وجد تحقيق برلماني أن الشرطة قد انتهكت حقوقاً أساسية للمشاركين في وقفة احتجاجية على جريمة قتل سارة إيفيرارد، وفي تظاهرات نُظمت في بريستول ضد قوانين الاحتجاج المقترحة المثيرة للجدل.
وذكر تقرير للمجموعة البرلمانية المعنية بالتحقيق صدر يوم الخميس الماضي أن عناصر الشرطة أساؤوا تفسير القوانين الخاصة بفيروس كورونا، فاعتبروا أن الأحداث التي وقعت في مارس (آذار) كانت مخالفة للقوانين، إذ يتوفر فيها "افتراض مخالفة الشرعية"، ومن ثم استفزوا المتظاهرين كما استعملوا القوة المفرطة معهم.
وأشار التقرير إلى أن عدداً من رجال الشرطة تمكنوا في أعقاب احتجاج "اقتل مشروع القانون" من دخول مقر إقامة شابتين بعدما تنكروا بزي عمال البريد، لكنهم سرعان ما أدركوا أنهم قد أخطؤوا في تحديد هوية المشتبه فيهما وأن صاحبتي المنزل الذي اقتحموه بريئتان.
وإذ وضع رجال الشرطة القيد حول معصم إحدى الشابتين، وهي طالبة، فيما كانت تخلع ثيابها، الأمر الذي أدى إلى إصابتها بنوبة من الهلع، فإنهم عمدوا إلى تهديد الشابة الأخرى بمهاجمتها بمسدسات صاعقة عديدة.
وقالت "المجموعة البرلمانية حول الديمقراطية والدستور لممثلي الأحزاب كلها" إن الشرطة قد حُشرت في موقف صعب قبل بدء العملية، وذلك بسبب "الغموض" السائد على قيود "كوفيد" في ذلك الوقت، التي لم تسمح وأيضاً لم تمنع صراحة تنظيم الاحتجاج.
بيد أن التقرير خلُص إلى أن كلاً من قوتي الشرطة ذات العلاقة، وهما شرطة ميتروبوليتان (لندن) وشرطة مقاطعة أفون وسومرست، قد "أخفقت في فهم واجباتها القانونية بما يتعلق بالاحتجاج" وأيضاً فشلت في "إجراء تقييم لائق لمدى التناسب في أفعالها" مع المخالفات المفترضة.
يُشار إلى أن "المجموعة البرلمانية حول الديمقراطية والدستور لممثلي الأحزاب كلها" تعتبر الأخيرة بين عدد من اللجان البرلمانية التي وجهت انتقادات لتشريعات الاحتجاج المثيرة للجدل والمقترحة في "مشروع قانون الشرطة، والجريمة، وإصدار الأحكام، والمحاكم".
ورأت المجموعة في تقريرها أن من الضروري حذف سبعة بنود من مشروع القانون، وذلك لأنها "توسّع بشكل غير ضروري الصلاحيات التي تمارسها الشرطة على المشاركين باحتجاج سلمي، كما تخلق حالة من الغموض القانوني المفرط، وهي بالتالي وصفة لاستعمال القوة بصورة تعسفية".
وتشتمل هذه البنود على القدرة على فرض القيود على حرية الاجتماع على أساس الضجيج الذي تحدثه، وحظر الاحتجاجات التي يقوم بها شخص واحد، إضافة إلى استحداث جريمة جنائية تحت اسم "الإزعاج العام"، وخفض سقف المعايير التي تُطبق لمقاضاة أشخاص يرتكبون انتهاكات للشروط المفروضة.
وقال غيراينت ديفيز، وهو رئيس المجموعة البرلمانية التي أجرت التحقيق، إن الوقفة الاحتجاجية الخاصة بجريمة قتل الشابة سارة إيفيرارد، واحتجاجات بريستول أظهرت أن "القانون يجب أن يكون واضحاً لجهة المسؤولية التي تتحملها الشرطة لتسهيل ممارسة حق الاحتجاج السلمي".
وأضاف ديفيز: "ينبغي ألا تصبح الشرطة وكالة ضغط لدى الدولة ضد أولئك الذين يختارون أن يدعوا بشكل جماعي وعلني إلى التغيير السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي أو البيئي."
"يجب أن يوفر البرلمان الحماية لحرياتنا ويرفض المحاولات لزيادة صلاحيات الشرطة لتقييد حقنا بالاحتجاج السلمي. وينبغي للشرطة أن تساعد على تسهيل التعبير السلمي عن الاحتجاج وألا تجبر المعارضة على العمل في الخفاء."
وقد اتخذ هذا التحقيق موقفاً مختلفاً بشكل صارخ من ذاك الذي عبّرت عنه تحقيقات سابقة أجرتها الهيئة الرقابية للشرطة الوطنية، التي وجدت أن صلاحيات الاحتجاج الجديدة كان لها ما يبررها، وأن سكوتلاند يارد قد تصرفت بطريقة مناسبة في الوقفة الاحتجاجية على جريمة قتل سارة إيفيرارد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت المجموعة البرلمانية التي تضم ممثلين عن كل الأحزاب أنها لا تستطيع أن تعتبر تقرير المفتشية الملكية للشرطة عن الوقفة الاحتجاجية مهماً فعلاً، لأنه لم يأخذ في الاعتبار إفادات بعض الحاضرين ممن كانوا هناك حين وقعت تلك الأحداث.
ووجد التحقيق أن سكوتلاند يارد قد تعاملت مع المنظمين والحضور "على نحو عدائي"، كما أصدرت بياناً صحافياً اعتبرت فيه أن المضي في إجراء الوقفة الاحتجاجية في 13 مارس (آذار) في الوقت الذي تتواصل فيه المباحثات مع المنظمين، سيكون تصرفاً غير قانوني.
وقد انسحبت مجموعة "استعدْ هذه الشوارع"، التي تولت في الأصل تنظيم الوقفة الاحتجاجية، من المفاوضات بعدما تم تهديد أعضائها بفرض غرامات قدرها عشرة آلاف جنيه استرليني (13772 دولاراً) عليهم ومقاضاتهم أيضاً.
واعتبر تقرير المجموعة البرلمانية أن "الذي كان يمكن أن يصبح حدثاً منظماً، وبالتالي آمناً لجهة تطبيق الالتزامات المتعلقة بالوقاية من فيروس كوفيد، صار نتيجة ذلك (موقف الشرطة) تجمعاً غلب عليه الارتجال كان العداء سائداً فيه سلفاً."
"لقد أدت شرطة ميتروبوليتان اللندنية إلى تفاقم الخطر بالنسبة إلى عناصرها والمدنيين أيضاً."
وانتقد أعضاء المجموعة البرلمانية قرار البدء في إصدار الأوامر للحضور بمغادرة المكان وشروع الشرطة بالاعتقالات. وأدى ذلك إلى انتشار صور لرجال شرطة وهم يقبضون على النساء ويحملونهن بعيداً، انتشار النار في الهشيم.
ووجدوا أن الوضع المتفجر في الحقيقة "نجم عن الفشل المبكر في التعامل مع المنظمين بشكل بنّاء"، وأنه على الرغم من تعرض عناصر الشرطة إلى إساءات لفظية فإن أسلوب التعاطي مع الحدث كان قد "تسبب في التصعيد" الذي حصل.
وأفاد بعض من حضروا الوقفة الاحتجاجية لجنة التحقيق البرلماني بأن الحدث كان قد صار في مراحله الأخيرة، وأخذ الحاضرون يغادرون موقع التجمع حين بدأت الشرطة بإصدار أوامر للناس بالتفرق، وذلك نحو الساعة 6.30 مساءً، إلا أن الأشخاص الذين كانوا هناك قرروا البقاء حين "اقتحم رجال الشرطة المكان وشقوا طريقهم عنوة حتى وصلوا إلى المنصة الرئيسة، وأمروا المتحدثين الذين كانوا عليها بالذهاب إلى بيوتهم".
