ملخص
تتواصل المعارك الضارية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان التي يستمر القتال فيها لليوم الرابع على التوالي.
دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمس الأربعاء إلى تحرك دولي لقطع إمدادات الأسلحة عن قوات "الدعم السريع"، التي حملها مسؤولية التصعيد الدامي للنزاع في السودان.
وقال روبيو لصحافيين أثناء مغادرته اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا "ما يحدث هناك أمر مرعب"، وألقى باللوم على قوات "الدعم السريع" التي تخوض حرباً مع الجيش منذ أبريل (نيسان) 2023 وسيطرت أخيراً على مدينة الفاشر الرئيسة، على رغم أنها أعلنت موافقتها على مقترح هدنة أميركي.
وأضاف روبيو "أعتقد أن المشكلة الأساسية التي نواجهها هي أن قوات ’الدعم السريع‘ توافق على أشياء ثم لا تمضي فيها"، وتابع "أعتقد أنه يجب القيام بشيء ما لقطع إمدادات الأسلحة والدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع مع تواصل تحقيقها تقدماً".
وقال وزير الخارجية الأميركي إن "قوات الدعم السريع تعتمد على الأموال والدعم الخارجيين، لأنها تفتقر إلى مرافق تصنيع الأسلحة الخاصة بها"، مشيراً إلى أنهما يأتيان "من بعض البلدان ونحن نعرف من هي، وسنتحدث معها في شأن ذلك ونجعلها تفهم أن ذلك سينعكس بصورة سيئة عليها وعلى العالم إذا لم نتمكن من وقف ما يحدث".
ورفض روبيو الإشارة إلى الإمارات العربية المتحدة، الشريك الوثيق للولايات المتحدة عندما سئل عما إذا كان يقصدها.
ويتهم الجيش السوداني الإمارات بدعم قوات "الدعم السريع" بإرسال أسلحة ومرتزقة عبر دول أفريقية، ونفت أبوظبي هذه الاتهامات مراراً.
أخيراً، أكد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، في منشور على منصة "إكس"، أن قوات "الدعم السريع" تقاتل داخل السودان بأكثر من 85 في المئة من عناصر أجنبية تم استقدام معظمهم من دول الجوار.
وأضاف مناوي "هذه الحقيقة قد لا يعرفها كثيرون، لكنها تمثل جوهر الأزمة الأمنية الحالية"، لافتاً إلى أن اعتماد هذه القوات على مقاتلين أجانب يكشف عن طبيعتها غير الوطنية وخطورتها على مستقبل البلاد ووحدتها.
ويأتي هذا الاتهام في وقت أشارت فيه تقارير أممية سابقة إلى تدفق مستمر للمقاتلين عبر الحدود الغربية للسودان، للمشاركة في القتال بدعم من أطراف إقليمية.
"أكبر أزمة إنسانية في العالم"
دانت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى أمس الأربعاء تصاعد العنف في السودان، إذ تسبب النزاع بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في "أكبر أزمة إنسانية في العالم".
وقال وزراء خارجية دول مجموعة السبع في بيان مشترك في ختام اجتماعهم في كندا "ندين بشدة التصعيد الأخير للعنف"، وأعربوا عن مخاوفهم خصوصاً في شأن أعمال العنف الجنسي في السودان الذي مزقته الحرب.
تواصل المعارك
تتواصل المعارك الضارية بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، خصوصاً بابنوسة بولاية غرب كردفان التي يتواصل القتال فيها لليوم الرابع على التوالي.
وشهدت بابنوسة معارك ضارية بين الجيش ممثلاً في قوات الفرقة 22 مشاة وقوات "الدعم السريع" على محاور عدة، في محاولة من الأخيرة للسيطرة على هذه المدينة وقاعدتها العسكرية التي تعد آخر معقل عسكري للجيش في هذه الولاية، وذلك لتوسيع نطاق نفوذها الميداني في إقليم كردفان بعد إحكام نفوذها على دارفور إثر سيطرتها على مدينة الفاشر نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتحاصر "الدعم السريع" مدينة بابنوسة منذ أكثر من عام، وظلت قوات الجيش في المدينة تتلقى الدعم عبر الإسقاط الجوي، وتصدت خلال هذه الفترة لهجمات عدة شنتها الأخيرة عليها.
احتجاز وتعذيب
في الأثناء، اتهمت شبكة أطباء السودان قوات "الدعم السريع" باحتجاز سبع أسر مدنية، من بينها نساء وأطفال، في المناطق المحيطة بمدينة بابنوسة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفادت الشبكة في بيان بأن "قوة تابعة لـ’الدعم السريع‘ احتجزت تلك الأسر بتهمة انتماء ذويهم إلى الجيش، وذلك في استمرار لنهجها القائم على الاعتقال التعسفي والعقاب الجماعي في حق المدنيين الأبرياء".
ووفقاً لتقارير إنسانية وحقوقية، فإن مدينة بابنوسة والمناطق المحيطة بها شهدت عمليات نزوح واسعة جراء المعارك العنيفة التي تشهدها المنطقة، وتواجه آلاف الأسر ظروفاً بالغة السوء في ظل انعدام الغذاء والدواء.
غارات جوية مكثفة
في المحور نفسه، شن طيران الجيش غارات جوية مكثفة استهدفت مواقع لقوات "الدعم السريع" في منطقة أم كريدم بقطاع غرب بارا في ولاية شمال كردفان، التي تسيطر عليها الأخيرة منذ الـ25 من أكتوبر الماضي.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن الغارات أحدثت انفجارات في مواقع عدة، تصاعد على إثرها دخان كثيف في سماء المدينة.
وشهدت بارا، التي تقع على بعد 40 كيلومتراً من مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، طوال الأشهر الماضية تبادلات عسكرية متكررة بين طرفي الصراع، في وقت يسعى فيه الجيش للسيطرة عليها، لكونها تشكل عمقاً استراتيجياً يمكنه من التحكم في التحركات العسكرية ومراقبة الطرق المؤدية إلى العمقين الغربي والشمالي من البلاد.
حركة نزوح مستمرة من الفاشر
أما في محور دارفور، فلا تزال مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي سيطرت عليها "الدعم السريع" أخيراً، تشهد حركة نزوح بسبب تردي الأوضاع واستمرار الانتهاكات من الأخيرة في حق المدنيين.
ووفقاً للمديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، فإن تدهور الأمن بصورة حادة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل الجماعي والعنف العرقي والجنساني في مدينة الفاشر، أدت إلى تصاعد كبير في موجات النزوح وتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان.
وقالت بوب في بيان "فرقنا تبذل قصارى جهدها للاستجابة، لكن حالة انعدام الأمن ونفاد الإمدادات تعني أننا لا نصل إلا إلى جزء محدود من المحتاجين، ومن دون وصول آمن وتمويل عاجل فإن العمليات الإنسانية معرضة للتوقف في اللحظة التي تكون فيها المجتمعات بأمس الحاجة إلى الدعم".