Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقيف 36 مشتبها فيهم على خلفية مقتل شاب حرقا في الجزائر

الجناة بين أيدي الأمن ومطالب شعبية بإنزال أقصى العقوبات بحقهم

بثّ إلقاء السلطات الأمنية الجزائرية القبض على 36 شخصاً مشتبهاً في تورطهم بواقعة قتل وحرق الشاب جمال بن إسماعيل، في قرية الأربعاء ناث إيراثن بولاية تيزي وزو، شرق البلاد، الطمأنينة في نفوس الجزائريين الذين يعيشون حالة من الصدمة والذهول مما وقع، وسط مطالبات شعبية بإنزال أقصى العقوبات على الجناة.

وعايش الشارع الجزائري لحظات صعبة ومريرة، مع انتشار فيديو جديد، يظهر الشاب المغدور داخل سيارة الشرطة قبل أن يقتحمها عدة أشخاص يقومون بسبه، ولكمه، وهو يستجديهم بأن يسمعوه، ومخاطباً إياهم بأنه بريء، وسيموت مظلوماً.

وقدم الشاب جمال إلى تيزي وزو بدافع التضامن مع المتضررين من الحرائق، ومن خلال تصريحاته قبل وقوع جريمة قتله، وجّه جمال نداءً للجزائريين ليتضامنوا مع ولاية تيزي وزو ويوفروا للمتضررين من الحرائق الطعام والمياه.

التحقيقات متواصلة 

وتحولت الواقعة التي راح ضحيتها جمال إلى قضية رأي عام، وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي هويات عديد من الأشخاص الذين شاركوا في الاعتداء، وطالبوا الجهات الأمنية إلقاء القبض عليهم من خلال نشر صور المتورطين الذين تظهر وجوههم في مقاطع الفيديو التي توثق الحادثة لحظة وقوعها في ساحة عمومية.

واستدعت المديرية العامة للأمن الجزائري، الأحد، إعلاميين لحضور مؤتمر صحافي، لإطلاعهم على تطورات القضية قيد التحقيق. وصرح مدير الشرطة القضائية محمد شاقور، في المؤتمر بأن "مصالح الأمن اعتقلت 36 شخصاً، من بينهم ثلاث نساء، إحداهن المرأة التي ظهرت في شريط فيديو تحرض على قطع رأس الضحية بعد قتله، ووجهت لهؤلاء تهم القتل والحرق والتنكيل والاعتداء على حرمة مقر الأمن".

وكشف المسؤول الأمني عن أن أحد الموقوفين حاول الفرار إلى المغرب، وهو المتهم بطعن الضحية، وآخر أستاذ في الشريعة الإسلامية، قال إنه التقط صورة سيلفي مع جثة الضحية، وهي الصورة التي تم تداولها كثيراً، مطمئناً المواطنين بأن التحقيق متواصل من قبل الأجهزة الأمنية التي حددت هوية جميع المتهمين للقبض عليهم، وعرضت اعترافات مجموعة منهم. 

وثمّن مدير الشرطة القضائية قيام المواطنين بنشر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ساعدت في اعتقال المتورطين الذين يتم استجوابهم قبل محاكمتهم.

ورد المتحدث نفسه على النقاش المثار حول عدم استعمال أفراد الشرطة الموجودين في المكان الطلقات التحذيرية لمنع وقوع الجريمة، مشيراً إلى أن "ذلك كان تطبيقاً لتعليمات المديرية العامة للأمن لتفادي وقوع أخطاء قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وفتح الباب أمام أعداء الوطن"، موضحاً أن "أعوان الشرطة في المدينة كانوا مقسمين إلى ثلاثة أفواج، ولم يكن الجميع حاضراً في المركز الأمني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مطالبات بالكشف عن الحقيقة

وقبل الإعلان عن إلقاء القبض عن المتورطين، نظم مواطنون من مدينة مليانة التابعة لولاية عين الدفلى (120 كم جنوب غربي العاصمة)، وقفة صامتة للمطالبة بإنصاف جمال بن إسماعيل المنحدر من تلك المنطقة.

وفي الوقفة، ارتدى شباب المدينة قمصاناً تحمل صور جمال الذي قام والده بتجنب وقوع فتنة في البلاد من خلال تصريحات وصفت بـ"الحكيمة والوطنية"، دعا فيها إلى الهدوء وضبط النفس مع رفضه خطاب الانتقام وتحميل منطقة القبائل المسؤولية، مع المطالبة بالسلمية والمسؤولية والعدالة والحقيقة. ولقد ساهم موقفه في درء الغضب الشعبي وتأجيج الوضع.

وتبرّأ سكان قرية الأربعاء ناث إيراثن من جريمة القتل، والمجموعة التي قامت بارتكابها، موضحين أن ما وقع "فعل وحشي لا صلة له بقيم ومبادئ منطقة القبائل التي ستبقى متشبعة بقيم الإنسانية والتحضر"، وفق بيان صادر عنهم.

من جانبها، طالبت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بـ"تحقيق شفاف يلقي الضوء على كل جوانب وتفاصيل هذه الجريمة الشنعاء، بناءً على القانون وفي جو من الهدوء والسكينة، ولكل من شارك من قريب أو من بعيد في هذه الجريمة".

وذكرت الهيئة الحقوقية أن الشاب جمال "قتل ببرودة دم، أحرق ونكل به في وسط ساحة المدينة، وذلك بعد ما كان في لحظة من اللحظات بين أيدي الشرطة. هذه الجريمة هي بمثابة الكارثة الوطنية. إنها زلزال مس كل المجتمع وأحدث فيه شعوراً بالغضب، وبالعار، والاستياء والفزع".

وأشارت الرابطة إلى أن هذه الجريمة تدل على "وجود عنف يعبر عن اختلالات واسعة، لا يمكن حصر معالجتها بالمقاربة القانونية والعقابية فحسب، بل يجب أن تشكل محطة تاريخية لبناء وعي جماعي وبعث نقاش عام، دون انتظار، حول تغول العنف والكراهية في مجتمعنا".

تحذيرات من الفتنة

ويتعامل الجزائريون بكثير من الحساسية مع هذه القضية المثيرة للرأي العام، نظراً للظرف الصعب الذي تمر به البلاد، وما تجابهه من تحديات داخلية وخارجية، عادةً ما توظف فيها هذه الملفات لإثارة الخلافات، وهو ما ذهب إليه مثقفون ونشطاء حذروا من استعمال جريمة قتل جمال بن إسماعيل، لنشر الكراهية وإثارة الانقسامات في البلاد.

وذكر أصحاب البيان، أن "جريمة قتل جمال بن إسماعيل الشنيعة، ستواجه بالطريقة نفسها التي تواجه بها الحرائق، أي عن طرق التضامن والوحدة بين الجميع"، موضحين أن "مواطنين عاديين وجنوداً ورجال إطفاء وحراس غابات يحاربون الحرائق المشتعلة في الغابات، وهم في عملهم هذا إنما يبنون شعباً موحداً، ويخلقون رابطاً اجتماعياً، ويعطونه معنى". 

هذا، ودعا وزير الشؤون الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، في نداء إلى الشعب الجزائري، إلى "تفويت الفرصة على الكائدين للجزائر والمتربصين بها"، مبرزاً أنه "لا مخرج لنا من هذه الظروف العصيبة إلا بالتلاحم والتآزر".

وتعهد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بالتصدي لكل من يريد المساس بالوحدة الوطنية. وأضاف، "المحرضون سيدفعون الثمن".

وبينما تتواصل الجهود لإخماد حرائق الغابات التي تجتاح منذ الاثنين الماضي عدة ولايات، تشهد المدن المنكوبة حملات تضامنية واسعة للمواطنين الذين يواصلون تزويد السكان بالمؤونة والمساعدات الإنسانية لتجاوز المحنة، خصوصاً في منطقة تيزي وزو الأكثر تضرراً في منطقة القبائل.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات