Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كينيا تضع أفريقيا أمام "سد نهضة ثان"

تسعى البلاد إلى تقليص الاعتماد على الكهرباء الموردة من دول مثل إثيوبيا

السد الكيني سيكون في نهر تانا ويهدف إلى الحد من الاعتماد على توريد الكهرباء من دول الجوار (أ ف ب)

ملخص

في خضم الصمت الذي تلتزمه السلطات في إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا حيال هذا المشروع من غير الواضح ما إذا سيكون محل نزاع على غرار ما حصل مع سد النهضة الإثيوبي الذي أثار خلافاً مريراً بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم.

أحيت كينيا مشروعاً ضخماً لبناء محطة كهرومائية بقدرة 700 ميغاواط على سد "هاي غراند فولز" في نهر تانا في استنساخ لتجربة سد النهضة الإثيوبي، لكن الفارق أن هذه الخطط لم تثر بعد خلافات لافتة مع دول الجوار. ويعد هذا السد ثالث أضخم مشروع في شرق أفريقيا بعد سد النهضة ومشروع نيريري في تنزانيا، ومن المقرر أن تستكمل السلطات إنجازه في غضون خمس سنوات من خلال شراكة أيضاً مع شركات صينية بدأت في تقديم عروض.

وقال وكيل وزارة الطاقة الكينية أليكس واتشيرا إن "بلادنا تتطلع إلى اتفاق مع الشركات الصينية التي لديها القدرة المالية لإنجاز هذا المشروع، خصوصاً أن بعض الشركات الصينية كان لها دور في تشييد سدود في دول المنطقة"، وعلى رغم إشادته بدور الشركات الصينية، فإن شركة "كينجين" المحلية الحكومية ستسهم في إنشاء هذا السد، وستملك الشركة نحو 50 في المئة من أسهم المجمع التمويلي الذي سيشغل السد لمدة 30 عاماً.

 

تعزيز الأمن الطاقي

مع تزايد المنافسة الإقليمية في مجال الطاقة تسعى كينيا من وراء هذا السد إلى تقليص الاعتماد على الكهرباء الموردة من دول مثل إثيوبيا، حيث أبرم البلدان اتفاق شراء لمدة 25 عاماً تورد بموجبه نيروبي 200 ميغاواط حالياً من الكهرباء من أديس أبابا، ومن المقرر، حسب الاتفاق، أن ترتفع إلى 400 ميغاواط بحلول العام المقبل.

 

في السياق قال الباحث الاقتصادي الكيني جون نغول إن "الخطوة المهمة التي أقدمت عليها بلادنا تستهدف، بكل وضوح، تعزيز الأمن الطاقي، وتأمينه، خصوصاً أن كلفة التوريد من إثيوبيا ضخمة ولا يمكن تحمل هذه الأعباء عقوداً مقبلة"، وأوضح نغول أن "كينيا لا تستورد الكهرباء فقط من إثيوبيا، بل من تنزانيا وأوغندا بموجب اتفاقات تم توقيعها قبل سنوات"، كاشفاً عن أن "تكلفة مشروع سد تانا تقريباً 2.70 مليار دولار، فالسد لن يكون بحجم سد النهضة، لكن الطموح كبير بالنسبة إلى لحكومة للحد من الاعتماد على الواردات في الكهرباء". وشدد على أن "سد النهضة تبلغ طاقته على سبيل المثال 5000 ميغاواط، فيما سد تانا لا يتجاوز 700 ميغاواط، لكن مثلما أشرت أهميته تكمن في أنه سيقلص بصورة كبيرة الاعتماد على إيرادات الكهرباء بما يتيح للبلاد مراجعة اتفاقات مع أوغندا وإثيوبيا وتنزانيا بالتالي سيكون ورقة رابحة مالياً وطاقياً بيد الحكومة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحول استراتيجي

وتحاول كينيا من خلال الرهان على المحطات الكهرومائية الاستثمار في هذا المجال لتوليد كهرباء أرخص بكثير من تلك الموردة وغيرها.

واعتبر الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية سلطان ألبان أن "إحياء كينيا سد هاي غراند فولز على نهر تانا يشكل تحولاً استراتيجياً في توجهات شرق أفريقيا نحو الطاقة الكهربائية، ويعكس بلا شك أثر نجاح سد النهضة الإثيوبي على سياسات التنمية والبنية التحتية في المنطقة". وتابع ألبان في تصريح خاص "ندرك جيداً أن كينيا تسعى إلى تقليص اعتمادها على واردات الكهرباء، خصوصاً من إثيوبيا بعدما برز سد النهضة كنموذج ورمز للسيادة الوطنية والقوة والنفوذ في منطقة شرق أفريقيا، واستلهام الدروس من نجاح أديس أبابا في تحقيق الاكتفاء الطاقي، وتصدير حتى الكهرباء لبعض الدول المجاورة دفع كينيا للإسراع في الاستثمار بمشاريع ضخمة لرفع قدرتها الإنتاجية"، وأضاف أن "كينيا، بالفعل، تسير على خطى إثيوبيا مع اختلاف الحجم والرهانات، فالمشروع الكيني يعد أقل حجماً مقارنة بسد النهضة، لكن فكرة استنساخ هذه التجربة خطوة استراتيجية لأن تحقيق اكتفاء وطني والتخلص من التبعية الطاقية وتفادي تقلبات الإنتاج من الخارج، وحتى توظيف السدود كأدوات للتنمية، تحول بالفعل لتحدي التحفظات التقليدية في شأن مشاريع السدود الضخمة والمضي نحو شراكات مع الصين ومؤسسات مانحة دولياً تتبنى وتتقبل هذه المشاريع".

أخطار محتملة

يعد مشروع سد "هاي غراند فولز" من أبرز خطط الرئيس الكيني ويليام روتو الذي يقول إنه يسعى إلى أن يكون في طليعة الساعين إلى الحد من تأثيرات تغير المناخ، لكن مشروعه هذا يثير تحذيرات جدية من تبعاته البيئية. وقال سلطان ألبان "في اعتقادي هذا المشروع سيعزز أمن الطاقة في كينيا ويمنحها قدرة إضافية لمواجهة النمو الصناعي، ويوسع قطاع التعدين وزيادة الري والإنتاج الزراعي، ويقلل من اعتمادات كينيا على واردات الكهرباء من دول الجوار مثل إثيوبيا"، ولفت إلى أن "وجود شراكة قوية مع الصين والجهات المانحة دولياً سيزيد من مكانة كينيا في سوق الطاقة الأفريقية ويدخلها عملياً في سباق السدود والتنمية المستدامة، لكن هناك أخطار بيئية واجتماعية يحملها هذا المشروع يجب الانتباه إليها، خصوصاً على النظام البيئي للنهر".

وفي خضم الصمت الذي تلتزمه السلطات في إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا حيال هذا المشروع من غير الواضح ما إذا سيكون محل نزاع على غرار ما حصل مع سد النهضة الإثيوبي الذي أثار خلافاً مريراً بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم.

المزيد من تقارير