Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ولاء القوات العسكرية والأمنية في عصر "الجمهورية الإيرانية"

النظام يسعى للوصول إلى نتائج مضمونة ومحددة سلفاً

عناصر من الحرس الثوري الإيراني خلال مشاركتهم في مسيرة عسكرية سنوية بطهران، في ذكرى اندلاع حرب العام 1980-1988 مع العراق (أ ف ب/غيتي)

تتحدث التقارير عن حالات الولاء في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المرتقبة، ويتحدث الجميع عن التدخل الصريح والواضح للقوات الأمنية في جميع الأحداث، دعوني في البداية أتحدث عن اليوم الثاني من شهر يونيو (حزيران) الحالي: 

- نشرت أسماء المرشحين المؤهلين للانتخابات الرئاسية من قبل وكالة أنباء فارس (العسكرية - الأمنية) قبل وزارة الداخلية (على عكس الروتين القانوني المعمول به)، لمنع حدوث مساومة سياسية بين المرشحين والشخصيات السياسية قبل إعلان أسماء المرشحين للانتخابات.

- إعلان عدم تأهل كلا المرشحين محمود أحمدي نجاد وإسحاق جهانجيري من أحد القيادات العسكرية والأمنية.

- التدخل السافر للقوات العسكرية والأمنية في عمل مجلس صيانة الدستور قبل إعلان أسماء المرشحين المؤهلين لخوض الانتخابات، وفق خبر اجتماع القيادات العسكرية والأمنية مع مجلس صيانة الدستور وتحدث عن ذلك صادق لاريجاني عضو مجلس صيانة الدستور.

- نشر أخبار يومية عن أسماء المرشحين من قبل وكالة أنباء فارس (العسكرية - الأمنية) وصحيفة "كيهان" (التي تتعامل بنهج أمني مع الأخبار والمعلومات) والأمر نفسه بعد إعلان أسماء المرشحين، بل وتوجيههم نحو قبول عبد الناصر همتي ومحسن مهر علي زاده كمرشحين إصلاحيين، لتصبح الحركة الإصلاحية بلا قاعدة اجتماعية أي لا تتجاوز نسبة أصواتهم 5 في المئة من نسب الأصوات.

- ترشح قادة عسكريين مثل علي رضا أفشار وحسين دهقان وسعيد محمد وعلي رستمي، ثم إبعادهم من سباق الانتخابات لصالح إبراهيم رئيسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

- وبخصوص احتجاجات أحمدي نجاد على الوضع الأمني في البلاد، أصدرت وزارة المخابرات بيانات تتهمه بـ"تصريحات غير واقعية تهدف إلى تعكير صفو الرأي العام". ورد أحمدي نجاد بأنه "سيتم الرد على المزاعم المخالفة للحقائق الأمنية في الوقت المناسب".

- أعلن المدعي العام في طهران أنه "إذا تجاوز المرشحون الخطوط الحمراء للنظام، سيتم التعامل معهم بحسم وفق المعايير القانونية، بغض النظر عن مناصبهم ومواقعهم".

المذكور أعلاه، حتى في إطار النظام القمعي في إيران، غير معهود أو غير مسبوق. في عام 2009، على الأقل حتى إعلان النتائج، أبدت القوات الأمنية والعسكرية ضبط النفس، وبعد بدء الاحتجاجات شنت حملات قمع شاملة. في عام 2021، لم يلاحظ أي ضبط للنفس. وفي عملية التصويت والفرز يمكن للمرء أن يتوقع مشاركة صريحة أو ضمنية من الجيش وقوات الأمن.

يوجد الآن ثلاثة أسئلة حول هذا المستوى من المشاركة العلنية في هذه الدورة من الانتخابات:

- ما مخاوف المؤسسات العسكرية والأمنية من الانتخابات المقبلة؟
- لماذا أصبحت التدخلات غير مسبوقة؟
-  كيف ستنعكس هذه التدخلات على تشكيل الحكومة؟

المخاوف الأمنية والعسكرية

قبل أشهر من الانتخابات، تحدث المسؤولون العسكريون عن احتمال حدوث "فتنة" أخرى في إيران (الفتنة البيضاء). وهم يعلمون جيداً أنه في مواجهة وباء كورونا وإحباط المجتمع لن يكون هناك احتجاجات للقوى السياسية الموالية للحكومة في الشارع. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا يتكرر التباهي؟

خوف الحكومة من أعمال الشغب يرجع إلى ارتفاع الأسعار والبطالة مستخدمين الحملات السياسية. ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين 50 و100 في المئة في الأشهر الأخيرة من إدارة الرئيس حسن روحاني، في حين أن الدخل لم يرتفع بنفس القدر حتى بالنسبة لأصحاب الأجور الأكثر استقراراً.

يعلم المسؤولون العسكريون والأمنيون أنه مع انخفاض القوة الشرائية بنسبة 33 في المئة خلال العقد الماضي، تم فقدان ملايين الوظائف، بخاصة في المدن الصغيرة والمناطق الحدودية (نحو 3 ملايين وظيفة خلال العام الماضي وفق مركز أبحاث البرلمان). النمو السلبي للاقتصاد في أواخر التسعينيات، ووقوع ثلاثة أرباع المجتمع تحت خط الفقر، قد يسفر عن انتفاضات في المدن الحضرية في أي وقت. تحاول القوات الأمنية غلق كل الأبواب التي قد تفتح لتلك الاحتجاجات.

تدخلات واضحة

بخصوص الاحتجاجات السياسية، يعلم المسؤولون الأمنيون (مخابرات الحرس الثوري) والعسكريون (الحرس الثوري) أن شرارة التمرد حالياً لن تكون من قبل القوات الراغبة في الإطاحة بالنظام والموجودة خارج البلاد، بل ستأتي الضربة من المسؤولين الحكوميين السابقين الذين لم يعودوا يؤمنون بنظام الجمهورية الإسلامية، النشطاء السياسيون في الداخل. تعتقد تلك الجماعات المعارضة أنه لا يمكن إصلاح النظام، ومن دون تحرك الشارع لن يكون هناك تغيير. من وجهة نظر القوى الأمنية، اتسعت دائرة هؤلاء الناس بشكل كبير بحيث أصبحت تضم علي لاريجاني مبتكر "الهوية" و"المصباح". توصل معظم الإصلاحيين إلى هذا الاستنتاج قبل عشر سنوات، وإذا كان بعضهم لا يزال يعمل في السياسة بشكل رسمي، فذلك بهدف تحقيق مكاسب شخصية وليس للدفاع عن النظام أو المصالح الوطنية والأمن.

الجانب الواقعي للقوات الاستبدادية والعسكرية الأمنية السابقة أن جميعها لها جذور عميقة في هيكل الحكومة، لكن فُضح زيفها خلال العقد الماضي. انضم أحمدي نجاد وعلي وصادق لاريجاني إلى عائلة جهانجيري في "تهديد النظام" بعد ثلاثة عقود من العمل مع المؤسسات الأمنية والعسكرية. يمكن التأكد من الفجوات العديدة داخل بنية النظام. بنية النظام تعتمد على الحفاظ على هذه المجموعة المتنوعة معاً، قوات قهرية مع تهديدات مستمرة. حتى الجزر الكبيرة تفقد قدرتها على الحفاظ على تماسك الطبقة الحاكمة.

الأجهزة الأمنية والعسكرية في استطلاعات الرأي التي تجري باستمرار في المجتمع ولا تنشر نتائجها، يلاحظون الخلافات العميقة بين الدولة والأمة، وعلى علم بعدم إخلاص الحكام وأفراد الطبقة الحاكمة. يستمرون في الحكم عن طريق إظهار المخالب والأسنان، وتستمر الطبقة الحاكمة رغم أن طريقة حياتها وأيديولوجيتها وشخصيتها غير منظمة ومقسمة لأربعين قطعة. القوات العسكرية والأمنية كذلك تعمل في عصر الولاء، وجميع القوى السياسية ظاهرياً تعمل داخل النظام كقطع صغيرة ضمن شكل هندسي.

الحكومة العسكرية الأمنية وتصعيد التوترات في المنطقة

لن يضم فريق إبراهيم رئيسي عملاء مطيعين يستمعون إلى قيادة الجيش وقوات الأمن (بعضهم غير ثوري)، بل إن أعضاء المؤسسات الأمنية والعسكرية والقوى القسرية سوف يحتلون مقاعد السلطة. سوف تتكون الحكومة الثورية التي تحدث عنها علي خامنئي من أعضاء سابقين ولاحقين من الباسيج والحرس الثوري مثل (علي رضا زكاني)، والأجهزة الأمنية، ومحققين، ومنفذي عمليات الاغتيالات، وقادة "ميدانيين" في مجازر 1990 و2009، وقادة فيلق القدس (مسؤولين في وزارة الخارجية والمؤسسات المصرفية والاقتصادية للحكومة). رئيسي هو أنسب رئيس لهذه المجموعة.

سيكون لذلك تأثير على السياسة الخارجية، وتصعيد التوترات العسكرية وتقليص الدبلوماسية في أعقاب الضربات الصاروخية على منشآت الدول المجاورة وقوات التحالف الأميركية في المنطقة.

مع الضعف الذي أظهرته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الأشهر الأولى من عام 2021، وميل الديمقراطيين للإسلاميين والقوى المعادية لأميركا في المنطقة (انظر إلى إشادة بايدن بالخطاب الحماسي للنائبة رشیده طلیب في الكونغرس حول الفصل العنصري والعنصرية وحديثها عن إسرائيل والدفاع الضمني عن أعمال حماس) من المتوقع أن تزداد هجمات وكلاء فيلق القدس على القوات الأميركية وحلفائها التقليديين (إسرائيل ودول الخليج العربي).

كانت رئاسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب واحدة من أكثر السنوات هدوءاً بالنسبة لإسرائيل في المنطقة، وكانت إيران أكثر حذراً في توتراتها النووية والإقليمية في ذلك الوقت. الهجمات المتكررة على القواعد الأميركية في العراق، واستئناف عمليات زوارق الحرس الثوري ضد السفن الأميركية، وهجوم "حماس" على إسرائيل، تشير إلى شجاعة قوات الحرس ونوابها، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من التوترات. ستكون حكومة رئيسي في خدمة خطة انسحاب القوات الأميركية من المنطقة بشكل كامل، الأمر الذي سيخلق المزيد من التوترات.

لو في حكومتي أحمدي نجاد وروحاني، لأصبح البنك المركزي ووزارة الخارجية ووزارة المخابرات قواعد لفيلق القدس، أما في حكومة رئيسي المحتملة، يمكن التوقع بوجود وزارة الرفاه (لتوفير التأمين الصحي للحوثيين والحشد الشعبي)، ووزارة للطاقة (لإمدادهم بالكهرباء)، ووزارة للصحة (لبناء مستشفيات في سوريا واليمن)، وحتى وزارة الرياضة (لتخصيص أموال للاتحاد اليمني والسوري)، لخدمة أهداف هيمنة النظام. وقد اتُّخذت بالفعل هذه الإجراءات في لبنان. 

اندبندنت فارسية

المزيد من تحلیل