ملخص
تعيش تركيا منذ قرابة عام حالة من النقاش في شأن الخطوات الواجب اتخاذها للولوج في عملية السلام بينها وبين حزب العمال الكردستاني على أمل إنهاء أكثر من أربعة عقود من الصراع المسلح، في ظل تغيرات إقليمية ودولية واحتمال انعكاس العملية على دول مختلفة في الشرق الأوسط لا سيما سوريا والعراق حيث يحظى الأكراد بحكم شبه مستقل ترى فيه تركيا تهديداً لأمنها القومي.
41 عاماً من الصراع المسلح بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، وخسائر بشرية تجاوزت عشرات الآلاف من الطرفين، وحرق آلاف القرى، وتبني سياسات عنصرية، وإنهاك لاقتصاد دولة وصلت خسائرها لأكثر من ترليوني دولار بسبب هذه الحرب المستمرة منذ عام 1984 وصولاً إلى يومنا هذا الذي يشهد محاولات لإنهائه بدأها الحليف الأبرز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زعيم الحركة القومية دولت باختشلي بدعوته الشهيرة للزعيم الكردي المسجون عبدالله أوجلان في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي لمخاطبة أنصاره وإنهاء الحرب وإلقاء السلاح.
أوجلان المسجون منذ فبراير (شباط) 1999 في جزيرة إيمرالي النائية في بحر مرمرة والذي يقضي حكماً مؤبداً، تلقف الدعوة التي أطلقها زعيم الحركة القومية التركي، والذي يعد أبرز وجوه ما يُعرف في الأوساط التركية بـ "الدولة العميقة" أي أصحاب القرارات المصيرية والاستراتيجية في البلاد. وبعد قبول أردوغان بالمبادرة، أصدر أوجلان في 25 فبراير (شباط) الماضي "نداء السلام والمجتمع الديمقراطي" دعا فيه إلى تصحيح مسار العلاقة التاريخية بين المجتمعين الكردي والتركي، والذي يمتد لألف عام من التاريخ، وكذلك تحول الدولة إلى ديمقراطية في تعاملها مع مكوناتها إلى جانب تحمله المسؤولية التاريخية لحل "حزب العمال الكردستاني" لنفسه وإلقاء السلاح.
الجبل... الحصن المنيع
في جبال قنديل وغارا ومتينا وحفتانين وغيرها التي تتبع لسلاسل جبال زاغروس وطوروس يتحصن مقاتلو العمال الكردستاني في تلك الجغرافيا الوعرة المتداخلة ما بين حدود العراق وتركيا وإيران، وفي هذه الجبال دارت آلاف المواجهات بين الجيش التركي ومقاتلي "العمال الكردستاني" على مدى العقود الأربعة الماضية وتقدر الخسائر البشرية بأكثر من 40 ألف جندي ومقاتل جراء المواجهات العسكرية التي تكون غالباً هجمات تُشن من قبل الجيش التركي على معاقل الكردستاني في إطار حملات عسكرية كانت تسمى بأسماء ودلالات مختلفة مثل "الصلب"، و"الفجر"، و"الشمس"، و"المخلب"، و"المخلب القفل".
وعادةً تكون العمليات العسكرية التركية معدة بشكل دقيق ومخطط لها وبأهداف محددة، وتُرصد لها أعداد كبيرة من الجنود والمعدات الثقيلة والطائرات وفرق الاستخبارات وأسلحة متنوعة، منها ما هو محظور دولياً، استُخدم في هجمات مختلفة خلال السنوات السابقة وفق وسائل إعلام وبيانات رسمية صادرة عن "العمال الكردستاني"، في حين نفت تركيا عبر وزارة الدفاع استخدام تلك الأسلحة.
ويعرف مقاتلو "حزب العمال" طبيعة الجبال التي يتحصنون فيها ويستخدمونها بشكل مؤاتٍ لوجودهم ولمصلحتهم، ويتبنون تكتيكات واستراتيجيات عسكرية دفاعية، ويتحركون ويشنون هجمات على شكل مجموعات منفصلة في الجبال في حين أن أسلحتهم تكون خفيفة ومتوسطة وقلما يستخدمون الثقيلة منها بسبب تحركات وتنقلاتهم الدائمة وغير المستقرة في المناطق الجبلية، وتُنقل هذه الأسلحة على أكتاف المقاتلين، أي أن هذه القوات لا تستخدم المدرعات أو المصفحات في مواجهة الجنود الأتراك، في حين طوّر "الكردستاني" أخيراً سلاح المسيرات المفخخة واستخدمها في الاستطلاع إلى جانب قدرته وتمكنه من إسقاط عدد من مسيرات "بيرقدار" التركية بنسخها المختلفة.
الجبل صديق تاريخي للأكراد
على مدى عقود وقرون استخدم المقاتلون الأكراد جبال مناطقهم كمعاقل وحصون في مواجهة الجيوش والقوات المعادية لهم، وخلال القرنين الأخيرين أيضاً لجأ إليها الأكراد في ثوراتهم، سواء ضد السلطنة العثمانية أو الشاهنشاهية في إيران أو ضد الانتداب الإنجليزي في العراق، وكذلك السلطات العراقية في مرحلة ما بعد الاستعمار، إضافة إلى الحكومات العسكرية التركية التي حكمت بعد سقوط السلطنة بدءاً من مصطفى كمال أتاتورك وإلى اليوم. وظلت هذه الجبال ساحة القتال التي يعرف خباياها المقاتلون الأكراد ويستفيدون من تضاريسها الوعرة، فعلى رغم التقدم العسكري الهائل لدى الجيش التركي، طوّر المقاتل الكردي أيضاً تقنياته في الحماية والدفاع عن مواقعه، ففي زمن ثورة الشيخ سعيد بيران في عشرينيات القرن الماضي، استخدم الكهوف والمناطق الجبلية النائية لحماية نفسه ومقاتليه من الجيش الإنجليزي وكذلك فعل الملا مصطفى البارزاني والقادة الكرد من بعده سواء جلال الطالباني أو مسعود البارزاني واستطاعوا الاحتماء في وديان وقمم والمناطق النائية من هذه الجبال، فيما طوّر مقاتلو "العمال الكردستاني" تلك الاستراتيجية من خلال تركيز كل قوتهم في الجبال التي أصبحت مستقرهم طويل الأمد مستخدمين القوة البشرية أحياناً والتكنولوجيا أحياناً أخرى في حفر الأنفاق والمستودعات والمخازن وحتى المكتبات والأكاديميات ومراكز التدريب العقائدي والعسكري فيها وكل ذلك بهدف الاستمرارية وحماية مقاتليهم من الطيران الحربي أو كشفهم من خلال طائرات الاستطلاع التي لا تغادر أجواء تلك الجبال خصوصاً عند التحضير لهجمات عسكرية جديدة أو أثنائها وقد ازدادت خلال السنوات الأخيرة وبكثافة عالية مع إنتاج تركيا وتصنيعها للطائرات المسيّرة.
كل ذلك يبقى في إطار القتال والعمل العسكري، في حين أن التحضير للسلام أخذ الجزء الأكبر من النقاشات والتصريحات سواء التركية أو الكردية في الأشهر الـ 13 الأخيرة، وباتت الأسئلة الملحة تشغل بال 85 مليون تركي بينهم أكثر من 20 مليون كردي، لا بل أن الأنظار في دول الجوار حيث يتواجد الكرد، خصوصاً العراق وسوريا، تأمل حل المسائل المتعلقة بارتدادات الصراع الكردي والحكومة التركية منذ عقود، وحتى الآن أُعلنت خطوات عدة من قبل "العمال الكردستاني"، تلخصت بنداء السلام الذي أطلقه أوجلان وحل الحزب نفسه في مؤتمره الثاني عشر، كذلك قام بخطوة رمزية بحرق أسلحة في كهف جاسنة قرب السليمانية. وأخيراً أعلن سحب مجموعة من مقاتليه من جبال المناطق الكردية في جنوب شرقي تركيا إلى داخل الحدود مع إقليم كردستان العراق.
11 وقفاً لإطلاق النار
في مقابلة خاصة وحصرية لـ"اندبندنت عربية"، قال المتحدث باسم "منظومة المجتمع الكردستاني"، زاغروس هيوا، التي تُعتبر المظلة التنظيمية والسياسية الجامعة لتشكيلات "حزب العمال الكردستاني"، بما فيها القوات العسكرية، إن عبدالله أوجلان وحركة "حرية كردستان" حاولوا دائماً حلّ المسائل عن طريق السلام والديمقراطية وأسس السياسة الديمقراطية، "ولذلك تُقدم هذه الحركة على خطوات أحادية الجانب من أجل الحلّ ليس في هذه المرحلة فقط إنما منذ زمن". ويسرد هيوا حدثاً مشهوراً في أدبيات الحزب في بحثه عن السلام مع تركيا في عام 1988 حينما التقى الصحافي التركي محمد علي بيراند، أوجلان الذي حمّل ضيفه رسالة مفادها أن ترسل الدولة التركية أحد مسؤوليها للتحدث معه، مضيفاً أنه "منذ ذلك التاريخ أوجلان بدأ البحث عن الحل بينما بدأت الدولة التركية بألاعيبها وخططها للتهرب من الحل".
وتابع المتحدث باسم "العمال الكردستاني" أنه "في عام 1993 وبوساطة الراحل جلال طالباني، زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، رئيس جمهورية العراق السابق، جرى أول إعلان لوقف إطلاق النار. وحتى الآن أوقف الأكراد القتال من طرف واحد لأحد عشر مرة، لكن تركيا حاولت دائماً حل المشكلات بالسلاح والعنف". وقال إن لديهم تجارب كثيرة في هذا المجال، "حيث لا تتشكل سريعاً ذهنية وعقلية الحل في تركيا، ففي عام 1993 كان القائد أوجلان يقول أبحث عن صاحب للقرار في تركيا لحل المسألة معه"، لكن لا أحد من المسؤولين الأتراك ينبري لتحمل مسؤولية هذا الحل. فكل المسؤولين الأتراك المنخرطين في سياسة الدولة التركية ويحاولون إثبات أنفسهم من خلال معاداة الأكراد وإقناع الآخرين بفكرة مفادها: أنظروا كم أنا صالح وجيد وكم أعادي الأكراد... وما زالت تلك الإرادة للحل في تركيا ضعيفة"، بحسب هيوا.
كلام باختشلي
ويقول المتحدث باسم "حزب العمال"، إن زعيم حزب "الحركة القومية" دولت باختشلي يدلي ببعض الكلام عن السلام لكن حتى الآن لم تُتخذ بعد أي خطوات عملية. ويضيف إن "باختشلي ومنذ تأسيس العمال الكردستاني يعمل على أساس معاداة الأكراد لكنه الآن يقول سآتي بالحل، ونحن نرى أن هذه خطوة جيدة وإيجابية لكن هذا الكلام لا ينعكس ولا يتمظهر على أرض الواقع". ويورد هيوا مثالاً على عدم وجود خطوات جدية على الأرض بأن "اللجنة البرلمانية المشكلة لحل القضية الكردية لا تسمح للأمهات الكرديات بالتحدث بلغتهن الكردية، وهذه إشارة إلى ذهنية الإنكار المستمرة التي تعيشها الدولة التركية، وغير ذلك هناك عشرات آلاف الأكراد الذين يقضون عشرات السنوات في السجون وجرمهم الوحيد أنهم يناضلون من أجل هويتهم والمطالبة بالسياسة الديمقراطية، لكن لأن تركيا تتبع سياسة الإنكار والإمحاء تجاه الأكراد ما زالت تحتجز أولئك الأشخاص في سجونها".
لا أقطاب في الحزب
خلال الأشهر الأخيرة ازدادت حركة الزيارات واللقاءات مع الزعيم الكردي أوجلان، منها العلني ومنها غير المعلن، حيث جرى الحديث عن لقاءات جرت معه من قبل مسؤولين في الدولة التركية، نُقلت خلالها الرسائل والمحادثات غير المباشرة سواء مع أنصاره أو مع مسؤولي الدولة، لتظهر بعض التحليلات أن الحزب يعاني تعدد الأقطاب ومراكز القرار، لكن المتحدث زاغروس هيوا ينفي ذلك ويقول إن "حركتنا هي حركة أسسها القائد آبو (بمعنى العم، وهي كنية حركية لأوجلان) وكل منّا مرتبط بفكر وفلسفة هذا القائد".
وتابع المتحدث أنه "في بدايات النقاش من أجل الحل، كانت جهات تابعة للدولة التركية وأعوانها في الداخل والخارج، لا سيما بين الأكراد، تقول إن حزب العمال الكردستاني يتألف من أطراف واتجاهات عدة، لا تنصت لكلام أوجلان أو تعير بالاً لتعليماته، وأن لا تأثير له عليها، أو أن تأثيره أصبح ضعيفاً، وأن القيادي الفلاني سيقف في وجه تعليماته وغير ذلك... لكن هذه الحركة السياسية منذ تأسيسها وحتى الآن التزمت بكل نداءات والتعليمات الصادرة عن القائد أوجلان وأظهرت نفسها على أنها حركة موحدة وتملك إرادة للحل".
وقال، "كما تتابعون فإن أي نداء صادر أو تعليمات صادرة من القائد أوجلان تجاه حركتنا قد جرى تنفيذه، لكن هذه النداءات الصادرة عنه ليست موجهة لنا فقط بل موجهة لجميع الأطراف، فإن الطرف الذي لا يلتزم بما فيه الكفاية بهذه النداءات والدعوات هي الدولة التركية وأعوانها".
أوجلان كبير مفاوضي الحزب
وشدد زاغروس هيوا على أن "المحادثات والمفاوضات لم تبدأ بعد، الموجود الآن على الساحة فقط هو حوارات وخطوات متخذة من طرف واحد هو أوجلان وحركته، في حين أنه من أجل أن تبدأ المفاوضات والمحادثات، يجب قبل كل شيء توفير الشروط والظروف الملائمة"، مشيراً إلى أن حزب العمال أعلن أن كبير مفاوضيه هو أوجلان، متسائلاً عما إذا كان في حالة المفاوضات منطقي أن يكون أحد أطراف التفاوض في السجن بينما يملك الآخر كل إمكانيات الدولة ويتجول في أرجاء العالم ويمارس العمل الدبلوماسي.
المطلوب من تركيا
في هذا السياق، أكد المتحدث على أن "أوجلان الذي يقود عملية الحوارات الحالية يقبع في المعتقل ومن الضروري توفير الشروط والظروف المتساوية والعادلة للمفاوضات وأن يُحرر جسدياً، لأن الاستمرار بهذه العملية تحت ظروف العزلة غير ممكن، فحزب العمال الكردستاني وخلال عقد مؤتمره الـ 12 اتخذ قراراً بضرورة قيادة أوجلان لهذه المسيرة لكنه ما زال حتى الآن في السجن"، مشدداً على ضرورة أن "يتمكن أوجلان من الدخول في حوارات سواء مع حزبه أو أصدقائه أو الأطراف السياسية داخل تركيا، من الأكراد والأتراك وبقية القوميات والجهات".
وطالب هيوا بالإحاطة بكل جوانب هذه الخطوة وبضمانات قانونية، فزعيم حزب الحركة القومية دولت باختشلي هو بنفسه من أطلق الدعوة وقال: فليأتِ الزعيم أوجلان ويتحدث باسم كتلة حزب ديم (حزب المساواة والديمقراطية بين الشعوب) ويستفيد من قانون حق الأمل... لكن حتى الآن لم يفِ باختشلي بوعوده. ولنترك مسألة الخطاب في البرلمان على جنب، فمنذ 4 أشهر يجري نقاش داخل البرلمان ولا يستطيعون إرسال وفد إلى سجن إمرالي وللقاء أوجلان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ماذا لو تعثرت العملية؟
يقول هيوا إن "حركة المجتمع الكردستاني حتى اللحظة قامت بكل التضحيات والتنازلات من أجل ألا تتعثر هذه العملية، إذ قام العمال الكردستاني بحل نفسه في مؤتمره الأخير وحرق الأسلحة، وإعلان وقف إطلاق النار وسحب المقاتلين من تركيا، هذه كلها خطوات استراتيجية لكن العملية لن تسير بخطوات أحادية الجانب فمن الضروري أن تجري بخطوات من الطرفين".
وتابع أنه "إذا لم يتحرر القائد أوجلان جسدياً ولم يعمل في شروط وظروف مستقلة، فهذه العملية ستتعثر وستصل إلى طريق مسدود"، متسائلاً أنه "إذا أعلن قائد استعداده لتحمل مسؤولية مثل هذه كيف سيتمكن من إنجازها وهو في السجن؟"، معرباً عن أمله بألا تتعثر هذه العملية وألا تصل إلى طريق مسدود كما سابقاتها، "فجميع محاولاتنا وخطواتنا أحادية الجانب هي من أجل فتح الطرق لسير عملية السلام، لكن السلام لا يتم بمحاولات طرف واحد".
العمليات العسكرية
وحول تأثير العمليات التركية على قدرات "حزب العمال" العسكرية واحتمالية ضعفه وتوجهه نحو السلام، أجاب المتحدث الكردي بأن "العمليات العسكرية التركية ضد حركة حرية كردستان قد شُنت منذ اليوم الأول لتأسيس الحركة، وخلال هذه المسيرة النضالية كانت دائماً الأولوية هي عملية السلام والديمقراطية والنضال السياسي، لكن مع ذلك وعند شن تركيا أي هجوم أو عملية عسكرية علينا، تمكنا من حماية أنفسنا، فعملنا العسكري منذ بداية التأسيس وحتى الآن قائم على أساس الدفاع والحماية الذاتية". ويضيف أنهم في هذه المرحلة الجديدة لا يريدون استخدام قوتهم العسكرية ضد أي طرف "وهذا قرار استراتيجي بالنسبة لنا إذ اتخذنا قراراً استراتيجياً بإنهاء الكفاح المسلح، "ولكن إن حصل هجوم علينا فحق الدفاع والحماية الذاتية مصان لنا".
لا طرف ثالث حتى الآن
وعن إمكانية وجود وساطات إقليمية ودولية صرح هيوا أن "مسار السلام الحالي بدأ بخطاب دولت باختشلي ثم نداء السلام من القائد أوجلان في 27 فبراير الماضي، أي أن طرفاً ثالثاً لم يشترك، ولكن نحن لسنا ضد أن تشارك أطراف معنية أخرى في هذه العملية"، موضحاً أن "النضال من أجل السلام هو عمل مبارك ومهم".
ينتاب المتحدث باسم العمال الكردستاني شعوراً متفائلاً بأنه "إذا ما نجحت عملية السلام ستكون لها انعكاسات على مجمل المنطقة والسياسة في العالم، ولذلك فإنه من الطبيعي أن تظهر القوى الإقليمية والدولية اهتمامها بها، وأملنا من الأطراف التي تريد أن يتقدم السلام، أن تدعو الدولة التركية لإطلاق سراح الزعيم أوجلان، وهذه ليس قضية للبازار والتفاوض فهذا حق للزعيم آبو بأن يكون حراً بحسب المبادئ العالمية لحقوق الإنسان والقوانين الأوروبية، فهو يقبع في سجون تركيا منذ 27 عاماً".
انخراط الأمم المتحدة
وزاد زاغروس هيوا إن لديهم قناعة بأن الأطراف الخارجية إن أرادت المشاركة بإيجابية في العملية الجارية فمن الضروري أن تضغط سياسياً ودبلوماسياً على تركيا لتخطو خطوات سياسية وقانونية وفي مقدمتها رفع العزلة عن أوجلان، كما صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش ببيان حول العملية الجارية بين العمال الكردستاني وبين الحكومة التركية، "ونحن نقيّم عالياً ونثمّن هذا البيان ونرى أن انخراط الأمم المتحدة والسيد غوتيريش خطوة مهمة، فالسلام في كردستان يعني أن السلام سيعم منطقة الشرق الأوسط برمتها".
تابعون لإيران؟
يجري بين الفينة والأخرى تداول اتهامات تطاول "العمال الكردستاني" بتبعيته لنظام إيران، لكن المتحدث باسمه ينفي ذلك بشكل قاطع، مشيراً إلى أنهم يستمدون قوتهم من فكرهم وفلسفتهم الخاصة من شعبهم، "ونحن قريبون من جميع شعوب الشرق الأوسط"، مضيفاً أنه ثمة محاولات عدة لإظهارهم كطرف مقرب من إيران وهدفهم من ذلك الإضرار بحركة حرية كردستان، هذه الحركة موجودة وتناضل في أرض كردستان، وكردستان هي في قلب منطقة الشرق الأوسط، ولذلك من الطبيعي أن تكون لحركتنا علاقات وروابط مع شعوب والحركات السياسية في المنطقة، وفي جميع علاقاتنا مع جميع هذه القوى فإن مصلحة شعبنا هي أساس تلك العلاقات".
شمال شرقي سوريا في ميزان المحادثات
يختم زغروس هيوا حديثه بالقول إن "لهذه العملية التي بدأها أوجلان آثارها ومآلاتها الإيجابية في جميع أجزاء كردستان بما فيها روجآفا (شمال وشرق سوريا)"، وإن تركيا ترى في أي مكسب للأكراد تهديداً لها، على سبيل المثال، عندما افتتح معهد في إحدى الجامعات اليابانية دورة لتعليم اللغة الكردية، رأت تركيا في ذلك تهديداً لأمنها القومي وأرسلت رسائل تحذيرية لأعلى المستويات الرسمية في اليابان". وأضاف أنه "إذا كان رد فعل تركيا هكذا تجاه اليابان فمن الواضح أنها كيف ستتعامل مع الأكراد في الدول الجارة لها، فتركيا لا تريد للأكراد الحصول على أي مكسب في أي جزء من كردستان". وشدد على أنه "إذا كانت تركيا تريد أن تعقد السلام بشكل حقيقي مع الكرد فمن الواجب ألا ترى المكتسبات في روجآفا مخاوف وتهديدات لها، فمقاربة تركيا لشمال وشرق سوريا تعتبر معياراً ومقياساً لتغير ذهنيتها وسياستها من عدمهما تجاه الكرد جميعاً".