ملخص
يعد المقلع مصدراً لحجر القدس المعروف بلونه الفاتح والذي يستخدم في واجهات مباني المنطقة ليضفي عليها طابعاً معمارياً مميزاً، وما زالت بعض المباني والأدلة شاهدة على استخدامه في الأراضي المقدسة وحتى خارجها وعلى وجود مقالع لاستخراجه، منذ أكثر من 2000 عام وحتى ثلاثة آلاف عام.
في مقلع للحجارة جنوب الضفة الغربية، تعمل الآليات على نحت واستخراج الحجر الجيري من الجبال الصخرية البيضاء الشاهقة الممتدة على مساحات شاسعة.
يقول فرج الأطرش إن المقلع الواقع قرب بلدة بيت فَجَّار جنوب الخليل "يعتبر مصدر الرزق الرئيس لكل المنطقة".
ويعد المقلع مصدراً لحجر القدس المعروف بلونه الفاتح والذي يستخدم في واجهات مباني المنطقة ليضفي عليها طابعاً معمارياً مميزاً، وما زالت بعض المباني والأدلة شاهدة على استخدامه في الأراضي المقدسة وحتى خارجها وعلى وجود مقالع لاستخراجه، منذ أكثر من 2000 عام وحتى ثلاثة آلاف عام.
حرب اقتصادية
لكن الأطرش وهو رجل خمسيني يشير إلى أن "مصدر رزقنا وعيشتنا دائماً مهدد... أشعر أن الاحتلال صار يحاربنا على الجبهة الاقتصادية".
ويخشى الأطرش على عمله من توسع المستوطنات الإسرائيلية أو مصادرة إسرائيل معدات المقلع ومن الأزمة المالية الخانقة في الأراضي الفلسطينية.
تسببت الحرب على غزة والتي اندلعت إثر هجوم مباغت شنه مقاتلو "حماس" على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بضربة قاسية للاقتصاد الفلسطيني الذي كان يعاني أصلاً من تدهور.
وبحسب تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، عُرض في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، فإن الأراضي الفلسطينية "تمر حالياً بأشد أزمة اقتصادية تم تسجيلها على الإطلاق".
ومنذ اندلاع الحرب وتصاعد العنف في الضفة الغربية، نشرت إسرائيل مئات الحواجز الحديدية في أنحاء الضفة ما أدى إلى شلِّ حركة النقل التجاري وعرقلة الحركة عامة.
كذلك، فاقم وقف تل أبيب منح العمال الفلسطينيين تصاريح للعمل داخل إسرائيل، من تدهور الوضع الاقتصادي عموماً.
التكاليف المتصاعدة
قرب مدينة سعير شمال محافظة الخليل في جنوب الضفة الغربية، تمتلك عائلة إبراهيم جرادات مقلعاً للحجارة منذ أكثر من 40 عاماً.
ويقول جرادات "هناك مشكلات في التصدير والتسويق، بخاصة أننا كُنا نصدر الحجر لإسرائيل، وبعد السابع من أكتوبر واجهتنا صعوبات كبيرة".
ويرى جرادات أن السلطة الفلسطينية التي تتمتع بسيطرة مدنية جزئية على بعض مناطق الضفة الغربية هي اليوم على شفا الإفلاس.
وبحسب الأطرش فإن الخدمات العامة تمر بأسوأ حالاتها على الإطلاق، وشهدت أسعار المياه والكهرباء ارتفاعاً ملحوظاً.
وتفيد غرفة تجارة وصناعة الخليل، بأن مقالع الحجارة تسهم بنسبة 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني وتوفر فرص عمل لنحو 20 ألف عامل.
ويصدّر 65 في المئة من إنتاج المقالع إلى السوق الإسرائيلية إذ تفرض بعض البلديات استخدام حجر القدس في البناء.
ويقول أبو وليد غيث (65 سنة) وهو صاحب مقلع إن "أغلب المشترين يهود، ويعيدون بيع الحجر لقطاع البناء".
ويعرب غيث عن أسفه لما وصفه بأنه غياب تضامن الدول العربية التي يقول إنها لا تشتري كميات كافية من الحجر.
مناطق (ج)
وإضافة إلى كل تلك العوائق، تواجه صناعة الحجر أخطاراً جمة.
تقع معظم مقالع الحجر وعددها نحو 300 في الضفة الغربية في المنطقة المصنفة (ج) وفقاً لاتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين، وهذه الأراضي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وتنتشر فيها المستوطنات.
ويقول أحد أصحاب المقالع الذي فضل عدم ذكر اسمه "يمر العديد من المستوطنين الإسرائيليين هنا، وإذا ضمت إسرائيل فلسطين، فستبدأ بهذه المناطق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويناقش وزراء الحكومة الإسرائيلية التي تعتبر الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، مشاريع قوانين توسعية تهدف إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية أو كلها.
ورصدت الأمم المتحدة منذ بدء تتبع بيانات الاستيطان في عام 2017، تسارعاً في وتيرة البناء الاستيطاني، وذلك وفقاً لتقرير حديث للأمين العام للأمم المتحدة.
وتُعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ويتطلب العمل في المحجر جهداً جسدياً كبيراً لكن الكثير من الفلسطينيين ليست لديهم أي خيارات أخرى.
ويقول الأطرش بينما كان العمال الـ10 الذين يعملون لديه يتحركون ذهاباً وإياباً في المقلع الذي تغطيه سحب من الغبار الأبيض "ترون كم العمل متعب وصعب".
وفي المحجر المجاور، كان معلم جغرافيا سابق يكافح السعال وصعوبة الرؤية بسبب العمل الشاق.
ويقول المعلم الذي انقطع راتبه الذي كان يتقاضاه من السلطة الفلسطينية بسبب الأزمة المالية، إنه اضطُر للبحث عن أي عمل متوافر ليعيل عائلته.
ويشكو معظم العمال الذين تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية، معاناتهم من آلام في الظهر والعينين والحلق.
ويقول ليث ديرية الذي يعمل في نحت الحجارة "نسميّه الذهب الأبيض، مردوده المادي كبير".
ويضيف "لكن اليوم كل شيء معقد وصعب، من الصعب أن نفكر في المستقبل... الناس لا يملكون المال، ومن يملكه يخاف من الإقدام على البناء".