لم يكن القديس جورج دائماً أكثر القديسين احتفاء به – إذ يجد الكثير من الناس صعوبة حتى في تذكّر موعد يوم القديس جورج. لكن عوائق الاحتفال به هذا العام أقل مما كانت عليه خلال الإغلاق الأول: على الأقل الحانات مفتوحة أمام العملاء للجلوس في الخارج إذا كان لدينا يوم مشمس في شهر أبريل (نيسان).
غالباً ما يُحتقل بيوم القديس باتريك بصخب أكبر في المدن الإنجليزية، وليس فقط من قبل الجالية الإيرلندية، وذلك بفضل الجهود العالمية لموسوعة "غينيس". ومع ذلك، فإن زيادة مستوى الاحتفال بيوم 23 أبريل يمكن أن يعزز إحدى أهم التحولات في هويتنا الإنجليزية خلال حياتي.
لقد أظهر حوار (النائب العمالي) ديفيد لامي الأخير مع أحد المتصلين في برنامجه على إذاعة إل بي بي سي - الذي قال له "لن تكون إنجليزياً أبداً لأنك من أصل أفريقي كاريبي" - أن الفكرة العنصرية القديمة عمن هو إنجليزي ومن هو غير إنجليزي لم تختفِ. ومع ذلك، فإن دفء رد الفعل الشعبي من قبل المعارضين السياسيين والحلفاء، تجاه جواب ديفيد لامي، يعكس أيضاً ما تغيّر.
إن هناك إجماعاً مجتمعياً أوسع نطاقاً اليوم على أن الهوية الإنجليزية يمكن وينبغي أن تشمل أولئك الذين ينتمون إلى خلفيات عرقية ودينية مختلفة. ومع ذلك، فإن هذا التحول المهم عبر الأجيال ما زال سارياً في أوساط البريطانيين البيض والأقليات العرقية.
في هذا الصدد، يحظى الاحتفاء بمفهوم شامل لإنجلترا بقبول واسع. ففي استطلاع جديد لمؤسسة بريتيش فيوتشر صدر اليوم، اتفق ثلثا الأشخاص على أن "بذل المزيد من الجهد للاحتفال بيوم القديس جورج، والحرص على دعوة جميع الفئات العرقية للمشاركة فيه، سيكون نهجاً إيجابياً لتعزيز الهوية المشتركة في إنجلترا اليوم." وتوافق غالبية المستطلَعين من الأقليات العرقية على الفكرة - بينما يعارضها 5 في المئة فقط من البيض و8 في المئة من الأقليات العرقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هناك فجوة أكبر بين الأعراق في ما إذا كان احتفال يوم القديس جورج شاملاً للجميع بالطريقة التي يريدها معظم الناس. ويرى أكثر من نصف البيض في إنجلترا المشاركين في استطلاعنا أن الاحتفال بيوم القديس جورج هو رمز للهوية الإنجليزية ويخص بالتساوي الأشخاص من جميع الأعراق والخلفيات الإثنية في إنجلترا اليوم. ولا يخالف هذا الرأي سوى واحد من كل 10. لكن لا يشاطر هذه القناعة سوى أربعة فقط من كل 10 مشاركين من الأقليات العرقية، في حين لا يتفق معها 21 في المئة، وتقف نسبة مماثلة على الحياد.
يشير هذا إلى أننا بحاجة إلى التحدث أكثر عن إنجلترا، وما نريد أن تعنيه اليوم، لكي يشعر المزيد من الناس بأنهم مشمولون بها. لقد كان عصر تفويض السلطة عبر المملكة المتحدة هو الذي ولّد جزئياً نقاشاً جديداً في الهوية الإنجليزية، وجعل الإنجليز يلاحظون أكثر أن كون الإنسان بريطانياً لا يعني بالضرورة كونه إنجليزياً، ما أدى إلى تصحيح التعامل مع هذه المرادفات على أنها قابلة للتبديل، وهو الأمر الذي لطالما أثار غضب الاسكتلنديين والويلزيين. ومع ذلك، أثار هذا أيضاً تخوفاً من أن تكون الهوية الإنجليزية الجديدة هويةً رجعية وإثنية أكثر من كونها مجتمعية. كان هذا مثار الجدل في الهوية البريطانية - لكن الادعاء القديم للجبهة الوطنية بأنه "لا يوجد لون أسود في علم الاتحاد" تم دحضه منذ فترة طويلة.
لكن ماذا عن إنجلترا؟ لقد كان عدد كبير من مهاجري الكومنولث من الجيل الأول - مثل والدي الذي هاجر من الهند - فخورين بأنهم أصبحوا بريطانيين، لكن لم يشعر سوى القليل منهم بأنهم مدعوون ليصبحوا إنجليزيين أيضاً. وعلى الرغم من أن حمل جواز سفر بريطاني كان يرمز إلى هوية مشتركة للمواطنة، كان الافتراض غير المعلن هو أن الهويات الإنجليزية والاسكتلندية والويلزية تخص السكان الأصليين في المقام الأول.
غير أن هذا الأمر كان يختلف في كثير من الأحيان بالنسبة إلى أطفالهم المولودين كإنجليز، الذين يشعرون بحقهم الطبيعي في الانتماء للهويتين البريطانية والإنجليزية معاً. وغالباً ما يتم التعامل مع فكرة "الأهلانية" كمرادف لكراهية الأجانب - نظراً إلى الطريقة التي انعكست بها في سياسات دونالد ترمب أو شعبويي اليمين المتطرف في أوروبا. ومع ذلك، فإن توسيع الهوية الإنجليزية يعكس جزئياً نوعاً من الأهلانية الهادئة والأكثر شمولية. ولقد أنهى ديفيد لامي، المولود في إنجلترا – مثله مثل نصف سكان الأقليات العرقية – هذا الجدل تماماً بالنسبة إلى الجميع باستثناء العنصريين المتشددين.
ومع ذلك، فإن غياب الارتباط بالهوية الإنجليزية، خارج الرياضة، يُعدّ جزءًا من المشكلة. ويُلاحظ أن النشاط المجتمعي والمؤسسي الذي أسهم في إبراز فكرة شاملة عن هوية اسكتلندية مجتمعية حديثة يُعدّ أقل شيوعاً جنوب الحدود - على الرغم من أن أكثر من 95 في المئة من الأقليات العرقية في المملكة المتحدة موجودة إنجلترا.
بينما تعتبر فكرة كون الإنسان "بريطاني أسود" أو "بريطاني آسيوي" فكرةً راسخة، لا تبدو عبارات مثل "إنجليزي آسيوي" و"أسود إنجليزي" مألوفة بالقدر ذاته. لكن يمكننا رؤية هذا الشيء نفسه من خلال لاعب الكريكت معين علي ولاعب كرة القدم رحيم سترلينغ في فرقنا الرياضية الوطنية، أو من خلال سماع ديفيد لامي يتحدث على الراديو عن سبب شعوره بالانتماء الإنجليزي وكذلك البريطاني.
يمكن أن يساعد يوم القديس جورج في سدّ هذه الفجوة، من خلال جعله يوماً للترويج لمفهوم كون الهوية الإنجليزية متاحة للجميع في إنجلترا ممن يشعرون بالانتماء إلى هذا الوطن. لذا دعونا نرفع نخباً للقديس جورج اليوم، ونحرص على دعوة الجميع إلى الحفل.
ساندر كاتوالا هو مدير منظمة بريتيش فيوتشر، وهي مؤسسة فكرية مستقلة معنية بشؤون الهوية والعرق.
© The Independent