Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومة السودان "مستعدة" للتواصل مع دول مؤيدة لـ"الدعم السريع"

القوات شبه العسكرية تتمدد في شمال دارفور وهجوم خاطف للجيش غرب الإقليم

استمرار موجات النزوح في مدينة الأبيض تفاقم أوضاع مئات الأسر السودانية (رويترز)

ملخص

في جنوب دارفور تابع الجيش السوداني شن غارات جوية بالطائرات المسيرة على مدينة نيالا عاصمة الولاية ومقر حكومة "تأسيس" الموازية، استهدفت سوقاً للوقود. ومنذ أيام عدة تشن المقاتلات الحربية ومسيرات الجيش غارات عنيفة ومتواصلة تستهدف مواقع لـ"الدعم السريع" داخل مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور.

أكد رئيس الحكومة السودانية المرتبطة بالجيش كامل إدريس استعدادها للتواصل مع الدول الداعمة لقوات "الدعم السريع"، وذلك بعد أيام من طرحه أمام مجلس الأمن الدولي، مبادرة لإنهاء الحرب.

وقال إدريس في مؤتمر صحافي في مدينة بورتسودان عقب عودته من نيويورك "هناك انطباع سائد بأننا نرفض السلام، ولكن هذه الزيارة دليل على أننا دعاة سلام وأن هذه الحرب قد فرضت علينا فرضاً"، في إشارة إلى المعارك التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع اعتباراً من منتصف أبريل (نيسان) 2023. وأضاف "حتى الدول الداعمة للدعم السريع سنسعى لتحسين علاقة السودان معها تمهيداً للسلام العادل وإنهاء الحرب بما يرضي أهل السودان قاطبة".

وفي حين لم يسم إدريس دولة بعينها، يكرر المسؤولون السودانيون اتهام الإمارات بمساندة قوات "الدعم السريع" وتزويدها بالسلاح، وهو ما تنفيه أبو ظبي.

وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين في ما تصفه الأمم المتحدة بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

"مبادرة السودان للسلام"

قدم إدريس لمجلس الأمن هذا الأسبوع "مبادرة السودان للسلام" التي تنص على انسحاب قوات "الدعم السريع" "من كافة المناطق التي تحتلها" تزامناً مع وقف لإطلاق النار "تحت رقابة مشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية".

وشدد إدريس على أن ذلك لا يعني نشر "أي قوات أممية" في السودان. كما أشار إلى أن المبادرة تشمل حواراً للاتفاق على "كيف يحكم السودان، ومن هذا الاتفاق ننطلق إلى الانتخابات الحرة المباشرة المراقبة دولياً".

ووصف إدريس اجتماعه في مجلس الأمن بالـ"موفق"، معرباً عن شكره للرئيس الأميركي دونالد ترمب ومبعوثه مسعد بولس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لجهودهم من أجل إنهاء النزاع.

وكانت جهود السلام التي تقودها "الرباعية الدولية" التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات، توقفت بعد اعتبار قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أن الإمارات منحازة لمصلحة قوات "الدعم السريع".

وتجددت المساعي الدبلوماسية الشهر الماضي بعد تعهد ترمب بإنهاء الصراع إثر لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وأعرب البرهان هذا الشهر عن استعداده للعمل مع ترمب لإنهاء النزاع، إثر محادثات في الرياض مع بن سلمان.

وأعلنت قوات "الدعم السريع" فرض قوات "تأسيس" مع الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، السيطرة على خزاني كامو أم بشر وأورشي بمحلية كرنوي، بولاية شمال دارفور، وانتزاعها من سيطرة الجيش والقوات المشتركة، مشيرة إلى اقترابها من محلية الطينة وحشد قوات كبيرة في المناطق القريبة منها. وأوضح بيان لتحالف "تأسيس" أن المناطق التي تمت السيطرة عليها "شهدت خلال الفترة الماضية اعتداءات ممنهجة وأعمال انتقام نفذتها عناصر من الجيش والقوات المشتركة، مستهدفة بشكل مباشر قيادات الإدارة الأهلية ومجموعات من المدنيين الأبرياء".

