Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صعود الأشقاء الخارقين... أهمية الجينات في النجاح الرياضي

تمثل بريطانيا في أولمبياد طوكيو 10 ثنائيات من الأشقاء، لذا يبدو أن جهداً مشتركاً من الطبيعة والتنشئة يقف وراء صناعة البطل في المسابقات الرياضية، بحسب ما أوضح العلماء لهاري كوبيرن

العداءتان الشقيقتان هانا وجودي ويليامز، كلتاهما ضمن فريق "جي بي" الذي يمثل بريطانيا في أولمبياد طوكيو (غيتي للرابطة الأولمبية البريطانية)

يتطلب بلوغ المراتب الرفيعة في الألعاب الرياضية الأولمبية المستوى تفانياً وتدريباً عظيمين، وموهبة بارزة للظفر بفور ثمين في المنافسة الأشد شراسة، فكيف، على الرغم من هذه الصعوبات، يصل إلى البطولة سوياً وعلى نحو متكرر، لاعبان ينتميان إلى الأسرة عينها؟

لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقامة في طوكيو باليابان حالياً، اختير ما لا يقل عن 10 مجموعات من الأشقاء، من بينهم ثلاثة ثنائيات توائم، لتمثيل الفريق الأولمبي البريطاني "تيم جي بي"Team GB  وحده.

سيشارك كل لاعب من اللاعبين الأشقاء مع أخيه أو أخته عن الفئة الرياضية عينها، في المسابقات التي يتضمنها الأولمبياد، من بينها ركوب الدراجة الهوائية والسباحة والملاكمة والتجذيف وكرة المضرب والهوكي والجمباز وألعاب القوى.

تذكيراً، في أولمبياد 2016 التي شهدتها ريو دي جانيرو في البرازيل، مثلت فريق "تيم جي بي" البريطاني ستة ثنائيات من الأشقاء، ليرتفع العدد هذه الدورة إلى 10 ثنائيات، وهم:

إميلي وتوم فورد في مسابقة التجذيف.

شارلوت وماتيلدا هودجكينز بيرن في مسابقة التجذيف.

جو وماكس لي تشفيلد في مسابقة السباحة.

آدم وسيمون ياتيس في مسابقة ركوب الدراجات.

لوك وبات ماكورماك في مسابقة ملاكمة.

جيمي وآندي موراي في مسابقة كرة المضرب.

هانا وجودي ويليامز في مسابقة ألعاب القوى.

تيفاني بورتر وسيندي سيمبر في مسابقة ألعاب القوى.

جيسيكا وجنيفر جاديروفا في مسابقة الجمباز.

هاري وهانا مارتن في مسابقة الهوكي.

ولكن ما هي العوامل الكامنة وراء العائلات التي تصنع هذه "الآلات" الرياضية؟

هل تشكل السمات الجينية الموروثة المشتركة بين هؤلاء الأشقاء مفتاح النجاح الذي يحصدونه، أم أن تحقيقهم الفوز في المسابقات الرياضية مرده أكثر إلى الطريقة التي نشأوا بها؟ هل يعزى إحرازهم المراكز المتقدمة إلى تشاطرهم أنظمة التدريب الرياضية نفسها أم إلى أحوالهم النفسية؟ هل في مقدور العلماء حتى أن يحلوا المعضلة الشائكة المتمثلة في الطبيعة (الجينات) مقابل التنشئة (البيئة)؟

تحدثت "اندبندنت" إلى باحثين بارزين في الألعاب الرياضية وعلم الوراثة من جامعتي "إدنبرة" Edinburgh University الاسكتلندية و"لوبورو" Loughborough University البريطانية، في محاولة لمعرفة إلى أي مدى يرتبط مستقبل الرياضة بدراسة السمات الوراثية من جهة، وإلى أي مدى يرتبط بالعوامل المؤثرة الأخرى الكثيرة جداً، من جهة أخرى.    

البروفيسور ديف كولينز من "جامعة إدنبرة"، خبير في العلوم الرياضية تعاون مع 80 رياضياً حازوا ميداليات عالمية أو أولمبية، أخبر "اندبندنت" أنه "لم يفاجأ كثيراً بالعدد الكبير من الثنائيات الأشقاء الذين يشاركون في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو.

"البشر كائنات بيولوجية ونفسية واجتماعيةbiopsychosocial) ) إنها كلمة طويلة، تعطيك نقاطاً عالية في لعبة "سكرابل"، إنما تكتسي أهمية في ما نتحدث بشأنه هنا"، وفق البروفيسور كولينز.

"يعزى بعض الأمور إلى عوامل بيولوجية، بناء عليه يحقق التوائم النجاح في مجال الرياضة مثلاً لأسباب بيولوجية تتمثل في التمتع بالحجم والشكل المناسبين وما إلى ذلك. نفسياً، لقد طوروا المهارات المناسبة لأن الأم والأب أو من تولوا تربيتهم زرعوا فيهم القدرات النفسية الملائمة. أما اجتماعياً، فنشأوا في بيئة مناسبة قدمت الدعم لهم"، أضاف البروفيسور كولينز.

"من هذا المنطلق، لا يبعث على كثير من الدهشة أن يتأهل إلى المسابقات الرياضية أشخاص ينتمون إلى الأسرة نفسها، بغض النظر عما إذا كانوا توائم أو أشقاء عاديين. لقد توفرت لهم العناصر عينها بيولوجياً ونفسياً واجتماعياً".

ولكن مع ذلك، يختلف تماماً حجم الدور الذي يؤديه كل من تلك العوامل الثلاثة (البيولوجية والنفسية والاجتماعية)، بحسب ما يقول البروفيسور كولينز موضحاً أنه "إلى حد ما تحدد النواحي البيولوجية الأشياء التي تعجز عن فعلها أكثر من تلك التي يسعك القيام بها لا سيما في ما يتصل بالرياضة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"إذا كان هناك بالمصادفة تطابق بين الوالدين وطفلهما، وتلقي الابن التشجيع من الأم والأب على ممارسة رياضة، فستكون لدى الطفل المهارات البيولوجية النفسية الاجتماعية المناسبة ليكون ناجحاً في الرياضة كما ثبُت"، يقول البروفيسور كولينز.

العلم الحديث الذي يدرس الدور الذي يؤديه علم الوراثة في النجاح الرياضي يدعم ما خلص إليه البروفيسور كولينز.

تحدثت في هذا الشأن الدكتورة ليز أكام، محاضرة في الكيمياء الحيوية في "جامعة لوبورو" ومتخصصة في دور الصفات الوراثية في تحديد قدرات الرياضيين، فقالت إنها وزملاءها "حالياً في مرحلة فهم الجينات والجينومات إذ ندرك أهميتهما، ونعلم أن لهما تأثيراً ما، ولكن لا يسعنا أن نفكك تماماً التفاصيل كافة هنا".

"نجد روابط معينة، يترك بعض الجينات الرئيسة تأثيراً في الأداء الرياضي من قبيل اللياقة البدنية أو القوة، لكن هذا الواقع يأخذ شكلين معاكسين تماماً، إذ إن تلك الجينات إما تكون موجودة أو غير موجودة، مخلفاً ثغرة بين فهمنا له من جهة، والآثار الكاملة المترتبة على الرياضيين من جهة أخرى"، وفق الدكتورة أكام.

وتوضح الدكتورة أن "المسابقات الرياضية ما زالت مهووسة جداً بالجينات، وما زالوا يعتقدون أنها جزء أساس من اللغز في ما يتعلق بالنجاح الرياضي، ولكن يلزمنا أيضاً أن نفهم عناصر لم نستوعبها بعد، بشأن التعديلات "فوق الجينية".

تلك التغيرات "فوق الجينية" عبارة عن تعديلات كيماوية حقيقية في الحمض النووي من نوع الـ "دي أن أي"DNA  الذي يحمله الشخص، غير أن روعتها تكمن في أنها قابلة لتغيير عكسي ولا تحدث تغييراً في تسلسل الــ "دي أن أي"، ولكن مع ذلك يترتب عنها تغيير الكيفية التي يقرأ بها جسمك تسلسل الـ "دي أن أي"، ومن ثم طريقة تفاعله مع العوامل البيئية، مما يطرح تأثيراً على الأداء الرياضي في النتيجة".

تقول الدكتورة أكام إنه "خلال السنوات الـ 10 إلى الـ 15 الماضية، أدركنا أن الـ "دي أن أي" الموجود في نواة الخلية يمكن تعديله بواسطة السلوك ونمط الحياة وحتى الأبوة والأمومة، وتصنع تلك العوامل كافة تعديلات طفيفة، وأعتقد أنه ما زال يعوزنا فهم لبعض الجوانب في هذا المجال".

"بالنسبة إلى الأشقاء، سيرثون بعض السمات البارزة جداً، فمثلاً بدأت فرق رياضية عدة في خوض بعض التنميط الجيني مع النخبة الموجودة في صفوف الرياضيين لديها، ويبقى أن نرى ما إذا كانوا يجدون أي فائدة حقيقية منها.

"سيستفيد الأشقاء في فريق "جي بي" من الموروثات المشتركة على مستوى الـ "دي أن أي"، وكذلك ربما يستفيدون من تشاطرهم البيئة عينها في ما يتصل بالتعديل الوراثي اللاجيني".

أشارت الدكتورة أكام إلى أن التنميط الجيني يمكن أن يكشف أيضاً عن سمات أخرى مشتركة بين الأشقاء، من بينها مثلاً القدرة على التحمل، ومع المعرفة الحديثة بالعمليات الوراثية اللاجينية المعترف بها حديثاً التي تؤثر في الأداء، تظهر الصورة الجينية للرياضي المعاصر في النهاية كتوليفة معقدة من العوامل الفطرية والخارجية.

"ولكن إذا كنت تفتش عن مجذفين، فابحث عن شخص فارع القامة، يملك ذراعين طويلين جداً، علماً أنها ميزة ترتبط عادة بطول المرء. اكتشاف المواهب يتماشى مع تلك السبل المزدوجة، لذا فقد ورثت الأختان اللتان تمارسان رياضة التجذيف بعضاً من تلك المقاييس الأساسية. لقد ورثتا مزيجاً مناسباً جداً لحسن الحظ من الطول وإمكان الوصول إلى المجدافين بسبب طول الساعدين، مما يمنحهما الأفضلية على غيرهما من المتسابقات".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة