ملخص
كتاب جديد لمدير الموساد السابق يوسي كوهين جديدة عن أشهر عمليات الاستخبارات الإسرائيلية مثل سرقة الأرشيف النووي الإيراني من قلب طهران واغتيال أبرز علماء الذرة الإيرانيين، وعلى رأسهم محسن فخري زادة
يكشف المدير السابق لجهاز "الموساد" يوسي كوهين في كتابه الجديد "سيف الحرية: إسرائيل، الموساد والحرب السرية"، تفاصيل جديدة عن أشهر عمليات الاستخبارات الإسرائيلية مثل سرقة الأرشيف النووي الإيراني من قلب طهران واغتيال أبرز علماء الذرة الإيرانيين، وعلى رأسهم محسن فخري زادة. ويروي كوهين هذه الأحداث بوصفها مشروع حياته، والسلّم الذي قد يقوده مستقبلاً إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية في حال خاض غمار السياسة.
ووفق الكتاب الذي صدر في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، اتخذت إسرائيل عام 2016 قرار السطو على الأرشيف النووي الإيراني بعد نحو 10 سنوات من العمل الاستخباراتي المتواصل داخل إيران، توسعت خلالها خلية "الموساد" داخل البلاد، رجالاً ونساء، حتى تسللت إلى قلب منظومة الحكم والأمن.
سرقة الإرشيف النووي واغتيال "زاده"
يستعرض المدير السابق لـ"الموساد" بين عامي 2016 و2021 مزيجاً من القدرات التكنولوجية التي ساعدت في تنفيذ المهمتين، لكنه يصر على أن النجاح ما كان ليتم من دون العنصر البشري، قائلاً إن "العالم النووي الذي عمل بسرية بالغة لم يدرك أن خصمه زرع عملاء في قلب مفاعل نطنز في عمق الأرض"، مما مهد لسرقة الإرشيف النووي.
ويبدأ كوهين روايته من بوابة تجنيد العملاء بالقول إنه نجح في تجنيد عملاء إيرانيين بعدما قدم نفسه على أنه محامٍ ورجل أعمال لبناني باسم "أوسكار"، ليتمكن من استمالة شخصيات مؤثرة، بينها عالم ذرة عمل مساعداً لمحسن فخري زادة، يطلق عليه اسم "فريد".
ويوضح أن الغرب كان يعدّ فخري زادة شخصية هامشية، لكن الأرشيف المسروق كشف عن أنه "الرجل الأول" في المشروع النووي. ويذكر أن "فريد" سلّمه تقريراً عن أجهزة الطرد المركزي يبين أن مصدر الخبرة الأساس كان باكستان، وليس كوريا الشمالية كما اعتقدت أجهزة الاستخبارات الغربية.
ويصف كوهين وحدة "الموساد" العاملة داخل إيران بأنها شبكة كبيرة تضم موظفين كباراً وأكاديميين ومهندسين، وعملت لأعوام في الخفاء. أما عملية اغتيال فخري زادة، فتطلبت أشهراً من الإعداد، وتهريب معدات معقدة إلى داخل إيران، بينها رشاش يعمل آلياً عن بعد، مزود بحاسوب يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يزن طناً كاملاً مع ملحقاته. وأُدخلت هذه القطع تدريجاً بطرق تهريب مختلفة، ثم أعيد تركيبها على قاعدة شاحنة، مع جهاز تدمير ذاتي لمحو الأدلة.
ويسرد مدير الموساد السابق تفاصيل عن نمط تحركات فخري زادة الذي كان يستخدم قافلة كبيرة من السيارات، لكنه في أيام الجمعة يكتفي بخمس سيارات فقط، ويصر على قيادة سيارته بنفسه، وهي "نيسان تيانا" غير محصنة، وهذه الثغرة كانت المفتاح إلى تنفيذ العملية في 2021.
أما بعد إتمام سرقة الأرشيف النووي، فيروي كوهين كيف اندلعت حال من الذعر في أجهزة الأمن الإيرانية، إذ نشرت السلطات عشرات آلاف العناصر من الشرطة والاستخبارات والحرس الثوري، ونصبت الحواجز وأوقفت حركة السير والطائرات بحثاً عن القوة الإسرائيلية المؤلفة من 25 عنصراً من جنسيات مختلفة. ثم يضيف "علمنا لاحقاً أن المرشد علي خامنئي عدّ سرقة الأرشيف كارثة قومية"، ويشير إلى أن عناصر "الموساد" تفرقوا خلال ساعتين فقط في أنحاء طهران، فبعضهم اختبأ في شقق معدة مسبقاً، وبعضهم الآخر غادر البلاد فوراً.
خطة اغتيال سليماني
يتطرق كوهين أيضاً إلى العلاقات التي نسجها مع قادة العالم، ويقول إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان معجباً بقوته، كما استعرض علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واصفاً إياه بالزميل بحكم خلفيته الاستخباراتية.
وتناول مدير "الموساد" السابق الخطة التي قدمها لاغتيال قاسم سليماني، لكنها لاقت معارضة من رئيس الأركان أفيف كوخافي وبنيامين نتنياهو، مشيراً إلى أنه عندما نقل الموقف إلى الأميركيين، ثار غضب ترمب واستياء مديرة "سي آي أي" جينا هاسبيل التي علقت "جنرالاتكم يشبهون جنرالاتنا… لا يحبون القتال".
وفي فصل آخر، يكشف كوهين عن عملية تجنيد لبناني أطلق عليه اسم "عبدالله"، كان مقرباً من عماد مغنية، رئيس أركان العمليات في "حزب الله"، إذ اتخذ كوهين لنفسه غطاء رجل أعمال أرجنتيني يبحث عن شريك في الشرق الأوسط، وبعد سلسلة لقاءات، أقنع "عبدالله" بالقيام بعمل استقصائي عن "حزب الله" لمصلحة شركة خارجية، من دون أن يعرف أن شريكه ضابط في "الموساد".
وتمكن "عبدالله" لاحقاً من الكشف عن مصير الجنديين الإسرائيليين الأسيرين اللذين كانا قد توفيا متأثرين بجروحهما. كما جمع معلومات حساسة عن مغنية الذي اغتيل عام 2008 في دمشق بتفجير سيارته، في عملية اعترفت إسرائيل لاحقاً أنها تمت بشراكة مع الولايات المتحدة.
وفي الكتاب الجديد، يقدم يوسي كوهين نفسه على أنه رجل أمني يعدّ حماية إسرائيل تتقدم على كل ما عداها، من موقعه كمدبر للعمليات السرية يتمتع بعلاقات دولية ممتدة، وبين السطور يقدم نفسه على أنه قائد مستقبلي محتمل، إذ يرى أن تجربته الأمنية هي الرصيد الذي يمكن أن يحمله إلى رأس السلطة في إسرائيل.