Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوق الدواء في الجزائر تسيطر عليه مافيا متواطئة

معركة يدفع ثمنها المواطنون مع اقتراب موعد التلقيح ضد كورونا

سوق الأدوية في الجزائر باتت ساحة معركة بين المستوردين والمنتجين المحليين (الإذاعة الجزائرية)

أخذ قطاع الدواء في الجزائر منعرجاً خطيراً بعد إعلان نقابة الصيادلة عن "302 دواء مفقود في السوق، بين المصنّع محلياً والمستورد"، وما زاد قلق المواطنين هو تزامن "الاختفاء" مع اقتراب موعد اقتناء لقاح كورونا.

مليارا دولار

ويبدو أن حرب الأدوية بدأت في الجزائر مع بداية التلقيح ضد كورونا في العالم. وكشف رئيس نقابة الصيادلة الخواص مسعود بلعمبري، عن ندرة في الأدوية لا مثيل لها، وقال للإذاعة الحكومية إن "ندرة الدواء واقع لا يمكن التستر عليه أو إنكاره، كما لا يمكن الاستهانة بالوضع الذي بلغناه".

مضيفاً، "لم نصل إلى ندرة بهذا الحجم بإحصاء ما لا يقل عن 300 دواء مفقود"، ومشيراً الى أن من بينها أدوية تتعلق بتخثر الدم اختفت خلال الأشهر الأخيرة بعد إدراجها ضمن البروتوكول الصحي لمعالجة المصابين بفيروس كورونا، واستغرب بلعمبري ندرة أدوية منتجة محلياً من 15 مصنعاً. موضحاً، "استبشرنا باستحداث وزارة الصناعة الصيدلانية وإعطائها صلاحية توقيع برامج الاستيراد وترقية الصناعة المحلية، غير أنه لا نتيجة لغاية اليوم". وانتقد تصريحات سابقة لمسؤولين تحدثت عن صفر ندرة مع نهاية السنة، وخفض فاتورة الاستيراد بـ 500 مليون دولار، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة في ظل ملياري دولار هي كلفة استيراد الدواء سنوياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تدخل السلطات

واستدعت تصريحات الندرة التي أثارت جدلاً تدخل المسؤول الأول عن قطاع الدواء في البلاد، إذ أكد وزير الصناعة الصيدلانية عبدالرحمن بن باحمد، لوكالة الأنباء الرسمية، أن "لوبيات الاستيراد تحاول بث الشكوك في ما يتعلق بالمنتجات المصنوعة محلياً"، مشدداً على أن الحديث عن عدم توفر بعض الأدوية الحيوية صدر عمداً بهدف تقويض جهود وزارة الصناعات الصيدلانية التي هي بصدد وضع خطة عمل فريدة، تساعد في محاربة تضخيم الواردات، وضمان نمو كبير في الإنتاج المحلي. وقال إن سياسته تزعج هذه "اللوبيات" لأنها سمحت من خلال شهادة التنظيم بالكشف عن عدد الشركات التي كانت تضخّم فواتير سعر المنتج إلى 130 ضعفاً.

تضارب

من جانبها، أكدت جمعية الموزعين الصيدلانيين الجزائريين أن الإعلان عن ندرة تتجاوز الـ 300 دواء أمر مبالغ فيه، لأن العدد الحقيقي لا يتجاوز الـ 100 صنف، وأوضحت في بيان أن "اتهام الموزعين بأنهم مصدر المشكلة أو المستفيدون منها يضرّ بهم، لأنه إضافة إلى المرضى فهم أيضاً ضحايا هذا الوضع بسبب الضغوطات التي فرضت عليهم، مما يزيد من صعوبة ممارسة مهنتهم في هذه الظروف الصحية الاستثنائية"، محذرة من أن "تكثيف هذه التصريحات المسيئة سيؤدي إلى زيادة مخاوف المواطنين وخصوصاً الذين يعانون أمراض مزمنة، ويدفع بهم إلى تخزين كميات من الأدوية، وبالتالي فتوسع هذه الندرة سيشمل أصنافاً أخرى".

