Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سلسلة زلازل تضرب إثيوبيا... ما علاقة سد النهضة؟

سلسلة من الهزات الأرضية شهدتها البلاد العام الحالي

 سد النهضة الإثيوبي الكبير (أ ف ب)

ملخص

حذر الخبراء الجيولوجيون من أن تكرار الزلازل في الفترة الأخيرة قد يكون مؤشراً إلى نشاط بركاني وشيك، مستشهدين بما حدث عام 1820 حين شهدت منطقة فنتالي (منطقة أوروميا) ثوراناً بركانياً تاريخياً. ودعا المتخصصون في علوم الجيولوجيا السلطات الإثيوبية إلى تكثيف الدراسات والمراقبة الجيولوجية لرصد أي مؤشرات مبكرة على تحركات بركانية في باطن الأرض.

شهدت إثيوبيا نشاطاً زلزالياً ملحوظاً خلال الأيام الماضية، مما فتح النقاش مجدداً حول أسبابه، بخاصة إثر اكتمال بناء سد النهضة الإثيوبي.

وضربت زلازل عدة شمال إثيوبيا أحدها بقوة 5.6 درجة على مقياس ريختر على عمق 10 كيلومترات في الـ11 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2025 على بعد نحو 600 كيلومتر شمال شرقي سد النهضة، وزلزال تابع بقوة خمس درجات، وتقع مراكز الزلازل شمال منطقة الأخدود الأفريقي في إثيوبيا، وسبقهما زلزالان بقوة 4.2 درجة، وآخر بقوة 5.3 درجة. وتأتي هذه الزلازل إثر موجة زلزالية كانت قد ضربت إثيوبيا في ديسمبر (كانون الأول) عام 2024 حتى فبراير (شباط) عام 2025 بلغ عددها 262 زلزالاً، على رغم أن متوسط الزلازل في الدولة الأفريقية كان نحو ستة زلازل سنوياً قبل عام 2021، وقد كان أشدها 5.9 درجة في 14 فبراير عام 2025.

أنشطة زلزالية

تأتي هذه الأنشطة الزلزالية ضمن سلسلة من الهزات الأرضية التي شهدتها إثيوبيا خلال العام الحالي، والتي وصل عددها، حتى اللحظة، إلى 29 هزة متفاوتة القوة، تجاوزت معظمها خمس درجات على مقياس ريختر، وتصنف ضمن الفئة القوية نسبياً. وتعود المخاوف الحالية إلى سجل إثيوبيا الزلزالي والبركاني النشط، وتزامن بعض الهزات السابقة مع ثوران بركاني في جبل دوفن (إقليم أفار في إثيوبيا) مطلع العام الحالي، مما أثار الذعر بين السكان المحليين آنذاك.

وحذر الخبراء الجيولوجيون من أن تكرار الزلازل في الفترة الأخيرة قد يكون مؤشراً إلى نشاط بركاني وشيك، مستشهدين بما حدث عام 1820 حين شهدت منطقة فنتالي (منطقة أوروميا) ثوراناً بركانياً تاريخياً. ودعا المتخصصون في علوم الجيولوجيا السلطات الإثيوبية إلى تكثيف الدراسات والمراقبة الجيولوجية لرصد أي مؤشرات مبكرة على تحركات بركانية في باطن الأرض، مشيرين إلى أن البلاد تقع ضمن منطقة تعرف بـ"الحزام الأفريقي الشرقي النشط" الذي يعد من أكثر المناطق عرضة للزلازل والبراكين في القارة. ويتوقع المتخصصون استمرار النشاط الزلزالي في إثيوبيا خلال الفترة المقبلة، مع ضرورة اتخاذ تدابير احترازية لحماية السكان في المناطق القريبة من مراكز الاهتزازات المتكررة.

وأشارت بيانات الحكومة الفيدرالية إلى أن الزلزال الأقرب من سد النهضة وقع على بعد 100 كيلومتر بقوة 4.4 درجة في الثامن من مايو عام 2023، ويرى متخصصون إثيوبيون وأجانب أن تأثير سد النهضة على زيادة النشاط الزلزالى في إثيوبيا أمر وارد علمياً، لكنه يحتاج إلى مزيد من الدراسات العلمية المكثفة لإثباته.

فهل أثر التخزين الكبير للمياه في فترات قصيرة على بحيرة سد النهضة على الطبيعة الجيولوجية للمنطقة ما استتبع نشاطات زلزالية؟ وفي حال استمرار هذا النشاط بصورة مكثفة، هل ينذر بإمكان تأثر منشآت السد مستقبلاً؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تسييس النشاط الزلزالي

قال المتخصص الإثيوبي في علوم الأرض ألكسندر تاوقي إن مراكز زلازل الأيام الماضية تبعد نحو 600 كيلومتر عن سد النهضة، ومن ثم ليس لها تأثير مباشر، مضيفاً "لا يمكن الربط بين إقامة السد ونشاط الظاهرة الزلزالية المتكررة التي وقعت خلال الأشهر الماضية، من دون تقديم دراسات مكثفة حول مسببات الأنشطة الزلزالية، إذ إن إثيوبيا تعد دولة ذات نشاط زلزالي مرتفع، وثمة أخطار طبيعية من وقوع زلازل حتى قبل إقامة السد". وتابع تاوقي أن الوصول إلى نتائج متعجلة عبر ربط الأنشطة الزلزالية الأخيرة بالتداعيات البيئية والمناخية للسد "أمر يتم توظيفه للأغراض السياسية، وليست ثمة دراسات كافية لإثباته حتى الآن". وشدد المتخصص الإثيوبي على أن أقرب زلزال وقع قرب السد يبعد نحو 100 كيلومتر من البحيرة الصناعية عام 2023. ولفت إلى أن الجهات الهندسية المشرفة على السد، وهي جهات دولية إيطالية وأميركية، راعت الطبيعة الزلزالية لإثيوبيا أثناء رسم التصاميم الهندسية للسد الإثيوبي الكبير، "وليس ثمة ما يدعو إلى القلق في شأن إمكان انهيار السد نتيجة النشاط الزلزالي". وأشار إلى أن معظم الأبحاث التي أجريت حول تأثير السدود الكبرى "فإن من غير المتوقع أن ينشأ نظام زلزالي قبل أقل من عقود عدة من تاريخ بنائها وغمرها بالمياه، بخاصة أن سد النهضة أنشئ بمواصفات المعايير الأميركية المعروفة دولياً، ومن ثم فإن أي ربط بين النشاط الزلزالي الحالي والسد تظل مسألة تحتاج إلى إثبات علمي دقيق".

وعن أسباب تضاعف الأنشطة الزلزالية في الفترة الأخيرة في إثيوبيا، قال تاوقي "النشاط الزلزالي في تزايد خلال العقدين الماضيين بصورة ملحوظة حتى قبل إنشاء السد، وهو أمر يحتاج إلى دراسات من قبل الجهات العلمية المتخصصة للتوصل إلى أسباب هذا التزايد، وقد تكون أسباب عدة خلف هذا الأمر، وليس بالضرورة سبب واحد".

السد والتغيرات الجيولوجية

من جهته أكد عباس شراقي أستاذ علوم الجيولوجيا بجامعة القاهرة أن الربط بين النشاط الزلزالي المتزايد في إثيوبيا وسد النهضة الكبير لا يزال في حاجة إلى إثباتات علمية، مشيراً إلى أن تأثير السد على زيادة الزلازل أمر مطروح، لجهة التغيرات الجيولوجية الناتجة من تخزين المياه، لكن الأمر يحتاج إلى دراسات معمقة لتأكيده بصورة قاطعة. وشدد على أن ثمة ضرورة لأخذ الطبيعة الزلزالية لإثيوبيا في الاعتبار عند تقييم سلامة المنشآت الكبرى مثل سد النهضة، بخاصة في ظل وجود أخطار طبيعية أخرى مثل الفيضانات، والتي تستدعي التزاماً صارماً بالمواصفات الفنية الأصلية، بما في ذلك تلك المعتمدة من الهيئات الأميركية، والتي تحدد سعة السد بنحو 17 مليار متر مكعب. ونشر شراقي شرحاً مفصلاً على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن الحديث عن النشاط الزلزالي في إثيوبيا لا يعني بالضرورة توقع انهيار سد النهضة أو الاعتماد على ذلك كمسار لحل النزاع حوله، بل يهدف إلى تسليط الضوء على الأخطار الطبيعية التي يجب أن تؤخذ بالاعتبار في التخطيط والتشغيل. وأشار إلى أن شبح الانهيار يظل قائماً لأسباب طبيعية أو بشرية، "وأن السد قد يسهم في تشكيل نظام زلزالي جديد خلال السنوات المقبلة نتيجة التغيرات الجيولوجية الناتجة من تخزين المياه". ونبه إلى أن اكتمال بناء السد وفق مواصفات وصفها بـ"المبالغ فيها"، يفرض ضرورة ضبط عملية الملء مستقبلاً بحيث لا تتجاوز 40 مليار متر مكعب، لتقليل الأخطار المحتملة، وأكد أن الزلازل الأخيرة لا تؤثر في السد في الوقت الحالي، إلا إذا وقعت هزات أقوى وأكثر قرباً من موقع البحيرة الصناعية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير