Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قناة "جي بي نيوز" توظف في غمرة استفحال البطالة البريطانية

تمويل أولي للقناة بقيمة 60 مليون جنيه إسترليني لكن المعروف عن وسائط الإعلام الجديدة الحاجة إلى المزيد من التمويل بعد انطلاقها 

الإعلامي المخضرم والمعلق السياسي أندرو نيل سيقود قناة جي بي نيوز البريطانية (غيتي)

مع صدور تقارير قاتمة أخرى عن البطالة، ووصول العدد الرسمي للعاطلين من العمل في بريطانيا إلى 1.72 مليون، وهو أعلى مستوى منذ خمس سنوات، هناك على الأقل بعض الأشخاص الذين يعرضون وظائف جديدة.

ونعني بهؤلاء "جي بي نيوز" GB News، القناة الجديدة التي يرأسها أندرو نيل (إعلامي بريطاني مخضرم) والتي وُصفت في بعض المواقع بالنظير البريطاني لـ"فوكس نيوز" الأميركية Fox News، وهذا بالضبط ما لا يحتاجه بلد شديد الانقسام يتخبط في مواجهة وباء كورونا وتداعيات بريكست وانهياره المحتمل ربما.

ففي الآونة الأخيرة، أطلقت القناة عملية البحث عن 140 "مخترعاً ومبتكراً جذرياً" لمساعدتها في إنجاح مسعاها لتغيير معالم الأخبار التلفزيونية والوصول إلى أجزاء من الأمة يُفترض أنها لا تحصل على القدر الكافي من خدمات المحطات الإذاعية الراسخة، على غرار "بي بي سي" BBC وقناة "سكاي" Sky.

وفي هذه الأجزاء الواقعة خارج حدود العاصمة، يعيش مشاهدون من ذوي العقليات المحافظة. وقد لا يكون هؤلاء محرومين كلياً من الإعلام، بوجود النصيب الأكبر من الصحف الوطنية بعيداً من لندن، نذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر، "ذي تلغراف" The Telegraph و"ديلي ميل" Daily Mail و"ديلي إكسبرس" Daily Express، "ذي تايمز" The Times و"ذي صان" The Sun،  ولكننا نتحدث عن الأخبار الإذاعية هنا.

وفي هذا الخصوص، أعلن الرئيس التنفيذي لـ"جي بي نيوز"، أنجيلوس فرانغوبولوس، أن القناة "ستلتزم العمل الصحافي المحايد"، وقد فُسر كلامه على أنه محاولة فجة لإسقاط المقارنات مع "فوكس".

ولكن الحياد، في أيامنا هذه، كما يظهر لعين الرائي لا كما يجب أن يكون. فـ"فوكس نيوز" هي كل شيء عدا كونها حيادية، ومع ذلك نجحت في إظهار نفسها بمظهر المحايدة، سواء من خلال رفع شعارات من قبيل "عادلون ومتوازنون" و"نحن نقدم التقارير وأنتم تقررون" أو من خلال عقد أهمية كبيرة على الفصل بين مذيعيها في "الأخبار" غير المتحيزة من الناحية الاسمية ومحتوى "الرأي والتعليق" Opinion شديد التحزب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتمثل أولى هذه الانقسامات في تقدم "فوكس" على سائر الشبكات الإخبارية في إعلان فوز جو بايدن في ولاية أريزونا وإثارة غضب ترمب ومناصريه. يليها انتقاد بعض كبار العاملين في المحطة لمزاعم ترمب وحلفائه غير المثبتة بتعرض الانتخابات الرئاسية لعمليات تزوير واسعة النطاق.

هذا في الوقت الذي كان يقوم فيه مقدمو "الرأي" بالعكس تماماً، ففي كل مرة كانوا يتطرقون فيها إلى نظريات المؤامرة ونقاط الحوار السياسية اليمينية المتشددة، كانوا يتخطون كل الحدود، إلى أقصى مدى، إلى درجة استفزاز أصحاب الإعلانات.

وما تُحاول "جي بي نيوز" فعله اليوم بتقسيم القناة إلى فقرات "لا بد من مشاهدتها" والاستعانة بمجموعة من المضيفين المتعنتين "من أصحاب الآراء الحادة"، يُشبه إلى حد كبير ما فعلته "فوكس" ولا تزال.

وعلى النقيض من الولايات المتحدة، لدى بريطانيا قواعد حياد ولديها كذلك هيئة تنظيمية (أوفكوم) مكلفة إنفاذ هذه القواعد. لكن البرامج الإذاعية وجدت سبيلاً للتذاكي على الهيئة وقواعدها، من طريق توظيف مقدمي برامج يختلفون في آرائهم ورؤاهم، كما هي الحال في الـ"أل بي سي" LBC التي تضم نيك فيراري ولاين دايل، ناهيك عن البطل الليبرالي جيمس أوبريان. وتجدر الإشارة إلى أن قواعد "أوفكوم" لا تشترط إتاحة فترات متساوية في زمن البث للطرفين كليهما.

وبالعودة إلى "جي بي نيوز"، فهي لا تفتقر إلى التمويل بعدما خصصتها كل من المجموعة الإعلامية الأميركية "ديسكفري" Discovery ومدير صندوق التحوط بول مارشال وسواهما، بمبلغ يُناهز 60 مليون جنيه استرليني (أي نحو 80 مليون دولار أميركي). وهي ستحتاج حتماً إلى هذا المبلغ؛ فالأخبار التلفزيونية ستكلفها الكثير، حتى وإن لم تكن تنوي التعاطي بالأخبار المتداولة التي تتخصص بها محطات الأخبار، نظير "بي بي سي" و"سكاي".

وبالنسبة إلى "سكاي" التي تُعد اليوم حجر الزاوية في المشهد البريطاني، فقد ظلت لسنوات عديدة تتكبد الخسائر. وقبل أن تنتقل ملكيتها أخيراً إلى "كومكاست" Comcast، كانت لا تزال في يد مؤسسها روبرت ميردوخ، الذي رأى فيها جزءاً أساسياً من القطاع وكان مستعداً لتحمل عبء تكاليف تشغيلها، في الوقت الذي تشكل فيه قناة "فوكس نيوز" طاغوتاً تجارياً ومصدر ربح كبير له ولأعماله بعدما باع معظم عملياته الترفيهية إلى شركة "ديزني" Disney.

وفي الوقت الحاضر، تمثل "فوكس نيوز" جزءاً راسخاً لا يتجزأ من سوق أكبر بكثير.

ويُمكن لمحطة تلفزيونية مستوحاة منها جزئياً على الأقل، أن تكون أقرب ما يمكن إلى عالم رقمي تخلت فيه مشاريع عديدة عبر الأطلسي عن منصات البث التقليدية لصالح "يوتيوب". ومن الأمثلة البارزة على ذلك، شبكة "ذا يونغ توركس" The Young Turks التقدمية التي تضم أكثر من 5 ملايين مشترك عبر "يوتيوب" وتقدم إضافات للأعضاء الذين يدفعون.

وعادةً ما يُقال، إن الانتكاسات والأزمات هي أفضل الأوقات لإطلاق مشروع جديد أو شركة جديدة. وفي الظروف الاستثنائية التي تمر بها بريطانيا حالياً، يُمكن لافتعال المشاكل وإثارة النعرات بدعم من وسائل التواصل الاجتماعي أن يشكل طريقة جيدة لاستقطاب العين، وهذا فعلاً ما سيحدث.

لكن هل يسع "جي بي نيوز" أن تعول على الفضائح والهجمات الإعلانية ونجومية مضيفيها الرئيسين لبناء شريحة مستدامة من المشاهدين؟ هذا هو السؤال الذي يساوي 60 مليون جنيه استرليني.

فالمعروف عن شركات الإعلام الجديدة، أنها لا تكون متسقة ومترابطة في بداياتها، ويمكنني أن أشهد على ذلك بعد انضمامي إلى "ذا سبورتسمان" The Sportsman، الصحيفة الوحيدة التي توقفت عن العمل في عز عطائها.

ونظراً إلى واقع القطاع الذي تتواجد فيه القناة الجديدة، أرى بأن فرص الممولين بالتفتيش مجدداً في جيوبهم والاستثمار على أعلى مستوى، كبيرة.

© The Independent

المزيد من متابعات