (أيار) 2016 بالقرب من مطار دمشق الدولي، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريراً عن شخصية قيادية في الحزب تحمل اسم طلال حمية. واستعانت حينها بالمحلل الاستخباراتي رونين سليمان باعتباره خبيراً في شؤون الحزب. وكانت الصحيفة أول من سلّط الضوء على هذا الشخص، إذ نشرت صورة له ووصفته بصاحب "السيرة العسكرية اللامعة". وأضافت أن حمية هو من خلَف بدر الدين في قيادة "الذراع العسكرية لحزب الله".

اسم حمية عاد إلى الإعلام بعدما أعلن "برنامج مكافآت من أجل العدالة" التابع للخارجية الأميركية، في 13 سبتمبر (أيلول) الحالي عن مكافأة  تصل إلى سبعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.

إيران الراعي الرئيس للإرهاب

كانت وزارة الخزانة الأميركية منذ عام 2017 صنّفت إيران بـ"الراعي الرئيس للإرهاب في العالم"، عندما اعتبرت "الحرس الثوري الإيراني" "كياناً إرهابياً عالمياً ذا تصنيف خاص" بسبب دعمه الإرهاب. ويقول ناثان سيلز، سفير متجول ومنسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، "اتسمت إيران بهذا التمييز المريب لأعوام عدة ولم تُظهر أي مؤشرات إلى التخلي عن هذا اللقب".

وعلى نحو مماثل، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عام 2018 عقوبات مشددة على إرهابيين مرتبطين بإيرانيين، إذ صنفت "سرايا الأشتر" في البحرين وعدداً من قادتها كإرهابيين، إلى جانب "حركة الصابرين"، وهي جماعة مدعومة من طهران تعمل في غزة. وكانت الإدارة الأميركية كثفت جهودها في العام ذاته ضد "حزب الله"، مستخدمة أدوات إنفاذ القانون وأدوات مالية لعرقلة شبكاته واستهداف موارده  لإخراجه من النظام المالي الدولي. وحددت الحكومة الأميركية أكثر من 150 كياناً وفرداً مرتبطين بتلك "الجماعة الإرهابية"، بحسب بيانها، بما في ذلك أكثر من 40 منهم خلال عام 2018 وحده. وفرضت عقوبات على عدد من شركات الواجهة والجهات الميسّرة للحزب نفسه في غرب أفريقيا. وشملت أعمال هذه الشركات والجهات الميسّرة صيد الأسماك وتأجير السيارات وتصنيع الأغذية وتربية الخنازير، إذ يملك الحزب مزرعة للخنازير في ليبيريا.

ولهذا الغرض تستخدم الولايات المتحدة أيضاً "برنامج المكافآت من أجل العدالة" الذي يستهدف "حزب الله" منذ أكثر من عقد من الزمن لممارسة مزيد من الضغوط عليه، إذ تعرض مكافآت بملايين الدولارات لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى رصد أو تحديد مكان قادة رئيسيين وعملاء له. وخلال عام 2017، عرضت وزارة الخارجية مكافأتين ماليتين لمن يقدّم معلومات تسهم في القبض على قائدين في الحزب هما طلال حمية وفؤاد شكر "الملطخة أيديهما بدماء أميركية"، بحسب بيانها.

حمية

لحمية تواريخ ميلاد عدة، منها 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 1952، 5 مارس (آذار) 1958، 18 مارس 1960، 8 يناير (كانون الأول) 1958، لكن الثابت أنه من مواليد طاريا في منطقة بعلبك، شمال شرقي لبنان. وله أماكن ميلاد بديلة، سجد في الجنوب اللبناني. ويحمل اسمين مستعارين طلال حسني وعصمت ميزاراني، ويُكنّى بـ"أبي جعفر" نسبة إلى ابنه البكر.

وفق معلومات الموساد، يقود حمية "الوحدة 910" المسؤولة عن العمليات الخارجية السرية في "حزب الله". الرجل في أواخر الأربعينيات من عمره، وتعتبره إسرائيل "الأكثر كفاءة" بين الأسماء التي طُرحت في الإعلام بعد الموت الغامض لبدر الدين، واستبعاد اسم إبراهيم عقيل الذي حاولت إسرائيل اغتياله عام 2000.

عمل حمية جنباً إلى جنب مع بدر الدين وعماد مغنية (اغتيل بتفجير سيارته في دمشق في 12 فبراير/ شباط 2008)، ووزير الدفاع الإيراني السابق أحمد وحيدي. وكان حمية وفق معلومات الموساد مسؤولاً عن نقل ترسانة الحزب عبر سوريا. وعمل في مطلع حياته موظفاً إدارياً في مطار بيروت (1982)، وباشر نشاطه في الحزب في أواسط الثمانينيات منطلقاً من برج البراجنة حيث كان مسؤولاً عن عناصر أصبحوا في ما بعد من أبرز القيادات العملياتية في الحزب، وكان نائباً لمغنية في شبكة "الجهاد"، وهي وحدة للبعثات الخاصة والهجمات بشكل رئيس خارج لبنان. وتتهمه إسرائيل بتنسيق أنشطة التوظيف وإرسال متطوعين إلى تنظيم "القاعدة" في العراق عن طريق سوريا.

وتضيف معلومات الاستخبارات الإسرائيلية أن حمية هو المسؤول عن تجنيد خلايا "حزب الله" في جميع أنحاء العالم، لا سيما في أميركا الجنوبية وأوروبا الغربية وأفريقيا. واتهمه الموساد سابقاً بالتنسيق مع قائد "جيش المهدي" مقتدى الصدر والميليشيات الشيعية في العراق بعد الغزو الأميركي. ويقول الموساد إن الخلايا التي أسسها حمية تعتمد على السفارات الإيرانية للمساعدة في نقل الأسلحة. وعمل حمية مع الأمين العام للحزب حسن نصر الله وقائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني. ولطالما شكّل قلقاً لإسرائيل التي تتهمه بتنفيذ هجمات دقيقة وموجعة ضد قوات المارينز الأميركية والقوات الفرنسية التي كانت متمركزة في بيروت عام 1982، والتي أسفرت عن مقتل 241 أميركياً وجرح 128، وبالوقوف وراء تفجير السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس عام 1994، وبالتخطيط لتنفيذ هجوم في بانكوك ضد إسرائيليين عام 2012، رداً على اغتيال مغنية، واستخدام جوازات سفر مزورة وشركات وهمية وبنى تحتية بشرية في عدد كبير من دول العالم لتنفيذ هجمات انتقامية بمساعدة إيرانية وبالتعاون مع ساعده الأيمن وحارسه الشخصي، أحمد الفايد. وتصفه بأنه من الشخصيات الصلبة والغامضة ويتمتع بذكاء شديد، ويتبع نهج مغنية العسكري، وكان أكثر المخلصين له. ووُصف من قبل القيادات العسكرية الإسرائيلية بالشبح لابتعاده عن الحياة الاجتماعية والتزامه قواعد التصرف الأمني المتشددة، فضلاً عن عدم وجود أي أوراق رسمية له في لبنان.

ما هي "الوحدة 910"؟

"الوحدة 910" هي وحدة عمليات خاصة تابعة للحزب وملقبة بـ "الوحدة السوداء"، إحدى وحدات منظومة الأمن الخارجي، وهي مجموعة استخباراتية وقتالية نخبوية سرية التشكيل، وتتكون من فرق مصغرة اختصاصية تعمل بنظام شبكي غير منفصل وبشكل تكاملي. ترتبط مباشرة بالأمن العسكري له، ومسؤولة عن تنفيذ عملياته خارج الأراضي اللبنانية. وبحسب نيكولاس راسموسن، مدير "المركز الوطني الأميركي لمحاربة الإرهاب"، فإن عناصر الوحدة ينتشرون في معظم أنحاء العالم. وهؤلاء، وفق ماثيو ليفيت، مدير برنامج مكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن، جاهزون لضرب أهداف في الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتولّى مسؤولية الوحدة الأمين العام للحزب حسن نصر الله، فيما يتولّى حمية القيادة التنفيذية لها. وكان "الحرس الثوري الإيراني" يشرف على عملياتها حتى فترة قريبة. وبحسب المعلومات الواردة، فإن هذه الوحدة تتألف من مجموعة عملياتية محدودة العدد، ينضوي فيها أشخاص من الشيعة، من لبنان وغيره، قسم كبير منهم ينتمون إلى أسر لبنانية تركت لبنان على مر الأعوام، وقسم منهم عناصر محليون أسلموا وتشيّعوا ويرغبون بالمساعدة في مجهود "المقاومة". ولقسم منهم وثائق أجنبية حقيقية تمكّنهم من التحرك بحرية في أنحاء العالم بغطاء تجاري وسياحي. ويخضع عناصر هذه الوحدة لتدريبات أمنية معقدة تستغرق فترة طويلة إلى أن يتم تأهيلهم للنشاط العملياتي، ويكتسبون خبرة في مجال جغرافيا المنطقة والتنفيذ وحتى الماكياج. ولكي تتمكن الوحدة الإرهابية من العمل في أنحاء العالم، تقيم علاقات مع جهات مؤيدة لـ"حزب الله" تسكن بشكل دائم خارج لبنان. وتتميّز عمليات الوحدة بمداها الزمني الطويل وأهدافها الاستراتيجية بعيدة المدى.

وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كشفت عن إفشال عمليات عدة لـ"الوحدة 910" في بوليفيا وقبرص وبيرو وتايلاند وبريطانيا. وكان دور هذه الوحدة بدأ بالتعاظم عام 2008 بعد اغتيال مغنية، فاستمرت بعد ذلك كأداة في حرب الظل الإيرانية مع الغرب في المنطقة. وآخر عملية ناجحة للوحدة هي الهجوم الانتحاري الذي نُفّذ عام 2012 على حافلة كانت تقلّ سياحاً إسرائيليين في مدينة بورغاس البلغارية وأسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 32 آخرين. وبلغ عدد عمليات "الوحدة 910" في الفترة ما بين 1992 و2020 نحو تسع عمليات نوعية نجحت في معظمها.

نشاط "حزب الله" من كندا إلى ميامي

يقول ماثيو ليفيت إن الدور المحتمل للوحدة هو ما يأتي على لسان الأمين العام للحزب عن موقف حزبه ودوره في دعم إيران التي "لن تكون وحيدة في حربها"، حسبما يكرّر نصر الله دائماً. وهو ما اعترف به القيادي علي كوراني الملقب بـ"بن لادن لبنان" المعتقل لدى الولايات المتحدة، ودين عام 2017 بمراقبته مكتب التحقيقات الفيدرالي ومكاتب الاستخبارات الأميركية ومستودع أسلحة للجيش الأميركي، وتبيّن بعد التحقيق أنه كان يعمل "عميلاً نائماً" لفترة طويلة، ويتبع لوحدة التخطيط للهجمات الخارجية في "حزب الله". وبحسب ما أعلنته الإدارة الأميركية ولم تؤكده، فإن الوحدة كانت تخطط لهجمات مستقبلية على مبانٍ مؤسسات أمنية واستخبارية وعسكرية ومدنية أيضاً، كمطار جون إف كينيدي الدولي في نيويورك.

وتقول مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، عن نشاط الحزب في أميركا الشمالية، إنه "ليس بالجديد"، على الرغم من أن التقارير السابقة مالت نحو التركيز على العمليات المالية التي يقوم بها عناصر الحزب كجمع الأموال وتبييضها وغيرها من الأنشطة اللوجستية التي من الممكن أن تحدث في أي مدينة من فانكوفر الكندية إلى ميامي الأميركية، فإنه في مايو 2017، كشفت الملاحقة الجنائية في نيويورك، التي دِين من خلالها كوراني وسامر الدبق عضوا "حزب الله"، عن معلومات جديدة أقلقت الأميركيين حول المدى الذي وصلت إليه أنشطة "حزب الله" على الأراضي الأميركية والكندية، ما دفع الاستخبارات الأميركية إلى إعادة النظر في تقييم "طويل الأمد" بعدم ترجيح مهاجمة "حزب الله" الولايات المتحدة في عقر دارها.

المزيد من تقارير