Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عشر سنين لـ"اتفاق إطار": "الثنائي الشيعي" وأميركا وإسرائيل

السؤال البسيط هو: ألم يكن تأليف "حكومة مهمات" لإنقاذ لبنان أكثر إلحاحاً؟

لا أحد يعرف ما الذي تنتهي إليه المفاوضات "في ما يخص الحدود البحرية" بين لبنان وإسرائيل (أ ب)

شرق المتوسط هو المسرح الجديد للعبة الأمم حول النفط والغاز. صراعات تدعو الاتحاد الأوروبي إلى تهديد تركيا المعتدية على اليونان وقبرص بالعقوبات. واتفاقات قادت حتى الآن إلى تحويل "نادي الغاز" إلى "منظمة" مركزها مصر. وكل دول المتوسط، تقريباً، سبقت لبنان في ترتيب مصالحها واستثمار مواردها. فالوطن الصغير محكوم بتركيبة سياسية لا تصدق المثل القائل، "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك". هي على مهلها في الاستجابة لإنقاذ لبنان الذي يتسارع انهياره. وليست على عجلة في استثمار النفط والغاز، وإن استعجلت الإعلان عن أن لبنان صار في نادي الدول النفطية. وما أكثر ما ضاع علينا، ونحن في عز الحاجة إلى التفكير في واقعنا الصعب وإصلاحه لبناء المستقبل، بدل أن نبقى أسرى أيديولوجيا غيبية تأخذ المنطقة كلها إلى الماضي.

عشر سنوات للتوصل إلى "اتفاق إطار" يرسم خريطة طريق المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل. اتفاق إطار وضعت نصه الإدارة الأميركية، ووصفه وزير الخارجية مايك بومبيو بأنه "اتفاق تاريخي"، وتولى التفاوض عليه من الجانب اللبناني رئيس المجلس النيابي رئيس حركة "أمل" نبيه برّي بالتفاهم مع "حزب الله". وهما "الثنائي الشيعي" الذي أفشل مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان، واتهم الولايات المتحدة الأميركية بتفشيلها و"التآمر" على لبنان. وهناك بالطبع جهات هاجمت الاتفاق ودعت إلى رفضه بحجة أنه "اعتراف بالعدو الإسرائيلي من خلال ترسيم الحدود معه" كما جاء في بيان للحزب الشيوعي. وليس قليلاً عدد الذين سخروا من موافقة "محور المقاومة والممانعة" على التفاوض مع "الشيطان الأصغر" الصهيوني بوساطة "الشيطان الأكبر" الأميركي. ومن الذي سيقوم بدور "الوسيط والمسهّل" في المفاوضات؟ إنه ديفيد شنكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، الذي اعتبره "الثنائي" رأس الحربة في "المؤامرة" الأميركية. وهو متحمس للمفاوضات التي ستبدأ يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، في مقر الأمم المتحدة وتحت علمها في رأس الناقورة برعاية "فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة  لشؤون لبنان". وحين سُئل: لماذا صار الاتفاق ممكناً وليس على مدى عشر سنين، أو أقله قبل ثلاث سنوات حين تولى الوساطة السفير ديفيد ساترفيلد، أجاب، "لا أعرف لماذا حصل هذا الآن". لكنه يعرف حاجة إسرائيل ولبنان إلى استثمار الموارد وحاجة إيران وبالتالي "حزب الله" إلى "تهدئة" مع أميركا وإسرائيل. ويعرف معنى أن يدير المحادثات في شأن اتفاق الإطار الطرف الذي يمسك بقرار الحرب والسلم في لبنان وهو "حزب الله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا أحد يعرف ما الذي تنتهي إليه المفاوضات "في ما يخص الحدود البحرية" حيث "سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة". وهذه المرة يستعيد رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية في التفاوض وعقد الاتفاقات، ويكلف الجيش اللبناني التفاوض. وهو تفاوض "تقني" على ترسيم حدود، لا تفاوض على اتفاق سلام. هل تفشل المفاوضات، إذا تبدلت حسابات إيران أو أميركا أو إسرائيل؟ هل تنجح؟ عام 2012 لعب الدبلوماسي الأميركي سابقاً فريديريك هوف، دوراً مهماً في "ديبلوماسية المكوك" بين بيروت وتل أبيب، وترك لنا ما سمي "خط هوف". كان الخلاف على 860 كيلومتراً مربعاً. والتسوية التي اقترحها هوف هي تقسيم منطقة الخلاف، بحيث يأخذ لبنان 468 كيلومتراً مربعاً، وإسرائيل 392 كيلومتراً مربعاً. لكن بيروت رفضت. فهل يستعيد لبنان كل منطقة الخلاف أم أقل؟ وما معنى أن نضيع ثماني سنوات من أصل عشر، ونرى بقية البلدان تبدأ التنقيب وبعضها يبدأ استخراج الغاز، ثم نصطدم من جديد بأن تعيدنا أميركا وإسرائيل إلى "خط هوف" أو إلى تعديل عليه؟

كان منطق بيروت في الرفض، أن حل الخلاف يجب أن يبدأ من تحديد نقطة الحدود البرية، التي على أساسها يتم تحديد الحدود البحرية. وهو ما لم يحصل. واليوم، فإن مسألة البدء والربط بين الحدود البرية والبحرية تبدو "غامضة" عن قصد في اتفاق الإطار. ولا ضمان سوى تعهد الولايات المتحدة في الفقرة السادسة من الاتفاق بأن "تعتزم بذل قصارى جهودها مع الطرفين للمساعدة في تأسيس جو إيجابي، وبناء مع الطرفين والمحافظة عليه من أجل إدارة المفاوضات واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن".

والسؤال البسيط هو، ألم يكن تأليف "حكومة مهمات" لإنقاذ لبنان أكثر إلحاحاً؟ ماذا لو طالت المفاوضات وبقينا بلا حكومة؟ ماذا نفعل بالغاز إذا وصلنا إلى إنتاجه؟ وكيف نبيعه، إذا بقينا خارج "منظمة الغاز" شرق المتوسط، لأن إسرائيل عضو فيها؟ شيء ما يوحي، بأن لبنان لا يزال أسير اهتمامات وحسابات أكبر في مشروع إقليمي إيراني. وشيء ما يقول، إن اقتراب الانهيار من الاكتمال قد يؤدي إلى تبدل، بالاضطرار أو بالخيار، في الاهتمامات والحسابات.

وقديماً تحدث تاليران عن "التعاون مع الحتمي".

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة