Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آمال ساندرز تتلاشى بعد اقتراب بايدن من ترشيح الديمقراطيين

فوز نائب الرئيس السابق بولاية ميشيغان يُغير الحسابات ويقلب الموازين  

بايدن متحدثاًَ إلى أنصاره في مدينة ديترويت في ولاية ميشيغان (رويترز)

شكلت خسارة المرشح الرئاسي الديمقراطي السناتور بيرني ساندرز ولاية ميشيغان التي فاز بها ضد هيلاري كلينتون قبل أربع سنوات، ضربةً ساحقة لمسيرته التنافسية لما حملته هذه الخسارة من دلالات تقلب الموازين وتغيّر الحسابات في ما تبقى من جولات في الانتخابات التمهيدية ضد نائب الرئيس السابق جو بايدن. وتُعد أهم الدلالات المثيرة لإحباط السناتور التقدمي هو تحول غالبية الناخبين البيض من غير خريجي الجامعات والطبقة العاملة بعيداً عنه، بعدما شكلوا جزءاً أساسياً من قاعدته الشعبية في انتخابات عام 2016 التمهيدية، فضلاً عن فشل ساندرز في إضافة أعداد ضخمة من الناخبين الجدد الشباب إلى قائمة مؤيديه، في وقت نجح فيه خصمه بايدن في حشد أصوات النساء والأميركيين الأفارقة مع الناخبين البيض في ضواحي المدن والمناطق الريفية على حد سواء، ليحقق بذلك نجاحاً رائعاً ليس في ميشيغان فقط وإنما في كل من ميسوري وميسيسبي وأيداهو.
وعلى الرغم من تقدم ساندرز الطفيف في ولايتَي نورث داكوتا وواشنطن، إلا أن ذلك لا يبدو كافياً لمنحه الطاقة الكافية لاستكمال السباق الرئاسي بالقوة ذاتها التي كان اكتسبها خلال الأسابيع الأولى من الانتخابات التمهيدية.


10 أيام من التحول

مسيرة التحول التي بدأها جو بايدن قبل نحو 10 أيام في ولاية كارولينا الجنوبية والتي تواصلت باكتساح مذهل يوم "الثلاثاء الكبير" في 3 مارس (آذار) الحالي، ثم بترسيخ آخر لسلسلة انتصاراته في أربع ولايات، عكست أكثر من كونها مجرد "حظ سعيد" لنائب الرئيس السابق الذي اقترب من أن يصبح المرشح الرئاسي المحتمل لحزبه.
واحتشد خلف بايدن تحالف قوي متعدد الأعراق في ولايات الجنوب والغرب الأوسط الأميركي يشمل الأميركيين الأفارقة والناخبين البيض في المناطق الحضرية والريفية، بالتوازي مع أصوات التيار الوسطي المعتدل في الحزب الديمقراطي، ما ساهم كثيراً في محو انتكاساته المحرجة الشهر الماضي في ولايتي آيوا ونيوهامبشير خلال الأيام الأولى من الانتخابات التمهيدية.
وساعد خروج المنافسين من تيار الوسط مثل الملياردير مايكل بلومبيرغ وبيت بوتيجيدج وآيمي كلوباتشير ودعمهم جميعاً له، بالإضافة إلى مساندة لاحقة من مرشحين رئاسيين سابقين مثل كاميلا هاريس وكوري بوكر وأندرو يانغ، في حشد شريحة معتبرة من الناخبين خلف بايدن الذي نال في الوقت ذاته دعماً قوياً من المؤسسة الحزبية الديمقراطية التي تعتقد أن بايدن هو صاحب الفرصة الأفضل لمنافسة قوية ضد الرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترمب.


لغة حذرة
 

بلغة واقعية حذرة وغير احتفالية، ألقى بايدن كلمة أمام مؤيديه في مدينة فيلادلفيا ليؤكد أن الناخبين وضعوه على خطوة أقرب، تهدف لاستعادة ما وصفه بالكرامة والشرف والاحترام في البيت الأبيض، لكن نائب الرئيس السابق كان مدركاً في لحظة انتصاره، عجزه عن الوصول إلى البيت الأبيض من دون كسب أصوات مؤيدي ساندرز من الناخبين الأصغر سناً والأكثر ليبرالية، الذين لا يزالون خلفه حتى الآن، ولهذا حاول بايدن استقطابهم عبر دغدغة مشاعرهم بتوجيه الشكر لهم ولساندرز، فضلاً عن كلمات تمتدح طاقتهم الدؤوبة.


رمزية ميشيغان
 

شكّل التنافس على الفوز بولاية ميشيغان رمزية كبيرة لكلا المرشحَين، حيث قدّم كل منهما نفسه على أنه الشخص الوحيد القادر على استعادة سيطرة الديمقراطيين على الغرب الأوسط خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ظل بايدن يتفاخر منذ فترة طويلة بعلاقته مع الناخبين من الطبقة العاملة هناك، بينما بقي ساندرز يتمتع بتألق سياسي مستمر منذ فوزه المفاجئ على هيلاري كلينتون قبل 4 سنوات في تلك الولاية، لكن عدم تمكن ساندرز من تكرار هذا الانتصار المتميز ضد خصم أكثر شعبية، من شأنه أن يقوض حجته بأنه المرشح القادر على إحداث تغيير واسع وأنه فقط الذي يستطيع تحفيز الناخبين.


نذير شؤم
 

وتُعد خسارة ساندرز ولايتي ميشيغان وميسوري نذير شؤم له، لأن هاتين الولايتين كانتا تعكسان قوته بين ناخبي المناطق الريفية في ولايات الغرب الأوسط الأميركي عام 2016 بسبب معارضة هؤلاء الناخبين لهيلاري كلينتون. لكن الأمر اختلف ضد بايدن، حيث تعرض ساندرز لهزيمة نكراء في جميع أنحاء الريف في الولايتين، كما شاهد الناخبين البيض من الطبقة العاملة الذين كانوا أحد أعمدة حملته الانتخابية قبل أربع سنوات يتحولون بعيداً عنه بشكل ملحوظ.
والأهم من ذلك، أن انتخابات العاشر من مارس (آذار) الحالي، شكلت انطلاقة مهمة لبايدن وأصبح على وشك تحقيق ميزة لا يمكن التغلب عليها بعدما فاز بأغلبية أعداد المندوبين المتنافس عليهم في هذا اليوم وهو 365 مندوباً. وإذا فاز بايدن بفارق كبير الأسبوع المقبل في ولاية فلوريدا – كما تتوقع استطلاعات الرأي – فقد يكون من المستحيل على ساندرز اللحاق بغريمه، ما قد يشكل بداية النهاية للسناتور التقدمي.
وترك غياب ساندرز عن مخاطبة مؤيديه عقب الإعلان عن النتائج الأولية، فراغاً غير عادي في الفضاء الذي شغلته شخصيته الصاخبة في ليالي الانتخابات بعدما فقد مكانته التي اكتسبها خلال الأسابيع الأولى من السباق الرئاسي كمرشح تقدمي يتصدر منافسيه في سباق اتسم بصراع بينه وبين مرشحي التيار الوسطي في الحزب الديمقراطي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تأثير كورونا
 

ويعزو مراقبون سبب انتصارات بايدن جزئياً إلى المناخ السائد حالياً في الولايات المتحدة من عدم استقرار اقتصادي والخوف من فيروس كورونا كتهديد واسع للصحة العامة في البلاد، وهو ما ساهم في تعزيز وضع بايدن كنائب رئيس سابق يعد بقيادة ثابتة في مواجهة وعود ساندرز بثورة وتحول اجتماعي.
كما ساهم انهيار سوق الأوراق المالية في وول ستريت وتخوفات الأسواق بشكل عام حيال المستقبل في خلق مزاج عام لدى الديمقراطيين الراغبين في إلحاق الهزيمة بالرئيس ترمب الذي تتعرض إدارته لانتقادات من الديمقراطيين حول سرعة استجابتها لمواجهة الفيروس.


المهمة المستحيلة  

    

 ويواجه ساندرز الآن مهمة مستحيلة تتمثل في كيفية رسم طريق للمضي قدماً في سباق، إذ تم الكشف عن تكتيكات حملته الانتخابية ورسالته السياسية وقاعدة ناخبيه من الشباب الأكثر ليبرالية، والشعبية المتزايدة التي يتمتع بها في أوساط الأميركيين من أصول تنتمي إلى دول أميركا اللاتينية (اللاتينوز). وكافح ساندرز كثيراً كي يحرز بعض التقدم في الدوائر الانتخابية التي لم ترحب بحملته عام 2016، لكنه فقد شعبيته مع بعض الجماعات التي ساندته باعتباره بديلا وحيداً لهيلاري كلينتون.

وفي دلالة مهمة على أن ساندرز سيعاني كثيراً في تنافسه على ولايات الغرب الأوسط مع بايدن، أظهرت استطلاعات أن الأخير فاز بدعم أعضاء النقابات بفارق 25 نقطة متفوقاً بذلك على ساندرز. ويشير ذلك إلى أن رسالة ساندرز الشعبوية وانتقاداته لسجل بايدن في ملف التجارة، فشلت في إضعاف شعبية الأخير.


الجولات المقبلة

تجذب أنظار متابعي الانتخابات التمهيدية، الولايات الكبيرة متعددة الأعراق، حيث يتمتع بايدن بمزايا ودعم قويَين، لاسيما في ولايتي فلوريدا وجورجيا، ومن المقرر أن يلتقي بايدن وساندرز في فينيكس وجهاً لوجه للمرة الأولى في السباق منذ انسحاب باقي المرشحين. وقد يواجه ساندرز ضغوطاً من أنصاره لإلحاق أضرار بمنافسه، لكن ذلك قد يؤدي إلى رد فعل عنيف. وبينما يستعد الديمقراطيون بشوق إلى تحدي الرئيس ترمب في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن ناخبين ديمقراطيين كثر يعتبرون أن بايدن هو المرشح الذي تتوافر معه فرصةً أفضل للفوز بالانتخابات.

المزيد من تحلیل