Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من جنود إلى متداولين... هوس الأسهم و"المشفرات" يجتاح الجيش الأميركي

روح التنافس وازدهار الأسواق يدفعان العسكريين إلى بناء ثروات جديدة

أفراد الخدمة العسكرية في الجيش الأميركي يجنون ثروات من أسهم التكنولوجيا و"بيتكوين" (رويترز)

ملخص

انتشار العملات المشفرة داخل صفوف الجيش الأميركي "كالنار في الهشيم"، إذ استثمر بعضهم مبالغ ضخمة، وخسر آخرون مئات الآلاف جراء قرصنة أو انهيارات سعرية.

كان النقيب في قوات الفضاء الأميركية غوردون ماكالوه جالساً داخل طائرة عسكرية ذات مروحة على ارتفاع شاهق فوق سماء نيو مكسيكو الهادئة والمظلمة، في إحدى ليالي الأربعاء الماضية، عندما اشتعلت مجموعة الدردشة الخاصة بسربه.

أفراد السرب، بعضهم على الأرض وبعضهم في الجو، كانوا يجمعون بيانات للحرب الإلكترونية، لكن كانت لديهم أيضاً اهتمامات مالية، إذ قفز سعر سهم شركة "غوغل" فجأة خلال تداولات ما بعد الإغلاق.

وبمجرد أن هبط ماكالوه، شاهد الرسائل: أحد الضباط على الأرض أرسل لقطة خبر من السوق، ليرد آخر، "إلى القمر"، وكان ذلك اليوم في طريقه ليكون مربحاً لماكالوه وأصدقائه.

شبهت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تحقيق حمل عنوان "جنود يتحولون إلى متداولين: هوس الأسهم والعملات المشفرة يجتاح الجيش الأميركي"، القوات الأميركية  اليوم بـ"نادي الاستثمار" الأكثر فتكاً في العالم، قائلة إنه يبدو أنه يحقق أرباحاً استثنائية في السوق الصاعدة الحالية.

وتشير إلى أن أفراد الخدمة العسكرية في الجيش الأميركي يجنون ثروات من أسهم التكنولوجيا و"بيتكوين"، ويتبادلون نصائح حول عملات مشفرة غير معروفة على متن حاملات الطائرات، فيما تنتشر سيارات "بورشه" و"هامر" الجديدة في مواقف القواعد العسكرية مع ارتفاعات السوق القياسية.

ويظهر مؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي بزيهم العسكري، ليشرحوا للمتابعين كيف يمكنهم تحقيق الثراء كذلك.

طفرة مراكز البيانات

ماكالوه، وهو مهندس اختبارات طيران، يستثمر بكثافة في شركات الطاقة النووية، إذ يراهن على أن طفرة مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي سترفع الطلب على الكهرباء. وحتى الآن تسير الأمور على ما يرام، إذ تضاعف سعر بعض أسهمه منذ الربيع، على رغم أنه يتساءل إلى متى سيستمر هذا الصعود؟

يقول ماكلوه للصحيفة "أعترف أنني لا أفهم لماذا يواصل السوق الارتفاع بلا توقف".

على رغم بعض التذبذب الأخير، فإن أسعار الأسهم ارتفعت بقوة منذ أبريل (نيسان) الماضي، مما عزز ثروات العسكريين.

قوات الجيش الأميركي وصعود التشفير

تقول الصحيفة إن أفراد الخدمة العسكرية كانوا  من بين القوى الدافعة وراء صعود أسعار العملات المشفرة، الذي بدأ في خريف 2020 وبلغ ذروته في 2021.

وفقاً لتحليل "وول ستريت جورنال" لبيانات دائرة الضرائب الأميركية، جاءت ثمانية من أصل أعلى 25 رمزاً بريدياً في الولايات المتحدة من حيث الإبلاغ الضريبي عن استخدام العملات المشفرة بالقرب من قواعد عسكرية.

وتضاعف سعر "بيتكوين" أربع مرات في العام الحالي، وفي 2021 ارتفع عدد المناطق العسكرية ضمن القائمة إلى 11 من أصل 25.

هذه الهيمنة تراجعت في 2022، بعد انهيار أسعار العملات المشفرة، لكن تلك الطفرة القصيرة، إضافة إلى موجة "أسهم الميم"، أدخلت جيلاً كاملاً من العسكريين عالم الاستثمار بقوة.

القواعد العسكرية بيئة خصبة لجنون الاستثمار

على  رغم أن كثيرين من الجنوب مستثمرون طويلو الأجل يعتمدون على الصناديق المؤشرة، فإن بعضهم يخاطر في رهانات قصيرة الأجل أو يتركز استثماره في أسهم أو عملات قليلة. وغالباً ما يكونون صغاراً في السن، ولا يعرفون سوى النمو السوقي، ويفتقرون إلى أدوات التحوط، ولذلك فإن أي تصحيح كبير قد يلحق بهم ضرراً كبيراً، كما يقول الخبير المالي براين أونيل، وهو محارب قديم في سلاح الجو، وبينما يتحدث بعضهم عن خسائر كبيرة، فإن الغالبية تفضل الحديث عن النجاحات، فيقول أونيل للصحيفة "هناك ثقافة تباه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عانى بعضهم الارتفاع والهبوط مثل ضابط الصف في خفر السواحل برايسون ساوندرز، إذ بدأ بشراء عملة "دوغ كوين" في 2021 بعدما سمع مجندين آخرين يتحدثون عن الأرباح الضخمة، ثم اتجه إلى "بيتكوين" وأسهم مثل "غيم ستوب" و"أي شيء كان يشهد جنوناً".

حقق أونيل ربحاً في أسهم "تسلا"، لكنه خسر أكثر من 10 آلاف دولار في يوم واحد العام الماضي، بعد رهان على منتج مالي مرتبط بشركة "مايكروستراتيجي" التي تستثمر في "بيتكوين".

ومن ثم انتقل لاحقاً إلى الصناديق المؤشرة، فيما يجني 5 آلاف دولار شهرياً من عمله كمؤثر متخصص في مقاطع نصائح مالية للعسكريين على "تيك توك" و"إنستغرام".

تعد القواعد العسكرية بيئة خصبة لجنون الاستثمار، فهي مليئة بشباب يميلون للمخاطرة، ولديهم دخل ثابت وأوقات فراغ كثيرة، ولا حرج لديهم في الحديث عن المال.

تاريخياً كان العسكريون نشطين في الاستثمار، فبعضهم كان يشتري عقارات عبر قروض "شؤون المحاربين القدامى" من دون دفعة مقدمة، وآخرون كانوا يتداولون الذهب والماس في الثمانينيات وفي التسعينيات، سيطرت أسهم التكنولوجيا على اهتماماتهم.

لكن ظهور تطبيقات التداول والحرب على الإرهاب قد شكلا نقطة تحول، فخلال الانتشار في العراق وأفغانستان، حصل الجنود على بدلات مالية إضافية وإعفاء ضريبي، مما زاد دخولهم بصورة كبيرة، ودفعهم للبحث عن قنوات استثمارية.

نصائح استثمارية مختلفة

طيار الـ"أف 16" شون والش فتح أول حساب وساطة عام 2008 أثناء وجوده في العراق، وبين الطلعات، كان يناقش الاستراتيجيات الاستثمارية مع زملائه، وبحلول تقاعده في 2024، أصبح مليونيراً، وبالمثل، كان الطيار سبنسر ريس يتلقى نصائح استثمارية مختلفة أثناء نقل الجنود بين قرغيزستان وأفغانستان عام 2013. في أوائل 2020، انتشرت العملات المشفرة داخل صفوف الجيش "كالنار في الهشيم"، كما يروي أحد الضباط، إذ استثمر البعض مبالغ ضخمة، وخسر آخرون مئات الآلاف جراء قرصنة أو انهيارات سعرية.

أما "أسهم الميم"، فاجتاحت أيضاً القواعد العسكرية، إذ كان الجنود يشترون الأسهم فور تلقيهم نصيحة من زميل في الصف أو في صالة التدريب.

كثيرون خسروا أموالاً، مثل من اشترى أسهم "تشغ" بناء على نصيحة عابرة، قبل أن تهوي من 100 دولار وأكثر إلى دولار واحد تقريباً.

لكن على رغم الأخطار، ارتفعت ثروات عدد كبير من العسكريين، إذ يقول ضابط الصف ديريل بيلي إن ثروته وثروة زوجته وصلت إلى "ستة أرقام مريحة"، بفضل الصناديق المؤشرة.

ومع تزايد الثروة، أصبحت العلامات واضحة: ساعات "رولكس"، وسيارات فاخرة، ورهانات أكبر، لكن هناك مخاوف حقيقية من حدوث فقاعة، بخاصة مع وصول نسب السعر إلى الأرباح لمستويات تاريخية، وسيطرة عدد محدود من شركات التكنولوجيا على السوق.

وفي حين يرى البعض أن الوظيفة المستقرة والمعاش التقاعدي بعد 20 عاماً يمنحانهم حرية أكبر للمخاطرة، فإن آخرين يحذرون من أن أي انعكاس كبير للسوق قد يكون مؤلماً.

مع ذلك، لا تزال قصص المجازفة مستمرة، مثل الجندي البحري السابق مويسيس غونزاليس الذي خسر 20 ألف دولار في 2023 من التداول اليومي، ثم حقق 30 ألفاً في 2024، قبل أن يترك الجيش وينتقل إلى هاواي ليصبح متداولاً بدوام كامل، على رغم أنه ما زال يخسر مكاسب أيام كاملة في يوم واحد، ويقول "أربح 7 آلاف دولار خلال ثلاثة أو أربعة أيام، ثم أخسر كل شيء في اليوم الخامس".

اقرأ المزيد

المزيد من عملات رقمية