Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد استقالة سلامة... الخيار العسكري يتقدم في ليبيا

"توازن القوى سيطيل أمد الحسم العسكري نحن أمام احتمالات مخيفة وصعبة"

أضرار في أحد منازل العاصمة الليبية طرابلس نتيجة ضربة صاروخية (أ.ف.ب)

مع استقالة غسان سلامة وتجميد المسار التفاوضي بأقسامه الثلاثة، واصلت الأذرع العسكرية لطرفي النزاع الليبي اشتباكاتها المسلحة في العاصمة طرابلس، من دون تنديد ولا تهديد من البعثة الأممية هذه المرة، بعد أن حزم موظفوها حقائبهم، تاركين خلفهم معارك مشتعلة ونزاع متقد وألف سؤال وسؤال حول مستقبل الأزمة.

وفي جديد المعارك العسكرية، التي لم تهدأ وتيرتها لليوم السادس على التوالي، نشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، فيديو يوضح تقدم القوات المسلحة في منطقة عين زارة جنوب طرابلس، مؤكدةً مواصلة تقدمها في هذا المحور وتقهقر قوات "الوفاق".

من جانبها، أعلنت عملية "بركان الغضب"، التابعة لحكومة طرابلس، إخلاء مطار معيتيقة الدولي من الموظفين والمسافرين، بعد تعرضه لقصف جديد من قبل الجيش.

وقالت في منشور عبر موقعها الرسمي الثلاثاء، إنه جرى "إخلاء مطار معيتيقة الدولي من الموظفين والمسافرين بعد صعود بعضهم للطائرات، إثر استهداف قوات الجيش المطار بعشرات الصواريخ".

وتبنت غرفة عمليات الجيش في المنطقة الغربية القصف، قائلةً إنه "أصاب أهدافه بدقة في قاعدة معيتيقة"، وإن المدفعية تمكنت من تدمير غرفة عمليات من وصفتهم بـ"المرتزقة الأتراك" في القاعدة، مؤكدةً أن "الخسائر البشرية والمادية التي أوقعها القصف كانت كبيرة".

وانتقد وزير الداخلية في حكومة "الوفاق" فتحي باشا آغا الجيش على خلفية هذه التطورات العسكرية، قائلاً "اتجهنا إلى الحوار، وما زلنا مصرّين عليه، ونعتقد أنه جرى الانتقال من الخرق لوقف إطلاق النار، إلى بدء هجوم عسكري من الجيش، إذ تتعرض محاور العزيزية والرملة وعين زارة إلى هجمات عدّة، وهذا ليس في صالح حفتر، لأن دفاعنا سينتقل إلى الهجوم".

مقتل عناصر سورية

وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الجيش اللواء أحمد المسماري "رصد مكالمات للعصابات الإرهابية السورية التي جنّدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتصدي للجيش"، على حد تعبيره.

وأضاف في بيان، أنّ "وحدات الاستطلاع الإلكتروني تمكّنت من رصد مكالمات يؤكد المتحدث السوري خلالها مقتل 35 مسلحاً سورياً من لواء السلطان مراد في محور صلاح الدين، جنوب طرابلس".

حفتر: لا حل مع الميليشيات

وفي تصريح جديد يؤكد تمسك الجيش بالحل العسكري في ليبيا، قال حفتر إن "كل الحلول التي طُرحت لحل الأزمة الليبية لن تتحقق إلاّ بعد القضاء على الميليشيات الإرهابية التي لم تحترم تعهداتها بوقف إطلاق النار، وتقصف حالياً المقرات المدنية داخل الأحياء السكنية في العاصمة طرابلس".

جاء ذلك خلال استقباله وفداً ضم مستشارين وسفراء دول فرنسا وإيطاليا وألمانيا في مقر القيادة العامة في بنغازي، لبحث آخر التطورات السياسية والعسكرية في ليبيا.

وشدّد حفتر خلال اللقاء، بحسب المكتب الإعلامي لقيادة الجيش، على "أحقية القوات المسلحة في استمرار سعيها لتحرير كامل التراب الليبي، وذلك وفاء لمشوار تضحيات أبنائها".

استمرار تداعيات استقالة سلامة

في سياق منفصل، ما زالت تداعيات استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة متواصلة، إذ خرج المسؤولون في الجيش والبرلمان عن صمتهم، الذي دام يوماً واحداً، وهاجم الطرفان سلامة، محمّلين إيّاه مسؤولية تعقّد الأزمة وما آلت إليه الأمور في البلاد.

وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش العميد خالد المحجوب، إن "المبعوث الأممي للدعم في ليبيا، ارتكب عدداً كبيراً من الأخطاء التي حالت دون تحقيق أي تقدم أو توافق في ليبيا".

واعتبر في تصريحات صحافية أن "المسار العسكري لم يتحقق فيه أي نتائج ملموسة"، مشيراً إلى أن "سلامة دائماً ما كان يتغاضى عن أساس الأزمة، وهي معضلة وجود الميليشيات، التي لا تمتثل للحكومة ولا للشرعية"، لافتاً إلى أن "بناء رؤية الحل جاءت على قاعدة غير شرعية، نظراً إلى أن اتفاق الصخيرات لم يكتمل".

وأكد المحجوب "أن الجيش يتعامل مع جسم غير شرعي، وأن المعارك أوقفت من أجل حلّ الميليشيات وتسليم أسلحتها، لا من أجل تشكيل أجسام أخرى تزيد تعقيد الوضع"، مؤكداً أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق، في ما يتعلق باجتماعات اللجنة العسكرية (5+5).

برقية احتجاج وشجب

في المقابل، صرّح المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، بأن "المجلس استأنف جلسته الرسمية في مدينة بنغازي الثلاثاء، لمناقشة المسار السياسي للحوار الليبي، الذي ترعاه الأمم المتحدة، إضافةً إلى تدخلات البعثة الأممية والتجاوزات الأخيرة للمبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، تجاه مجلس النواب".

وأضاف أن "المجلس قرّر إرسال برقية احتجاج وشجب للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشأن التصريحات الصحافية الأخيرة لسلامة، وتقديم اعتراض على هذه التصريحات، خصوصاً أنه يمثل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ولم يصدر عنه أي موقف تجاه هذه التصريحات غير المقبولة"، من دون أن يحدّد في بيانه ماهية هذه التصريحات ووقت صدورها.

معركة خلف المعارك

وبعيداً من الجدل الذي ما زالت تثيره استقالة المبعوث الأممي، نشرت مصادر صحافية ليبية متطابقة تفاصيل تطور الخلافات بين ميليشيات تابعة لحكومة "الوفاق" من مدينتي مصراتة والزنتان وبعض الكتائب في طرابلس.

وكانت هذه الخلافات قد ظهرت إلى العلن بعد تصريحات مثيرة للجدل، أطلقها باشا آغا، اتهم فيها ميليشيات مسلحة في طرابلس بالتغول على حكومته، ما أثار غضب هذه الميليشيات، التي بدأت بإطلاق سلسة من التهديدات تجاه بعضها البعض.

ونقلت المصادر الصحافية عن شهود عيان أن هذا الخلاف تطور في اليومين الماضيين إلى اشتباكات مسلحة بين مسلحين من مدينة الزنتان، تابعين لأبرز قادة المدينة أسامة جويلي وكتائب من مصراتة في منطقة الكريمية جنوب طرابلس.

وما عزز صحة هذه الأخبار تصريحات أدلى بها القيادي في مدينة مصراتة سمير الصفروني، طالب فيها بـ "إقالة أسامة جويلي واستبعاده من الغرفة الرئيسة لبركان الغضب"، مؤكداً أن "غرفة البنيان المرصوص (تابعة لمصراتة) بما فيها من أخطاء، أفضل مئة مرة من الغرفة الرئيسة للبركان".

وقال إن "المئات بل الآلاف من المقاتلين في الجبهات يرددون جملة واحدة وهي جويلي إرحل، ودع الغرفة لمن يقدّر تضحيات الشباب، منذ عشرة أشهر لم نر منك إلاّ التخاذل".

وتعليقاً على التطورات المتسارعة في المشهد الليبي، اعتبر الباحث والأكاديمي جمال الشطشاط أنه "مع رحيل سلامة الذي حصل وسط عودة المعارك إلى طرابلس وعجزه عن إخمادها مجدداً، يكشف عن أن التصعيد هو ما تتجه إليه الأمور في الأيام المقبلة".

وأضاف في حديث لـ"اندبندنت عربية"، "أعتقد أن كل التصريحات من مسؤولي الطرفين تظهر أن حبال الوفاق مقطوعة تماماً بينهما. وبرحيل سلامة، أعتقد أن كل الجسور التي حاول مدها بين الطرفين انهارت، وصعب جداً أن ينجح المبعوث الجديد إلى ليبيا في ما فشل به سلامة وخمسة مبعوثين قبله في وقت قصير"، ويضيف "لذلك اعتقد أن الصدام العسكري سيستمر في الفترة القريبة المقبلة، وتوازن القوى سيطيل أمد الحسم العسكري. نحن أمام احتمالات مخيفة وصعبة وكل شيء فيها وارد".

المزيد من العالم العربي