Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الدعم السريع" تهاجم مروي شمال السودان بالمسيرات والجيش يتصدى

المعارك تحتدم في بابنوسة وتحذيرات من تكرار سيناريو الفاشر وواشنطن تطالب فرقاء النزاع بقبول الهدنة

دانت مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية الاعتقالات التعسفية التي نفذتها "الدعم السريع" بحق مئات المدنيين والأسرى العسكريين في الفاشر (قناة الدعم السريع بتطبيق تيليغرام)

ملخص

استهدفت طائرات مسيّرة مدينة مروي شمال السودان، حيث يقع أحد أكبر السدود، في هجوم اتهم الجيش قوات "الدعم السريع" بتنفيذه، الهجمات أصابت مقر القيادة والمطار والسد، وأدت إلى انقطاع الكهرباء. بالتوازي، تجددت معارك عنيفة في بابنوسة بغرب كردفان، وسط حصار متواصل منذ يناير ومحاولات متكررة لـ"الدعم السريع" للسيطرة على المدينة.

استهدفت طائرات مسيّرة اليوم الخميس مدينة مروي في شمال السودان، التي تضم أحد أكبر السدود في البلاد وتقع ضمن منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الذي اتهم قوات "الدعم السريع" بتنفيذ الهجوم.

وقال مصدر في الاستخبارات السودانية إن سبعة صواريخ أُطلقت على المدينة، فيما سمع مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في المنطقة 10 انفجارات، وأكد شهود عيان أن عدد الانفجارات بلغ نحو 28 بين منتصف الليل والفجر.

وبات استخدام الطائرات المسيّرة شائعاً في النزاع الدامي المستمر منذ أكثر من عامين بين الجيش بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وقالت الفرقة الـ19 في الجيش السوداني في بيان اليوم، إن الهجمات استهدفت مقر القيادة العامة للجيش ومطار المدينة وسد مروي، موضحةً أن القوات تصدت للطائرات بعد إطلاقها.

وأكد شهود أن المدينة غرقت في الظلام بعد انقطاع تام للكهرباء.

في الأثناء، قال البرهان في منشور عبر منصة "إكس" اليوم، إن المدنيين "الذين تم تهجيرهم قسراً من الفاشر وبارا والنهود لم يذهبوا إلى نيالا أو الفولة أو إلى أي منطقة تحت سيطرة الميليشيات في مدن دارفور أو غرب كردفان، بل اختاروا السير آلاف الكيلومترات إلى مناطق تحت سيطرة الدولة والقوات الحكومية حيث يجدون الأمن ومقومات الحياة".

وزار البرهان أخيراً مخيم الدبة للنازحين، على بعد نحو 100 كيلومتر من مروي.

 

مواجهات بابنوسة

في موازاة ذلك، وللأسبوع الثاني على التوالي، تجددت أمس الأربعاء المعارك والمواجهات الشرسة بين الجيش و"الدعم السريع" بمدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، حيث تتحصن قوات الفرقة 22 مشاة التابعة للجيش.

وأوضحت مصادر عسكرية أن قوات الفرقة 22 تصدت لثلاث موجات هجومية لـ"الدعم السريع" على مواقعها بالمدينة، ودمرت آليات وعربات مقاتلة مع تحييد وإصابة العشرات من العناصر المهاجمة.

من جانبها، أعلنت "الدعم السريع" أنها سيطرت بالكامل على ثلاثة محاور بالمدينة وأحكمت الحصار على مقر فرقة الجيش. وبثت مقاطع فيديو عبر منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي تزعم فيها توغل عناصرها داخل المدينة ومحاصرتها لمقر فرقة الجيش، وأعلنت إسقاط طائرة مسيرة من طراز "أكانجي" تتبع للجيش في سماء المدينة.

وكشفت مصادر محلية أن قوات "الدعم السريع" شنت هجمات عدة على الأطراف الشرقية والشمالية للمدينة، في محاولة لاختراق خطوط دفاع فرقة الجيش باستخدام المسيرات والمدفعية الثقيلة عبر هجماتها المتتالية على المدينة، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين، وتدمير عدد من المرافق الخدمية والمنازل.

وكانت قوات "الدعم السريع" أعلنت خلال اليومين الماضيين الدفع بحشود عسكرية ضخمة إلى بابنوسة بغرض السيطرة على مقر فرقة الجيش وإسقاط المدينة.

ومنذ يناير (كانون الثاني) 2024، تحاصر "الدعم السريع" مدينة بابنوسة وتشن عليها هجمات متكررة، لكنها فشلت في إسقاطها بسبب الدفاع المستميت لقوات الفرقة 22 عن المدينة.

سيناريو الفاشر

من جانبها حذرت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر من تكرار سيناريو مدينة الفاشر في بابنوسة، نتيجة الهجمات المتواصلة التي تشنها قوات "الدعم السريع" على المدينة للأسبوع الثاني على التوالي.

وقالت التنسيقية ضمن بيان إن مدينة بابنوسة وحدها لا يمكن أن تصمد أمام هجمات "الدعم السريع" دون الحصول على إسناد دفاعي حقيقي لها. وأضافت أن "بابنوسة تحتاج إلى المساندة ولن تبقى صامدة إلى الأبد، ويفرض منطق الواقع على الجميع التحرك لمساندتها، لا التصفيق من على البعد".

وتعد مدينة بابنوسة الواقعة على خط سكة الحديد الرابط بين مدينة كوستي داخل ولاية النيل الأبيض، ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، إضافة إلى مدينة واو جنوب السودان، من المناطق الحساسة غرب كردفان، حيث تلتقي عندها طرق الإمداد الحيوية التي تربط كردفان بدارفور.

في السياق يرى الباحث الأمني والسياسي نجم الدين الرفاعي أن بابنوسة تعد من الجبهات الحاسمة، التي تشكل مفتاحاً حيوياً يمهد الطريق نحو مناطق أخرى داخل إقليم كردفان مثل الدلنج وكادقلي جنوب كردفان، ثم الأبيض عاصمة شمال كردفان.

لذلك بحسب الرفاعي، فإن "تعزيز دفاعات الفرقة 22 وإسنادها من الخارج بعمليات برية للجيش يصبح أمراً ضرورياً لتأثيره في مستقبل عمليات الجيش في الإقليم".

ونوه الباحث بأن التحركات والمناوشات التي تقوم بها قوات "الدعم السريع" في أكثر من جبهة من جبهات القتال شمال وغرب كردفان تهدف إلى عزل بابنوسة، وقطع كل الطرق وخطوط للإمداد لإسنادها عبر تلك الجبهات، مشيراً إلى أن السيطرة عليها إلى جانب كونها تقطع خطوط الإمداد عن الجيش بالإقليم ستفتح ممراً سالكاً نحو جنوب الإقليم وغربه، ولربما إلى حقول نفط "هجليج" غرب كردفان.

تابع "من الواضح أن ’الدعم السريع‘ تخطط للهيمنة بصورة تدريجية على المدن الحاكمة، بدءاً من الفاشر وصولاً إلى مساعيها الحالية لبسط سيطرتها على بابنوسة، بهدف وضع يدها على نقاط التحكم داخل مثلث المدن الحيوية في مثلث غرب وجنوب وشمال كردفان، مما يؤمن الانفتاح الواسع على دارفور".

ويتوقع الرفاعي أن تعجل محاولات "الدعم السريع" وحليفتها "الحركة الشعبية - شمال" بقيادة عبدالعزيز الحلو، لتوسيع نطاق تحركاتهما داخل كردفان، بحصار واستهداف مدينتي الدلنج وكادوقلي وعدد من البلدات المحيطة بهما، بتنشيط الجيش لعملياته البرية بعدما ظل يعتمد على عمليات الاستنزاف الجوي للعدو طوال الأسابيع الماضية، مما يشير إلى أن الإقليم مقبل على معارك فاصلة خلال الأيام المقبلة.

 

انتهاكات واعتقالات

في المحور نفسه أبلغت غرفة طوارئ دار حمر غرب كردفان عن انتهاكات واسعة واعتقالات تعسفية وعمليات نهب وتعذيب وابتزاز مالي وتهديدات مستمرة للمدنيين، تقوم بها عناصر "الدعم السريع" داخل مناطق "عيال بخيت" بمحلية الخوي وقرية "ود مفرح" بمحلية النهود.

وأوضحت الغرفة أنها وثقت انتهاكات جسيمة وممارسات تعذيب شديدة تستخدم فيها عناصر "الدعم السريع" وسائل قاسية لتعذيب المدنيين، منها الإلقاء في حفرة مشتعلة بالنار، وتفرض تلك العناصر إتاوات مالية كبيرة على سائقي الشاحنات وتصادر البضائع في حال عدم الدفع.

وشمال دارفور، أعلن "مجلس غرف طوارئ" تدهوراً حاداً في الأوضاع الإنسانية بمحلية كرنوي الحدودية التي تربط السودان بليبيا من الشمال وتشاد من الغرب، نتيجة التدفق المستمر للنازحين الفارين من الفاشر.

وأوضح بيان للمجلس أمس أن المحلية استقبلت أكثر من 450 أسرة حتى الآن، تعيش أوضاعاً إنسانية قاسية وتفتقر إلى المأوى الملائم والموارد الغذائية الأساس.

وكانت منظمة الهجرة الدولية حذرت من موجة نزوح دراماتيكية داخل السودان مع فرار نحو 90 ألف شخص من الفاشر خلال أسبوعين فحسب.

وبدورها، دانت مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية الاعتقالات التعسفية التي نفذتها "الدعم السريع" بحق مئات المدنيين والأسرى العسكريين في الفاشر عقب سيطرتها على المدينة، مشيرة إلى أن المعتقلين والأسرى نقلوا إلى معتقلات مكتظة بالمحتجزين ضمن ظروف صحية وإنسانية متدهورة، أدت إلى وفاة بعضهم بسبب الجوع وسوء المعاملة ونقص الرعاية الطبية، في انتهاك للقانون الدولي وقواعد العدالة الجنائية.

وطالب بيان للمجموعة بإطلاق سراح المدنيين فوراً ومشاركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في زيارة المعتقلات للتحقق من سلامة المحتجزين وتقديم الدعم القانوني والإنساني.

الخرطوم ترفض "الرباعية" وتبقي على العلاقات الثنائية

وفي تصعيد دبلوماسي جديد، أعلنت حكومة السودان عدم اعترافها بمجموعة "الرباعية"، مؤكدة خلال الوقت نفسه حرصها على استمرار التعاون الثنائي المباشر مع كل من مصر والسعودية والولايات المتحدة، في إطار تفاهمات متبادلة بعيداً من أية صيغة جماعية غير رسمية.
وشدد وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم على أن "آلية ’الرباعية‘ لم تتكون بقرار من مجلس الأمن أو أية هيئة أو منظمة دولية، بالتالي فهي لا تحظى بوضع أو صفة رسمية لدى الحكومة السودانية".

وخلال الـ12 من سبتمبر (أيلول) الماضي طرحت مجموعة "الرباعية" التي تضم كلاً من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات خريطة طريق لإنهاء الحرب في السودان، تضمنت هدنة إنسانية ووقفاً لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر، إلا أن الجيش تجاوزها بإعلان التعبئة والاستنفار ومواصلة القتال حتى الحسم العسكري، بينما أعلنت "الدعم السريع" موافقتها على الهدنة مع استمرارها في عملياتها الحربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

روبيو: يجب وقف تسليح "الدعم السريع"

إلى ذلك دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى عمل جماعي دولي لوقف تدفقات إمدادات السلاح لقوات "الدعم السريع"، التي تعتمد على الأموال والدعم الخارجي من بعض البلدان التي لم يسمها، مبيناً أنهم سيتحدثون مع تلك البلدان "لتوضيح أن ذلك سينعكس بصورة سيئة عليها وعلى العالم في حال لم نتمكن من وقف الأشياء المروعة التي تحدث بالسودان"، ملمحاً إلى عدم ممانعة إدارة ترمب دعم جهود الكونغرس لتصنيف "الدعم السريع" منظمة إرهابية إذا كان ذلك سيسهم في الحل.

وقال روبيو للصحافيين في ختام مشاركته ضمن اجتماعات وزراء خارجية مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى، التي اختممت أعمالها أمس في مدينة أونتاريو بكندا، "نمارس ضغوطاً على الدول الداعمة لقوات ’الدعم السريع‘ لوقف تسليحها"، محملاً إياها "مسؤولية التورط في انتهاكات ممنهجة وارتكاب فظائع بحق المدنيين من بينها اغتصاب النساء"، ومؤكداً أنه "ليس صحيحاً أن تلك الأعمال تقوم بها عناصر غير منضبطة".

ودعت مجموعة السبع ضمن بيان مشترك أمس إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في السودان، مطالبة الجيش و"الدعم السريع" بالانخراط بصورة هادفة في مفاوضات جادة وبناءة.

ودانت المجموعة التي تضم وزراء خارجية كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة وممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، استمرار الصراع والفظائع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السودان.

في السياق، أعلن كبير مستشاري البيت الأبيض للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس أن "الولايات المتحدة تحض أطراف النزاع في السودان على الموافقة الفورية على الهدنة الإنسانية المقترحة، وتنفيذها".

وغرد بولس عبر حسابه على منصة "إكس"، "لقد وصلت معاناة المدنيين إلى مستويات كارثية، إذ يفتقر الملايين إلى الغذاء والماء والرعاية الطبية، وكل يوم من القتال المستمر يكلف مزيداً من الأرواح البريئة". وأضاف أنه "يجب على جميع الأطراف الوفاء بالتزاماتها، ووقف الأعمال العدائية، والسماح بالوصول الإنساني بصورة كاملة وآمنة ودون عوائق".
وأوضح المستشار الأميركي أن الهدنة المقترحة لن تنقذ الأرواح فحسب، بل ينبغي أن تكون أيضاً خطوة حيوية نحو حوار مستمر وسلام دائم، مشيراً إلى أنه قدم نصاً قوياً لمثل هذه الهدنة، على أمل أن يلتزم الجانبان بها بسرعة ومن دون مواقف سياسية أو عسكرية ستكلف مزيداً من الأرواح، مردفاً "لا يمكن لشعب السودان الانتظار أكثر من ذلك، حان الوقت للعمل".

من جهتها، أعلنت مفوضية الاتحاد الأوروبي تخصيص تمويل إضافي بقيمة مليون يورو للاستجابة إلى الحاجات الإنسانية العاجلة في السودان عقب سقوط مدينة الفاشر في أيدي "الدعم السريع"، يعطي الأولوية لتوفير خدمات المياه والنظافة والصرف الصحي وتوفير المأوى الطارئ للفارين من المدينة.

وأوضحت مفوضة إدارة الأزمات والمساواة حاجة لحبيب أن الاتحاد يعمل الآن على دعم التوسع الفوري في الاستجابة للطوارئ داخل جميع أنحاء شمال دارفور، بما في ذلك منطقة طويلة التي تستضيف العدد الأكبر من النازحين.

أشارت لحبيب إلى أن "الاتحاد لن يصمت إزاء التقارير حول ارتكاب ’الدعم السريع‘ فظائع جماعية وقتل بدوافع عرقية وعنف جنسي واسع النطاق في الفاشر".     

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات