Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقررات برلين تحبط الأطراف الليبية... وتركيا "الخاسر الأكبر"

يعتبر مراقبون أن النجاح الحقيقي كان في تقريب وجهات النظر

نجح مؤتمر برلين في جمع الليبيين من كل الأطراف والأطياف والتوجهات على رأي واحد لأول مرة منذ زمن، إذ اتفقوا على أنه كان دون مستوى التطلعات وحجم الدعاية التي سوّقت له، بعد الكشف عن مقرراته النهائية التي لم تختلف كثيراً عمّا تمخّضت عنه كل المؤتمرات الدولية السابقة حول ليبيا، إلاّ في بعض نقاطه التي اتُّفق عليها بعد مخاض عسير من المباحثات، كان فرسانها يناقشون حلول الأزمة من دون حضور الليبيين أنفسهم.

تقارب وجهات النظر الدولية

يعتبر مراقبون أن النجاح الحقيقي الذي تحقق في برلين كان في تقريب وجهات النظر وخلق رؤى موحدة ومواقف متماسكة بين الفاعلين الدوليين والإقليميين في الأزمة الليبية، بعدما فشلت غالبية المؤتمرات السابقة في توحيد المواقف الدولية تجاه الأزمة، حتى في جلسات مجلس الأمن التي تعددت من دون طائل منها.

ويقول السفير المصري ومساعد وزير الخارجية الأسبق محمد حجازي في تصريحات تلفزيونية "إن الهدف الأساسي من عقد مؤتمر برلين كان وضع خريطة طريق يرعاها المجتمع الدولي تسعى إلى الالتزام بالحل السياسي ووقف إطلاق النار فى ليبيا ومراقبته، ووقف التدخلات في البلاد، وإعلاء شأن الحل السياسي دون الحل العسكري، واحترام حظر توريد الأسلحة"، موضحاً أن "إعلان برلين سيرسل إلى مجلس الأمن الدولي لإصدار بيان ملزم".

لا غالب ولا مغلوب

ويرى مراقبون أن مقررات المؤتمر التي بلورها البيان الختامي كانت محبطة للأطراف الليبية، إذ لم تنصر طرفاً على آخر، ولم تُدن خصماً دون خصمه فرفض التصعيد والحل العسكري لم يكن مرضياً للجيش ومن يصطف معه وهو الذي تقف قواته على مشارف الحسم العسكري في طرابلس ومصراتة بعد معارك امتدت لسنوات، بينما إدانة التعاون مع الجهات المصنفة إرهابية وعدم الانفصال عنها والتوصية بحل الميليشيات المسلحة غير النظامية كافة لا تسعد بالطبع حكومة الوفاق والموالين لها وإجبار تركيا على التعهد بعدم التدخل عسكرياً في الصراع الليبي، أفقدها حليفها الاستراتيجي الأول الذي ساندها بكل السبل السياسية والعسكرية على مدار الأزمة. وبهذا، عادت الأطراف الليبية من برلين كما وصلت إليها بلا غالب ولا مغلوب.

في المقابل، يقول الصحافي الليبي فوزي نجم في حديث لـ"اندنبدنت عربية" إن "المسودة الختامية عبثية ومليئة بالكلام الإنشائي البعيد من الواقع"، واصفاً إياها بأنها  "نسخة مطورة عن اتفاق الصخيرات الذي فشل تماماً في حل الأزمة الليبية"، ومعتبراً "مسودة برلين متراجعة بخطوات عن حقائق الواقع، بخاصة أنها ما زالت تتكلم عن حل الميليشيات، بينما التطورات تقول إن هناك مرتزقة وإرهابيين ثبُت أكثر من مرة وصولهم إلى طرابلس ولم تناقش برلين مصير هؤلاء ولم تذكر تشكيل لجان للتحقق من وجودهم وإخراجهم من ليبيا".

ويضيف "أكدت برلين مجدداً، أن حل الأزمة الليبية ليس رهيناً بالأطراف المحلية، وأن الأزمة نتاج لتصفية حسابات دولية وصراع مصالح دولية في البلاد"، منتقداً "عدم تحديد إجراءات فعلية لتطبيق ما اتفق عليه المجتمعون على الورق، إذ كيف يعتقد البعض أن توصيات برلين ستطبق إذا كان قرار صادر من مجلس الأمن بفرض حظر توريد السلاح إلى ليبيا يُنتهك كل يوم والعالم يراقب من دون رد فعل حقيقي من المجتمعي الدولي بأجسامه المختلفة".

ويرجّح نجم عودة الحرب في طرابلس وعدم صمود الهدنة لوقت طويل بعدما خيّبت برلين الآمال.

تعليق من الوفاق واجتماع للبرلمان

في سياق متصل، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج في بيان تفاصيل اجتماعات برلين وما تقرر بعدها، وورد فيه "أن مؤتمر برلين اختتم فعالياته برعاية الأمم المتحدة ومشاركة زعماء 11 دولة معنية بالنزاع الليبي بينها روسيا وتركيا، إضافة إلى أربع منظمات دولية، بالدعوة إلى تشكيل لجنة عسكرية لبحث آليات وقف دائم لإطلاق النار".

وأضاف البيان أنه "تم إعلان استمرار الهدنة والعمل خلال الأيام القادمة لتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار من خلال لجنة (5 + 5) كما تم إعلان وقف التدخلات الخارجية واحترام حظر الأسلحة إلى ليبيا والتأكيد على خطة المبعوث الأممي إلى ليبيا بالسير في ثلاثة مسارات متحدة ومتوازية عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية، تشكل مجتمعةً مساراً للتسوية الشاملة".

تركيا الخاسر الأكبر

يرى محللون أن تركيا كانت الخاسر الأكبر في التجمع الدولي حول ليبيا، بعد أن أعلن البيان الختامي للمؤتمر، ولمّح إلى التجاوزات التركية وتدخلها غير المقبول في الصراع الليبي في أكثر من نقطة، إضافة إلى تصريحات غالبية المسؤولين رفيعي المستوى المشاركين في المؤتمر الذين طالبوا أنقرة بالكف عن تدخلها في ليبيا، ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مغادرة برلين قبل نشر البيان الختامي، ما اعتُبر إشارة صريحة إلى عدم الرضا عمّا دار في العاصمة الألمانية وأُقرّ فيها حول ليبيا.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد طالب بإنهاء وجود المقاتلين السوريين والأجانب في طرابلس على الفور بحسب ما نقلت عنه رويترز، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، "جميع من وصفهم بالمنخرطين في الصراع، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى بذل كل جهد من أجل دعم وقف فعلي للأعمال العدائية وإسكات البنادق".

في السياق ذاته، يؤكد الدبلوماسي المصري محمد حجازي أن مقررات برلين شكّلت صفعة لأنقرة، قائلاً "رسالة برلين كانت واضحة إلى تركيا، إذا ما ارتكب أردوغان خطأ مثل توريد أسلحة إلى ليبيا، فسيكون في عداء ومخالفة صريحة للقانون الدولي". ولفت إلى أنّ "تركيا كانت مقصودة ببنود عدّة، مثل وقف تقديم السلاح، والبنود التي أشارت إلى  الميليشيات القادمة من سوريا".

نجاح لمصر؟

تحدثت مصادر عدّة عن نجاح الدبلوماسية المصرية في أروقة مؤتمر برلين وتحقيقها لأهدافها التي تحفظ مصالحها، خصوصاً في الجانب المتعلق بحماية أمنها القومي، وذلك من خلال تشديد البيان الختامي على مكافحة نشاط الميليشيات المسلحة ومحاربة الإرهاب والأهم وضع حد فاصل لأحلام خصمها اللدود تركيا بالتدخل العسكري في الصراع الدائر في جارتها الغربية.

 ويؤكد السفير علي الحنفي، نائب وزير الخارجية المصري السابق من جهته "أن الدبلوماسية المصرية لعبت دوراً كبيراً في إيجاد حلول للأزمة الليبية، وأن الرئيس السيسي، حمل على عاتقه الكثير لحلّها، وأجرى اتصالات رفيعة المستوى مع زعماء العالم، لتوضيح خطورة ما يحدث في ليبيا".

خروقات للهدنة

وفي الوقت الذي كان مؤتمر برلين يعقد جلساته التي تحاول إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، كانت محاور جنوب العاصمة طرابلس تشهد اشتباكات بين قوات الجيش الوطني  والقوات الموالية لحكومة الوفاق، تبادل الطرفان التهم حول من تسبب في إعادة إشعالها.

فمن جانبه، أكد المتحدث باسم قوات الوفاق محمد قنونو  "رصد خروقات متكررة لوقف إطلاق النار من قوات حفتر في محور الخلاطات بمحاولتهم التسلل بعد فتحهم النار تجاه قوات الوفاق".

من برلين إلى جنيف

صرح عدد من المسؤولين المشاركين في مؤتمر برلين أن البنود التي اتُّفق عليها في المؤتمر ستحال إلى مجلس الأمن قبل إقرارها في مؤتمر جنيف حول ليبيا الذي يُعقد الخميس المقبل.

ففي الوقت الذي كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن "أنه عقب انتهاء مؤتمر برلين، ستُرسل وثيقة المؤتمر إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة"، أضاف "في حديثه للصحافيين، أن الوثيقة تتضمن الأحكام الخاصة، وهي وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا".

المزيد من العالم العربي