Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حراك الجزائر "يُبعد" الأحزاب الإسلامية

يرفض عدد كبير من الجزائريين ما يعتبرونه "اختطاف" مطالبهم من طرف بعض الأحزاب السياسية المحسوبة على المعارضة أو تلك التي تمثل تياراً معيناً كالتيار الإسلامي

جزائريون يشاركون في تظاهرة "جمعة الرحيل" (أ.ف.ب)

على الرغم من محاولة أحزاب المعارضة التقرّب من الشارع الغاضب من السلطة الحاكمة والوضع القائم في البلاد، إلا أن كل محاولات قادتها باءت بالفشل. تماماً كما حصل مع عبد الله جاب الله، رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي، الذي "طُرد" من المسيرة الشعبية الرابعة، التي وصفت بالأضخم منذ بداية الحراك في 22 فبراير (شباط) الماضي.

خطوة إلى الوراء

يرفض عدد كبير من الجزائريين ما يعتبرونه "اختطاف" مطالبهم من طرف بعض الأحزاب السياسية المحسوبة على المعارضة أو تلك التي تمثل تياراً معيناً كالتيار الإسلامي، الذي لم يُعد يحظى بشعبية مع تراجع أدواره وفرصه في الإقناع مقارنة بالسنوات الماضية.

وبيّنت واقعة "طرد جاب الله" أن المتظاهرين يرفضون محاولة إخوان الجزائر الركوب على موجة الاحتجاجات الشعبية العارمة التي تشهدها الجزائر، رفضاً لقرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تمديد "العهدة الرابعة" وتأجيل الانتخابات الرئاسية من دون أي سند قانوني.

ويُعتبر جاب الله واحداً من الوجوه الإسلامية البارزة في الساحة الجزائرية، وله حضور في الحياة السياسية على مدى السنوات العشرين الماضية. ودخل العمل السياسي الإسلامي مبكراً، محاولاً تأسيس خطاب إسلامي معتدل.

وكان جاب الله من بين ستة مرشحين أعلنوا انسحابهم قبل الاقتراع الرئاسي، في العام 1999 في أول ولاية لبوتفليقة، لكنه عاد إلى الترشح إلى الانتخابات الرئاسية في العامين 2004 و2009، من دون أن يحقق نتائج مرضية. وفي 30 يوليو (تموز) 2011، أعلن في تجمع شعبي حاشد تأسيسه حزباً سياسياً جديداً رفقة العديد من الشخصيات الوطنية، وحمل الحزب اسم جبهة العدالة والتنمية. وفي 10 فبراير 2012 عقدت جبهة العدالة والتنمية مؤتمرها التأسيسي بحضور أكثر من 10 آلاف شخص، وأنتخب جاب الله رئيساً للجبهة.

مساعٍ لقيادة المعارضة

بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية 2019، باشرت جبهة العدالة والتنمية، التي يرأسها جاب الله، عقد لقاءات مع أقطاب المعارضة، التي باتت تجتمع في شكل دوري لبحث التطورات التي تشهدها البلاد، من أبرزها رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، وهو رئيس حكومة أسبق، ورئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية عبد الرزاق مقري، بالإضافة إلى شخصيات معارضة أخرى تضم شخصيات ونشطاء سياسيين وحقوقيين وأساتذة جامعيين.

وناقشت المعارضة في أول لقاء لها مشروع المرشح التوافقي إلى الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في 18 أبريل (نيسان)، قبل أن تؤجل بقرار من بوتفليقة. لكن بعد المسيرة المباغتة التي خرج فيها الجزائريون إلى الشارع يوم 22 فبراير، أعاد جاب الله تجديد خطاب المعارضة على وقع الشارع المنتفض، معلناً دعمها الحراك الشعبي ودعوتها الرئيس بوتفليقة إلى عدم الترشح إلى ولاية خامسة.

وباتت أحزاب المعارضة تحسب خطواتها مع تحركات الشارع، إذ تطالب اليوم بضرورة تطبيق نص المادة 102 من الدستور الجزائري، التي تُعلن بموجبها حالة شغور منصب الرئاسة والدخول في مرحلة انتقالية لا تقودها السلطة الحالية.

لكن على الرغم من مساعي جبهة العدالة والتنمية إلا أن التجاوب الشعبي مع المعارضة غير موجود. وفي السنوات الماضية، تراجعت فرص الإسلاميين في تصدّر المشهد السياسي، خصوصاً في ظل ظاهرة الانشقاقات التي مسّت جميع الأحزاب الإسلامية وتسبّبت في تفككها إلى أحزاب عدة، بالإضافة إلى تضاؤل قدراتهم الانتخابية لأسباب متراكمة. كما أثرت فيهم الهزائم التي مُني بها التيار الإخواني في العالم العربي عقب الثورات العربية، وجعلتهم يعيدون التفكير في منهجهم السياسي وأهدافهم الإستراتيجية.

التطبيع مع السلطة

من بين أسباب تراجع التيار الإسلامي في الجزائر التهم التي طاولته بالتطبيع مع السلطة. وهو ما حصل مع رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية، الذي واجه موجة انتقادات غير مسبوقة سواء من طرف رفاقه في المعارضة أو من قبل الجزائريين، عقب ترويجه مشروع تمديد ولاية بوتفليقة وتأجيل الانتخابات حتى حصول التوافق، وهي المبادرة التي طرحها على الأحزاب وجُوبهت بالرفض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأثار هذا المقترح نقاشاً وجدلاً واسعَين. واعتبر البعض أن إخوان الجزائر أبرموا صفقة مع السلطة الحاكمة من أجل التفاوض على مناصب في الحكومة بعد الانتخابات الرئاسية، خصوصاً بعد تسريب لقاء جمع مقري وشقيق الرئيس بوتفليقة الأصغر، السعيد، الذي يشاع أنه الحاكم الفعلي في الجزائر منذ إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية في العام 2013.

لكن يبدو أن الشباب المشارك في الحراك الشعبي، والمواكب تطوّرات الثورة الرقمية، أصبح أكثر وعياً وإدراكاً بمفرزات التجربة الفاشلة التي عايشها الجزائريون أثناء توقيف المسار الانتخابي، والدخول في عشرية دموية، أدت إلى سقوط حوالي 250 ألف قتيل، بينما لا يزال البعض منهم مفقوداً إلى اليوم من دون أن تجد عائلاتهم أي أثر لهم.

وبناءً على هذا المعطى، يرفض المتظاهرون انخراط أي حزب معارض في حراكهم الشعبي، لاعتقادهم أن هؤلاء مجرد واجهة وأداة في يد النظام الحاكم، وهو ما جعل البعض يؤكد أن حراك الشارع تجاوز كل المؤسسات والأحزاب.

ويظهر ذلك من خلال الشعارات المرفوعة من قبل المتظاهرين في المسيرات الأربع الماضية، التي تمحورت غالبيتها حول ضرورة الحفاظ على السلمية ونبذ كل أشكال العنف، أو السقوط في فخ التحزّب أو النزاعات الجهوية والعرقية التي لا تخدم حراكهم.

لكن في الجهة المقابلة، يعتقد الدبلوماسي السابق والمعارض عبد العزيز رحابي أن توجيه الاتهامات إلى المعارضة يحمل كثيراً من الإجحاف والمغالاة، بالنظر إلى أن "العمل السياسي في الجزائر ليس مسألة هينة، بسبب تركيبة النظام التي تسعى إلى إخماد كل صوت معارض لها، وتعتبره تهديداً لها".

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل