Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ساعات بيولوجية تبقي النباتات حية ليلا وقد تسمح بزراعة محاصيل أكبر

اكتشاف جديد يسلِّط الضوء على كيفية انسجام أشكال الحياة على كوكبنا مع حركة النظام الشمسي

تحفيز ساعة النباتات البيولوجية قد يساهم في زيادة المحاصيل وتأمين غذاء المعمورة كلها (غيتي)

تعتمد حيوات النباتات أسوة بالحيوانات على شروق الشمس وغروبها.

يُشكِّل "النظام الليلي- النهاري" circadian rhythm [الساعة البيولوجية الداخلية] جزءاً بالغ الأهمية من قدرة النباتات على تحديد وقت تنفيذ عمليات أساسية عدّة تسمح لها بضبط عملياتها البيولوجية - بدءاً من إنتاج الأكسجين وامتصاص الكربون، مروراً بتفتّح الزهور وحركة الأوراق، وصولاً إلى إنتاج الروائح الطيبة.

لكنّ قدرة النباتات على التعرّف إلى تغيُّر أوقات الليل والنهار والفصول، ومن ثم التأقلم معها، تتجاوز كونها مجرد عملية تكيّف مفيدة في متناول هذه الكائنات الحيّة. في الواقع، حياة النباتات أو موتها رهن بهذه الساعة الداخلية، بل إنّها قد تقود إلى إنتاج كميات إضافية من الغذاء، وفق دراسة حديثة.

 ودرس علماء في جامعتي "يورك" في إنجلترا و"ملبورن" في أستراليا زهرة "الأرابيدوبسيس" Arabidopsis، من عائلة الخردل، واكتشفوا أنّها تستخدم ما وصفوه بـ"ضابط بيولوجي للوقت" biological time-keeper من أجل البقاء على قيد الحياة في ساعات الليل.

 خلال ساعات النهار، تستفيد النباتات من ضوء الشمس المتوفِّر كي تصنع، من طريق عملية "التمثيل الضوئي" photosynthesis، السكريات التي تتغذّى عليها، كذلك تخزّن كمية من هذا السكر لمدّها بالطاقة لاحقاً أثناء الليل.

ووجد العلماء أنّ النباتات تنتج إشارة أيضية في لحظة لجوئها إلى ضبط ساعتها البيولوجية مساءً، ما يضمن لها الحفاظ على ما يكفيها من طاقة للنجاة خلال ساعات الظلام، عندما يتعذَّر عليها القيام بعملية "التمثيل الضوئي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال هؤلاء إنّ تلك العملية تنطوي على مجموعة من الجينات يتولّى تنظيمها، كما هو معلوم، مركب كيماوي يُسمى "الأكسيد الفائق" superoxide، وهو جزيء متصل بنشاط أيضي.

اللافت أنّ هذا الاكتشاف يُظهر للمرة الأولى كيف أنّ عمليات التمثيل الغذائي الخاصة بالنباتات تحافظ على تناغمها مع حركة الزمن، ما يساعدها في "معرفة الوقت الذي ينبغي أن تنمو فيه".

وفق العلماء، قد تساعد هذه المعلومات البشر على زراعة المحاصيل في بيئات ومواسم وخطوط عرض مختلفة، أو حتى في بيئات اصطناعية وحدائق عمودية.

قال الدكتور مايك هايدون، كبير الباحثين في الدراسة، من "كلية العلوم الحيوية" في "جامعة ملبورن"، "إنّ معرفة الوقت المحدّد الصحيح لهذه الدورة اليومية من التمثيل الغذائي أمر مهم حقاً لأنّ فهمها على نحو خاطئ يؤثِّر سلباً في نمو النباتات وبقائها على قيد الحياة.

وأضاف، "لا يمكن للنباتات أن تقصد الثلاجة في منتصف الليل إذا شعرت بالجوع، لذا يتعيَّن عليها أن تتنبأ بالمدة التي يستغرقها الليل كي تتوفّر لها طاقة كافية تسمح لها بالصمود حتى شروق الشمس- أشبه بضبط منبه."

سبق أن كشف الباحثون أنّ تراكم السكريات الناتجة من عملية "التمثيل الضوئي" يساعد في إعطاء النباتات معلومات مهمة حول كمية السكر المتولِّدة في الصباح، ويسمح لها بضبط معدّله.

وقال الدكتور هايدون، "وجدنا الآن أنّ إشارة أيضية مختلفة، تسمى الأكسيد الفائق، تشتغل عند الغسق وتغيِّر نشاط جينات الساعة البيولوجية مساءً"، لدى النباتات.

 "كذلك تبيَّن لنا أنّ تلك الإشارة تؤثِّر في نموّ النبات. ونعتقد أنّها قد توفِّر معلومات للنبات حول النشاط الأيضي عندما تغرب الشمس"، وفق كلمات الدكتور هايدون.

يأمل الباحثون، كما قالوا، في أن تصبح الدراسة أداة مهمة تسهم في جهود ترمي إلى إنتاج كمية إضافية من الغذاء، يمكن التعويل عليها بدرجة أكبر.

في سياق متصل، أضاف البروفيسور إيان غراهام، من "جامعة يورك"، "إنّ تحديد تأثيرات الضوء والسكريات في عملية التمثيل الغذائي ينطوي على صعوبات كثيرة".

وتابع، "تشير بياناتنا إلى دور جديد يؤديه "الأكسيد الفائق" فيُرسل إشارة إيقاعية متصلة بالسكر تعمل مساءً، وتؤثر في التعبير الجيني اليومي للنباتات ونموّها".

جدير بالإشارة أنّه على الرغم من أنّ زهرة "الأرابيدوبسيس" تندرج ضمن الأعشاب، غير أنّها كانت النبتة الأولى في العالم التي تخضع لعملية تحديد تسلسل الجينوم الكامل الخاص بها، وما زالت واحدة من الأنواع الحية الشهيرة المُستخدمة في دراسة كثير من خصائص النباتات، كتطوّر الزهور واستشعار الضوء، على المستوى الجزيئي.

(نشر البحث في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية"  Proceedings of the National Academy of Sciences PNAS )

© The Independent

المزيد من بيئة