واقع يتطلب إعادة النظر

في السياق، رأى مدير تطوير الأعمال بشركة دوائية الدولية، مراد ملاح، أنه لا يمكن أبداً إغفال التقدم الملاحظ في الصناعة الدوائية المحلية بالجزائر، وهو ثمرة جهود مقدرة قام بها القطاع الخاص الذي تحدى واقعاً مريراً مؤسفاً، لكن بعض الأدوية الأصلية التي تخضع للملكية الفكرية لا يمكن تعويضها، بخاصة ما تتعلق بأمراض السرطان وزراعة الأعضاء وغيرها من الأمراض المزمنة، مما يجعل الندرة مسلسلاً يومياً يحرم كثيراً من المرضى الجلسات العلاجية، مبرزاً أن المؤسف في كل ذلك هو عبثية التعاطي مع الأمر، ففي غياب خريطة دوائية واضحة تردفها استراتيجية محلية لتوطين الحاجات الدوائية، "تخرج علينا بعض التصريحات الغريبة والمؤسفة من قبيل التصريح الأخير لوزير الصناعات الصيدلانية، حين اتهم المستوردين بإثارة الإشاعات، وأن الندرة غير حقيقية، والهدف منها هو تقويض استراتيجية فريدة من نوعها يقول الوزير إنه بصدد إعدادها، مما يعطي فكرة عن طريقة تسيير الشأن العام في البلاد"، منتقداً القفز على المشكلة الحقيقية واللجوء إلى حديث المؤامرات عندما يتعلق الأمر بندرة الأدوية.

وتابع ملاح أن واقع الأدوية في الجزائر يتطلب إعادة النظر في ترتيب الأولويات، وهذا الملف بالذات موزع بين جهات عدة، فرُخص استيراد الأدوية تصدر عن وزارة الصحة باعتبارها المسؤولة عن توفيرها، لكن عندما يتعلق الأمر بالندرة يتدخل وزير الصناعات الصيدلانية، ثم إن نجاعة الأدوية وجودتها من مهمات وزارة الصحة باعتبارها المسؤولة عن الصحة العمومية للمواطنين، لكن مختبر مراقبة جودة الأدوية تم إلحاقه أخيراً بسلطة وزارة الصناعات الصيدلانية، "وهكذا يجزئون المجزأ لتضيع الملفات، ويضيع معها المرضى الراكضون خلف الأدوية لعلهم يظفرون بها".

تحذيرات

في الشأن ذاته، حذر رئيس نقابة مستخدمي الصحة العمومية إلياس مرابط من انتشار ظاهرة بيع الأدوية الاستشفائية في الأسواق السوداء ومواقع التواصل الاجتماعي بضعف أسعارها، بسبب ندرتها غير المسبوقة في المستشفيات والصيدليات، معتبراً ذلك السلوك غير أخلاقي من طرف أشخاص يستغلون الندرة لتحقيق الأرباح على حساب المرضى، داعياً السلطات المعنية إلى التحرك وتوفير الأدوية تجنباً لمزيد من التجاوزات والمعاناة. وانتقد الصيدليات التي تبيع الأدوية من دون وصفة طبية، مما أسهم في انتشار التجارة غير الشرعية للأدوية، وارتفاع أسعارها.

وبخصوص ذلك، عبر مراد ملاح عن أسفه، وقال إن الجزائر التي أنجبت ألمع الباحثين والأطباء والصيادلة والخبراء في مجالات الكيمياء والبيوتكنولوجيا، يضطر مواطنوها إلى البحث عن الأدوية في مواقع التواصل الاجتماعي، مع ما يحمله هذا السلوك من أخطار حقيقية، مشدداً على أنه إذا كانت الرقابة على الأدوية المباعة في الصيدليات تواجه عراقيل كثيرة في ظل استفحال البيع خارج القنوات الرسمية، فكيف السبيل إذا بات الدواء متداولاً في السوق السوداء؟ وأضاف أنه منزلق خطير سيزيد أعباء المنظومة الصحية المرهقة أصلاً بسبب الضغط جراء كورونا من جهة، وترهل وضعف وقدم المنشآت الصحية وقلة وسائل العمل من جهة أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات