Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التضخم في إيران على أعتاب رقم قياسي تاريخي

يتوقع المتخصصون أن نسبته ستتجاوز حاجز 55% لاستمرار الركود وارتفاع البنزين وغياب التنسيق الاقتصادي

يعد سعر البنزين أحد المكونات الأساس لمؤشر تضخم الخدمات. (رويترز)

ملخص

يعتقد المتخصصون أن الربع الأخير من العام الحالي في إيران غالباً ما يشهد صدمات تضخمية، وإذا تكرر هذا النمط قد يتجاوز معدل التضخم 55 في المئة.

تشير البيانات الرسمية وتقييمات الخبراء إلى أنه مع استمرار ارتفاع معدل التضخم في إيران خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، ستكون الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام فترة ضغط متصاعد على الاقتصاد الإيراني، وقد تسجل رقماً قياسياً غير مسبوق في تاريخ الاقتصاد الإيراني.

أعلن مركز الإحصاء الإيراني أخيراً أن معدل التضخم السنوي للأسر خلال نوفمبر الجاري وصل إلى 40.4 في المئة، بزيادة قدرها 1.5 نقطة مئوية مقارنة بشهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ووفقاً للتقرير وصل مؤشر أسعار المستهلك للأسر إلى 417.5 نقطة بزيادة 3.4 في المئة مقارنة بالشهر السابق، و49.4 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، و40.4 في المئة مقارنة بفترة الـ12 شهراً المنتهية خلال الشهر الجاري مقارنة بالفترة المماثلة السابقة.

ويظهر معدل التضخم على أساس سنوي لشهر نوفمبر الجاري الذي بلغ 49.4 في المئة، أن الأسر في إيران دفعت تقريباً نصف أكثر من كلفة سلة مماثلة من السلع والخدمات مقارنة بنوفمبر 2024، وهذه النسبة تمثل زيادة قدرها 0.8 نقطة مئوية على الشهر السابق، مما يؤكد وتيرة ارتفاع الأسعار المتسارعة.

التضخم على أعتاب رقم قياسي تاريخي

استمرار صعود التضخم خلال الأشهر الأخيرة، الذي حذر منه المحللون الاقتصاديون مراراً، وضع مساره على نحو يصل إلى مستويات غير مسبوقة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2025. ويعتقد المتخصصون أن الربع الأخير من العام في إيران غالباً ما يشهد صدمات تضخمية، وإذا تكرر هذا النمط، قد يتجاوز معدل التضخم 55 في المئة.

وعلى رغم أن الحكومة تصف سقف التضخم المتوقع بأنه متشائم، فإن النمو السريع للمتغيرات النقدية وارتفاع توقعات التضخم، وتقلبات سوق الصرف خلال الأشهر الأخيرة تعد من أهم العوامل التي سرعت من وتيرة ارتفاع الأسعار.

ويضاف إلى ذلك تعديل سعر البنزين المقرر منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والذي من المرجح أن يؤثر مباشرة في أسعار السلع والخدمات خلال الأشهر المقبلة.

ويعتقد المحللون الاقتصاديون أنه حتى في أفضل السيناريوهات قد يصل معدل التضخم السنوي إلى 50.5 في المئة بنهاية العام، أما في السيناريو المتشائم فاحتمال تجاوز 55 في المئة وارد للغاية. وأحد المحاور المهمة في تحليلات الخبراء هو ضرورة فصل معدل التضخم للسلع الغذائية عن المتوسط العام، وهو ما يظهر الضغط التضخمي على الأسر بصورة أكثر وضوحاً.

ويشير معدل التضخم البالغ 66 في المئة للسلع الغذائية والمشروبات خلال نوفمبر الجاري إلى أن الأسر الإيرانية يجب أن تكون مستعدة لمزيد من ارتفاع الأسعار لهذه الفئة من السلع خلال الأشهر المقبلة.

وتؤكد التجربة السابقة أن تعديل أسعار البنزين يؤثر مباشرة على النقل والخدمات والسلع الأساس، مما يعزز التوقعات بارتفاع التضخم للسلع الأساس خلال الشتاء.

وعلى جانب آخر، يعد سعر البنزين أحد المكونات الأساس لمؤشر تضخم الخدمات، إذ سجل هذا القطاع تضخماً بنسبة 63 في المئة خلال نوفمبر قبل تعديل أسعار البنزين، ليحتل المرتبة الثانية بين المجموعات الأعلى تضخماً.

ووفق هذا النمط، إذا تجاوز تضخم السلع الغذائية والخدمات 70 في المئة بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار)، فإن التضخم الكلي سيتجاوز 55 في المئة، وهو وضع يتجاوز حتى أكثر التقديرات تشاؤماً وقد يسجل رقماً قياسياً في الاقتصاد الإيراني.

