ملخص
أثار خبراء قانونيون تساؤلات عن سبب تنفيذ الجيش الأميركي للغارات، وليس خفر السواحل، وهو الوكالة الأميركية المسؤولة بصورة رئيسة عن إنفاذ القانون في البحار، وعن سبب عدم بذل مزيد من الجهود لوقف الشحنات قبل اللجوء إلى مثل هذه الضربات القاتلة.
تبادل الرئيسان الأميركي دونالد ترمب، والكولومبي غوستافو بيترو، التهديدات الأربعاء، في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة تنفيذ ضربات ضد قاربين يشتبه بأنهما يهربان المخدرات في المحيط الهادئ أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص.
ووصف ترمب الرئيس الكولومبي بـ"البلطجي"، وأشار إلى أنه مهرب مخدرات يقود بلاده نحو الدمار، مما دفع الزعيم اليساري للتأكيد "سأدافع عن نفسي قانونياً بالاستعانة بمحامين أميركيين".
وأفاد الرئيس الأميركي بأنه تم قطع مساعدات عسكرية حيوية عن بوغوتا، بينما وصف وزير الخارجية ماركو روبيو الرئيس الكولومبي، الذي انتقد الضربات بشدة، بـ"المجنون".
في الأثناء، أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث ضربتين ضد قاربين في المحيط الهادئ، إحداهما الأربعاء والثانية في اليوم السابق، وذلك في منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تضمنت صوراً تظهر النيران تتصاعد من المركبين.
وكتب هيغسيث "تماماً كما شن تنظيم (القاعدة) حرباً على أرضنا، تشن هذه العصابات حرباً على حدودنا وشعبنا. لن يكون هناك أي ملاذ أو صفح، العدالة فقط".
ومع الضربتين اللتين قال هيغسيث إنهما نفذتا في المياه الدولية، يرتفع عدد هذا النوع من الهجمات الأميركية إلى تسعة في الأقل، مع مقتل 37 شخصاً، بحسب أرقام أميركية.
وحتى الآن، لم تقع ضربات إلا في الكاريبي.
ولم يتم الكشف عن البلدان التي تتبع لها المراكب المستهدفة، وهي ثمانية قوارب وشبه غواصة، على رغم أن عدداً منها جرى تدميره قبالة سواحل فنزويلا.
غير مقبول
وبين القوارب واحد من ترينيداد وتوباغو وآخر من كولومبيا، بحسب ما أفادت به عائلات أشخاص قتلوا للصحافة الفرنسية.
ونشرت واشنطن مقاتلات شبح وسفناً تابعة لسلاح البحرية، في إطار ما تقول إنها جهودها لمكافحة المخدرات، لكنها لم تنشر أية أدلة بعد تفيد بأنها استهدفت بالفعل مهربي مخدرات.
وأكد البنتاغون للكونغرس الأميركي أن الولايات المتحدة تخوض "نزاعاً مسلحاً" ضد عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية التي صنفتها على أنها مجموعات "إرهابية"، فيما وصف الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم بتهريب المخدرات بـ"المقاتلين غير الشرعيين".
ويفيد خبراء بأن عمليات الإعدام الميدانية مخالفة للقانون، حتى وإن كانت تستهدف أشخاصاً من المؤكد أنهم من مهربي المخدرات.
وتصاعدت حدة التوتر الإقليمي إذ استدعت كولومبيا سفيرها لدى واشنطن، فيما اتهمت فنزويلا الولايات المتحدة بالتخطيط لإطاحة الرئيس نيكولاس مادورو الذي قال الأربعاء إن بلاده تمتلك 5 آلاف صاروخ أرض- جو روسي الصنع للتصدي للقوات الأميركية.
وتعد كولومبيا أكبر مصنع للكوكايين في العالم، لكنها عملت على مدى عقود إلى جانب الولايات المتحدة للحد من الإنتاج الذي تهيمن عليه جماعات شبه عسكرية وعصابات تتلقى تمويلاً جيداً.
لكن العلاقات تدهورت بصورة لافتة منذ تولى ترمب وبيترو السلطة، وتصاعدت حدة التوتر في الأسابيع الأخيرة على خلفية حملة الرئيس الجمهوري الدموية لمكافحة المخدرات.
وقال السفير الكولومبي دانيال غارسيا بينا للصحافة الفرنسية في بوغوتا بعد أن استدعته بلاده للتشاور، إن ما صدر عن ترمب "غير مقبول".
وأضاف "لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف تبرير نوع كهذا من التهديدات والاتهامات التي لا أساس لها على الإطلاق".
وتابع "نواجه حكومة أميركية تحاول تغيير السائد في العلاقات الدولية، إذ تلعب الضبابية للأسف دوراً مهماً للغاية".
وقال إن ذلك "يحمل أخطاراً بالنسبة إلى علاقة تاريخية استمرت أكثر من 200 عام، وتصب في مصلحتي الولايات المتحدة وكولومبيا".
في المحيط الهادئ
وقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أمس الأربعاء إن الجيش الأميركي قتل خمسة يشتبه في أنهم مهربو مخدرات، في ضربات استهدفت سفينتين بشرق المحيط الهادئ، في إطار توسيع إدارة الرئيس دونالد ترمب لاستخدام القوات المسلحة في حملته لمكافحة المخدرات.
وذكر هيغسيث بعد ظهر أمس الأربعاء أن الجيش هاجم سفينة في شرق المحيط الهادئ وقتل شخصين يوم الثلاثاء، فيما كانت أول عملية عسكرية أميركية معروفة في المحيط الهادئ، منذ أن أطلق ترمب حملة جديدة تستهدف تجارة المخدرات.
وبعد ساعات، قال هيغسيث إن الجيش هاجم سفينة أخرى في شرق المحيط الهادئ أمس الأربعاء مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.
ويأتي استهداف السفينتين بعد سبع ضربات في الأقل في منطقة البحر الكاريبي، في إطار حملة فاقمت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وكل من فنزويلا وكولومبيا.
وقال هيغسيث عن السفينة الأولى بشرق المحيط الهادئ "جهاز المخابرات الأميركي كانت لديه معلومات حول تورط السفينة في تهريب المخدرات، وكانت تسلك مساراً مشهوراً بتهريب ونقل المخدرات"، من دون أن يقدم أدلة على ذلك.
ونشر هيغسيث مقطعاً مصوراً على منصة "إكس" مدته نحو 30 ثانية تظهر فيه سفينة تبحر في الماء، قبل أن تنفجر.
وأسفرت الغارات الأميركية في منطقة البحر الكاريبي عن مقتل 32 شخصاً في الأقل، لكن إدارة ترمب لم تقدم سوى قليل من التفاصيل حول كمية المخدرات المزعومة التي كانت تحملها السفن المستهدفة، أو ما تمتلكه من الأدلة التي تشير إلى حمل هذه السفن للمخدرات.
وسأل صحافيون في المكتب البيضاوي ترمب عن الاستهداف، فأجاب بأن إدارته تتمتع بالسلطة القانونية لتنفيذه، وقال إنه يعتقد أن كل ضربة تنقذ أرواحاً أميركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقول السلطات الأميركية إن الكارتلات الضالعة في الاتجار بالمخدرات التي صنف عدد منها "منظمات إرهابية"، أصبحت في العقود الأخيرة "أكثر تسلحاً وتنظيماً وعنفاً"، وهي "تتسبب بصورة غير قانونية ومباشرة في وفاة عشرات الآلاف من المواطنين الأميركيين كل عام".
وجاء في مذكرة وجهها أخيراً البنتاغون إلى الكونغرس "قرر الرئيس (دونالد ترمب) أن هذه الكارتلات هي جماعات مسلحة غير حكومية، وصنفها منظمات إرهابية، وقرر أن أفعالها تشكل هجوماً مسلحاً ضد الولايات المتحدة".
غير أن واشنطن لم تنشر أي دليل يدعم ادعاءها، بأن ضرباتها تستهدف تجار مخدرات.
وأثار خبراء قانونيون تساؤلات عن سبب تنفيذ الجيش الأميركي للغارات، وليس خفر السواحل، وهو الوكالة الأميركية المسؤولة بصورة رئيسة عن إنفاذ القانون في البحار، وعن سبب عدم بذل مزيد من الجهود لوقف الشحنات قبل اللجوء إلى مثل هذه الضربات القاتلة.
وتأتي أحدث غارة، التي كانت شبكة "سي بي إس" التلفزيونية أول من أورد أنباء في شأنها، في وقت حشد عسكري أميركي بمنطقة البحر الكاريبي يشمل مدمرات مزودة بالصواريخ الموجهة وطائرات مقاتلة من طراز أف-35 وغواصة نووية ونحو 6500 جندي.