Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عدم نشر صور المرشحات يهزّ صدقية المشاركة السياسية للمرأة في الجزائر

تساءل البعض عما ستفعلن في حال دخولهن البرلمان الذي يستدعي حضوراً بالصوت والصورة وأمام وسائل الإعلام؟

يقول البعض إن هناك مناطق جزائرية محافظة ما زال صعباً نشر صور نساء بأماكن عامة فيها (وكالة الأنباء الجزائرية)

يثير قرار السماح بعدم نشر صور النساء المرشحات للانتخابات البرلمانية المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل، جدلاً واسعاً في الجزائر، أدى إلى طرح أسئلة حول هوية البرلمان المقبل.

قرار وتبريرات

وأعادت "السلطة المستقلة للانتخابات" إلى الأذهان الوضع الذي سبق الانتخابات البرلمانية التي عرفتها البلاد في 4 مايو (أيار) 2017، والتي أفرزت ما يُعرف لدى الجزائريين بـ"برلمان الحلاقات"، بعد أن أباحت عدم نشر صور النساء المرشحات في حال رغبن في ذلك، ضمن الملصقات التي توزَّع وتُنشر في الأماكن المخصصة للدعاية الانتخابية.
وأشارت الهيئة في بيان عقب اجتماع رئيسها محمد شرفي، مع ممثلين عن قوائم مستقلة، إلى الاتفاق على عدم إلزام القوائم بنشر صور المرشحات، شرط أن يتقدم أحد ممثلي القائمة الحزبية أو المستقلة بطلب رسمي بالإعفاء من ذلك.
وفي حين "تتحجج" المرشحات وبعض الأطراف السياسية بالطابع المحافظ لبعض مناطق البلاد، بخاصة الداخلية منها، تستغرب بعض الجهات التناقض الحاصل بين نضال المرأة من أجل المشاركة السياسية والمساواة ورفضها الظهور، ما يضع الناخبين أمام مرشحات "أشباح". وتساءل أحدهم "ماذا بعد فوزهن ودخولهن البرلمان الذي يستدعي حضوراً بالصوت والصورة وأمام وسائل الإعلام؟ أم أن البحث عن المنصب وامتيازاته من دون الحضور للدفاع عمَن انتخبهن هو الهدف؟".

عودة إلى 2017

وكانت الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات آنذاك، التي أشرفت على انتخابات 4 مايو 2017، سمحت بحجب صور النساء المرشحات من الأحزاب أو المستقلين، وبرر رئيسها آنذاك، عبد الوهاب دربال، الخطوة قائلاً إن "قانون الانتخابات يمنح الحرية للمرشحين باختيار الطريقة التي يعتمدونها للتعريف عن أنفسهم للناس، ولم يحدد هذه الطريقة بدقة". وبرر دربال أن "هناك مناطق جزائرية محافظة ما زال من الصعب فيها نشر صور نساء في أماكن عامة حتى لو كان الأمر يتعلق بسباق انتخابي".

ضغط الإكراهات

ورأى المرشح للانتخابات البرلمانية أسامة لبيد، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "القرار جاء بعد موقف بعض المرشحات، ومنهن مناضلات ضمن أحزاب سياسية، بخاصة اللواتي تم وضعهن في القائمة بسبب اعتبارات الإلزام القانوني الذي يفرض المناصفة بين الرجال والنساء، إذ يعتبرن أن ظهور صورهن في الملصقات الدعائية ليس ضرورياً"، مضيفاً أنه "مع كل استحقاق انتخابي يُعاد طرح هذا النقاش ما يعطي مؤشراً إلى استمرار ضغط الإكراهات الاجتماعية وتدخلها في موضوع المشاركة السياسية للمرأة  ومساهمتها في الشأن العام، سواء على صعيد مدى رغبتها في ذلك، أو مدى تقبل المجتمع".
وواصل لبيد أنه "يمكن تفهم بعض الظروف والضغوط الاجتماعية المستمرة على المرأة في بعض المناطق المحافظة، لكن أعتقد أن هذه الظاهرة لا تتناسب مطلقاً مع التطور المجتمعي والحضور البارز للمرأة في حركية المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية". وختم قائلاً إن "الصورة جزء من الاتصال الاجتماعي والسياسي، ولا يمكن انتخاب شبح".

منح الحرية في المشاركة

من جانبه، قال المترشح المستقل، رياض بوخدشة، "لا أرى مانعاً من أن تظهر المرأة المرشحة بصورتها في الدعاية الانتخابية، على اعتبار أن مَن تقدمت للمنافسة يُفترض أنها مستعدة للظهور ليس فقط في ملصقات الحملة الانتخابية، ولكن كذلك وبالضرورة في منابر العمل السياسي على قنوات التلفزيون وصفحات الجرائد ووسائل التواصل المختلفة"، مضيفاً أن "المسألة مرتبطة بجانب من تقاليد المجتمع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع أن "بعض القوائم الانتخابية أدرجت أسماء نسوية تحت ضغط شرط المناصفة المفروض من قبل سلطة الانتخابات، وهذه مسألة يجب أن تكون موضوع دراسة سوسيولوجية". وتابع بوخدشة أن "الأمر يمكن إعطاءه تفسيرين، الأول أن المرأة التي رفضت الظهور بصورتها ليست مقتنعة بالمشاركة، أو أن أحداً من أولياء أمرها وافق على مشاركتها شرط عدم إظهار الصورة"، مضيفاً "نأمل في أن تكون تلك الظاهرة محدودة، على الرغم من أنها تقلل من صدقية العمل السياسي بصفة عامة". وختم بالقول إنه "يجب منح الحرية للمشاركة النسوية بعيداً من نظام المحاصصة، لأن تحرير المبادرة يؤدي تدريجاً ومع ترشيد العمل السياسي إلى مشاركة المرأة بمحض قناعتها وإرادتها، وعندها تختفي كل أشكال التحفظ على ظهورها".

ميثاق أخلاقيات

عشية انطلاق الحملة الانتخابية المقررة يوم الخميس 20 مايو (أيار) الجاري، دعت اللجنة المستقلة للانتخابات 28 حزباً سياسياً وممثلين عن القوائم المستقلة إلى اجتماع للتوقيع على ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية، والذي يتضمن تعهدات بالالتزام بالضوابط والأطر القانونية والأخلاقية التي تحكم سير العملية الانتخابية، واحترام المسار الديمقراطي، والامتناع عن استغلال المؤسسات الدينية والتعليمية، وعدم الإدلاء بتصريحات غير واقعية أمام الناخبين والجمهور، والامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات تنطوي على تشهير وشتائم وإهانات تجاه مرشح آخر أو طرف في العملية الانتخابية، وبأي تصريحات مغلوطة.
وتدوم الحملة الانتخابية 3 أسابيع، وتتنافس فيها أكثر من 2400 قائمة انتخابية حزبية ومستقلة على 407 مقاعد نيابية. وأعلن رئيس السلطة المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، أن "السلطة استطاعت تجنيد الطاقات بما يكفل مواجهة الحجم الكبير من النزاعات المتعلقة بقوائم المرشحين، فضلاً عن جهود مجلس الدولة في الفصل بالطعون المقدَمة". وقال إنه "تم استقبال 4900 قائمة أعربت عن رغبتها في المشاركة في التشريعيات وسحبت الاستمارات، فيما بلغ عدد القوائم التي أودعت الاستمارات 2490 قائمة من بينها 1237 تابعة لأحزاب سياسية و1253 قائمة مستقلة".

11 مليون ناخبة

ودافعت لجنة صياغة القانون الانتخابي الجديد عن اعتماد مبدأ المناصفة في قوائم المرشحين. وقال عضو اللجنة وليد العقون، إن هناك "انحرافاً في النقاش بشأن مسألة المناصفة في القانون الانتخابي، ومحاولةً لربط المناصفة بالمساواة وإعطائها أبعاداً أخرى، بينما لا علاقة بين الأمرين"، مضيفاً أن "المجتمع في الجزائر رجولي وما زال لا يتيح الفرصة الكافية للمرأة، ولذلك تم اعتماد مبدأ المناصفة لتعزيز حضور المرأة في المجالس النيابية". وأوضح العقون أن "ذلك تم بناءً على دراسة قانونية وتقنية بيّنت أن الكتلة الانتخابية البالغ عددها 24 مليون ناخب، تضم 11 مليون ناخبة، أي ما يعادل 46 في المئة من الناخبين الجزائريين".

المزيد من العالم العربي