Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المطارات الفرنسية في مهب عاصفة مغادرة شركات الطيران وهجران المسافرين

وزير النقل يدعو إلى تجميد الضرائب على الرحلات

تلقى 24 مطاراً إخطارات إلغاء 27 خطاً بالكامل (أ ف ب)

ملخص

18 مطاراً فرنسياً فحسب تجاوزت 700 ألف مسافر وهو سقف الربحية، في حين أن البلاد من بين الدول الأوروبية الأكثر فرضاً للضرائب على النقل الجوي.

يتكبد قطاع الطيران الفرنسي خسائر كبيرة بسبب ضرائب التذاكر، وتخسر فرنسا عائدات سياحية ضخمة بسبب ارتفاع الضرائب على تذاكر الطيران مقارنة بالدول المجاورة.

وأعلنت مطارات فرنسية قبل يومين، أن زيادة الضرائب على السفر الجوي دفعت الشركات إلى إلغاء آلاف الرحلات، ما سيؤدي إلى عجز قدره 1.3 مليون مسافر.

ويوجه المهنيون في النقل الجوي أصابع الاتهام إلى سلسلة من الإجراءات الضريبية، التي بلغت ذروتها بقانون المالية عام 2025، الذي فرض زيادات هائلة على ضريبة التضامن سيئة السمعة على تذاكر الطيران، وفق تقديرهم.

ومنذ مارس (آذار) الماضي، ضاعفت فرنسا "ضريبة التضامن على تذاكر الطيران" ثلاث مرات، لتبلغ هذه الضريبة الإضافية 4.77 يورو (5.53 دولار) لكل تذكرة للرحلات الداخلية أو الأوروبية المغادرة من فرنسا، وتصل إلى 120 يورو (139.2 دولار) لكل رحلة طويلة المدى في درجة الأعمال.

وربط اتحاد المطارات الفرنسية (هيئة مستقلة) بين هذه الزيادة وقرارات شركات الطيران، وبخاصة شركتي الطيران منخفضتي الكلفة "رايان إير" و"إيزي جيت"، بإلغاء رحلاتها أو تقليل عدد رحلاتها من وإلى فرنسا.

ثلاثة مطارات إقليمية

أعلنت شركة "رايان إير" نهاية يوليو (تموز) الماضي خفض سعتها الاستيعابية في فرنسا بنسبة 13 في المئة، مما يعني انخفاضاً قدره 750 ألف مقعد. وغادرت ثلاثة مطارات إقليمية هي "ستراسبورغ" و"بيرجراك" و"بريف" موسم الشتاء، الذي يمتد في قطاع الطيران من نهاية أكتوبر (تشرين الأول) إلى نهاية مارس من كل عام.

وخلال الـ28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أفاد اتحاد المطارات الفرنسية بانخفاض عدد المسافرين بين أعضائه بمقدار 630 ألف مسافر خلال موسم الشتاء، وهو "اتجاه مقلق مؤكد ويتفاقم مع موسم الربيع والصيف"، مع توقع غياب 750 ألف مسافر بناءً على القرارات الحالية التي أعلنتها شركات الطيران.

كشف أعضاء اتحاد المطارات الفرنسية عن هذه البيانات، لكنها تستثني مطاري "باريس - شارل ديغول" و"أورلي"، وهما مركزان رئيسان استقبلا نصف عدد المسافرين الجويين المسجلين في فرنسا عام 2024، والبالغ 205 ملايين مسافر.

وصرح رئيس اتحاد المطارات توماس جوان قائلاً "خلال عام 2024، لم تتعاف حركة المسافرين في فرنسا بعد إلى مستواها قبل الأزمة، مسجلة انخفاضاً بنسبة أربعة في المئة مقارنة بعام 2019". وأضاف أن عدد المقاعد المتاحة للرحلات المغادرة من فرنسا منذ الربع الثاني من عام 2025 ارتفع بنسبة 1.5 في المئة فحسب، مقارنة بـ4.5 في المئة في بقية أوروبا"، معتبراً أن هذا "التراجع هو نتيجة مباشرة للاختيارات السياسية والمالية التي أضعفت قدرتنا التنافسية"، وسيكون له، في رأيه، تداعيات على الاقتصاد ككل. ووصف المدير العام الجديد للطيران المدني في فرنسا شمس الدين شكيوة هذه الأرقام بأنها "مؤشرات مقلقة، يقول بعض إنها متوقعة للأسف".