وكان "الدعم السريع" قد أعلنت في بيان إحكام سيطرتها على منطقتي أبو قمرة وأمبرو بولاية شمال دارفور.

مخاوف وطمأنة

وتعتبر محلية كرنوي، التي يطلق عليها محلياً "هيجا"، من المدن المهمة في إقليم دارفور، وتمثل معقلاً لقبيلة الزغاوة (دار زغاوة) ذات الأصول الأفريقية، كما أنها تمثل إحدى المناطق الحدودية المهمة التي تربط السودان بليبيا من الشمال وتشاد من الغرب، وتتميز بالثروة الحيوانية الكبيرة، والنشاط التجاري الواسع مما جعلها بوابة رئيسة للتبادل التجاري بين السودان وشمال أفريقيا. وأتى إعلان "الدعم السريع" دخولها محلية كرنوي وسط مخاوف جدية من تكرار مجازر مدينة الفاشر والتصفيات الإثنية التي شهدتها، كون المنطقة تمثل معقل قبيلة الزغاوة ذات الأصول الأفريقية المنتشرة على المناطق المحاذية للحدود السودانية - التشادية، وقاتلت بشدة ضدها، غير أن بيان تحالف "تأسيس" سعى إلى طمأنة المدنيين في المناطق التي دخلتها قواته بأنهم غير مستهدفين على الإطلاق، كونهم مواطنين يشكلون جزءاً أصيلاً من الشعب السوداني ويستحقون الحرية والعدالة والحياة الآمنة والكريمة.

من ناحيتها، أكدت القوات المشتركة لحركات مسار دارفور المسلحة "تصديها مع الجيش والمقاومة الشعبية لعدوان الميليشيات الغادر، وخوض اشتباكات مباشرة معها وإفشال هجومها ومخططها التخريبي، ومنعها من تحقيق أهدافها العدائية وراء تصعيدها الإجرامي ضد المدنيين العزل في عدد من مناطق شمال دارفور، وعلى رأسها مناطق أبو قمرة ومحيطها، في حملة ممنهجة لفرض واقع جديد بالقوة عبر القتل والتهجير القسري وترويع المواطنين والنازحين الذين سبق وفروا من جحيم الحرب في الفاشر ومناطق أخرى".

واتهم بيان للناطق الرسمي باسم القوات المشتركة الرائد متوكل علي أبوجا "قوات الميليشيات بارتكاب انتهاكات جسيمة في حق المواطنين وحرق قرى بكاملها، ونهب الماشية وممتلكات المواطنين، في سلوك إجرامي منظم يهدف إلى تفريغ تلك المناطق من سكانها وقطع سبل العيش عنهم، مما يشكل خرقاً فاضحاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية"، وأضاف البيان أن هذه القوات عاودت محاولة الهجوم على المناطق ذاتها "إلا أن قواتنا تصدت لها مجدداً وألحقت بها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وأجبرتها على التراجع".

هجوم خاطف

وأكدت القوات المشتركة بقاءها في مواقعها وأداء مهامها القتالية والوطنية في حماية المدنيين وتأمين مناطقهم والدفاع عن الأرض والعرض، محملة "الدعم السريع" المسؤولية القانونية والأخلاقية عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها. وأعلنت مصادر عسكرية أن الجيش والقوات المشتركة شنا هجوماً خاطفاً على تجمعات ومراكز تابعة لهذه القوات في منطقة بئر سليبة، شمال مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور، بهدف شل حركتها وقطع الطريق أمام أي محاولات لإعادة الانتشار أو التموضع.

