Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هجرة المتقاعدين الأميركيين إلى باريس تتحول لأزمة اقتصادية صامتة

الأجانب يتمتعون بخدمات الدولة من دون ضرائب والفرنسيون يسألون: من يدفع الفاتورة؟

متقاعدون فرنسيون غاضبون خصوصاً مع ارتفاع عجز الضمان الاجتماعي إلى 26.45 مليار دولار (أ ف ب)

ملخص

ينتقل الأميركيون للعيش في فرنسا هرباً من كلف الرعاية الصحية الباهظة في بلادهم ومشروع قانون جديد بالبرلمان الفرنسي لإجبار الأجانب على دفع "مساهمة مالية خاصة".

يواصل عدد متزايد من المتقاعدين الأميركيين الاستقرار في فرنسا، مدفوعين بسحر نمط الحياة الأوروبي والثقافة الغنية والمناظر الطبيعية، لكن الجاذب الأكبر يبقى نظام الرعاية الصحية الفرنسي. فمنذ عام 2016 سمح إطار قانوني خاص لهؤلاء المتقاعدين بالاستفادة من تغطية صحية شاملة من دون دفع اشتراكات في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية الفرنسية.

وبعد مرور ثلاثة أشهر على الحصول على تأشيرة إقامة طويلة تعادل تصريح الإقامة يحق لهم التقدم للحصول على بطاقة التأمين الصحي الوطني الفرنسي (Carte Vitale)، مما يمنحهم الوصول الكامل إلى نظام الضمان الاجتماعي بالمجان.

ويُعفى هؤلاء أيضاً من ضريبة الدخل في فرنسا بموجب اتفاق ضريبية ثنائية موقعة مع الولايات المتحدة، مما اعتبره عدد من النواب والمتقاعدين الفرنسيين "ثغرة غير عادلة" تسمح للأجانب بالاستفادة من أموال دافعي الضرائب الفرنسيين من دون مساهمة مقابلة، وفق نواب ومتقاعدين فرنسيين عبروا عن غضبهم الشديد من هذه المزايا.

ثغرة قانونية

يزداد شغف الأميركيين بفرنسا، إذ لا يكاد يمر شهر من دون أن تبث قناة "سي أن أن" الأميركية فقرات تسلط الضوء على كرم الضيافة الفرنسية، ولا يتعلق الأمر بالمناظر الطبيعية وأسلوب الحياة فحسب، بل بالرعاية الصحية المجانية المقدمة للمتقاعدين الأميركيين، المحميين منذ عام 1995 بموجب معاهدة بين بلادهم وفرنسا، إذ لا يدفعون ضريبة دخل في باريس.

تعليقاً على القضية قالت المرأة الأميركية جانيس التي عاشت في الريفييرا الفرنسية لتسع سنوات لقناة "أل سي" الفرنسية "في سن الـ60 أصبت بنوبة قلبية، وكان الحل الانتقال إلى فرنسا"، موضحة أن كلفة تأمينها الصحي في ذلك الوقت أكثر من 400 يورو (460 دولاراً)، أما اليوم فهي تستفيد من نظام التأمين الصحي الوطني الفرنسي من دون أن تنفق سنتاً وأحداً.

وفي نهاية أغسطس (آب) الماضي عبرت الأميركية كيارا أدورنو لوسائل الإعلام الأميركية عن سعادتها الغامرة بالعيش في مارسيليا، قائلة "لست غنية إطلاقاً وأعيش على إعانات الضمان الاجتماعي".

واستقرت الأميركية كارول كارسون (80 سنة) في فرنسا قائلة "استشرت بعضاً من أفضل الأطباء في العالم، ووجدت أن الرعاية الطبية هنا أفضل".

وفي الولايات المتحدة دفع الأميركيان ديبرا وإريك ستيلويل 500 دولار شهرياً لكل منهما لعلاج مرض السكري، بينما الآن يعيشان من دون إنفاق أي مبلغ. وتستشهد شبكة "سي أن أن" بعديد من الأمثلة مشجعة من يفكرون في الهجرة على خوض غمار هذه التجربة، حتى إن الوكالات تتولى تنظيم انتقالهم إلى فرنسا.

عجز صندوق الضمان الاجتماعي

"أمر مقزز المتقاعدون الأميركيون يتوافدون إلى فرنسا للاستفادة من الضمان الاجتماعي"، هذا ما قالته المتقاعدة الفرنسية كلير التي حذرت مواطنيها الفرنسيين، بعدما عاشت في الولايات المتحدة 25 عاماً، حيث تزوجت وأنجبت أطفالاً، قبل أن تعود إلى فرنسا قبل بضعة أشهر، وتحديداً إلى أنجيه، وهي لا تخفي غضبها فهي مذهولة بالمزايا التي يتمتع بها زملاؤها الأميركيون المتقاعدون الآن في فرنسا، وتعتقد أن هذا يرجع إلى إنشاء برنامج الحماية الصحية الشاملة "Puma" عام 2016. وتوضح "بفضل هذا البرنامج، يحق لأي أجنبي متقاعد يحمل تأشيرة إقامة طويلة تعادل تصريح الإقامة ويقيم في فرنسا لأكثر من ثلاثة أشهر الحصول تلقائياً على الضمان الاجتماعي، ولا يقتصر هذا على الأميركيين فحسب، بعدما أدركوا بوضوح المزايا التي يمكن أن يحصلوا عليها من نظام كهذا، نظراً إلى ارتفاع كلفة التأمين الصحي في الولايات المتحدة"، قائلة إنه "لأمر سيئ حقاً".

وترى كلير أن في هذا ظلماً، لا سيما أن عجز الضمان الاجتماعي الفرنسي بلغ 23 مليار يورو (26.45 مليار دولار) خلال العام الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

باربرا المتقاعدة الفرنسية ولدت في أوهايو وعاشت في كاليفورنيا قبل وصولها إلى فرنسا عام 1985، تتذكر وهي تقيم الآن في منطقة إيفلين "في ذلك الوقت، كان من الصعب للغاية القدوم والعمل في فرنسا، أما الآن المتقاعدون الأميركيون يتوافدون إلى فرنسا للاستفادة من الضمان الاجتماعي المجاني، ومع غياب ضريبة الدخل، يتدفق المتقاعدون الأميركيون إلى فرنسا، وهذا يثير استياء بعض الفرنسيين"، أيضاً، قال متقاعد فرنسي من أنجيه إنه "لأمر مقرف حقاً، خصوصاً أن المتقاعد الفرنسي لن يقبل أبداً في الولايات المتحدة".

"بطاقة التأمين الصحي الوطني الفرنسية مجانية، على رغم أن دخل المواطن الأميركي العادي ضعف دخل المواطن الفرنسي"، هذا ما تعترف به امرأة فرنسية أميركية حصلت على الجنسية الفرنسية بعد سنوات عدة من استقرارها الدائم في فرنسا، إذ التقت بزوجها، كما توضح أن المتقاعدين الأميركيين اكتشفوا ثغرة واضحة للاستفادة من نظام الرعاية الصحية الفرنسي، قائلة "يحتاج المتقاعدون الأميركيون ببساطة إلى الحصول على تأشيرة إقامة، وإثبات دخل يفيد أن لديهم حداً أدنى للدخل 17.115 يورو (19.682 دولار) سنوياً، وأن يكون لديهم تأمين صحي يغطي كامل مدة إقامتهم"، مستدركة "لكن، إذا كان لديهم تأمين، فلماذا ينتقلون إلى نظام التأمين الصحي الوطني الفرنسي؟"، مضيفة "بعد ثلاثة أشهر، عندما يصبحون مؤهلين للحصول على بطاقة الرعاية الصحية، يلغون تأمينهم الخاص".

مطلب تنقيح في البرلمان

في غضون ذلك، قدم عضو البرلمان الفرنسي فرنسوا جيرنيغون تعديلاً لإنشاء "مساهمة خاصة" تسمح للأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي، الحاصلين على تصريح إقامة "زائر"، بدفع مساهمة تمكنهم من تغطية تأمينهم الصحي في فرنسا، كما قدم عضو البرلمان عن حزب "آفاق" تعديلاً على مشروع قانون موازنة الضمان الاجتماعي.

وأوضح نائب بالبرلمان قائلاً "أعتقد أن الضمان الاجتماعي في فرنسا هو الذي ينبغي أن يعالج هذه المسألة، ولكن يجب أن يكون هناك حد أدنى للمساهمة في حزمة رعاية محددة، ثم يجب أن تكون هناك حزمة رعاية مع خيارات، مثل التأمين الصحي التكميلي".

وفقاً برنامج الحماية الصحية الشاملة "Puma"، يجب على جميع الأجانب، سواء كانوا أميركيين أم لا، إثبات حصولهم على حد أدنى من الدخل، يعادل تقريباً الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى تأمين صحي يغطي نفقاتهم الطبية حتى 30 ألف يورو (34.5 ألف دولار).

وبعد ثلاثة أشهر يمكنهم التقدم بطلب للحصول على بطاقة التأمين الصحي على أن يلغى أي تأمين صحي خاص مبرم في بلدهم الأصلي.

واعترض بعض النواب على هذا الإجراء، لا سيما في ظل مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي الذي يناقش حالياً في الجمعية الوطنية (البرلمان)، والذي يهدف إلى خفض العجز بما لا يقل عن 23 مليار يورو (26.45 مليار دولار) بنهاية العام.

وأوضح نائب بالبرلمان قائلاً "أعتقد أن الضمان الاجتماعي في فرنسا هو الذي ينبغي أن يعالج هذه المسألة، ولكن يجب أن يكون هناك حد أدنى للمساهمة في حزمة رعاية محددة، ثم يجب أن تكون هناك حزمة رعاية مع خيارات، مثل التأمين الصحي التكميلي". ومن المتوقع أن يناقش تعديله في الجمعية الوطنية خلال الأيام المقبلة.

اقرأ المزيد