الدول الأوروبية الأكثر فرضاً للضرائب

وأقر بأن "فرنسا من بين الدول الأوروبية الأكثر فرضاً للضرائب على النقل الجوي"، مشيراً إلى أن وزير النقل فيليب تاباروت دعا إلى "تجميد الضرائب" على الطيران كجزء من مشروع قانون موازنة عام 2026 الذي يناقش حالياً، مضيفاً "نأمل في أن تسمح حكمة البرلمان بتطبيقه".

ذكر المدير العام للطيران المدني أن ديوان المحاسبة أقر خلال عام 2023 أنه من الصعب أن يحقق مطار ربحية بأقل من 700 ألف مسافر سنوياً، وهو حد لم يتجاوزه سوى 18 مطاراً فرنسياً العام الماضي.

وقال شكيوة إن "عدداً من المطارات الإقليمية غير قادرة على تحقيق التوازن في حساباتها دون دعم عمومي"، مضيفاً "يتعين علينا أن نتساءل بصورة جماعية عن هذه الشبكة وأهميتها وكلفتها والمستوى المناسب من اتخاذ القرارات الإقليمية".

تراجع مداخيل القطاع السياحي

بينما حذر رئيس اتحاد المطارات الفرنسية توماس جوين من أن "فرنسا تتخلف عن الركب"، ورسم صورة قاتمة لقطاع النقل الجوي الفرنسي، الذي لم يتعاف قط إلى مستويات ما قبل جائحة "كوفيد 19"، وهي الفترة التي انهار خلالها.

وأوضح أن السبب يكمن في زيادات الضرائب والرسوم المختلفة التي تثقل كاهل الجهات الفاعلة ضمن هذا القطاع، وأدى إلى "خسارة فرنسا 40 مليون مسافر مقارنة بإسبانيا وإيطاليا، وهما من أبرز منافسيها في قطاع السياحة، العام الماضي".

ووفقاً لاتحاد وكالات السفر الفرنسية (هيئة مستقلة) يبلغ الفارق في عائدات السياحة بين فرنسا وإسبانيا الآن 50 مليار يورو (58 مليار دولار).

وينعكس هذا الانخفاض أيضاً في عدد ليالي الإقامة، فمع 451 مليون ليلة إقامة فقط خلال عام 2024، تراجعت فرنسا إلى المركز الثالث في التصنيف الأوروبي خلف إيطاليا (458 مليوناً) وإسبانيا (500 مليون)، وتقترب الآن من ألمانيا التي سجلت 441 مليون ليلة إقامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتزم اتحاد المطارات الفرنسية رفع مستوى الوعي بالعواقب الوخيمة لزيادة ضرائب النقل الجوي خلال عام 2025، وهذا الإجراء غير المسبوق في أوروبا، يهدد بصورة مباشرة ربط المطارات الفرنسية، ويقوض فرص التنقل والتوظيف والتنمية الاقتصادية في المنطقة.

ولدعم هذا التحذير، عرض اتحاد المطارات الفرنسية نتائج استطلاعين معمقين أُجريا بين أعضائه (باستثناء مطارات باريس)، واللذين يظهران الحجم غير المسبوق للصدمة التي يعانيها القطاع.

ما أسباب خسارة أكثر من 1.3 مليون مسافر؟

خلال موسم شتاء 2025-2026، تلقى 14 مطاراً إخطارات بخفض عمليات شركات الطيران، أبرزها شركتا "رايان إير" و"إيزي جيت"، وسيجرى إلغاء 21 خطاً بدءاً من شتاء 2025-2026، بينما تشهد خطوط أخرى انخفاضاً كبيراً في عدد المسافرين، مما يمثل انخفاضاً بنحو 630 ألف مسافر.

ويؤثر هذا الانكماش في الخدمة على المطارات الإقليمية الرئيسة، إضافة إلى المطارات متوسطة الحجم والمطارات المحلية.

تأكد هذا التوجه المقلق، والذي يزداد سوءاً مع موسم ربيع وصيف 2026، وتلقى 24 مطاراً إخطارات رسمية من شركات الطيران في شأن خفوض في الخدمات، إذ سيجرى إلغاء 27 خطاً بالكامل، بينما سيشهد عدد من الخطوط الأخرى انخفاضاً في عدد الرحلات، مما يؤثر في جميع فئات المطارات، بغض النظر عن حجمها.

في المجمل، ستلغى 2859 رحلة وسيغيب أكثر من 750 ألف مسافر هذا الموسم، مما يهدد قطاع المطارات بأكمله وسلسلة القيمة المرتبطة به في السياحة والتجارة والتوظيف المباشر وغير المباشر.

وأدت عمليات إلغاء الخطوط وخفض الرحلات الجوية المرتبطة بزيادة الضرائب الفرنسية حتى الآن إلى خسارة أكثر من 1.3 مليون مسافر محتمل مقارنة بمواسم الطيران السابقة.

ويعد مطار "بريف" رمزاً للعواقب الوخيمة لهذه الضرائب المتزايدة، فابتداء من صيف 2026 سيفقد جميع خطوطه التي تشغلها شركة "رايان إير" التي تمثل 70 في المئة من حركة النقل.

ماذا عن شبكة المطارات الإقليمية؟

هذا الاختفاء المفاجئ يحرم منطقتي "كوريز" و"بريف" من الوصول المباشر إلى عدد من الأسواق الاستراتيجية، مما يؤثر سلباً في الجاذبية الاقتصادية والسياحة والتوظيف المحلي ونوعية حياة السكان.

يشدد اتحاد المطارات الفرنسية على أنه باستثناء مطار "بريف" فإن شبكة المطارات الإقليمية بأكملها ضعفت، مما يهدد وجود شركات الطيران منخفضة الكلفة وقدرة المطارات على جذب خدمات جديدة.

وصرح توماس جوين بأن "كل انقطاع في خطوط الاتصالات يزيد من عزلة الأقاليم عن الجمهورية، ويفاقم التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية... إن فقدان الاتصال ليس مجرد انخفاض في حركة النقل بل يعرض للخطر التنقل الوطني والدولي لملايين المواطنين الفرنسيين".

في ظل هذا الوضع الحرج، يدعو الاتحاد الفرنسي للنقل الجوي رسمياً إلى إصلاح عاجل وطموح لضرائب النقل الجوي، ويعد هذا الإصلاح ضرورياً للحفاظ على تنافسية النقل الجوي الفرنسي، وضمان تكافؤ فرص الوصول إلى خدمات النقل الجوي لجميع المناطق، ودعم التحول البيئي للقطاع.

ويقترح الاتحاد الدخول في حوار بناء مع السلطات العامة لوضع إطار ضريبي مناسب يوازن بين الضرورات البيئية والحيوية الاقتصادية والتماسك الإقليمي، ويدعو جميع الجهات المعنية إلى التعبئة لضمان أن تظل فرنسا دولة منفتحة ومترابطة.

وقال توماس جوان "فرنسا تتخلف عن الركب. لم تشهد بلادنا منذ تحرير النقل الجوي في أوروبا مثل هذا التراجع في النقل. هذا التراجع ليس حتمياً، بل هو نتيجة مباشرة للخيارات السياسية والمالية التي تضعف مطاراتنا ومناطقنا. نرفض أن تصبح عزلة مناطقنا هي القاعدة، ويجب على فرنسا اعتماد إطار مالي يشجع على تطوير المطارات ويدعم التحول البيئي، لضمان وصول عادل للتنقل في كل منطقة. حان الوقت لتحويل ضرائب النقل الجوي إلى محرك للتنافسية، بما يخدم الاقتصاد والبيئة والتماسك الوطني".

اقرأ المزيد