كشفت حرائق الغابات التي أودت بحياة أكثر من 70 شخصاً في شمال الجزائر، عن عدم استباق السلطات العامة الأحداث واتخاذ استعدادات لمواجهة حرائق تتكرر كل صيف، وفق ما ذكر متخصص في المخاطر الكبرى.
ويقول مدير الأبحاث في جامعة باب الزوار في الجزائر العاصمة ورئيس نادي المخاطر الكبرى، عبدالكريم شلغوم، إنه "محبط" أمام هول الكارثة التي يعتبر أنها كانت "متوقعة"، مبدياً أسفه لغياب "الإرادة السياسية" لتلافيها.
كوارث سابقة
ويشرح شلغوم، "شهدت الجزائر بين عامي 2001 و2004، أربع ظواهر ذات مخاطر كبرى: فيضانات باب الواد في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 (950 قتيلاً و150 مفقوداً)، وغزو هائل للجراد في الجنوب، وزلزال بومرداس في 21 مايو (أيار) 2003 (ثلاثة آلاف قتيل)، ثم انفجار في مصنع للغاز في سكيكدة في يناير (كانون الثاني) 2004".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتابع، "قررت الحكومة بعدها إنشاء لجنة خبراء مهمتها صياغة قانون في شأن إدارة المخاطر الكبرى في سياق التنمية المستدامة. وأقر البرلمان القانون وأصدره في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2004، لكن للأسف وعلى الرغم من إصرارنا، لم تبصر المراسيم التطبيقية النور قط".
وتضمن القانون بحسب شلغوم على وجه التحديد "حرائق الغابات، مع التدابير الاستباقية وقواعد الحماية كافة وإدارة المناطق الجبلية والأحراش والمساحات المكسوة بالغابات. كل شيء كان مكتوباً ومتوقعاً: شراء طائرات لمكافحة الحرائق وأجهزة استشعار عن بعد".
وأضاف، "تعاني أجهزة الحماية المدنية في الميدان، جراء عدم وجود مسارات في الغابات ولا نقاط مياه أو خنادق".
نقطة ساخنة للتغير المناخي
وأدى ذلك كله إلى تعقيد تدخل رجال الإطفاء والمهندسين العسكريين الذين يلعبون بشكل عام دوراً مهماً للغاية أثناء الكوارث الطبيعية. واعتبر شلغوم أنه "عندما تغيب أبسط قواعد الوقاية، تصبح إدارة الاستجابة أثناء الكارثة معقدة. هذا هو الوضع الأسوأ الذي يخشاه جميع متخصصي المخاطر الكبرى"، مؤكداً أن الجزائر "استفادت من سيل من الدولارات لسنوات بفضل الوقود، لكن لسوء الحظ، لم يفعل المسؤولون في البلاد الذين أصدروا هذا القانون من دون تطبيقه (في عهد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة) شيئاً". وأضاف، "مع ذلك، فقد توقعنا كل شيء. لو توفرت إرادة سياسية، لكنا أكثر استعداداً. أشعر بالإرهاق والإحباط في الوقت ذاته".
وأوضح شلغوم أن متخصصي المناخ في الأمم المتحدة صنفوا في تقريرهم الأخير الجزائر على أنها نقطة ساخنة للتغير المناخي، إذ "يمثل التصحر والجفاف خطراً كبيراً فيها، مع الإجهاد المائي وحرائق الغابات المدمرة، وخصوصاً الفيضانات"، مؤكداً أنه "كان على السلطات العامة أن تكون على جهوزية... نحن، كمتخصصين ومجتمع مدني، لم نتوقف أبداً عن إبلاغهم وتنبيههم".
وحذر من أن الأمر يتعلق "بقضية أمن قومي. وهناك أكثر من عشرة مخاطر كبرى تهدد البلاد بشكل متزامن ومنتظم. التهديدات موجودة أساساً. إنها هناك. وتتم إدارة المخاطر الرئيسة عن طريق التوقع والتنبؤ والوقاية".