أعلنت إثيوبيا رسمياً، الاثنين، 19 يوليو (تموز) الحالي، نجاح المرحلة الثانية من عملية ملء بحيرة سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق في إقليم "بني شنقول"، وهنّأ رئيس الوزراء آبي أحمد الشعب الإثيوبي على الانتهاء بنجاح من عملية الملء الثاني.
تطمين دول الجوار
وقال وزير المياه والري الإثيوبي سليشي بقلي في مؤتمر صحافي عقده في موقع السد، "عملية الملء الثاني تمت بنجاح، وتدفقت المياه من أعلى الحاجز للسد الذي من المقرر أن يحجز 13.5 مليار متر مكعب من المياه"، في مرحلة الملء الثانية، وطمأن بقلي كلاً من مصر والسودان، بعدم "وجود أي ضرر" جراء اكتمال هذه العملية.
أضاف في تصريحات للتلفزيون الرسمي، "تدفق المياه إلى دولتي المصب سيستمر بانتظام من خلال الفتحتين الموجودتين في تصميم السد لوظيفة تمرير المياه"، وقال، "وصل خزان سد النهضة الإثيوبي إلى تجاوز منسوب المياه بعد استكمال عملية الملء الثانية".
توليد الطاقة الكهربائية
وتابع الوزير الإثيوبي أننا "سنعمل على توليد الطاقة الكهربائية من سد النهضة عبر توربينتين ضمن المرحلة الأولى"، مشيداً بالجهود التي بُذلت للوصول إلى هذه المرحلة.
وشارك في عملية الإعلان عن اكتمال الملء الثاني لسد النهضة إلى جانب وزير المياه والري الإثيوبي، عدد من المسؤولين الحكوميين.
ظروف متباينة
وتأتي عملية الملء الثاني لبحيرة سد النهضة وسط ظروف محلية وإقليمية ضاغطة تعيشها إثيوبيا، لا سيما ما يشهده إقليم تيغراي، شمال البلاد، من حرب تسببت أخيراً بانفصال الإقليم تحت قيادة "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، المناهضة لحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، التي سبق للحكومة المركزية أن صنّفتها جماعة إرهابية.
وعملية الملء الثاني للسد تأتي في ظل استمرار الخلاف بين إثيوبيا وكلّ من مصر والسودان بغية التوصل إلى حل قانوني ملزم لقضية السد، والقضية وصلت إلى مجلس الأمن، ومنه إلى الاتحاد الأفريقي الذي خوّله المجلس رعاية المفاوضات المتوقع استئنافها مجدداً.
التصرفات الأحادية
وكانت القاهرة والخرطوم أبدتا رفضهما التصرفات الإثيوبية الأحادية، لا سيما الشروع في ملء الخزان المائي لسد النهضة من دون التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث، وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في خطاب لمجلس الأمن الدولي في يوليو الحالي، "التصرفات الأحادية الإثيوبية المستمرة والإخفاق المتواصل للمفاوضات، مع غياب أي مسار فاعل وجاد في هذا المنعطف لتحقيق تسوية سياسية لقضية سد النهضة، هي الاعتبارات التي دفعت مصر إلى مطالبة مجلس الأمن بالتدخل العاجل والفاعل لمنع تصاعد التوتر ومعالجة هذا الوضع الذي يمكن أن يعرّض الأمن والسلم الدوليين للخطر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبرت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي في تصريحات صحافية سابقة، "عدم الاتفاق على الملء الثاني لسد النهضة يعرّض السودان لخطر كبير"، مشيرةً إلى مطالبة مجلس الأمن بالتحرك ومنع الملء الثاني من دون اتفاق شامل. وأكدت أن "حل قضية سد النهضة يجب أن يرتكز على التعاون والتوافق بين السودان ومصر وإثيوبيا، من دون أن تفرض أي دولة إرادتها."
حسن النية
وسط هذه الأجواء، قال بقلي إن "مناقشة سد النهضة تضيّع موارد ووقت مجلس الأمن". وأضاف أن مشروع سد النهضة ليس الأول في أفريقيا أو في العالم، مشدداً على أن خزانه أصغر مرتين ونصف المرة من السد العالي المصري، ولافتاً في الوقت ذاته إلى أنه مشيّد في مكانه الصحيح ويهدف إلى تحسين حياة الملايين من سكان ضفاف نهر النيل. وتابع، "سد النهضة يحمل بصمات الشعب الإثيوبي الذي يسعى إلى تحسين حياته في هذه الظروف العصيبة"، موضحاً أن بلاده تتبادل التمنيات بالخير مع مصر والسودان، وسد النهضة يعزز مبدأ الازدهار المشترك. وقال، "نؤمن بأنه يمكننا أن نتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة إذا توافرت الإرادة السياسية ومبدأ حسن النية".
الرعاية الفاترة
ويربط المراقبون بين المعطيات التي شهدتها قضية سد النهضة والمفاوضات حولها خلال الفترة الاخيرة، ووصولها إلى مجلس الأمن الدولي، وخطوات الملء الأحادي الإثيوبية، كإشارات سلبية في الرعاية الأممية الفاترة للمسألة، إلى جانب الأزمة القائمة بين إثيوبيا وكل من السودان ومصر. ويشير مهتمون إلى أن ما تتطلّبه المرحلة المقبلة من جهود لن تعتمد على الوساطات أياً كان تصنيفها، بقدر اعتمادها على الأطراف المتفاوضة.