التضخم أم المشكلات الاقتصادية

يعد خبير الشؤون الاقتصادية علي أكبر نيكو إقبال التضخم بأنه "أم كل المشكلات الاقتصادية" في البلاد، فهو لا يؤثر فقط في معيشة الأسر بل يزيد من حدة الركود.

وانخفاض الإنتاج الصناعي وتراجع الصادرات غير النفطية خلال الأشهر الأخيرة قد يقلل من الإيرادات بالعملة الأجنبية، وهو ما يدفع البنك المركزي، في ظل عجز الموازنة الحكومية، إلى تمويل العجز بطريقة تضخمية عبر طباعة النقود.

ويقول نيكو إقبال إن المهمة الأساس للبنوك المركزية في العالم هي الحفاظ على قيمة العملة الوطنية، لكن عندما يطبع البنك المركزي النقود ويضخها للحكومة فإنه يصبح عاملاً مباشراً في توليد التضخم، ويعتقد أن استمرار هذا الوضع قد يدفع الاقتصاد نحو طريق مسدود وخطر، وربما يؤدي إلى "انفجار اقتصادي".

ويؤكد خبراء آخرون هذا التحليل، إذ يرى الاقتصادي مجيد جودرزي أنه في الدول المتقدمة يشكل أرباب العمل حاجزاً أمام التضخم المفروض من الحكومة، بينما في إيران يعمل أرباب العمل جنباً إلى جنب مع الحكومة.

ويضيف أن جزءاً كبيراً من أرباح الشركات يستخدم لتعويض الكلف وتحديث الأعمال، بينما تفرض الحكومة الضرائب على هذه الأرباح، وهو ما وصفه بـ"مرض الاقتصاد الإيراني" الذي يؤدي إلى ارتفاع كلفة المعيشة وتضخم نقدي، وإدارة مالية غير فعالة.

سياسات الحكومة المكلفة تحت المجهر

لا يزال المحللون يلقون اللوم على السياسات الحكومية المكلفة، وعلى رغم أن الرئيس مسعود بزشکیان خلال العام الماضي اعترف بدور الحكومة في التضخم ووعد بمنع تخصيص الموارد للأقسام منخفضة التأثير في موازنة العام المقبل، فإن الخبراء يرون هذا الوعد لا يتعدى حد الشعار وأنه غير متوافق مع سياسات الحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير المتخصص في الشأن الاقتصادي حسين راغفر إلى أن تعامل الحكومة مع قضية "بنك آينده" وتحميل خسائره على البنك الوطني يظهر غياب إرادة للإصلاحات الهيكلية، مؤكداً أن جذور الاضطرابات يجب البحث عنها في هيكل السياسة الاقتصادية وليس في التغيرات السطحية للمتغيرات الاقتصادية.

ويرى راغفر أن الحل يكمن في "الإرادة السياسية"، فمن دون إصلاح حقيقي للسياسات الخاطئة، لن يخرج الاقتصاد الإيراني من حلقة التضخم المرتفع.

الخلاف داخل الفريق الاقتصادي الحكومي

يزيد عدم التنسيق بين كبار المسؤولين الاقتصاديين من تعقيد الوضع، فالخلاف العلني بين وزير الاقتصاد ورئيس البنك المركزي ورئيس منظمة التخطيط والموازنة خلال الأشهر الأخيرة، يظهر وجود عدم تنسيق هيكلي في صنع السياسة الاقتصادية وإصرار كل منهم على تنفيذ رؤيته الخاصة، ويطرح تساؤلاً حول كيفية قدرة الحكومة الـ14 على تنفيذ إصلاحات اقتصادية جوهرية في ظل هذا الخلاف الداخلي.

هذا الوضع، إلى جانب ارتفاع التضخم السريع وانخفاض قيمة العملة الوطنية، يزيد من المخاوف في شأن شتاء 2025، الذي قد يشهد أزمات خطرة تشمل صعوبة السيطرة على الأسعار واحتمال تجاوز سعر الدولار 120 ألف تومان.

الوضع الحالي دفع حتى كبار المسؤولين للتحذير من انخفاض قدرة المجتمع على الصمود، إذ تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من ثلث السكان يعيشون تحت خط الفقر، واستمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تفاقم الفقر وتراجع القوة الشرائية، وتلاشي الطبقة الوسطى التي تعد الركيزة الأساس للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

وضمن هذا السياق يبدو شتاء 2025 أكثر شبهاً بـ"شتاء قاس" من أي وقت مضى، وهو وضع يبدو من غير المرجح أن تتمكن الحكومة من إدارة تداعياته على مختلف المستويات الاقتصادية.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد