ربما يكون تشريع المساواة في الأجور ساري المفعول منذ أكثر من نصف قرن في المملكة المتحدة، لكن الفجوة بين ما يتقاضاه الجنسان لا زالت على حالها على غرار ما كانته دائماً. لقد جعل قانون المساواة في الأجور الذي طُبق في 1970، من تلقي أجر متساو بالنسبة للمرأة والرجل، مقابل العمل نفسه حقاً قانونياً، ومع ذلك تستمر مشكلة التمييز في الرواتب وتفاوتها.
وفي محاولة لمعالجة هذه المشكلة، دعا حزب العمال إلى "تحديث" قوانين المساواة في الأجور ليكون من حق المرأة معرفة الرواتب التي يتقاضاها نظراؤها الذكور. كذلك وُجهت دعوة إلى الحكومة من قبل نائب رئيس حزب العمال ووزيرة مستقبل العمل في حكومة الظل أنجيلا رينر، ووزيرة الدولة لشؤون المرأة والمساواة في حكومة الظل مارشا دي كوردوفا، كي تعمل بشكل عاجل على إعادة تفعيل الإبلاغ عن فجوة الأجور بين الجنسين، إضافة إلى طرح الإبلاغ عن التفاوت في الأجور بناء على العرق.
وأثناء الربيع الماضي، عُلقت القواعد الملزمة للشركات الخاصة التي توظف أكثر من 250 شخصاً، بالتصريح عن الأرقام التي تمثل فجوة في الأجور بين الجنسين، وذلك بسبب الاضطرابات التي أحدثها وباء كورونا. ويشار إلى أن دعوة حزب العمال لمعالجة التكتم على الأجور ليست دعوة جديدة، إذ يستمر النشطاء والنواب في المطالبة بذلك منذ سنوات.
في الواقع، قدمت النائب البرلماني عن حزب العمال ستيلا كريسي مشروع قانون إلى البرلمان في الخريف الماضي من شأنه أن يسمح للنساء بمطالبة صاحب العمل بتقديم بيانات زميل لهن إذا اشتبهن في أنهن يتقاضين أجوراً مختلفة مقابل أداء عمل مماثل. وسألت النائب عن منطقة "وولتامستو" في لندن، "لماذا لا يزال الناس في عام 2020 لا يتقاضون أجراً متساوياً مقابل قيامهم بالعمل نفسه؟".
كذلك تطرقت السيدة كريسي إلى المفهوم الخاطئ الذي يروج له كثيراً بأن الفجوة بين الأجور التي يتقاضاها الرجال والنساء تتأتى من ميل الأخيرات إلى عدم المطالبة بزيادات في الأجور، إذ أشارت النائب إلى أن النساء يطلبن زيادة في الأجور بمثل ما يفعل الرجال، لكن احتمال حصول الذكور على مطلبهم يفوق بأربع مرات إمكان حصول النساء على ما يطالبن به.
في ذلك المنحى، نقلت الرئيسة التنفيذية في جمعية "فوسيت سوسايتي" الخيرية الرائدة في مجال المساواة بين الجنسين فيليسيا ويلو، التي طالما دعت إلى تعديل قانون شفافية الأجور، نقلت إلى "اندبندنت" إن الوباء أعاد وضع المساواة إلى ما كان عليه قبل "عقود".
وأضافت، "لقد كشف الوباء عن هشاشة التقدم الذي أحرزته المرأة في مكان العمل، ويشمل ذلك تحملها رعاية الأطفال بشكل غير متكافئ، وقانون المساواة في الأجور الذي لم يكن ناجعاً طوال 51 عاماً، والتمييز الصريح ضد الأمهات. لقد حان الوقت للالتزام بشكل جاد وهادف بإحراز تقدم".
وفي تطور مواز، كشف تقرير حديث لفرع المملكة المتحدة في هيئة "وومين أون بورد" التي تسعى إلى مساعدة النساء في تحقيق تقدم في مكان العمل، عن فجوة مقلقة في سقف الأجور بين الجنسين، وصلت إلى 20.2 في المئة كمعدل وسطي عبر مؤشر "فوتسي 350"، مما يعني أنه أعلى من المتوسط الوطني البالغ 13.7 في المئة، وكذلك تبين أن الفجوة بين أجور بلغت 17.3 في المئة خلال 2019، مما يعني أن النساء كن يحصلن بالمتوسط على 83 بنساً مقابل كل جنيه استرليني واحد يتقاضاه الرجال.
وفي تعليق على تلك المعطيات، نبهت الدكتورة المديرة التنفيذية في جمعية "ذا إكواليتي ترست" الناشطة في مجال عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، فاندا فيبورسكا، إلى أن توفر بيانات أفضل في شأن عدم المساواة في الأجور سيساعدنا في تحديد أماكن الخلل، ونحن نرحب بمنح النساء الحق في معرفة ما يكسبه نظراؤهن من الذكور. ما زلنا بحاجة إلى فعل الكثير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت، "لكن بالطبع لا قيمة لأي إجراء ما لم يُطبق، وبالتالي نريد أن نعرف كيف ستجري مراقبة هذه الإجراءات كي نضمن أن يكون لها تأثير حقيقي في مكان العمل".
وفي وقت يفترض بالمرأة البريطانية أن تلجأ إلى المحكمة لمعرفة ما يكسبه زميلها الذكر إذا كانت تخشى أنها تتقاضى أجراً غير منصف، تبقى معرفة رواتب زملائها في العمل أسهل بكثير في بعض مناطق العالم، ففي النرويج مثلاً، يمكن للجميع معرفة مقدار ما يدفعه صاحب العمل لشخص آخر بسبب توفر المعلومات مجاناً عبر الإنترنت.
وفي الولايات المتحدة أقر مجلس النواب أخيراً قانون إنصاف الرواتب بعدما أعاد الديمقراطيون تقديم التشريع في يناير (كانون الثاني) 2021. ومن شأن مشروع القانون الذي يسعى إلى معالجة الفجوة في الأجور بين الجنسين وتعزيز حماية النساء في مكان العمل، أن يحمي الموظفين من العقاب بسبب حديثهم عن رواتبهم مع زملائهم.
وفي ذلك الصدد، صرح الرئيس الأميركي جو بايدن بأن هذا الأمر يمثل "حاجزاً أساساً أمام المساواة بالنظر إلى أن الفوارق في الأجور غالباً ما تبقى على حالها، لأن العمال يجهلون حقيقة أنهم لا يتقاضون رواتب عادلة".
© The Independent