على الرغم من إظهار نشرة سوق العمل السعودية عن الربع الأول من هذا العام ارتفاع معدل مشاركة المرأة إلى 33.6 في المئة؛ فإن التفاوت بين أجور الذكور والإناث في السوق الواعدة لا يزال شائعاً، وإن تساوى الطرفان في المسمى الوظيفي.
وتنص أنظمة وزارة الموارد البشرية في البلاد التي تعمل على مزيد من خفض معدل البطالة بين النساء، على عدم التمييز بين الجنسين في الأجور، من دون مسوغ معتبر، مثل الكفاءة والمهام، إلا أن أرباب العمل وفقاً للإحصائيات لا يزالون غير متجاوبين بالحد الكافي، مع أن الإصلاحات في تحسين بيئة عمل المرأة ظلت في وتيرة متصاعدة، منذ ابتداء تطبيق رؤية السعودية 2030 قبل أربع سنوات.
التمييز في الأجور بين الجنسين
وبالاطلاع على متوسط الأجور الشهرية للمشتركين في القطاع الخاص، بحسب بيانات مكاتب المناطق للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية لعام 2021، تبين أن هناك شكلاً من أشكال التمييز ضد المرأة من ناحية الأجور، إذ بلغ متوسط ما يتقاضاه الرجل في المنطقة الوسطى والغربية في السعودية 8486 ريالاً (2262 دولاراً) والمرأة 5186 ريالاً (1359 دولاراً)، بفارق بلغ نحو 48 في المئة، بينما كان الفارق في المنطقتين الشمالية والجنوبية في السعودية بين الجنسين نحو 39 في المئة، فراتب الرجل 5502 ريال (1466 دولاراً) والمرأة 3683 ريالاً (959 دولاراً).
وبإلقاء النظرة على رواتب المقيمين في السعودية جاء المعدل على النقيض، إذ تتقاضى النساء من هذه الشريحة أعلى من الرجال بحسب بيانات التأمينات الاجتماعية بفارق كبير، ففي المنطقة الجنوبية تجاوز الفرق نحو 95 في المئة، فراتب الرجل 1149 ريالاً (306 دولارات) والمرأة 3307 ريالات (881 دولاراً)، وفي المنطقة الشمالية وصل الفرق 90 في المئة، إذ يتقاضى الرجل 959 ريالاً (255 دولاراً) والمرأة 2541 ريالاً (677 دولاراً).
أما في المنطقة الوسطى فمعدل ما تتقاضاه النساء لم يتجاوز الفرق فيه 16 في المئة، إذ كان الرجل 2428 ريالاً (647 دولاراً) والمرأة 2877 ريالاً (767 دولاراً)، وفي المنطقة الغربية حيث مكة وجدة والمدينة المنورة، ارتفع الفارق إلى 47 في المئة، فراتب المرأة 4629 ريالاً (1234 دولاراً) والرجل 2885 ريالاً (769 دولاراً).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر محمد القنيني، مؤسس المصادر القيادية للتوظيف، ارتفاع رواتب المقيمات مقارنة بالمقيمين بأنه يمثل حالة نادرة، "قد تعود إلى أن تلك الوظائف نسائية في الأساس بحكم التخصص، والرجال قد يمارسونها أحياناً، مثل (الكوافيرة) تحصل على مرتب عالٍ، عكس (الحلاق) الذي يتقاضى راتباً أقل"، مؤكداً أهمية إفصاح التأمينات الاجتماعية عن تفاصيل أكثر لمعرفة الوظائف التي سجل فيها البون الشاسع المرصود.
النساء أقل تفاوضاً حول الأجور
ومن عينة عشوائية استطلعت "اندبندنت عربية" آراء الموظفات حول دعاوى التمييز التي يعتقد أنهن يتعرضن له في جانب الأجور. قالت فاطمة الحربي التي تعمل في إحدى شركات بيع التجزئة إنها كانت تسمع عن فجوة الأجور بين الجنسين "ولكن لم أكن أتوقع أنه موجود فعلاً لدينا، ولكن عندما وقفت على ذلك بنفسي شعرت بالصدمة وكرهت العمل في المحل لعدة أيام"، لكنها حسب إفادتها لم تتحدث مع مسؤولها في العمل، لأن زميلاتها حذرنها من إثارة الموضوع حتى تحافظ على عملها، فهذا أمر سائد في أغلب الشركات، حسب قولهن.
وذكرت زميلتها شذى عبد الله بأن "المرأة مستجدة في سوق العمل، ولا توجد لدينا أي معلومات عن الرواتب، ولا يوجد سلم لها واضح للقطاع الخاص حتى يكون لنا حجه قوية عند مناقشة المسؤول"، وذكرت أن حاجة المرأة إلى العمل حاجة نفسية، لتثبت نفسها في المجتمع ولتحصل على خبرات وتبني علاقات اجتماعية.
ولعدم مطالبة المرأة بالمساواة في الأجور بينها وبين نظيرها الرجل، أشار القنيني إلى إحدى دراسات جامعة هارفارد، التي أوردت أن النساء يعتبرن الأقل نسبة من الذكور في التفاوض خصوصاً في مسألة الأجور، وقد وصلت نسبة المفاوضين من الرجال على أجورهم إلى ٦٤ في المئة بينما النساء ٤٣ في المئة فقط.
وعلى الرغم من امتلاك المرأة أحياناً مهارات ومؤهلات تفوق التي عند الرجل، فإنها لا تعود عليها بنفس المردود المادي والمعنوي الذي يحظى به الرجل، وفقاً للمستشار في إدارة الموارد البشرية، بدر العنزي، الذي أوضح أن النساء السعوديات رغم أن لدى عدد كبير منهن تعليماً عالياً ومؤهلات أفضل في سوق العمل من بعض الرجال خصوصاً من العمالة الأجنبية، فإننا نجد أنهن الأقل في الأجور.
ورأى أن ذلك يصنف "نوعاً من أنواع التمييز، ويعد مخالفة لنظام العمل الدولي والمحلي وفق ما نصت عليه المادة (3) من نظام العمل السعودي"، لافتاً إلى أن أداء النساء متميز في الكثير من الوظائف المكتبية والتقنية، "ولو خطط لبناء قيادات من النساء لكان دور المرأة أكبر في جميع القطاعات وقلَّ هذا التمييز في الأجور".
تقرير عالمي للفجوة بين الجنسين
وكان التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين 2021 سجل السعودية في أدنى مراتب الدول في المساواة، في المرتبة 147 من أصل 156 دولة.
ويقيس المنتدى الاقتصادي العالمي التكافؤ بين الجنسين بخمسة طرق، هي المشاركة الاقتصادية، والفرص، والتعليم، والصحة، والتمكين السياسي. وبحسب التقرير فإن التكافؤ بين الجنسين في العالم سيستغرق ما يقرب من 136 عاماً بزيادة كبيرة مقارنة بالتقديرات السابقة عند 100 عام.
لكن وزارة الموارد البشرية في البلاد، شددت الرقابة على هذا الصعيد، لسد جانب من الفجوة والقضاء على التمييز، وأصدرت أخيراً تعديلات على نظام العمل في القطاع الخاص تتضمن عقوبات على المتجاوزين هذا النظام تصل إلى 20 ألف ريال (5332 دولاراً) عن كل حالة تجاوز.