في جنوب دارفور تابع الجيش السوداني شن غارات جوية بالطائرات المسيرة على مدينة نيالا عاصمة الولاية ومقر حكومة "تأسيس" الموازية، استهدفت سوقاً للوقود. ومنذ أيام عدة تشن المقاتلات الحربية ومسيرات الجيش غارات عنيفة ومتواصلة تستهدف مواقع لـ"الدعم السريع" داخل مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور.

في شمال كردفان وفي وقت تحشد "الدعم السريع" عدداً من مجموعاتها القتالية في كازقيل، 45 كيلومتراً جنوب مدينة الأبيض، أكدت مصادر عسكرية أن الجيش يواصل مع حلفائه التقدم وتأمين الطرق القومية، وتمكن من فتح الطريق الشرقي للعاصمة الولائية الأبيض، بعد مواجهات شرسة مع "الدعم السريع"، وتابع تحركاته الحثيثة لفتح طريق الأبيض - الدلنج بجنوب كردفان.

ومطلع الأسبوع استعاد الجيش السوداني السيطرة على بلدة علوبة التابعة لمحلية الرهد في ولاية شمال كردفان، شرق الأبيض وعلى الطريق الرابط بين شمال الولاية وجنوبها. وشهدت المنطقة طوال الأشهر الماضية معارك ومواجهات بين الطرفين، تبادلا خلالها السيطرة على مناطق عدة بشمال كردفان بخاصة في محيط عاصمة الولاية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودفع تكثيف "الدعم السريع" وحليفتها الحركة الشعبية - شمال قصفها وحصارها مدينتي الدلنج والعاصمة الولائية كادوقلي بجنوب كردفان، منظمات دولية وإنسانية إلى إجلاء موظفيها بشكل عاجل عن المنطقة. ووفق مصادر ولائية، فقد أجلت المنظمات موظفيها إلى خارج المدينة عقب إعلان تطويقها وتضييق الخناق عليها والتهديد باجتياحها.

وعقب سيطرتها على بلدة برنو شمال غربي العاصمة الولائية كادوقلي، مطلع الأسبوع الجاري، أعلنت "الدعم السريع" تطويقها المدينة بشكل كامل، في وقت تواصل مع حليفتها الحركة الشعبية - شمال تشديد الحصار على مدينة الدلنج.

مبادرات محلية

ومع تزايد حركة نزوح المدنيين من المدينة نحو مناطق آمنة مجاورة وفي خارج الولاية، بخاصة مناطق سيطرة الحركة الشعبية في كاودا، نشطت المبادرات المحلية من قبل الكيانات القبلية والأهلية لفتح ممرات آمنة لخروج المدنيين وتجنب المواجهات المباشرة. واستقبلت محافظة أبو كرشولا بجنوب كردفان نحو 48 أسرة تضم نحو 250 فرداً معظمهم من النساء والأطفال نزحوا من مدينة كادوقلي في رحلة طويلة وشاقة استمرت نحو أسبوع كامل، تعرضوا خلالها لنهب ممتلكاتهم من قبل عصابات مسلحة في الطريق.

واتهمت "شبكة أطباء السودان" "الدعم السريع" باقتياد 102 من النساء بينهن 29 طفلة و73 امرأة بمدينة المجلد، عقب اجتياحها مدينة بابنوسة بتهمة انتماء ذويهم للجيش، وترحيلهن قسرياً واحتجازهن في ظروف إنسانية بالغة السوء تفتقر إلى أبسط مقومات الرعاية الصحية والغذائية والنفسية. ومنذ العام الأول للحرب سيطرت هذه القوات على مدينة المجلد في الجزء الغربي لولاية غرب كردفان التي تعد مركزاً قبلياً مهماً لقبيلة المسيرية ومركزاً لعمليات استكشاف النفط.

وحمل بيان للشبكة قيادة "الدعم السريع" المسؤولية الكاملة عن سلامة المحتجزات، مطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهن، وضمان وصولهن الآمن إلى ذويهن، مع تمكين المنظمات الإنسانية والطبية من الوصول العاجل لتقديم الرعاية اللازمة لهن، وجددت الشبكة التأكيد أن احتجاز النساء والأطفال يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وللمواثيق التي تحظر استهداف المدنيين أو استخدامهم كوسيلة ضغط خلال النزاعات المسلحة، ويعرض المحتجزات لأخطار صحية جسيمة، بخاصة في ظل انعدام الخدمات الطبية وانتشار الأوبئة.

توافق سعودي - أميركي

في إطار المساعي السعودية - الأميركية، أعلن كبير مستشاري البيت الأبيض للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس توافقاً عملياً بين الرياض وواشنطن في شأن إنهاء الحرب في السودان. وأوضح بولس أن البلدين يعملان معاً لإيجاد أرضية حوار تنهي الأزمة في السودان الذي يشهد أكبر موجة نزوح في العالم، مما يحتم وضع الملف السوداني ضمن الأولويات الإنسانية والسياسية للبلدين. وشدد المبعوث الأميركي على أن الولايات المتحدة تعمل مع السعودية في إطار المجموعة الرباعية الدولية لدفع مسار السلام في السودان، بما يحقق الاستقرار ويضع حداً للانهيار الإنساني المتفاقم، مضيفاً أنه عقد اجتماعاً مثمراً مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز استعرضا خلاله أزمات المنطقة، وفي مقدمها الأزمة السودانية، وأسفر عن تقارب الرؤى حول سبل إنهاء الحرب ووقف معاناة المدنيين بالسودان.

وسط هذه الأجواء، بحث رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، بالعاصمة التركية أنقرة، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مستجدات الوضع في السودان والجهود الرامية لإحلال السلام، وتم استعراض الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإرساء السلام والاستقرار في البلاد، وبحسب بيان لمجلس السيادة، أكدت المحادثات ضرورة وقف الجرائم التي ترتكب ضد الشعب السوداني ومحاسبة المسؤولين عنها، إلى جانب سبل دفع العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين، وتطرقت إلى القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما الأوضاع في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، وموقف تركيا الداعم لوحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه. وأكدت تركيا استعدادها لتقديم كل ما من شأنه مساعدة السودانيين في مواجهة الظروف الإنسانية الراهنة، من خلال المساعدات التي تقدمها وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" في مجال العون الإنساني.

ووصل البرهان إلى العاصمة التركية أنقرة بدعوة من الرئيس التركي في إطار جولة خارجية بدأت بالرياض والقاهرة ويتوقع أن تكون محطته المقبلة قطر.

سلاح الاغتصاب

أممياً وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات ريم السالم الوضع الإنساني في السودان بأنه كارثي وأسوأ من كل التخيلات، وكشفت السالم، عقب زيارتها السودان لرصد أوضاع النساء والفتيات، في ولايات الجزيرة والخرطوم والبحر الأحمر والشمالية، عن أن العنف الجنسي والاغتصاب يستخدمان كسلاح حرب ممنهج في السودان، بهدف تفكيك المجتمع وكسر الكرامة الجماعية للمدنيين، ووصفت السالم نمط الانتهاكات بأنه يعكس سلوكاً منظماً ومتكرراً.

أضافت المقررة الأممية أن الانتهاكات الموثقة لا تمثل سوى جزء محدود من الواقع الفعلي، بسبب الصمت القسري الذي يجبر الضحايا على عدم الإبلاغ خوفاً من الوصمة الاجتماعية، مشيرة إلى تسجيل آلاف الحالات، بينها اعتداءات جماعية وحالات حمل قسري. وطالبت السالم المجتمع الدولي بالانتقال من مرحلة التوثيق إلى اتخاذ خطوات عملية لوقف الانتهاكات، وفرض المساءلة، وحماية النساء والفتيات، محذرة من أن استمرار الصمت الدولي يشجع على تكرار الجرائم.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات