علق مجلس النواب الليبي حسم مصير الحكومة الموحدة إلى الاثنين المقبل، بعد جلسة عاصفة جرت الأربعاء 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، شهدت خلافات واسعة بين رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة والوزراء وبعض النواب، بشأن النقاط التي دارت حولها جلسة الاستجواب في طبرق.
وبرر البرلمان تأجيل البت في مصير الحكومة بعد الجلسة برغبة النواب في دراسة إجابات الحكومة عن الأسئلة، التي دار النقاش حولها خلال المساءلة، قبل الرد عليها.
من جهة أخرى، اعتمد مجلس النواب قانون الانتخابات العامة بشكل نهائي، في انتظار رد بعثة الأمم المتحدة ومجلس الدولة عليه. إلا أنه يبدو أن مجلس الدولة في طريقه لرفض القانون، بعدما صرح رئيسه، خالد المشري، أنه بصدد إعداد قانون آخر للانتخابات، سيعلن تفاصيله في وقت قريب.
تأجيل الحسم
وبالعودة إلى تفاصيل تأجيل مجلس النواب البت في مصير حكومة الوحدة الوطنية إلى الاثنين المقبل، قال المتحدث باسم البرلمان عبد الله بليحق، إنه "وبعد استمرار جلسة المساءلة لساعات عُلقت إلى يوم الاثنين، لمناقشة وتدارس الردود التي أوردتها الحكومة حول بنود الاستجواب، ومدى اقتناع أعضاء مجلس النواب بها".
وغادرت الحكومة قاعة مجلس النواب بعدما أدلت بأجوبتها، لتتحول بعدها الجلسة إلى مغلقة للتشاور.
وكانت لجنة شؤون الرئاسة بمجلس النواب أرسلت إلى مكتب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، أسئلة لجان البرلمان المطلوب الإجابة عنها الأسبوع الماضي، وأتت في 16 صفحة، شملت أسئلة واستفسارات حول مجابهة فيروس كورونا وأزمة الكهرباء وقطاع النفط، بالإضافة إلى ملف إخراج المرتزقة والإعداد لانتخابات 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وخلال الجلسة التي شهدت خلافات ومشادات كلامية بين أعضاء الحكومة والبرلمان، هاجم رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الحكومة، متهماً إياها بـ"عدم تمثيل الأقاليم الثلاثة في المؤسسات والهيئات وشركات الاستثمار، حيث لاحظ وجود معظم شاغليها من إقليم واحد فقط"، معتبراً ذلك "تقصيراً من قبل الحكومة التي يُعد توحيد المؤسسات في صلب عملها".
وتساءل صالح عن "سبب تأخر الحكومة في توفير السيولة النقدية التي تُعد من أهم استحقاقاتها"، مبدياً امتعاضه من الغياب الذي وصفه بـ"المتعمد" لبعض الوزراء عن جلسات البرلمان، وهو ما تداركه الدبيبة طالباً من البرلمان "تحديد جلسة استجواب للوزراء المتغيبين في وقت لاحق".
انتقادات اللجنة التشريعية
من جانبها، تعجبت اللجنة التشريعية بمجلس النواب من عدم تفعيل الحكومة القوانين والتشريعات النافذة والصادرة عن المجلس، معتبرةً ذلك "استمراراً لنهج حكومة فائز السراج في تجاهل القوانين"، الأمر الذي اعتبره النائب عبد المنعم العرفي، كافياً لـ"المطالبة بتصحيح مسار الحكومة، وسحب الثقة منها، بعد نكوصها عن إجراء المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسات والتمهيد للانتخابات".
دفاع رئيس الحكومة
في المقابل، دافع الدبيبة عن سياسات حكومته وأداء الوزراء، مؤكداً حرصه على "احترام مجلس النواب، الذي يُعد السلطة العليا في البلاد". وبرر الدبيبة اعتماد الحكومة على مصروفات بند الطوارئ، بـ"عدم اعتماد الموازنة من قبل المجلس"، وذلك في معرض رده على سؤال اللجنة المالية للنواب حول إنفاق الحكومة أكثر من 46 مليار دينار (عشرة مليارات دولار تقريباً) منذ تسلم مهماتها. وأرجع مصروفات الحكومة من باب الطوارئ، المثير للجدل، إلى الحاجة الملحة لبعض الوزارات المهمة التي لا تحتمل احتياجاتها التأجيل، مثل الصحة والداخلية.
وشدد رئيس الحكومة على عمق العلاقات الثنائية مع تونس، مضيفاً أنه في تواصل مع الرئيس التونسي قيس سعيد، وسيتوجه الخميس إلى تونس، في زيارة رسمية لتعزيز وتطوير هذه العلاقات بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين، ومناقشة ترتيب إعادة فتح الحدود بين البلدين، وذلك في رده على ملاحظات لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، التي اتهمته بتوتير العلاقة بين البلدين الجارين بعد تصريحات اتهم فيها تونس بتصدير الإرهاب إلى ليبيا.
ونفى الدبيبة هذا الاتهام تماماً، قائلاً "لا نتهم دولة تونس بالإرهاب وعلاقاتنا معها متكاملة رسمياً وشعبياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ما يتعلق بخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، نوه الدبيبة بأنه أجرى زيارات إلى عدد من البلدان، وأنه "على تواصل مع كل الأطراف المعنية بالشأن الليبي لبحث خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من دون تمييز".
وفي رده على سؤال أثار خلافات شديدة بينه وبين بعض الأعضاء في لجنة الدفاع النيابية، الذين انتقدوا عدم تحديد بند في الموازنة العامة للقوات المسلحة، وتأخير صرف مرتبات العسكريين خلال الأشهر الماضية، قال رئيس الوزراء "هناك ميزانية واضحة للجيش الليبي كاملاً، وهناك مشكلة تتمثل في انقسام المؤسسة العسكرية وهي المؤسسة الوحيدة التي لم تتوحّد"، مشيداً بـ"اللقاء الذي ضم آمر الكتيبة 166 للحراسة والتأمين وآمر لواء طارق بن زياد بمنطقة الشويرف"، معرباً عن أمله في أن "يكون هذا اللقاء بداية الطريق لتوحيد المؤسسة العسكرية".
وأشار إلى أن "وزارة المالية لم تحصل حتى الآن على بيانات العسكريين بالمنطقة الشرقية، على الرغم من طلبها من الحسابات العسكرية".
اعتماد قانون الانتخابات
في سياق آخر، وقَّع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الأربعاء، على قانون انتخاب رئيس الدولة وتحديد اختصاصه، ليكون قابلًا للتنفيذ، وذلك بعد استكمال صياغته من قبل اللجنة التشريعية والدستورية في البرلمان.
وأحال عقيلة صالح نسخة من القانون، إلى رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، للعلم والإحاطة، وفق ما جاء في رسالة مدير شؤون الرئاسة بمجلس النواب، عوض جمعة الفيتوري.
ويتضمن القانون 13 فصلاً تضم 77 مادة، تحدد شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة. وتنص المادة 11 من القانون على أنه يلزم لقبول الترشح لرئاسة الدولة أن يقدم المرشح تزكية من عدد لا يقل عن خمسة آلاف ناخب، من المسجلين بقاعدة بيانات الناخبين.
كما تنص المادة 12 على أنه يحق لكل مواطن، سواء كان مدنياً أو عسكرياً، الترشح للرئاسة، ويُعتبر متوقفاً عن العمل وممارسة مهماته قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم يُنتخَب فإنه يعود إلى عمله السابق وتُصرف له كل مستحقاته، بالإضافة إلى شروط أخرى للترشح لرئاسة الدولة الليبية، متعلقة بالسن والجنسية والنزاهة القانونية واللياقة الصحية والذهنية.
ويبدو أن قانون الانتخابات الوطنية سيكون خلال الفترة المقبلة محوراً للخلافات والمناكفات بين مجلسَي النواب والدولة، بعدما صرح رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، أن مجلسه يوشك على الانتهاء من إعداد مشروعات القوانين المنظِّمة للعملية الانتخابية، لافتاً إلى أن "أي تعطيل للاستحقاق الانتخابي قد يؤدي إلى الانسداد السياسي وفشل خريطة الطريق".
ونقل المكتب الإعلامي لمجلس الدولة عن المشري قوله إن "المجلس حريص على إقامة الانتخابات في موعدها المحدد، والخروج بالبلاد من المرحلة الانتقالية".