وزاد التقرير موضحاً أن "القوة التي استخدمها عناصر الشرطة في مناسبات عدة ضد الحضور، كانت غير مناسبة".
ولفت إلى أن "شهوداً وصفوا كيف كان عناصر الشرطة يلقون بالنساء أرضاً ويثبتونهن وهن في ذلك الوضع".
وخلُص التقرير إلى أن شرطة أفون وسومرست قد أسهمت أيضاً بخلق "مناخ عدائي" في وقت سابق على تظاهرة مقترحة في 21 مارس ضد قوانين الاحتجاج.
وقال المشاركون في الاحتجاجات للجنة التحقيق إن الاعتصام خارج مركز الشرطة في برايدويل هدف إلى التعبير عن اعتراضهم، وكان عموماً سلمياً حتى وقع "حادث منعزل" شارك فيه شخصان كانا يتسمان بالعدوانية.
وذكر التقرير أن "الشرطة هاجمت في وقت لاحق المحتجين برذاذ الفلفل، كما ضربت الأفراد الذين كانوا يجلسون على الأرض."
"أُصيب ما يزيد على 60 شخصاً من الحاضرين فيما بعد. وزعمت الشرطة أن المحتجين كانوا يرمون رجال الشرطة بالحجارة وغيرها مما وقعت عليه أيديهم من أشياء قد تلحق بهم الأذى، كما حطموا زجاج مقر الشرطة في برايدويل وأضرموا النار في عدد من سيارات الشرطة. وليس من الواضح من هو الذي هاجم أول الأمر."
وخلُصت المجموعة البرلمانية في التقرير إلى أن بعض القوة التي استُخدمت كان لها ما يبررها، غير أن الشرطة "قد أخفقت في التمييز بين المحتجين العنيفين والمسالمين" واستعملوا القوة بشكل خاطئ ضد الصحافيين.
وأضافت أن العملية التي شملت تخفي عناصر شرطة بزي عمال البريد بعد أيام من انطلاقها "تثير أسئلة جدية بشأن سلوك الشرطة، وحساسيتها، وخضوعها للمساءلة".
أما شرطة مقاطعة أفون وسومرست فقالت إنها "تُفنّد بشدة" بعض ما أورده التقرير البرلماني من نتائج، مؤكدة أنها حين حاولت التعامل مع المنظمين، لم يعلن أحد منهم عن أنه سيقوم بهذا الدور التنظيمي.
"إننا لا نزال في خضم واحد من أكبر التحقيقات التي أُجريت على الإطلاق من قبل شرطة أفون وسومرست، في أعقاب إلحاق الضرر بسيارات الشرطة وإضرام النار بها ، والاعتداء على عناصر الشرطة وتخريب مركزها في حيّنا خلال أعمال الشغب. وقد قمنا حتى الآن باعتقال 69 شخصاً كما تم توجيه الاتهامات إلى 21 آخرين."
من ناحيتها، اعتبرت لويزا رولف، وهي المفوض المساعد لشرطة ميتروبوليتان في لندن أن عناصرها قد "تحلوا بمستوى عال من الصبر والقدرة على ضبط النفس" خلال الوقفة التي نُظمت احتجاجاً على جريمة قتل سارة إيفيرارد.
"إننى أقف إلى جانب عناصر الشرطة هؤلاء الذي قاموا بضبط الأمن في تلك الأحداث التي شهدتها منطقة كلابام كمون."
"هؤلاء العناصر قد قوبلوا بظروف صعبة بشكل استثنائي، وأثبتوا انهم يتمتعون بأرفع درجات الاحترافية في تعاطيهم مع تلك التجمعات."
وبدوره، دافع متحدث باسم الحكومة عن القوانين الجديدة المقترحة، وقال إنها ستمّكن الشرطة من "إدارة التظاهرات بشكل أفضل".
وأضاف في بيان له "الحق في التظاهر هو حجر زاوية بالنسبة إلى ديمقراطيتنا، ولن تكبح الإجراءات المقترحة بأي شكل من الأشكال الحق في الاحتجاج السلمي".
© The Independent