Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح وساطة الجزائر في حسم أزمة سد النهضة؟

تشكيك في إحداث خرق كبير من ناحية حسم هذه الأزمة بسبب تعنت أديس أبابا وتمسكها بشروطها "صعبة المنال"

وزير خارجية الجزائر رمطان لعمارة في السودان (إعلام مجلس الوزراء السوداني)

وصل وزير خارجية الجزائر رمطان لعمارة، الجمعة 30 يوليو (تموز) الخرطوم آتياً من أديس أبابا، في محاولة لتقريب وجهات نظر الدول الثلاث المعنية بأزمة سد النهضة (السودان، ومصر، وإثيوبيا)، ودفعها لاستئناف المفاوضات في أسرع وقت ممكن تحت رعاية الاتحاد الأفريقي لحسم هذا الملف، مع تأكيد البُعد الأفريقي في التعاطي مع هذه الأزمة، بعيداً عن هيمنة القوى الإقليمية والدولية وتأثيرها، ما يؤدي إلى تعزيز أهداف ومصالح الاتحاد الأفريقي، والانسجام بين أعضائه. 

وسلّم لعمارة، رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح برهان خلال لقائه به السبت 31 يوليو، رسالة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، كما التقى كلاً من رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ووزيرة الخارجية مريم المهدي، وتناولت مباحاثاته مع المسؤولين السودانيين علاقات التعاون، وملف سد النهضة، وتطورات الوضع الليبي. 

وبحسب بيان صادر عن الخارجية السودانية، قدمت وزيرة الخارجية السودانية شرحاً مفصلاً لنظيرها الجزائري حول تطورات الوضع في أزمة سد النهضة، مشيرة إلى أن بلادها تسعى للوصول إلى حل دبلوماسي لهذا الملف. 

وأكدت على موقف السودان الثابت، وهو ضرورة الاتفاق القانوني الملزم حول ملء السد وتشغيله، معربة عن أملها في "عودة إثيوبيا إلى رشدها في التعاطي مع الموقف السوداني بمسؤولية وإرادة". فيما أشارت إلى قلق بلادها من الأوضاع في إثيوبيا، وحرصها على استقرارها. 

في المقابل، نوّه وزير الخارجية الجزائري إلى متانة العلاقات الثنائية بين الدولتين والتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن الجزائر تسعى إلى معالجة أزمة سد النهضة بالدفع الإيجابي لتوفير الإرادة والثقة لدى الأطراف المعنية لفتح آفاق للتفاوض. 

وكان لعمارة، الذي سبق أن تقلّد منصب مفوض الأمن والسلم في الاتحاد الأفريقي لسنوات عدة، ما جعله يحظى بعلاقات وطيدة مع المسؤولين الإثيوبيين بحكم وقوع مقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أشار في تغريده له لدى وصوله الخرطوم، إلى كرم الاستقبال والضيافة الذي وجده لدى السودانيين، وأعرب عن تطلعه لجلسة العمل التي ستجمعه بنظيرته مريم المهدي، وكذلك لقاءاته مع القيادة العليا في البلاد. 

التجارب السابقة 

لكن السفير في وزارة الخارجية السودانية سابقاً، وأستاذ العلاقات الدولية حسن بشير، استبعد أن تحدث الوساطة الجزائرية التي يقودها وزير خارجيتها، اختراقاً كبيراً من ناحية حسم وإنهاء هذه الأزمة، إلا أنها (أي الوساطة) قد تعيد الأطراف الثلاثة مجدداً إلى طاولة المفاوضات بالسرعة المطلوبة. 

وأرجع بشير، عدم تفاؤله إلى تجارب إثيوبيا السابقة في المفاوضات، التي أدت إلى انهيارها في كل مرة، بسبب تعنتها وتمسكها بشروطها الصعبة المنال، حيث تعتبر أي تنازل مساساً بالسيادة، بالتالي إذا سار الإثيوبيون على نفس الدرب والتفكير السابق، فستكون المباحثات المقبلة برعاية الاتحاد الأفريقي تحصيل حاصل. 

وتابع، "إذا كنت محل الإثيوبيين لقبلت بأي وساطة، لأن أديس أبابا الآن في وضع حرج للغاية من ناحية التأثير الذي سببته حرب تيغراي، التي أدت إلى إحداث خلخلة في الجيش الإثيوبي، وتوترات في أقاليم البلاد المختلفة، فضلاً عن الضغوط الدولية وما صاحبها من اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، فليس من المجدي فتح جبهات أخرى بخاصة مع دول الجوار".  

وحول ما يتمتع به لعمارة من علاقات جيدة مع أطراف الأزمة بخاصة الإثيوبيين والاتحاد الأفريقي، قال أستاذ العلاقات الدولية، "صحيح أن هذه العلاقات قد تسهل له مهمة التعرف بعمق على الموقف المتصل برؤية الأطراف من هذه الأزمة، فضلاً عن سهولة الطريق والتحرك وسط الجهات المؤثرة في اتخاذ القرار، لكن من الصعوبة وضع هذا الملف خلفه بعد التوافق حوله، إلا إذا حكّمت إثيوبيا صوت العقل، لا سيما وأن ما تطلبه دولتا المصب هي مسائل فنية تتعلق بالتشغيل والملء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تصحيح الرؤية 

من المقرر أن يزور لعمارة اليوم (السبت) القاهرة مختتماً جولته الأفريقية، حيث سيلتقي وزير الخارجية المصري سامح شكري، بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية، في جلسة مباحثات يعقبها مؤتمر صحافي مشترك. 

وتأتي زيارة لعمارة إلى السودان ومصر وإثيوبيا، بدعوة من الأخيرة للتوسط في ملف سد النهضة، بعد أن وصلت أطراف النزاع إلى طريق مسدود عقب مفاوضات مباشرة وغير مباشرة عدة. 

وكان الجانب الإثيوبي، طلب من الوزير الجزائري خلال لقائه نائب رئيس وزراء إثيوبيا ديميكي ميكونين، لعب دور بنّاء يهدف إلى تصحيح الرؤية والمفاهيم المغلوطة لجامعة الدول العربية بشأن قضية سد النهضة، حيث سبق أن أرسلت الجامعة العربية خطاباً حثت فيه مجلس الأمن قبل اجتماعه في الثامن من يوليو الحالي لمناقشة تطورات هذه الأزمة، على دعم موقف دولتي المصب، وهو ما قوبل بهجوم من قبل أديس أبابا، التي أشارت إلى أن تدخل الجامعة العربية في هذه الأزمة وتقديمها خطاباً إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، غير مرغوب فيه. 

وأكد ميكونين، نوايا بلاده الحسنة في الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل، مشدداً على التزام أديس أبابا الراسخ لاستئناف المفاوضات الثلاثية بشأن هذه القضية برعاية الاتحاد الأفريقي. 

وشملت لقاءات لعمارة في أديس أبابا، الرئيس الأثيوبي، ورئيس الوزراء، وركزت على التطورات الحالية في إقليم تيغراي، وملف سد النهضة، إضافة إلى العلاقات الثنائية الإثيوبية الجزائرية. 

كما أجرى المسؤول الجزائري مباحثات مع عدد من المسؤولين في مفوضية الاتحاد الأفريقي، على رأسهم نائبة رئيس مفوضية الاتحاد مونيك نسانزا باجانوا، ومفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية وقضايا السلم والأمن بانكولي أديوي، مؤكداً دعم الجزائر واستعدادها للإسهام الفعلي في تعزيز الجهود من أجل تجاوز مختلف التحديات، وترسيخ مبدأ الحلول الأفريقية لمشكلات القارة. 

توترات وسجال 

وأنهت إثيوبيا في 20 يوليو الحالي المرحلة الثانية لملء السد، دون تحديد كميات المياه التي تم تخزينها، والتي كانت مقررة في حدود 13.5 مليار متر مكعب. لكن الجانبين السوداني والمصري شككا في هذا الرقم، إذ أكدت الخرطوم أن إثيوبيا تمكنت من ملء 4 مليارات متر مكعب فقط في هذه المرحلة، بينما أشارت القاهرة إلى فشل عملية الملء برمتها. 

وسبق عملية الملء الثاني للسد، الذي أعلنت السلطات الإثيوبية عن اكتماله بنجاح، توتر وسجال بين دولة المنبع إثيوبيا، من جهة، ودولتي المصب مصر والسودان من جهة أخرى، بعد فشل جولات عدة من المفاوضات المباشرة، التي طالبت خلالها القاهرة والخرطوم بإبرام اتفاق قانوني ملزم قبل بدء المرحلة الثانية من ملء السد بشكل أحادي، وهو المقترح الذي ظلت ترفضه أديس أبابا، باعتبار أن السد يقع ضمن أراضيها، وليس من حق أي دولة إلزامها اتفاقاً مشروطاً بشأن التشغيل والملء، فضلاً عن قولها "إنها لم تبنِ هذا السد لاحتكار مياه النيل الأزرق وبيعها من أجل الهيمنة على السودان ومصر كما يدعيان". 

الرباعية الدولية 

وكان وزير الري السوداني ياسر عباس، أكد الأربعاء 28 يوليو، في مؤتمر صحافي، أن الحصول على المعلومات والبيانات بشأن الملء والتشغيل لسد النهضة حق قانوني وليس منحة، وفقاً للقانون الدولي للمياه العابرة، وذلك للحفاظ على أمان منظومة السدود السودانية، موضحاً أن بلاده مصرة على أن التفاوض هو الحل الأمثل للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم في ما يختص بتشغيل وملء السد. 

وطالب عباس بتغيير منهجية التفاوض السابقة، وإعطاء دور أكبر للرباعية الدولية، للوصول إلى حلول ترضي الجميع، مبيناً أنهم مصرون على انعقاد مفاوضات جادة تحفظ حق الجميع، وليس مفاوضات لشراء الوقت، إذ تم الوصول سابقاً إلى 90 في المئة من البنود الفنية، وتبقت 10 في المئة تمثل المسائل القانونية ولم يتم التوقيع عليها. 

ولفت إلى أن النيل الأزرق الذي شيد فيه سد النهضة، نهر دولي تتشارك فيه الدول الثلاث، لكن إثيوبيا تريد فرض سياسة الأمر الواقع في الملء الثاني بشكل أحادي من دون التوصل إلى اتفاق، واصفاً الموقف الأميركي خلال تناول مجلس الأمن لهذه القضية، بالإيجابي، فيما حث الاتحاد الأفريقي على مواصلة التفاوض ورفض الملء الأحادي للجانب الإثيوبي. 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات