Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النسوية في قرن جديد: من الحقوق الأساسية إلى معارك الهوية

مع تصاعد النقاشات حول الهوية الجندرية والتقاطعية تجد النسوية الحديثة نفسها في قلب جدل عالمي يعيد طرح الأسئلة حول ماهيتها وأهدافها وحدودها ويدفع الحركة إلى إعادة تعريف ذاتها في عالم سريع التحول

خلال العقود الأخيرة، تطورت النسوية لتصبح أكثر شمولاً، مع تركيز قوي على مفهوم "التقاطعية (اندبندنت عربية)"

ملخص

مع مرور ربع قرن من الـ21، لم تعد النسوية مجرد حركة للمطالبة بالمساواة بين الجنسين، بل تحولت إلى مشروع فكري واجتماعي شامل يسعى إلى تفكيك أنظمة القوة وإعادة تعريف مفاهيم العدالة والحرية والهوية الإنسانية.

تقول الناشطة النسوية الأميركية غلوريا شتاينم إن النسوية لم يكن يوماً هدفها العثور على وظيفة لامرأة واحدة، بل هدفها جعل الحياة أكثر عدلاً للنساء في كل مكان. شتاينم التي قادت حركة التحرر النسوي خلال الستينيات والسبعينيات أو ما يعرف بـ"الموجة الثانية" من النسوية، تعتقد بأنه إذا عرفنا النسوية بأنها مجرد مساواة بين الرجل والمرأة، فستظل دائماً بعيدة من رؤيتنا لمستقبل عادل ومنصف للجميع. 

صياغة شتاينم تعكس تلك النسوية الشاملة والتحويلية التي دافعت عنها طوال مسيرتها المهنية، بخاصة في العقد الأول من القرن الـ21، عندما بدأت تؤكد التقاطع والعدالة الجندرية العالمية. وهي تقدم تطور النسوية من كفاح فردي من أجل الفرص إلى كفاح جماعي من أجل التغيير الشامل، في ما يشبه تفكيكاً كاملاً للنظام وإحداث تغيير نسوي حقيقي، مما شكل ملامح تطور الحراك الأنثوي في الربع الأول من القرن الـ21 لتعيد صياغة دور الحركة النسوية التي انطلقت موجتها الأولى مع حركة حق المرأة في الاقتراع خلال منتصف القرن الـ19، فحصلت المرأة الأميركية على حق الانتخاب في عشرينيات القرن الـ20 وحققت المرأة المصرية بقيادة درية شفيق هذا المطلب خلال خمسينيات القرن نفسه. وفي بريطانيا، كسبت النساء معظم الحقوق القانونية التي ناضلن من أجلها بإصرار، من "قانون ملكية المرأة المتزوجة" لعام 1870 و"قانون الإصلاح" لعام 1918 الذي منح 8.4 مليون امرأة حق التصويت. 

وتطورت الموجة الثانية للحركة النسوية التي انطلقت في أواخر ستينيات القرن الـ20، لتتحول من مجرد المطالبة بالمساواة في الحقوق السياسية والاقتصادية، إلى التمرد على الأدوار التقليدية للنساء وحصرها في أنهم أمهات وزوجات، وطالبت الحركة بإعادة تقييم تلك الأدوار الجندرية التقليدية ومكافحة كل أنواع التمييز والتحيز الجنسي وشملت حقوق الإنجاب والتمييز في مكان العمل. ومع مطلع التسعينيات توسع تركيز الحركة ليعالج قضايا مثل التحرش الجنسي في مكان العمل، واستبعاد النساء من المناصب العليا، فانطلقت الموجة الثالثة للحركة النسوية، بعدما أدلت أنيتا هيل بشهادتها أمام اللجنة القضائية لمجلس الشيوخ حول اتهامات بالتحرش الجنسي ضد مرشح المحكمة العليا كلارنس توماس. 

وخلال هذه الفترة حققت النساء تقدماً كبيراً في المجال السياسي وإنجازات تاريخية بتوليهن مناصب قيادية سياسية في مختلف المناصب على مستوى الولايات والمستوى الوطني. وعام 1997، أصبحت مادلين أولبرايت أول امرأة تشغل منصب وزيرة خارجية الولايات المتحدة. واستمر توسع وصول النساء إلى المناصب العليا مع بلوغ القرن الـ21، فبعد عقد من تعيين أولبرايت تحقق إنجاز آخر، عندما أصبحت نانسي بيلوسي أول امرأة تشغل منصب رئيسة مجلس النواب الأميركي. ومنذ انتخابها للمنصب عام 2007، أصبحت بيلوسي أعلى امرأة رتبة والثانية بعد نائب الرئيس، في ترتيب خلافة الرئاسة.

وفي العالم العربي لم تسر الحركة النسوية على المنوال نفسه بالنظر إلى ما واجهته من قيود سياسية ودينية واتهامات شرسة لأي حديث عن حقوق المرأة بوصفه تمرداً على التقاليد الدينية. 

"التقاطعية" ترسم ملامح القرن الـ21

وفي حين يرى كثر من الباحثين والمؤرخين أن الحركة النسوية تتكون من ثلاث موجات تمثل علامات تاريخية بارزة تشمل نشاطاً نسائياً واسع النطاق، لكن بالنظر إلى تعقيد هذه الحركة، رأى كثر أنه لا يمكن تحديد تواريخ دقيقة لبداية أو نهاية كل موجة. وتزداد صعوبة تحديد هذه التواريخ عند مناقشة الموجتين الثالثة والرابعة. وعلى رغم أن الموجة الثالثة لم تحدد لها نهاية رسمية، فإن الناشطات يدركن أن القرن الـ21 قد بشّر بنوع جديد من النشاط.

فخلال العقود الأخيرة، تطورت النسوية لتصبح أكثر شمولاً، مع تركيز قوي على مفهوم "التقاطعية" الذي يعترف بأن تجارب النساء مع القمع تتشكل من خلال تداخل العرق والطبقة والجنسية وغيرها من الجوانب الهوياتية. فمع انتقال الحركة إلى القرن الـ21، واصلت النسويات الدفاع عن حقوقهن، لكن مع التركيز بصورة كبيرة على قضايا مثل حرية الجسد والهوية. وخلال ربع قرن، أصبحت قضية الجندر جزءاً من الخطاب السياسي والثقافي، ولم تعد شأناً نسوياً فقط، بل مدخلاً لإعادة التفكير في العدالة والحرية والمساواة بين البشر.

وأصبح الانتقاد الأكبر الذي يطارد الحركة النسوية خلال الأعوام الأخيرة، تركيزها على قضايا الجندر والهوية بوصفها انحرافاً عن الأهداف المركزية للحركة، غير أنه بفضل استخدام التكنولوجيا وظهور وسائل التواصل الاجتماعي واعتماد فلسفات نسوية متعددة، تقول النسويات إن الحركة الحديثة تعرّف بتقاطعيتها. فالنسوية الحديثة تعرف بأنها الإيمان بالمساواة بين الناس من جميع الأجناس، وهي مجموعة من القيم التي تهدف إلى تفكيك عدم المساواة بين الجنسين والهياكل التي تدعمها.وتتبني النسوية الحديثة مُثُل النظريات النسوية السوداء والمثلية، من خلال فهمها لترابط قضايا الجندر والعرق والهوية الجنسية.

ويؤكد الناشطون أن النهوض بالفئات الأكثر تهميشاً في المجتمع سيؤدي إلى تحقيق مكاسب للنهوض الشامل بالمساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم. فتقول مؤسسة مجموعة "المستقبل النسوي الأسود" باريس هاتشر خلال حديث سابق إلى شبكة "أي بي سي نيوز"، "تخبرنا (الكاتبة) أودري لورد أننا لا نعيش حياة تركز على قضية واحدة، أي إننا لا نملك رفاهية القول ’سأقاتل فقط من أجل هذه القضية‘ لأن هذا في الواقع غير ممكن". 

تطور بحجم المستجدات

وتقول الباحثة في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية وعضو مؤسسة "المرأة الجديدة" نيفين عبيد في حديثها إلى "اندبندنت عربية" إن الحركة النسوية في القرن الـ21 تطورت بحجم المستجدات من القضايا الناشئة، فأصبح هناك اهتمام بالتطور التكنولوجي والرقمي وتداعياته على اتزان علاقات القوة أو موازين علاقات القوة بين الجنسيين، وبرزت القضايا الجندرية والهويات الجنسية، وكذلك النسوية البيئية وتأثير التغيرات المناخية في النساء، كما أصبحت النسوية تواجه تحدياً كبيراً يتعلق بالحروب وارتفاع معدلات العسكرة والتسليح والأمن والسلام. وهذه جميعها قضايا ناشئة فرضت نفسها على أجندة النسوية التي باتت تبحث عن سبل للحد من آثارها. وفي مسألة الحروب، أشارت إلى أن النسوية تواجه جنوداً جدداً أو جيوشاً جدداً يتمثلون في الميليشيات التي تهدد مسار العدالة والمساواة أو التفكر في مجتمع من الأساس قائم على العدالة، فثمة ميل متزايد إلى قفزات نحو العسكرة واستخدام السلاح والقتل على الهوية بما فيها الهوية الجندرية، كما أصبح اغتصاب النساء أحد الأسلحة في الحروب. 

لكن مراقبين آخرين يشيرون إلى أن العالم يشهد اليوم مستوى غير مسبوق من النقاش حول قضايا حقوق المرأة بفضل سهولة التواصل عبر الإنترنت، إضافة إلى ثراء في الكتب الجديدة حول الموضوع. وإذا كان هناك خيط مشترك بينهما، فهو أن النسوية في القرن الـ21 تحولت من التركيز على المساواة القانونية إلى مواجهة أنواع من التمييز يصعب قياسها، بالتالي تصعب مكافحتها. فإضافة إلى استمرار الكفاح ضد عدم المساواة في الأجور، فهناك مستويات متفاقمة من العنف المنزلي والجنسي، فضلاً عن ضغوط معايير الجمال والجنس والعادة المتكررة لدى بعض الرجال في التقليل من شأن النساء، كما وصفتها ريبيكا سولنيت في مقالتها الشهيرة "الرجال يشرحون أشياء لي"، وقد بدأ جيل جديد من النساء يدرك أن المساواة في القوانين لم تتحول بعد إلى مساواة على أرض الواقع.

خلاف الأولويات

وخلال الربع قرن الماضي، أصبحت قضية الجندر جزءاً من الخطاب السياسي والثقافي، ولم تعد شأناً نسوياً فقط، بل مدخلاً لإعادة التفكير في العدالة والحرية والمساواة بين البشر. وتقول عبيد إن النسوية هي استراتيجية تهدف إلى تغيير المجتمع، لذا فإنها تعمل على تغيير المجتمع نحو احتواء العناصر المختلفة وتكويناته وتكوينات الإنسان وتأصيل فكره حول الإنسان، مضيفة أن النسوية ليست أيديولوجيا لها علاقة بالتدخلات والسياسات، بل هي توجه وانحياز، بالتالي هذا الانحياز لا يعرف الاستثناء. هنا الأمر يتعلق بتحرير المجتمع من السلطة الأبوية في صورها كافة سواء كانت ذكورية أو نيوليبرالية أو استعمارية أو توسعية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن وفق مجلة "بروسبيكت" البريطانية، فإن القضايا الاجتماعية والثقافية والنفسية التي تسعى الموجة الرابعة إلى معالجتها أكثر تعقيداً من أن تختصر في إصلاحات قانونية، مما أدى إلى خلافات بين النسويات حول ما يجب أن يعد أولوية. ومثل الموجات السابقة، لا تمثل النسوية الرابعة حركة متجانسة، فقد أعلنت منظمات "مسيرة النساء" أنهن يناضلن من أجل "عالم عادل وآمن ومتسامح للجميع"، لكن الخلافات لم تختفِ، فقد شعرت بعض النساء من الأقليات العرقية بأن قضاياهن ليست ضمن الأولويات، كما شعرت بعض النساء المتحولات جنسياً بأن شعارات مثل "قوة المهبل" كانت إقصائية، مما أعاد إشعال الجدل حول معنى "الأنوثة" وحدودها.

وترتبط هذه النقاشات بمفهوم "التقاطعية"، ومع تحول التركيز من المساواة القانونية إلى العدالة الاجتماعية الفعلية، أصبحت النقاشات حول معنى العدالة للنساء أكثر تعقيداً، فترى كثير من النسويات أن الغاية النهائية هي "الاختيار"، أي أن تكون المرأة حرة في أن تفعل ما تشاء، من دون حكم أو عائق، سواء في صعودها المهني أو رعايتها للأسرة أو حتى تعبيرها الجسدي. لكن مفكرات مثل بيل هوكس رأين هذا النوع من "النسوية الليبرالية" زائفاً لأنه يكرس القيم الرأسمالية ولا يغير بنية القوة، فوجود نساء في مجالس الإدارة لا يغير من واقع النساء العاملات في تنظيف تلك المكاتب.

ووفق مراقبين، يمكن القول إن النسوية اليوم لم تعد مجرد حركة نسائية، بل إطاراً لفهم العلاقات بين القوى الاجتماعية والرمزية في المجتمع، فمفهوم "الجندر" لم يعد يقتصر على التمييز بين الرجل والمرأة، بل صار أداة تحليل لفهم كيف تتشكل الأدوار والهويات، وكيف تستخدم مفاهيم "الأنوثة" و"الرجولة" لتبرير السلطة أو لإقصاء فئات معينة.

نسويات متعددة

وتقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة لندن روزاليند غيل إننا لم نعد نعيش في زمن "نسوية واحدة" ذات صوت موحد أو أهداف متفق عليها، بل إن هناك أنواعاً متعددة من النسويات تتعايش، وأحياناً تتصادم، داخل المشهد الثقافي والإعلامي.فهناك النسوية الليبرالية التي تركز على الحقوق الفردية والمساواة القانونية، والنسوية الراديكالية التي تنتقد النظام الأبوي جذرياً، والنسوية الشعبية التي تظهر في الإعلانات والأفلام ومواقع التواصل، وتستخدم لغة "التمكين" لكنها أحياناً تفرغ النسوية من مضمونها السياسي، والنسوية العابرة للثقافات التي تحاول الربط بين قضايا النساء في الشمال والجنوب العالميين.

وربما يرتبط كثير من الجدل حول النسوية في المجتمعات العربية بهذا التنوع والتفاوت بين التيارات النسوية عالمياً، فبعض الحركات العربية تتبنى خطاباً حقوقياً تقليدياً يتعلق بالمساواة في التعليم والعمل، وبعضها الآخر يتأثر بالنسوية الغربية المعاصرة في قضايا مثل حرية الجسد أو الجندر أو المثلية، وهناك أيضاً نسويات محليات مثل النسوية الإسلامية أو النسوية الثقافية التي تحاول التوفيق بين قيم المساواة والخصوصية الدينية والثقافية. ومع ذلك تقول نيفين عبيد إنه لا يوجد أي تيار نسوي حقيقي قبل بفكرة الخصوصية الثقافية في إطار يحد من قيمة المساواة كقيمة مطلقة، بل هي فكرة أكاديمية تتعلق بمجال الدراسات الاستعمارية يجنح لها اليسار. وتدلل أنه على سبيل المثال لم تتصالح النسوية العربية قط مع ختان الإناث، كما لم تقبل قط موازين القوى للأحوال الشخصية والأسرة بداعي أن جزءاً منها يتعلق بالخصوصية الثقافية لقوامة الرجل. 

وتضيف عبيد أن حتى اجتهادات النسوية الإسلامية كأحد أطياف مدرسة النسوية تسعى إلى تقديم تأويلات دينية جديدة لمصلحة إعادة موازين القوى لنصابها، فلا يمكن أن يكون هناك مد نسوي حقيقي يمكن أن يتصالح مع عدم المساواة بداعي الخصوصية الثقافية. 

وفي حين أن النساء أكثر ميلاً لربط النسوية بصفات إيجابية مثل التمكين والشمول، وجد استطلاع لمركز "بيو" الأميركي للأبحاث أن الرجال أكثر ميلاً للنظر إلى النسوية على أنها مستقطبة وعفا عليها الزمن. وشهدت الأعوام الأخيرة صعوداً في الخطاب المعادي للنسوية، تغذيه الحركات الشعبوية والأيديولوجيات الرجعية التي تخشى فقدان الأدوار الجندرية التقليدية في الدول الغربية والعربية على حد سواء. ويجادل الناشطون بأن التصورات السلبية عن النسوية ترسخ من قبل أولئك الذين يستفيدون من النظام الأبوي.

وتعد الأعراف الثقافية والأبوية من أبرز العوائق أمام المساواة الجندرية، بخاصة في المجتمعات التي تحصر فيها أدوار النساء بالأسرة والرعاية، كما يمثل التطرف الديني تحدياً كبيراً لحقوق النساء، ولا سيما في الشرق الأوسط، حيث تستخدم التفسيرات المحافظة للنصوص الدينية لتبرير قمع النساء وتقييد حرياتهن.وتقول عبيد إن الانتقادات للحركة النسوية أنها تعادي الدين وتشجع الفجور والعلاقات غير مسؤولة، وجميعها جرى الرد عليها ودحضها.

قلب موازين القوى

وقامت النسوية الرقمية عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بدور محوري خلال العقدين الماضيين، في خلق حركات عالمية مثل "أنا أيضاً" و"كفى صمتاً"، وحتى محلياً داخل العالم العربي حيث اضطلعت صفحة "اتكلمي Speak up" بدور مهم في تشجيع الفتيات والنساء في مصر على التحدث عن العنف الجنسي، فتجاوزت تلك الحركات الحدود الجغرافية وأسهمت في نشر الوعي وتحقيق التغيير، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا سمحتا للحركات النسوية حول العالم بالتواصل والنمو ونشر رسالتها، فأحدثت تغييراً لافتاً في ميزان القوة بين الجنسين. 

وتقول نيفين عبيد إن حركة "أنا أيضاً" ساعدت في فكرة البوح بأنواع من العنف، تحديداً العنف الجنسي في مجتمعات أبوية، إذ جاءت الحركة لتوصيل فكرة إعادة التعريف بجرائم العنف وأنواعه وتوسيع نطاق مفهوم جريمة العنف أو نوع العنف، وهذا الإسهام الحقيقي الذي كشف عنه الوسم الشهير على مستوى العالم أثار وعياً واسعاً في المناطق العربية، وتضيف أن ما فعلته "أنا أيضاً" هو نفي حال تبرير العنف ووسعت من نطاق تعريف أنواعه ووضع تعريف للجريمة. 

كما أسهمت أدوات التكنولوجيا في تغيير طريقة فهم النساء لأدوارهن وهويتهن نتيجة للانفتاح على العالم والتواصل مع أقرانهن. فيشير مراقبون إلى أنه في الجنوب العالمي، تطورت النسوية استجابة للتحديات الخاصة بالنساء هناك مثل الاستغلال الاقتصادي والقمع السياسي وضعف الوصول إلى الرعاية الصحية. وأظهرت حملات مثل "أعيدوا فتياتنا" في نيجيريا المتعلقة بالفتيات المخطوفات لدى جماعة "بوكو حرام"، وحركات أميركا اللاتينية، أهمية النضال الشعبي لمناهضة العنف القائم على النوع والمطالبة بالإصلاحات القانونية.

ومع ذلك، يشير آخرون إلى أن النسوية اليوم تخوض معاركها على جبهات متعددة. فالإنترنت، مثلما وسع نطاقها، جعلها أيضاً أكثر تفتتاً. وتقول الصحافية البريطانية المتخصصة في قضايا الجندر جيسيكا أبرامز، إن النقاشات لم تعد محصورة في الجامعات أو الصحف، بل انتقلت إلى "إكس" والمدونات، فتتعدد الأصوات وتتنوع وجهات النظر. لكن على رغم صعوبة تعريف "نسوية القرن الـ21" بدقة، فإن هذا التنوع نفسه دليل على حيويتها وعلى أنها لا تزال، وبصورة واضحة، حركة ضرورية وحيّة.

المزيد من تقارير