Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترهيب موظفي الخدمة المدنية سيدمر نظام بريطانيا الديمقراطي

إن حجم الإساءات التي تستهدف من هم في الحياة العامة وشراستها يردعان الموهوبين عن العمل في السياسة الأمر الذي سيجعلنا جميعا نعاني نتيجة لهذا الوضع

"إن الديمقراطية التي لا تشعر فيها قطاعات كبيرة من السكان بالثقة أو الأمان للمشاركة في العمل السياسي، لن تكون ديمقراطية حقيقية على الإطلاق" (غيتي)

 

لطالما كان السجال الحيوي النقدي بين أصحاب مواقف متعارضة جزءاً أساسياً من ديمقراطيتنا، يجري في مناخ من حرية التعبير التي تجعله جذاباً وليس فقط مفيداً. لكن حين يتطور الخلاف في وجهات النظر إلى ترهيب وإساءة يؤديان إلى إغلاق الباب في وجه النقاش الحر، فإننا نعرف عندها أن خطاً أحمر قد جرى تجاوزه.

لقد احتفلت بريطانيا، أخيراً، بالذكرى السنوية لإعلان قانون المساواة في الامتياز لعام 1928 حين مُنح النساء والرجال حقوقاً متساوية في الانتخاب. وينبغي بهذه المناسبة أن نفكر في المدى الذي بلغناه لجهة تحقيق هذه المساواة، وأن ندرس بعناية الخطوات الأخرى التي يجدر بنا أن نتخذها.

يضم مجلس العموم حالياً 220 نائبة، يشكلن 34 في المئة من أعضائه. نريد لعددهن هذا أن يواصل الارتفاع، كما نود أن نرى برلماننا يعكس التنوع الذي تتمتع به المملكة المتحدة التي نشعر بالفخر لأننا نعيش فيها حالياً.

غير أن حجم الإساءات والترهيب اللذين يستهدفان أولئك الذين يعملون في الشأن العام وشراستهما، كثيراً ما يردعان الأشخاص الموهوبين عن امتهان الخدمة العامة. وإن الأمثلة الأخيرة على إساءة معاملة أولئك الناس ممن كان كل همهم هو تمثيل مجتمعاتهم، تبين خصوصاً أن كلاً من النساء وأعضاء المجموعات الأخرى التي لا تحظى بتمثيل كافٍ، لا يزالون يتعرضون للترهيب. وتواجه النساء أيضاً قدراً من الانتهاكات الجسيمة، وذلك بسبب الآراء السياسية التي يحملنها. وهذا غير مقبول البتة.

اشتملت الانتخابات الاستثنائية الأخيرة في دائرة باتلي آند سبين على مشاهد وممارسات مقلقة لترهيب مورس ضد مرشحين ومرشحات وناشطين شاركوا في حملات انتخابية. وفي حالة أخرى، تم نقل نائبة لتعيش في بيت آمن تحت الحماية الأمنية في أعقاب تلقيها تهديدات بالقتل. وأوضحت هذه النائبة أنها قد فكرت في الانسحاب من الحياة العامة والابتعاد عن دائرة الضوء. كما تعرض عضو مجلس بلدي في مقاطعة لاناركشير في اسكتلندا لهجوم من قبل معتدين حاولوا إضرام النار ببيته وسيارته للمرة الثالثة.

وكان لي شخصياً نصيبي من الترهيب والتهديد. فقد تلقى مكتبي الكائن في دائرتي الانتخابية مسحوقاً كاذباً تعمد مرسله الايهام بأنه ضار، كما تعرضت للصراخ في وجهي وأنا في الشارع، وأيضاً للملاحقة في مرآب سيارات بعد حلول الظلام.

والحق أن أحداً لا ينبغي أن يضطر إلى أن يسأل نفسه "هل تستحق الخدمة العامة هذا العناء حقاً؟"  إن الديمقراطية التي لا تشعر قطاعات عريضة من السكان فيها بالثقة أو الأمان للمشاركة في الحياة العامة لن تكون ديمقراطية حقيقية على الإطلاق.

لا يقتصر هذا على من يرشحون أنفسهم لمناصب تضعهم في الواجهة، بل يستحق الناخبون أنفسهم أن يعيشوا مناخاً أفضل. ولا ينبغي ألا تكون الديمقراطية خطيرة، فهي تهمنا جميعاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ستطرح الحكومة في المستقبل القريب مشروع قانون الانتخابات في البرلمان، والذي سيشدد العقوبات المفروضة على كل من يثبت تورطه في ترهيب مرشحين سياسيين، أو ناشطين أو ممثلين منتخبين، سواء جرت محاولات تخويف أي من هؤلاء وجهاً لوجه، أو عبر الإنترنت.

إن أعمال العنف، والإخلال بالنظام العام، والاتصالات الكيدية تعتبر كلها بالطبع سلفاً جرائم. وسنعمد أيضاً إلى منع مرتكبي جرائم من هذا النوع من الترشح لاحتلال منصب يتم الفوز به عبر الانتخابات، إذ لا مكان للإساءة والعنف في حياتنا العامة.

ومن شأن إجراءاتٍ كهذه أن تعزز التغييرات التي تجريها هذه الحكومة سلفاً على نطاق أوسع، بما في ذلك إلغاء المطلب المتعلق بوجوب إيراد المرشحين في انتخابات محلية عنوان إقامتهم على ورقة الاقتراع، والتعاون مع الشرطة لوضع تعليمات إرشادية جديدة بشأن الترهيب والمشروع الجديد لقانون الأمان عبر الإنترنت.

 وسيقوي أيضاً مشروع قانون الانتخابات الإجراءات الفعلية ضد ترهيب الناخبين، وذلك من خلال رفع العقوبة المتعلقة بمخالفة "التأثير غير المبرر" وتحديثها في القانون الانتخابي، بغرض حماية الأشخاص من التعرض للإكراه أو التخويف لحملهم على التخلي عن حقهم في التقرير بملء إرادتهم عن كيفية تصويتهم ولمن يصوتون. وسينص المشروع على ضرورة وجود بصمة إلكترونية لأي حملة رقمية تتم عبر الإنترنت، وذلك كي يجعل من الصعب إطلاق حملات من قبل أشخاص مجهولي الهوية.

هذه الحكومة ملتزمة بالدفاع عن حرية التعبير تحت سقف القانون. ويسمح ذلك بالتعبير عن آراء مثيرة للجدل أو غير مريحة، بيد أن الإساءة والترهيب والعنف لا يمكن أن تكون مقبولة على الإطلاق.

لا يتوقع الناخبون أن يشهدوا أعمال عنف في إطار انتخاباتنا في هذه البلاد، ومن شأن هذه الخطوات في القوانين الجديدة المقترحة أن تسمح للناخبين والناشطين أيضاً أن يمارسوا خياراتهم الديمقراطية بأمن وسلام.

علينا أن نعمل جميعاً للدفاع عن ديمقراطيتنا، وتسليط الضوء على التهديدات البغيضة بالإساءة والتخويف وإدانتها حين نراها.

كلوي سميث هي وزيرة الدولة لشؤون الدستور ونقل السلطة، ونائبة من حزب المحافظين عن دائرة "نوريتش نورث" الانتخابية.     

© The Independent

المزيد من آراء